حاوره وقدم له / هاني ياسين ومحمد مشتاوي
كان حزب العمل يحمل في فكره تجميع كل الرموز والقوي السياسية المخلصة التي ترغب في العمل الوطني الشريف.. بعيدا ً عن المكاسب والمناصب.. وحمل الحزب علي عاتقه تحت رعاية أ/ إبراهيم شكري وأ/ عادل حسين عبء هذه المحاولة التي كللت بالنجاح إلي حد كبير.. لولا الضربات الأمنية المتلاحقة للتيار الإسلامي ولحزب العمل التي وصلت إلي حد تجميده ومصادرة صحيفة الشعب لسان حاله.. بل ولسان حال الشعب المصري بأكمله.
وفي هذا الجزء من الحوار يحدثنا الضيف الكريم د/ مجدي قرقر أحد أعمدة حزب العمل والعمل الوطني في مصري عن مساعي الحزب لتجميع تلك القوي الوطنية.. ومعاركه التي خاضها من أجل الحرية التي لم تتوقف بتوقف حزب العمل .
بل راح يبحث عن منافذ أخري ينادي من خلالها بالحرية.. فكان من أوائل الداعين إلي تأسيس الجمعية الوطنية للتغير.. ثم وحد صف العمل الوطني من خلال حركة كفاية .
كل هذا ولم ينس أهم قضية عربية وإسلامية.. ألا وهي قضية فلسطين .. فكان له الباع الطويل في الوقوف بجوارها ومساندتها بكل ما يستطيع.. بصوته وبقلمه وبخبرته الهندسية أيضا ً.
كما يلقي في الحوار إطلالة سريعة علي العائلة الوطنية التي قام علي أكتافها حزب العمل .
ومع نص الحوار:
كان حزب العمل له دور ريادي في تجميع الصف الوطني .. فكيف ذلك؟ كانت قضية الجبهة لها الشغل الشاغل لحزب العمل.. وخاصة أ/ إبراهيم شكري الذي وضع يده في يد الجميع .. وعندما كانت تحل أي كارثة بمصر.. كان يقوم بالمرور على رؤساء الأحزاب وعلى قيادات التيار الإسلامي والتنسيق معهم.. وكان على علاقة طيبه بكل رؤساء التيارات .. وله علاقته طيبه مع الشيخ/ صلاح أبو إسماعيل والشيخ/ حافظ سلامه .
وكان أ/ عادل حسين أيضا ًعلى علاقة طيبة بالعناصر الفعالة في الجماعة الإسلامية مثل الشهيد علاء محي الدين والذي استشهد بعد خروجه من مكتب أ/ عادل حسين .
هل ضم الحزب بعض عناصر التيار الإسلامي؟
حرص الحزب على ضم بعض العناصر الإسلامية من الجماعات الإسلامية ومن الإخوان المسلمين ضمن صفوفه.. لكن الأمن كان بالمرصاد لهذا.. ويرفض مشاركة هذه العناصر ضمن تنظيم حزب العمل.. سواء في محافظات الغربية.. أو محافظات الصعيد من الذين استمروا في الحزب حتى وقت قريب.
وأذكر أن كثير من شباب حزب العمل الذين رفضوا الانسحاب من الحزب من ذوى الميول الإسلامية والذين نشأوا في الجماعة الإسلامية وبعضهم عاني من الحبس لسنوات عديدة.. رغم انتماءه لحزب العمل ونبذهم للعنف وإيمانهم بالمنهج الشورى أو الديمقراطي في التغيير .
ومنهم الشيخ/ عبد الرحمن بن محمد لطفي عضو في اللجنة التنفيذية.. والشيخ/ عبد الله السماوي انضم لحزب العمل بعد أن كان يرفض الانضمام لأي حزب وتوفى .. وهو عضو في اللجنة العليا لحزب العمل .
ما الذي جعلك تقتنع تماما ً بأفكار الحزب .. وجعلك تواصل فيه العمل الوطني؟
تعرضت غزة لدمار شامل عدة مراتأنا مؤمن برؤية حزب العمل التي ترى أن الدوائر العربية والوطنية والإسلامية دوائر متكاملة وغير متعارضة.. ترجمة لمقولة إمامنا الشيخ محمد الغزالي" أنا مصري عربني الإسلام ".
كما أننا نعطى أولوية لمواجهة الحزب الصهيوني الأمريكي والذي ظهر في وضوح.
وتبنى حزب العمل وجريدة الشعب التصدي للتطبيع في مجال الزراعة.. ثم قضية الخيانة الكبرى التي كان على رأسها رأس التطبيع في مصر د/ يوسف والى الأمين العام للحزب الوطني السابق .. ونائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة.
كما أننا نتصدى للفساد .. لأن هذا الفساد مرتبط بالتبعية للحزب الصهيوني الأمريكي .. ونظن أن هذا الفساد هو الذي ساهم في بناء الجدار العازل بحصار إخواننا في فلسطين المحتلة باسمنت وحديد مصري.
