الفنان الدكتور محمد طرخان يكتب عن ازمه الثقافه المصريه                       بداية يجب الفصل التام بين الثقافة ووزارة الثقافة ، كون الثانية أحد آليات رؤى وتوجهات السياسة ، ذلك الماعون المناهض دوما للإبداع وقوام العلم والمعرفة ! فمنذ تأسيس الوزارة إبان ثورة 52 حدث بالفعل انتعاش حقيقى لروح الأمة لتتماس مع مشروعها القومى ، لكن سرعان ما تدافعت الاحداث حيث الصراع الدولى الايدلوجى والسياسى والعسكرى والاقتصادى ومناهج الفكر العولمى الجائر على خصائص الأمم و...الشعوب ، ولايزال ، ليجعل من الثقافة التابع الذى لاهوية له ، تشكله الاحداث السياسية على نحو ما هى عليه ، نجاح وانتصار كان أو خيانة وانحطاط وانكسار كائن أو يكون ..! الآن ونحن فى خضم كم هائل من التحولات الاجتماعية والتغيرات التى أفقدت الأمة إتزانها الحضارى والانسانى ، قد ندرك بنية العقل للأمة وبنية فكرها السائد والفروق الشاسعة بينهما ، لندرك أيضا الادوات المختلفة التى تجمع بينهما من المفاهيم والقيم والمبادئ وطرائق التفكير حتى آليات الذهن المختلفه .. الخ لتتضح لنا كل أسباب ذلك التدهور والانحطاط الذى لايليق مطلقا مع تاريخنا العريق .. ،
وعود الى السياسة والثقافة ، فناتج الفكر كونه محتوى أو أدوات تشكل ما هو سائد ، دليل قاطع على مسارات وتوجهات كل منهما على حدة أى السياسة والثقافة ، وأية رصد تاريخى أو بنيوى سيؤول حتما الى هيمنة واستقطاب السياسة على كل ما هو سائد .. ، فمنذ قيام الدولة الاسلامية واعتبارها دين ودولة ، والفكر السياسى كان ولايزال فكرا دينيا قوامه الاجماع على أصول التشريع فى الاسلام ، ليغاير الغرب ذلك المنهج تماما ويفصل بين الدولة والكنيسة ولايزال الخصام قائم بينهما .. ، لكن هناك حقيقة لايمكن الفلات منها وهى اعتبار العلم والمعرفة وإعمال العقل والوعى لخوض الصراع الانسانى بإتزان لائق ، من دون ذلك لايكون الفكر القويم ولاتكون هوية للأمم والشعوب وبالتالى لاتكون الثقافة ..، والدليل على ذلك ما تمخض عنه الخوارزمى وابن سينا وابن خلدون وابن الهيثم والنفيس .. الخ من ثورات علميه لم تحرك ساكنا فى عقل ووجدان الأمة على المدى البعيد ولم تكن يوما على ساحة المعترك الفكرى والحضارى ، بينما نيوتن واينشتاين وغيرهم كان لهم الأثر البالغ فى إعادة بنية العقل وتجديد الرؤى الانسانية بكامل مفاهيمها .. ، من هنا على الفور يبزغ التناسب والتلاقح الحضارى على المستوى الانسانى ، حتى ولو كان الاستعمار والبطش العسكرى سببا وسعيا لذلك .. ،
كيف الخروج من تلك الأزمة وأين السبيل ؟؟
إعادة بناء الذات القومية وجعلها قادرة على مواجهة تحديات العصر والمستقبل بكل طموحاته وايقاعه وتوتراته اللامحدودة ، لم ولن يتأتى ذلك إلا بإستخدام أدوات الفكر القومى النهضوى بكامل مكوناته ومجمل تفاصيله ، حيث القدرة على إختزال الجبال الرواسى من قيم وانجازات الماضى لإعادة ترتيب الأولويات .. ، كوننا الآن أصبحنا رمادا متناثرا أدركته رياحا والقت به فى حيز أو بقاع من الإحتذاء !!
يجب علينا إعتلاء الماضى ليكون المطية التى تعيننا على حاضرنا ونسير بها الى آفاق المستقبل ، بأدوات فكرية نهضوية معاصرة تقوم على العلم والمعرفة فى المقام الأول ، الماضى هنا الذى أعنيه ليس ماضينا وحسب وانما ماضى الانسانية كمسار ابداعى فى المقام الأول وكل ما آلت اليه الانسانية          ولذا نحلم بثقافه تليق بمصر صاحبه الحضاره ام الدنيا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 16 مارس 2014 بواسطة mohamedtarkan

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

64,877