سباق الحمام فى مصر
بدأت أولى مراحل التعرف على سباق الحمام فى مصر بعد أكثر من مائة عام على انتشارها فى أرجاء مختلفة من العالم - حيث تأسست جمعية الحمام بالقاهرة فى مارس عام 1945.
وكانت هناك بعض المحاولات الفردية لتأسيس رياضة سباق الحمام فى مصر قبل الحرب العالمية الثانية فقد استطاع عثمان رامز -والذى كان يدرس فى إنجلترا حتى عام 1938 وبعد قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939 وكان من أعيان مصر فى ذلك الوقت- أن يشترى عددا من أفراد الحمام الزاجل (السباق) والذى كان يربيه أحد الهواة الكبار فى إنجلترا فى ذلك الوقت وحاول تكوين سلالة جيدة من حمام سباق المسافات الطويلة وكان لها دور بارز حتى بعد الحرب العالمية الثانية وعندما تقرر استخدام الحمام الزاجل فى سلاح الإشارة للقوات البريطانية التى كانت تتمركز فى معسكرات المعادى أثناء الحرب العالمية كوسيلة اتصال فى نقل الرسائل بين دورياته التى كانت تجوب الصحراء الغربية إلى مقر قيادتها فى مصر وذلك لتجنب التقاط المخابرات الألمانية لهذه الرسائل إذا ما أرسلت بالراديو فلم يكن لدى الإنجليز الوقت الكافى لاستيراد الحمام من بريطانيا وإعداده للخدمة فى مصر.
فقد اتصل قادة هذا السلاح بعثمان رامز لشراء ما لديه من حمام زاجل بعد أن تأكدوا من جودة السلالات التى استوردها، ولكن عثمان رامز فضل أن يقدم كل ما يستطع من زغاليل كهدية رمزية من الهواة المصريين، وهكذا عندما قرر سلاح الإشارة البريطانى التخلص من حمامه رأى أن يرد لعثمان رامز هذا الجميل فوضع تحت تصرفه كل ما فى معسكره بالمعادى من حمام زاجل ليختار منه ما يشاء، ومرة أخرى أهدى عثمان رامز كل ما اختاره من حمام الجيش إلى جمعية الحمام التى باعته لحسابها فى مزاد علنى اشترى منه الهواة المصريون كل ما يريدونه من حمام وكونوا بها أول نواة لحمام السباق فى مصر، ولم يرغب أحد من هواة الحمام الأنجليزى فى شرائه ونقله إلى بريطانيا وبانتقال أسراب الحمام الزاجل من الجيش البريطانى إلى الهواة المصريين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تكونت جمعية الحمام بالقاهرة فى عام 1945 واستطاعت الجمعية بعد ذلك أن تجرى فى مصر سباقات ناجحة كثيرة من بنى سويف ومغاغة وأسيوط والأقصر إلى القاهرة، ولكنها لم تكن تجمع القدر الكافى من الهواة ومن ثم لم يتوفر عنصر المنافسة القوية أو الحوافز المالية المشجعة فقد كان عدد الحمام المشارك فى السباقات قليل جدا واستمرت الجمعية فى عطائها لفترة طويلة رغم قلة عدد المتسابقين وبالتالى قلة الحوافز والتى تشمل الكؤوس والميداليات وشهادات التفوق مع بعض الجوائز المالية الصغيرة، بينما كانت فى بعض البلاد التى نمت فيها هذه الهواية مثل بلجيكا وإنجلترا تصل الجوائز المالية إلى آلاف الجنيهات التى يكسبها الفائزون فى سباق الحمام أكثر من مائة ألف عضو. وقد نقل المشير عبد الحكيم عامر جزءا من حمام المراسلات إلى قوات الصاعقة فى الخمسينات وأوائل الستينات، ومرت هذه الرياضة خلال الخمسينات والستينات ببعض المعوقات والمشكلات التى أثرت على تقدمها بينما تقدمت فى البلاد الأخرى بصورة أفضل فى الفترة نفسها- وربما كان السبب فى عدم تقدم هذه الرياضة خلال هذه المرحلة يرجع إلى الآتى:
1- اهتمام الهواة فى مصر بتربية حمام الغزار وهى هواية تعتمد على اقتناص الحمام الضال حيث يطلق الهاوى أسراب حمامه فى الهواء أملاً فى أن يقابل حمام غيره ويعود ومعه أى عدد من الحمام الضال وتقام لهذه الهواية المباريات لتكريم الفائز والذى يستطيع حمامه اقتناص بعض من حمام الغير أو الحمام الضال
2- معظم هواة سباق الحمام فى مصر من رجال الأعمال المتوسطين وطلبة المدارس والجامعات والفترات التى تقدمت فيها هى الفترات التى انضم إليها مجموعة من رجال الأعمال الكبار والذين كان لهم دوراً بارز فى الاتصال بالخارج واستيراد كل ما تحتاجه هذه الهواية من مهمات السباق وكذلك المساهمة فى رفع قيمة الجوائز للحمام الفائز (وهو ما حدث خلال التسعينات)
3- ترتفع قيمة الجوائز فى الخارج للفائزين إلى عدد آلاف نتيجة لأسلوب المراهنات على الحمام الفائز وفى مصر يحرم الدين الإسلامى القمار والمراهنات وهى تعتمد فى ذلك على الجمعيات المتخصصة وما يصلها من تبرعات من رجال الأعمال الهواة والرعاة لهذه الهواية.
