هويدي: الخلافات مكانها دوائر النقاش وليست برامج التوك شو

- د. البلتاجي: الأصل في هذه المرحلة التوافق بين جميع التيارات

- السناوي: مساحة الاتفاق أوسع من نقاط الاختلاف بين القوى الوطنية

- الحفناوي: التعصب والتخوين لا يخدم إلا أتباع نظام المخلوع

 

تحقيق- أحمد جمال وعبد الرحمن عكيلة

يجمع الخبراء والسياسيون على أن وحدة الصف الوطني والهدف السياسي والإرادة الشعبية كانت وراء نجاح الثورة المصرية في إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وحكومته وحزبه في وقت قياسي، وكذلك فقد أسهمت هذه الوحدة في منع التدخلات الخارجية ممثلةً حائط صدٍّ في وجه كلِّ من يحاول إفساد الثورة سواء من الداخل أو الخارج.

 

إلا أن الآونة الأخيرة شهدت حالة من الجدل الواسع بين مختلف القوى السياسية وصل إلى حالة شديدة من الاستقطاب بين كل الأطراف، والبعض ألقى بالتهم جزافًا على مَن يخالفه الرأي في محاولةٍ للنيل منه، وبعض الآخر حاول أن يقفز على الإرادة الشعبية في محاولةٍ لإقصائها وفرض رأيه عبر الأجهزة الإعلامية المختلفة التي يملكونها، ما حول الخلاف في الآراء من أداة لإثراء الحياة السياسية فكريًّا إلى تهديد يحيق بمستقبل الثورة والوطن.

 

وما يثير المخاوف في المرحلة الراهنة أن تنشغل القوى السياسية بالخلافات الدائرة بينها عن الهدف الرئيسي، وهو الحفاظ على مكتسبات ثورة الخامس والعشرين من يناير وتحقيق بقية أهدافها، وصولاً إلى بناء نظام ديمقراطي حقيقي ينعم بالاستقرار والرخاء.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء السياسيين؛ في محاولة لفهم ما يجري وكيفية إعادة توحيد الصفوف مرة أخرى، بما يدعم الثورة المصرية ويحافظ عليها.

 

استحقاق وطني

 

فهمي هويدي

في البداية يحذر الكاتب والمفكر فهمي هويدي من خطورة تحول الخلاف السياسي بين القوى السياسية والوطنية المختلفة إلى اتهامات متبادلة في وسائل الإعلام المختلفة في المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد.

 

 

ويؤكد ضرورة توافق كل التيارات على معطيات المرحلة الحالية، وعلى كل القوى أن تكون على قدر المسئولية وتكون مستعدةً لدفع استحقاقات المرحلة من التوحد والتوافق؛ لضمان التحول الديمقراطي المصري وتأسيس دولة ديمقراطية، لتتمكن البلاد من عبور المرحلة الانتقالية، وبعدها يتم النقاش حول أطر تكوين الحكومة ومرجعية البلاد ونظام الحكم، وغير ذلك من القضايا التفصيلية.

 

ويشير إلى أن تجاوز الخلافات الموجودة على الساحة يتطلب حوارًا بين العقلاء من جميع الأطراف، والبعد عن تبادل الاتهامات في وسائل الإعلام، مؤكدًا أن مثل هذه القضايا مكانها الحقيقي دوائر النقاش المختلفة لا برامج التوك شو والبرامج التي تعتمد على الإثارة الإعلامية.

 

ويضيف أن الحالة السياسية إذا انتقلت من الخلاف الفكري إلى التخوين وتبادل الاتهامات والتنابز بالألقاب، فربما يقود ذلك إلى العراك السياسي الذي تتلاشى معه كل مناطق التوافق والتوحد.

