(أول من أدخل مصطلح «المينيمال» Minimal Art هو الفنان الروسي «جون جراهام» في كتاب له بعنوان «النظام والجدل في الفن» نشره عام 1937 في باريس. وهدف جون جراهام إلى تجريد اللوحة ليس فقط من الموضوع ولكن من الألوان العديدة والدرجات اللونية المختلفة وضربات الفرشاة وغيرها من التقنيات التي كانت مستخدمة في التجريدية اللونية، مثل أعمال كاندنسكي، والاكتفاء باللون الواحد فقط موزعاً على مساحة اللوحة بالدرجة نفسها. كلمة المينيمال وهي تعني «الأدنى» أي الأقل أو التقليل من شأن الشيء، تطلق على العمل الفني الذي يتسم بالصرامة أو القسوة والتقشف، وهي تستخدم لتوصيف العمل التشكيلي المرئي. وميزة هذه الأعمال أنها أكثر جموداً وقسوة من التجريد، وفارغة من أي تفاصيل تزيينية من حيث تقليل استخدام الأشكال التزيينية إلى الحد الأدنى، واستبدالها بالأشكال الهندسية الصارمة مثل المربع والمستطيل كما تتجنب التقنية التعبيرية، مثل ضربات الفرشاة وطريقة الرسم وغيرها من التقنيات المستخدمة في التعبيرية التجريدية. هذا النوع من العمل الفني «المينيمال» يرجع تاريخه إلى الإنشائية الروسية وتفوقية «كازمير مالافيتش» وإلى أعمال الفنان الهولندي «بيت موندريان»). التعبير الأدنى هذا ليس بالضرورة أدنى، بالمعنى التعبيري، بل قد يكون الأعلى بالمعنى النفسي أو الدلالي أو الرمزي أو التصوفي، وهذا فعلاً ما خلص إليه مالافيتش إذا اعتبر أنه وصل إلى نهاية الفن عندما رسم مربع أبيض على مسطح أسود، وكان قد بدأ قبل ذلك بسنوات باكتشاف المربع الأسود على المسطح الأبيض. وهذا ينطبق على موندريان إذ عكف إلى نهاية حياته مخلصاً في محاولاته رسم الأشكال الهندسية بألوان خالصة للوصول إلى الصفاء، أو جوهر الأشياء ولا يمكن أن ننسى نزعة موندريان التصوفية. ثمة فرق كبير بين الفن الأدنى والفن الفقير، بين التقشف المتمخض عن امتلاء ومعرفة وبين مينيمال فقير بالمعرفة والموهبة، بكل الأحوال أي إشارات أو مفردات في اللوحة تأخذ حضورها أو معناها من تجاوراتها في سياق اللوحة، وهي بالتالي دلالة على الوحدة المعرفية أو النفسية التي ينطلق منها الرسام، فليس سهلاً التعبير بأقل الإشارات في اللوحة، لأن الفنان عندها يكثف المعرفة أو الشعور إلى رمز، والاشتغال بالرمز ليس دليلاً على الخواء، لذلك يكون من الصعب الإقرار بأن فن المينيمال على أنه فن أدنى، إنه الجدل الذي يؤكد على حيوية الفن.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2869 مشاهدة
نشرت فى 17 يناير 2015 بواسطة mohamedtarkan

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

61,720