كنت واحدا من اشد المعجبين بالدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية الرصين المتعمق في تحليلاته وكتاباته وحياده كمحلل سياسي محنك.
وكانت صراحته الواضحة في اشد المواقف تأزما مثار إعجابي وتقديري .
وانتظر مقالته الأسبوعية متلهفا لأضيف لنفسي رصيدا جديدا من الفهم والوعي السياسي لما يدور في بلدي . حتى اطلعت على مقاله المنشور اليوم 5/6/2011 بجريدة المصري اليوم تحت عنوان ” الأغلبية ليست دائما علي حق ” مستشهدا فيها بما حدث في فرنسا أبان الحرب العالمية عقب هزيمتها من ألمانيا وبعد توقيعها اتفاقية هدنة معها في 22يونيو 1940 وتصديق الجمعية الوطنية الفرنسية على المعاهدة بأغلبية” 569″ صوتا مقابل “80″ وامتناع ” 18″ عن التصويت بتفويض رئيس الحكومة صلاحيات إصدار دستور جديد للبلاد . وثبوت خطا رأي الأغلبية بعد ذلك مما أدى إلى ر فع شعار المقاومة المسلحة ورفضت الاستسلام للاحتلال الألماني، وتمكنت في النهاية من تحرير فرنسا تحت قيادة الجنرال ديجول والمقال يكشف بوضوح عن دلالات هامة أوجزها في الآتي :
الدلالة الأولي : التناقض المدهش في أفكاره وكلماته مما يدل على حجم الارتباك والاضطراب في المواقف والأفكار الذي يعاني منه ذلك التيار الذي يمثله .
1- ففي الوقت الذي يؤكد فيه علي مصداقية نتائج استفتاء 19 مارس 2011 يعود ويصفه في نفس السياق ” بالثغرة التي ستجهض الثورة ومكتسباتها “؟؟!!مما يشكك في موقفه الحقيقي من الديمقراطية .
2-وفي الوقت الذي يبدي فيه استغرابه من تخوف البعض من حصول تيار الإسلام السياسي كما يسميه علي أغلبية في الانتخابات القادمة وانه لا يخشى مطلقا هذا الاحتمال ؟ يعتبر هذا الاحتمال أن حدث سيشكل انتكاسة كبري لعملية التحول نحو الديمقراطية ؟؟!!!!!!
الدلالة الثانية: رفضه لرأي الأغلبية إن حدث في المستقبل القريب وانه أي رأي الأغلبية وهو جوهر العملية الديمقراطية ” سيقودنا إلى مأزق”!!!! وقفزه فوق النتائج وكأنها حادثة لا محالة وانه لن يوصلنا إلى الهدف وهو “الاتفاق علي قواعد إدارة اللعبة في النظام السياسي الجديد ” وكان رأى الأغلبية هو مجموعة من المراهقين السياسيين الذين لم يبلغوا الرشد بعد . ” 14 مليون مصري ” صوتوا على خريطة العمل للمرحلة الانتقالية بنعم ما يقرب من 80% مقابل ما يقرب من 20% لا ؟!!!!!!.
الدلالة الثالثة : انقلابه على نتائج استفتاء 19مارس 2011 بدعوته لخريطة طريق جديدة تخالف وتناقض ما عبرت عنه نسبة 78% وبما تحمله من إجراءات وخطوات وافقت عليها الأغلبية في مشهد من الحرية والنزاهة شهد لها العالم وانبهر فيها من أداء المصريين آخرهم المتحدث باسم الخارجية البريطانية ” مارتن داي ” في 1/6/ 2011 في جريدة المصريون الالكترونية قائلا ” الانتخابات النزيهة يجب ألا تخيف احد ” مضيفا : ” في النهاية سيأتي من اجتمع حوله اغلب الناس ولابد أن يأخذ فرصته فمعايير الديمقراطية لا تقبل إقصاء الآخر “
الدلالة الرابعة : الانتهاء بالشعب بدلا من البدء به فهو يقترح ” مجلس رئاسي – فحكومة –فبرلمان ” ودون ان يحدد لنا زمن ولا اجراءات ولا ضمانات في حين أن الأغلبية وافقت علي ” انتخابات شعب وشوري – ثم دستور – ثم رئيس ” فأيهما اقرب للديمقراطية التي هي في جوهرها ” حكم الشعب ” .
لقد كنا نحلم بالديمقراطية والحرية التي نختار فيها لأنفسنا فلما أوشكنا على تحقيق الحلم إذا نفر من قومنا وبني جلدتنا يريدون أن يعيدونا إلى المربع صفر ونظل ندور في الفراغ لمجرد أنهم الأقلية!!هل هذه هي الديمقراطية التي يريدونها؟ إن الانتكاسة الحقيقة يادكتور حسن هي انتكاسة مدعي الديمقراطية التي صدعونا بها ليل نهار؟لقد انكشف المستور .
ساحة النقاش