 

التوافق وليس التنافس

 

د. محمد البلتاجي

ويضيف الدكتور محمد البلتاجي، عضو مجلس أمناء الثورة والأمين العام المساعد للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في مجلس الشعب 2005م، أن المرحلة الحالية هي مرحلة توافق مجتمعي تهدف إلى بناء وطن جديد؛ حيث توحدت جميع التيارات والقوى السياسية من قبل وحققت حلمًا كان يبدو مستحيلاً، وهو إزاحة نظام فاسد كان من أعتى النظم الاستبدادية في المنطقة والعالم.

 

ويرى أن التحدي الراهن أمام الجميع يتمثل في تشييد الدولة المصرية الحديثة وإرساء قيم العدالة والحرية وسيادة القانون ومبدأ المواطنة وتداول السلطة والتعددية الفكرية والدينية والسياسية، والحفاظ على الحريات العامة وتأمين حياة كريمة لأفراد هذا الشعب، مشيرًا إلى أن هناك مساحةً مشتركةً تكفي لسنوات طويلة من العمل الجاد على قاعدة التوافق الوطني لا التنافس والاشتباك والاستقطاب.

 

ويضيف أن هناك أطرافًا من الخارج تدفع لحدوث هذه الخلافات وتعمل على تأجيجها، وهذا ما يضر بمصلحة الوطن؛ فيجب أن ينتبه الجميع إلى هذه المحاولات كي لا تصبح الحالة السائدة هي الانقسام والتشرذم الذي لا يصب في مصلحة أي طرف من الأطراف.

 

ويطالب جميع القوى والتيارات السياسية باختلاف مشاربها وتوجهاتها أن تشكل قيادة وطنية وسطية ذات فكر معتدل يلبي احتياجات المرحلة الحالية، بعيدًا عن أي خلافات أو تشدد سواء كان إسلاميًّا أو مسيحيًّا أو ليبراليًّا أو علمانيًّا أو غير ذلك.

 

ويوضح البلتاجي أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى من خلال مشاركتها في الجمعية الوطنية للتغيير للتواصل مع كل القوى والأحزاب السياسية، على أن يكون هذا من أجل البناء على ما تم وليس اختراع العجلة من جديد، مشيرًا إلى أنه ليس من حق أي نخبة أن تصطدم بمطالب الشعب، فأكثر من 14 مليون مواطن قالوا كلمتهم، واتفقوا على كيفية تشكيل البرلمان، وكيفية تأسيس لجنة لصياغة الدستور تضمن التعبير عن كل طوائف وشرائح الشعب المصري.

 

التوافق هو الحل

 

 عبد الله السناوي

ويشير عبد الله السناوي، رئيس تحرير صحيفة (العربي الناصري) السابق، إلى وجود مشكلة حقيقية في العملية السياسية، تولد بعد الثورة المصرية عندما ظهر الخلاف بين القوى الوطنية التي شاركت في الثورة، وضحَّت معًا وسال دمها من أجل نيل الحرية، وبدت وكأنها على طرفي نقيض وتباينت آراؤها حول مستقبل البلاد والعملية السياسية.

 

ويؤكد أن المشكلة ليست في اختلاف الآراء وحسب؛ لأن من حق كل فصيل أن يشرح وجهة نظره والخلاف يثري الحياة السياسية؛ ولكن الأزمة تكمن في الريبة والتوجس والخوف من الآخر، وإطلاق التصريحات غير المسئولة التي تسيء إلى تيارات العمل الوطني ككل.

 

ويوضح أن الأزمة الحالية ملخصها الانتخابات أولاً أم الدستور؛ حيث تتمسك بعض القوى بنتيجة الاستفتاء على التعديل الدستوري، وترى ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها ثم يتم وضع الدستور؛ من خلال لجنة يشكلها مجلسا الشعب والشورى، وترى قوى أخرى أن الأولى وضع دستور أولاً وتأجيل الانتخابات في المرحلة الراهنة.