4- ظلت هذه الهواية محصورة لفترة نتيجة للمشكلات السياسية حيث كانت الحكومات المتعاقبة لا تشجع إنشاء أندية الحمام خوفاً من تحولها إلى مراكز سياسية مناهضة لها. وكان القول المأثور "اللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره"
5- كانت هناك فترات كبيرة تمر بها التجارة مع الخارج فى صعوبات لتحويل العملات الأجنبية فى مصر للبلاد الأخرى، لذلك لم يتمكن الهواة المصريون من استيراد كل ما يحتاجون إليه من مهمات السباق مثل: دبل المطاط التى تحمل أرقام السباق السرية والتى توضع حول أرجل الحمام ولم يكن فى الإمكان استيراد أى حمام ولا الساعات الخاصة بتسجيل دبل المطاط بعد نزعها من أرجل الحمام العائد ولذا فإنهم يستعملون نفس الدبل التى عندهم مرات عديدة بينما جرى العرف فى بريطانيا وغيرها من الدول أن نستعمل مرة واحدة ثم تلغى..
وبسبب عدم وجود العدد الكافى من الساعات أيضا يلجأ المتسابقون إلى أسلوب آخر لحساب السرعة ففى سباقات السرعة تحتسب سرعة الحمام وفقاً للمسافة التى يقطعها كل فرد لغاية بيته وهى تخصص للمسافات التى تزيد على 300 ميل وفى هذه المسافات يقوم الهاوى بإبلاغ اللجنة المختصة تليفونياً بأرقام دبل المطاط وأرقام الدبل المعدنية لكل فرد حمام يصل من السباق ويكون هذا التبليغ وسيلة تسجيل وقت الوصول.
أما فى المسافات التى تقل عن 250 ميلا فإن الهاوى يشترك فى السباق بفرقة تتكون من 5 حمامات يحدد أفرادها بنفسه من بين كل الحمام الذى يرسله فى السباق وفى هذه الحالة لا يفوز الهاوى بموجب الفرد الذى يقطع المسافة فى أقل وقت ولكنه يفوز بالنسبة إلى أكبر عدد عائد من حمام فريقه ورغم ذلك فقد استطاعت هواية سباق الحمام أن تتقدم ويزداد عدد من يمارسونها فى طول البلاد وعرضها وذلك بدخول مجموعة من الهواة إلى الحلبة.. مثل كل من د. محسن علام ومحمد فتحى البقلى وصلاح متولى ومحمد حسن عبده وحمادة مراد ونعيم غبريال والحسينى يونس وسيد خضير سالم وعلى أبو عوف وتيسير لطيف ومحمود عشماوى واللواء محمود سعيد ومع مرور السنوات ودخول مصر عصر الانفتاح عام 1971 تطورت هذه الهواية وشهدت انتعاشا كبيرا وخاصة لنشاط جمعية الحمام الزاجل وقد استطاعت الجمعية أن ترفع مستوى الحمام الزاجل فى مصر بتقديم الحمام الممتاز الذى يمكن الاعتماد عليه فى سباقاتهم والذى تم استيراده من الخارج عن طريق الهواة السابقين لما لهم من سبل اتصال بالجمعيات التى بالخارج واشتراك بعضهم فى سباقاتهم الدولية المعروفة.
واستطاعت الجمعية فى عام 1972 إصدار أول مجلة لهواية الحمام بمساعدة من عثمان رامز والتى شملت العديد من الموضوعات التى تهم هواة الحمام فى مصر. وللأسف أن هناك أعداداً كبيرة من هواة الحمام داخل المحافظات المختلفة وغير المنضمين إلى جمعيات الحمام ويصل أعدادهم فى القاهرة فقط إلى 7 آلاف من الهواة وهو يربون أيضا حمام زاجل كما يربون مختلف أنواع حمام الزينة وحمام الغية.
وتأسس الاتحاد المصرى لسباق حمام الرسائل عام 1978 وأسسه كمال سالم وهدى الله نجاتى وفى البداية حدث نوع من التعثر واندمج الاتحاد مع جمعية الحمام الزاجل، وانتشرت الهواية خاصة فى الوجه البحرى والقاهرة وكثرت فروع الاتحاد وأندية الفروع حتى وصل عددها فى عام 1994 إلى حوالى 25 جمعية فى معظم محافظات مصر.