كما أننا ضد الاستبداد في الحكم والاستمرار على قلب الشعب المصري دون رغبته وبالمخالفة لإرادته والتزوير لها في المجالس التشريعية والمحلية.
ونحن أيضا ً مع قضية العدل الاجتماعي.. والشهيد سيد قطب كتب كتابه عن العدالة الاجتماعية في الإسلام .. وهو من بين كتاب جريدة مصر الفتاه قبل انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين.
كما أننا مع تأصيل وجهة مصر الحضارية الإسلامية.. وهناك لقاء بالقطع بين برامجنا وبين الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين.. لكن الأولويات تختلف.. واختلاف الأولويات يؤدى إلى اختلاف الرؤى.
اضرب مثالا ً لإيضاح الأمور أكثر؟
على سبيل المثال الإخوان المسلمين يعطوا المال الخاص أولوية أعلى من القطاع العام أو دور أعلى من دور الدولة .
أما حزب العمل فكان يعطى أولوية بدور الدولة مع دور القطاع الوطني الخاص.. ونعطى أولوية أكثر للعدل الاجتماعي.. ربما أكثر من تيارات إسلامية أخرى وهكذا .
وما هي رؤيتكم في التعامل مع المسيحيين؟
رؤيتنا في التعامل مع مسيحي مصر ربما تكون أكثر تقدما ً أو رؤية حضارية سابقة لرؤية الإخوان المسلمين.
لأننا نرى أن هؤلاء شركاء في هذا الوطن .. وإذا تركناهم يكونوا لقمة سائغة في يد هؤلاء الصهاينة والأمريكان.
هل استشعر النظام السابق خطورة حزب العمل فسارع بتجميده؟
طبعا دون شك تم تجميد نشاط حزب العمل عن بحجة المعركة التي خاضتها الجريدة وخاضها الحزب ضد رواية "وليمه لإعشاب البحر" التي طبعتها وزارة الثقافة على نفقتها ومن أموال دافعي الضرائب.
فقمنا بحملة كبيرة والتي تجاوب معها طلبة جامعة الأزهر في تظاهرات.. مما أرعب النظام وتحرك لإغلاق جريدة الشعب وتجميد نشاط الحزب.
لكن القضية الأهم أن الحزب أراد أن يكون الحزب الحقيقي الذي يتصدى لقضية الخيانة العظمى في التطبيع مع الصهاينة والأمريكان بتجميد الحزب من لجنة شئون الأحزاب لجنة مصطفى كمال حلمي سابقا ً وصفوت الشريف لاحقا ً.. فرفضنا هذا التجميد ونزلنا إلى الشارع .
وبالعكس بدأنا مواجهة الاستبداد وكتبت المقالات بعنوان "لا لمبارك".. و"لا وضع دستوري لحرم رئيس الجمهورية" .. و"لا وضع دستور أيضا لجمال مبارك.
ونظمنا العديد من المظاهرات أمام مجلس الشعب وجمعنا التوقيعات عام 2002م وعام 2003م.. مطالبين بتنحي الرئيس مبارك عن الحكم قبل ولايته الرابعة.
مسيرة العمل الوطني للدكتور مجدي لم تنته بتجميد حزب العمل .. ولكنك واصلت النضال الوطني في أكثر من منفذ .. فحدثنا عن تلك الفترة؟
قمنا بتأسيس الجبهة الوطنية للتغيير.. وهو نفس الاسم الذي تسمت به الجبهة التي كونها عزيز شكري بعدها بأربع سنوات يعنى 2003م و2004م .
أنشأنا الجبهة وعقدت مؤتمرها التأسيسي في نقابة الصحفيين.. وشارك فيها كافة التيارات الوطنية والإسلامية.
أذكر من الإسلامية المشاركة أ/ جمال سلطان وأ/ ممدوح إسماعيل المحامى ود/ كمال حبيب وأ/ عامر عبد المنعم وآخرون.
وفي هذا التوقيت ولاحقا لتكويننا للجبهة الوطنية للتغيير .. كان هناك مجموعة من النخبة المصرية بصدد إصدار بيان عن الأوضاع الداخلية في مصر رفضنا التوقيع على هذا البيان.
لماذا؟
لأنه لم يتضمن رؤيته في مواجهة الحزب الصهيوني الأمريكي ووافقوا على صياغة هذه الفقرة وتضمينها ضمن البيان.
ثم عقد مؤتمر أخر وأعلن فيه عن تأسيس حركة كفاية .. وسعى بعض الأخوة للتوحيد بين الحركات الموجودة على الساحة .. وسعى البعض لضم الجهود فانضمت الجبهة الوطنية للتغيير إلى حركة كفاية وشاركت في لجنة العمل اليومي للحركة.
ثم انتخبت منسقا ًمساعدا ً في التشكيل الأول للمنسقين المساعدين مع الدكتور عبد الوهاب المسيرى رحمة الله
هل من الممكن أن تعطينا فكرة عن أسرة أحمد حسين صاحب التاريخ الوطني الكبير؟
رائد الأسرة هو المرحوم الأستاذ/ أحمد حسين مؤسس حركة "مصر الفتاه" التي كانت ترفع شعار "الله الشعب " .
