الحمام الزاجل

الحمام الزاجل له خاصية فريدة وهى قدرتة على العودة إلى موطنه مهما بعدت المسافات نظرا لارتباطه به وعن تاريخ هذا النوع من الحمام ذكر احد الرحالة الإنجليز في القرن السابع عشران سماء سورية خلت من الحمام لوقت ما في أواخر ذلك القرن والسبب في ذلك أن حمامة وقعت في شباك صياد أثناء طيرانها بين الاسكندرونة وحلب ووجد الصياد رسالة مربوطة في رجلها كان قد أرسلها تاجر اوربى إلى وكيله الحلبي يخبره فيها بارتفاع أسعار جوز العفص في الأسواق الأوربية ويطلب منه أن يرسل له كميات كبيرة منه فقام الصياد بإرسال الرسالة إلى تاجر سوري محلى عمل على شراء كمية كبيرة من الجوز وأرسلها إلى أوربا وحصل منها مبلغاً كبيراً من المال.

وللحمام الزاجل عند العرب تاريخ طويل فهم من أول الأمم التي عرفت أهميته وتربيته واهتمت بأنسابه ووضعت الكتب في طبائعه وإمراضه وعلاجه وقد ذكر الجاحظ اهتمام العرب وولعهم بالحمام الزاجل وكان عندهم دفاتر بأنساب الحمام كأنساب العرب وانه كان ليمتنع الرجل الجليل ولا الفقيه ولا العدل من اتخاذ الحمام والمنافسة فيها والأخبار عنها والوصف لأثارها والنعت لمشهورها.

وكان البريد الذي أسسه الأمويين يعتمد على الخيل والجمال والبغال وتبادل الإشارة بالنيران والدخان والمرايا والطبول في إيصال الأخبار والمعلومات العسكرية من والى مركز الخلافة ومع اتساع رقعة الخلافة الإسلامية وزيادة حروبها وفتوحاتها وكثرة الفتن الداخلية. والقلاقل ومحاولات انفصال الأقاليم عنها. ومع ازدياد مصادر الثروة وتنوعها وكثرة مؤسسات الدولة ودواوينها صار لابد من وسيلة أكثر كفاءة وسرعة لضمان أقصى فاعلية لعمل ديوان البريد الذي يضمن عمله اتصال إطراف الدولة الواسعة ببعضها وربطها بالعاصمة لذلك ادخل الخلفاء العباسيون استخدام الحمام الزاجل في البريد لما يمتاز به من السرعة الفائقة ولسهولة إعادة نقله للاماكن التي ستطلقه مرة أخرى وانخفاض كلفة التربية قياساً بالجياد والإبل ولتكاثره السريع وكذلك لطيرانه دون الحاجة لدليل أو مرشد ولدقته في الوصول لهدفه وأيضا لجمال شكله والفته وذكر الحميري في (الروض المعطار) أن خلفاء بنى العباس تنافسوا في اقتناء الحمام والعناية به وتوسيع دوره وتحسين نسله وأخضعوه لمراقبة دقيقة ونظموا سجلات بحركته وخصصوا له مربين يتقاضون رواتب عالية.

ويروى أن المعتصم العباسي علم بانتصار جيشه على بابك الخرمى وأسره له عن طريق الحمام الذي أرسله قائد جيشه من الجبهة إلى سامراء.

ويذكر الحميري انه بلغ من أهميه الحمام الزاجل أن وصل ثمن الطائر منه أيام العباسيين إلى سبعمائة دينار وقد بيعت حمامة في خليج القسطنطينية بألف دينار.

ولكن الفاطميين تجاوزوا العباسيين باهتمامهم بالحمام الزاجل بان وضعوا له ديوانا خاصا كما ذكر القلقشندى في (صبح الأعشى) وابتكروا وسائل للتغلب على إمكانية وقوع الحمام الذي يحمل الرسائل بأيدي العدو فاستحدثوا رسائل مرموزه لا يستطيع العدو التوصل لمعناها كما استحدثوا من اجل الحمام ورقاً وأقلاما خاصة.

كما ذكر يوسف الشيراوى في (الاتصالات والمواصلات في الحضارة الإسلامية)

كان الحمام يقطع آلاف الأميال يوميا باتجاهات مختلفة في أنحاء الإمبراطورية الإسلامية ساعده في ذلك سلسلة الأبراج التي تبثها الدولة والتي يبعد الواحد منها عن الآخر حوالي خمسين ميلا وكان مجهزة لاستقبال الحمام أو استبداله وكانت القوافل الكبيرة تحمل معها أقفاص الحمام ترسل بواستطها رسائل إلى مراكزها في كل مرحلة من رحلتها لكي ترشد القوافل الصغيرة التي تسير على نفس الدرب أو لكي تبلغ مراكزها بتعرضها لخطر ما فتطلب النجدة من اقرب مركز عبرته أو أنها تخبر المراكز التي تنوى الوصول إليها بمواعيد وصولها ونوع بضاعتها وأثمانها ومالكيها...ولكي يستقبلها التجار المعنيون بالأمر.

ويروي أن قورش مؤسس الإمبراطورية الفارسية أستخدم الحمام الزاجل للاتصال بالأماكن النائية في الإمبراطورية كما تولي الحمام نقل أسماء الفائزين في أول دورة للألعاب الأولمبية وفي الحرب العالمية الثانية وعند هجوم الألمان على بلجيكا أصطحبه المظليون خلف خطوط الحلفاء ثم أطلقوه بعد ذلك حاملاً نتائج عمليات التجسس.

وفي فرنسا أجريت مؤخراً مناورات اشترك فيها الحمام الزاجل في إطار تدريبي على أمكانية الاشتراك في عمليات الاتصال أثناء حالات الطوارئ.

ولا يزال الحمام موضع اهتمام علماء الأرصاد والجيولوجيا للاستفادة من قدرته على توفير النفقات التي تتطلبها الأجهزة الجيولوجية مثل الأقمار الصناعية والطائرات وأجهزة الكشف بالأشعة تحت الحمراء حيث تستطيع حمامة واحدة بجهازها الملاحي الفريد أن ترشد بحاستها التي لا تخطئ إلى كثير مما نبحث عنه وتوفر الكثير من النفقات.

وقد استخدم الحمام الزاجل لأول مرة في الأغراض الحربية عام 24 قبل الميلاد عندما حاصرت قوات (مارك أنطوني) قوات (بروتس) وهو روماني أخر في مدينة مودلينا وكان جيش اكتافيوس الروماني الثالث يتصل بقلعة بروتس بواسطة الحمام.

وفي عام 1978م أنشئت غرفة لحمام الزاجل بالجيش الأمريكي أسوة بما أتبع في الجيش الألماني قبل ذلك وفي الحرب الكورية أستخدم الآلاف من الحمام الزاجل مع الهابطين بالمظلات لتوصيل ما يزيد عن مائة ألف رسالة ولقد أثبتت الإحصاءات التي نشرت أن استخدام الحمام الزاجل خلال الحرب العالمية الثانية قد نجح بنسبة 99%.

المصدر: mohamed sayed ahmed منتدي كلية الأداب جامعة عين شمس

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

648,405