انتهت الانتخابات التركية بفوز كبير مدهش ومتوقع لحزب العدالة والتنمية فارس الحلبة السياسية الذي انطلق منذ 2002 م ومازال محافظاً على تصدر المشهد بدرجات نضج ونمو طبيعية ثابتة وقوية ، انتهت الانتخابات بأكبر نسبة تصويت 84% وأكبر نسبة فوز لحزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية 91، 49 % ، نتائج الانتخابات أرسلت بعدة رسائل ودلالات داخل المجتمع التركي وخارجه خاصة المنطقة العربية في ربيعها الحالي منها :
** نجاح التجربة التركية يمثل قيمة مضافة للتجربة الديمقراطية الإنسانية بصفة عامة وللتجربة الإسلامية بصفة خاصة
** اعتبار إرادة الشعب بغض النظر عن الانحياز الفكري والأيدلوجي لأن إرادة الشعب هي العنوان الحقيق للديمقراطية
** تدفق التأييد الشعبي لحزب العدالة والتنمية وبفارق كبير عن حزب الشعب يؤكد التعبير الصادق عن هوى وهوية غالبية الشعب التركي المسلم رغم عقود العلمانية المتوحشة والعسكرية المستبدة
** النتائج مؤشراً قوياً عن رضا غالبية الشعب التركي عن المواقف الإقليمية والدولية لحكومة اوردوغان خاصة تجاه الكيان الصهيوني وتأييد حماس والحقوق الفلسطينية التي ادعت المعارضة التركية ان أوردوغان ورط تركيا وأخل بتفويض الشعب له
** رغم نسبة النجاح الكبيرة وغير المسبوق إلا أن نسبة المعارضة الكبيرة أيضاً ما زالت تمثل كياناً رقابياً معتبراً ومطلوباً ، إعمالاً لقاعدة أن الصلاحيات المطلقة مفسدة مطلقة
** نسبة النجاح الكبيرة تمكن الحزب من الوصول الآمن إلى مقعد الرئاسة وتعديل الدستور بإتلاف ممكن لكنه ليس سهلاً
** النتائج مؤشراً قوياً للحضور القادم للأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية خاصة بعد ثورات تونس ومصر وغيرهما وهو حضور طبيعي
** النتائج وخطاب أوردغان للدول العربية هو استكمال للدور التركي في المنطقة العربية كمدخل عن بعد للحاق بقطار الاتحاد الأوربي عن طريق بوابة الشرق الأوسط
** مغادرت تركيا لخريطة الأحزاب الصغيرة والتمركزحول أربعة أحزاب كبيرة هي التي دخلت البرلمان فيما لم تنل الأحزاب الأخرى أكثر من 1% أو أقل وهو تصنيف وفرز طبيعي للخريطة السياسية التركية ورسالة تهديد للأحزاب الهامشية في المنطقة العربية
** ترسيخ دولة النموذج الديمقراطي وتآكل منظومة الانقلابات العسكرية أو الضغط العسكري على الحكومات المدنية وهو خيار شعب لا حزب
وأخيراً ..... نجاح التجربة التركية أو أي تجربة مماثلة هو نجاح لأعظم اكتشاف عرفته البشرية منذ فجر التاريخ "الديمقراطية"
د . محمد السروجى
ساحة النقاش