حتى أن بعض الأحزاب العلمانية وقتها مثل حزب الوفد كانوا يعتبرونه نوعا من الدروشة.. لكنه كان مصرا ً على التمسك بهذا الشعار الله الشعب.
ثم تحولت حركة مصر الفتاه إلى الحزب الوطني الإسلامي في عام 1939م.. ثم الحزب الاشتراكي في الأربعينات بمفهوم العدل الاجتماعي وليس المادي .
ومن رموزها أيضا ً أ/ عادل حسين شقيق أ/ أحمد حسين .. وقد نشأ في الحركة الشيوعية مع أ/ عبد الوهاب المسيرى والمستشار طارق البشرى والدكتور/ محمد عماره.. ثم تحول كل هؤلاء إلى الإسلام فكان فتحا ً عظيما للتيار الإسلامي.
ثم مجدي أحمد حسين خريج كلية السياسة والاقتصاد عام 1973م .. وعمل مذيعا ً في صوت العرب وصحفيا ً في أحد وكالات الأنباء في بيروت .. ثم عاد إلى القاهرة وتولى أمانة شباب حزب العمل ورأس تحرير صوت الشعب الشقيق الأصغر لجريدة الشعب .. وخاض معارك كثيرة في كل الجهات والأولويات التي أشرت إليها في مواجهة الحزب الصهيوني الأمريكي وحبس ثلاث سنوات في قضية يوسف والى .
وفي مواجهة فساد الداخلية .. حبس سنتين في قضية حسن الألفي .
وحبس أيضا ً في تظاهرة معرض الكتاب في وسط الثمانينات وقمت بالمشاركة معه منذ جيل 2002م وحتى 2008م في تنظيم مؤتمر أسبوعي في الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة بمعدل 52 مؤتمر في السنة.
وماذا كان الهدف من هذه المؤتمرات الكثيرة؟
كان الهدف من هذه المؤتمرات هو سرد الحقائق الإسلامية للمصلين والمواطنين الذين يغيبهم الإعلام.. وخاصة القضايا الإسلامية في فلسطين وفى العراق وأفغانستان.. وقد أعلنا عن انتفاضة شعبية لمناصرة الفلسطينيين.. لكن قامت الحكومة بمنع هذه الانتفاضة وعدم التظاهر في دور العبادة .
فقام مجدي بخرق هذا القانون ولم يعترف به .. ونظم ما يقرب من عشر مؤتمرات في جامع عمرو بن العاص بعد صدور هذا القانون.. واستدعته النيابة العامة ولم يستجب .. وأعلن النائب العام منعه من السفر.
نكمل مسيرتك مع أ/ مجدي في العمل الوطني؟
شكلنا لجنة لكسر الحصار عن غزة وقمنا بعشرات المحاولات للوصول إلى غزه ووصلنا إلى منتصف الطريق في الإسماعيلية والعريش ورفح في مرات عديدة لكننا لم نتوصل للدخول لغزه .. حتى دخلها الأستاذ مجدي من خلال نفق أو عبر الأسلاك الشائكة .. وأقيمت له أسرع محاكمه عسكريه وقضى في السجن سنتان.
وهل سبق تمكنت من دخول غزة بعد ذلك؟
قدر لي أن ادخل غزه منذ فترة قليلة من خلال الهيئة الدولية لأعمار غزة.. حيث شرفت بالمشاركة في مجلس أمناء الهيئة العربية الدولية لأعمار غزة التي يرأسها الدكتور/ المهندس إسماعيل.. وكنا مع أربعة من أساتذة كلية الهندسة وزرنا أغلب مدن غزه والتقينا ببعض وزرائها وتفقدنا أثار الدمار الذي أحدثه الاحتلال الصهيوني الأمريكي.. وتفقدنا أيضا بعض المشروعات وزرنا الجامعة الإسلامية في غزة.
وما الذي أثار انتباهك في هذه الرحلة؟
شعرت وكأن هذه الأرض لم تعانى من أي احتلال.. لم يكن يوجد بها آثار للتدمير أو للخراب.. لأنهم اخذوا هذا الركام والقوا به في البحر مكونين به بعض الألسنة المضادة للأمواج.. وبذلك يكونوا استفادوا من الدمار ووظفوه في مصلحة القطاع.
ورغم المعاناة التي يعانيها أهل غزه من عدم وصول الغذاء والدواء.. إلا أنهم يتحملون ذلك لأنهم في حصار دائم ومتصل منذ انتفاضة الحجارة في وسط الثمانينات.. أي أنهم منذ ما يزيد عن الـ25 عام وهم في حصار مستمر .
وفي نهاية اللقاء نتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلي د/ مجدي قرقر علي إتاحة الفرصة لتقليب هذه الصفحات معه وإن كان لديه الكثير والكثير.. لكن ربما تأتي فرصة أخري نكمل معه الحديث.
نشرت فى 8 يونيو 2011
بواسطة mohamedmedhat1
محمد مدحت عمار
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
47,899
ساحة النقاش