 

ويشدد على أنه برغم هذا الخلاف في هذه القضية فإن نقاط الاتفاق أكبر وأعمق بين كل القوى، فكلها تتفق على أن نظام الحكم القادم لا بدَّ أن يكون ديمقراطيًّا مدنيًّا يراعي حرية الرأي والعقيدة، كما أن هناك إجماعًا على رفض الحكم العسكري أو الدولة الدينية، ما يعني أن مساحة الاتفاق أوسع من نقاط الاختلاف.

 

ويرى أن المرحلة الحالية تتطلب توحد القوى الوطنية؛ للمرور بالبلاد من هذه المرحلة الدقيقة، ويكون ذلك بالتركيز على نقاط الاتفاق، والاستمرار في المطالبة بتنفيذ كل مطالب الثورة المتفق عليها وضبط الخطاب الإعلامي، بما لا يسيء لأي طرف؛ لتجنب تعميق الخلافات بين الاتجاهات المختلفة.

 

أما النقاط الخلافية، فيطالب بأن تكون هناك حوارات ولقاءات مستمرة ومتصلة بين كل القوى الوطنية بصورة مباشرة وبعيدًا عن أية عباءة حكومية أو غير حكومية، ويكون الهدف منها تقريب وجهات النظر والوصول إلى تصور لمستقبل البلاد، ويمكن الاستعانة في هذا التوجه بفقهاء القانون والسياسة.

 

مظلة واحدةوترى الدكتورة كريمة الحفناوي، الناشطة السياسية وعضو الجمعية الوطنية للتغيير، أنه من المفروض في المرحلة الحالية أن تعمل كل القوى السياسية برؤية موحدة وأهداف متفق عليها؛ حتى تصل إلى تنفيذ كل مطالب الثورة، كما كانت تناضل مع بعضها قبل الثورة من خلال الجمعية الوطنية للتغيير؛ لأن أي فصيل مهما كانت قوته لا يمكنه الحفاظ على الثورة وتحقيق أهدافها بمفرده.

 

وتؤكد أنها ليست ضدَّ أي تيار سواء كان إسلاميًّا أو يساريًّا أو قوميًّا يعمل على تحقيق أهدافه ما دام اجتمع مع بقية التيارات الأخرى لاستمرار العمل معًا لتحقيق أهداف الثورة، مشيرة إلى أن هذا لا يلغي أن كل فصيل له توجهاته أو أهدافه، فمن الممكن أن يعمل بشكل موازٍ من خلال حزب لجنة أو جمعية بحث لا يكون ذلك على حساب مصلحة الوطن.

 

وتستنكر ما أقدمت عليه بعض الأحزاب التي ما زالت تحت التأسيس، والتي سارعت بتقديم مرشحين لانتخابات الرئاسة، متسائلة: إذا كانوا حقًّا يعملون من أجل تحقيق أهداف الثورة، فلماذا الدعاية الانتخابية الآن؟!.

 

وتدين أي اتهامات بالتخوين أو التكفير للرأي الآخر المخالف، فلا بدَّ أن ينحصر الخلاف في الصواب والخطأ، "فرأيي قد يحتمل الصواب أو الخطأ"، مشيرةً إلى أنه ما دام الهدف واحدًا وهو مصلحة الوطن فالخلاف هنا لا يفسد للود قضية، ومصر الآن بجميع تياراتها السياسية في مرحلة الهدف الواحد، فلا بدَّ أن يتحد الجميع للحفاظ على إنجازات الشعب المصري وثورته، وأن يكونوا على قدر المسئولية.

 

وترى الحفناوي أن التعصب ليس موجودًا لدى تيار بعينه أو جانب واحد فقط، فهناك متعصبون وأفكار متشددة على الجانبين، اليساري والليبرالي أو الديني، محذرةً من أن هذا التعصب لا يخدم سوى الثورة المضادة وأتباع النظام البائد والكيانات التي لا تريد الخير لهذا الوطن

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 5 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

47,838