وزاد عدد الحمام المشارك فى السباق الواحد إلى حوالى 1500 فرد حمام مقابل حوالى 20 فى الأربعينيات وصدرت مجلة الحمام الشهيرة عن الاتحاد المصرى وكان عددها الأول فى أبريل 1994 ونال الاتحاد المصرى لسباق الحمام الدعم المادى من المجلس الأعلى للشباب والرياضة. وتولى محمد فتحى البقلى رئاسة مجلس إدارة الاتحاد، وقد اضاف الكثير لهذا الاتحاد بخبرته التى اكتسبها من احتكاكه بالمنظمات العالمية والتى اشترك فيها على مستوى العالم واستطاعت التكنولوجيا أن تقتحم عالم الحمام فى مصر وتطورت اللوفتات (مساكن الحمام) وأسلوب التغذية والعلاج حتى استطاع الحمام فى مصر أن يصل إلى مسافات كبيرة وبسرعة عالية واستطاع البقلى خلال الفترة التى تولى فيها رئاسة الاتحاد أن يكون له دورا فى نشر هواية سباق الحمام فى الدول العربية المختلفة مثل السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية والبحرين من خلال المسابقات الدولية وأشهرها سباق النقطة الواحدة حيث يغلق عندما يصل عدد الحمام المشترك 500 فرد ولذلك يكون الاشتراك بأولوية الدفع. ويتم استلام الحمام المشارك فى شهر مارس وحتى إبريل حيث يقام السباق فى آخر شهر أغسطس لمسافة 250 كيلو متر ولكل دولة الدبل الخاصة بها ويتم تخصيص عدد 5 حوائز، ويبدأ التمرين قبل السباق (يوليو) حيث يتم إجراء 10 رميات فى أول 20 كيلو متر. ويشترك فى هذا السباق العديد من الدول أهمها السعودية والكويت وقطر والبحرين وانجلترا وبلجيكا وهولندا، وقد تكونت اتحادات للحمام الزاجل فى كل من السعودية برئاسة الأمير عبد الرحمن عبد الله الفيصل واتحادات للحمام الزاجل فى الكويت وبنادى دبى والبحرين وقطر وفى ابريل 1998 كان بداية للاتحاد العربى لسباق الحمام الزاجل برئاسة الأمير عبد الرحمن عبد الله الفيصل واللواء محمود سعيد نائبا لرئيس الاتحاد عن مجموعة الدول العربية، وقد تكونت هذه الاتحادات كخطوة من خلال السباقات الدولية التى تقام فى البلاد العربية المختلفة مثل: سباق النقطة الواحدة بالرياض، وسباق النيل الدولى بمصر (وتنظمه الجمعية العلمية لدراسات الحمام) وسباق النقاط المتعددة بالكويت وكلها سباقات ساهمت فى نشر هواية سباق الحمام والاحتكاك بالدول الأخرى المتقدمة فى هذا المجال. واستطاع البقلى المحافظة على إصدار مجلة عالم الحمام شهرياً حتى وقت قريب وكانت مجموعته المميزة من حمام السباق والتى يشترك بها فى جميع السباقات فى مصر تصل إلى حوالى 400 فرد وغاليا ما تحتل المراكز الأولى من السباقات.
ويتبع الاتحاد المصرى لحمام السباق 26 ناديا فى مختلف محافظات مصر ويمكن إنشاء فرع جديد فى أى منطقة خالية من ناد للحمام عن طريق تجميع 10 هواة على الأقل ويقدم طلب للاتحاد المصرى لسباق الحمام وتحدد فيه أقرب مركز شباب، حيث يتم مخاطبته لتوفير مكان للتجمع لهواة الحمام بغرض تنظيم التعاون وعمل السباقات والاشتراك فى سباقات الجمهورية التى ينظمها الاتحاد ونقل المعلومات السليمة للهواة فى حمام الزينة أو حمام السباق
ومن العلامات المميزة فى سباقات الحمام الزاجل ولهم مجموعات من الحمام الأبطال: اللواء/ محمود سعيد رئيس جمعية الحمام الزاجل ويمتلك أكبر لوفت لحمام السباق والذى يحتوى على مجموعة من الأبطال وكذلك مجدى غبريال، وقد قدم د. محسن علام خبرته كطبيب بيطرى فى رعاية الحمام الصحية لهواة الحمام فى مصر ولخبرته العالمية فى هذا المجال.
وينظم الاتحاد المصرى لسباق الحمام فى مصر من خلال جمعياته على مستوى الجمهورية عدة سباقات مثل:
سباق وجه قبلى (أسوان- سوهاج- ديروط- المنيا- أبو سنبل- إلخ)
سباق وجه بحرى (العامرية- السلوم- الضبعة- الخ)
سباق الدربى
ومواعيد السباقات كالآتى:
وجه قبلى من بناير وحتى آخر مارس
وجه بحرى أول أبريل وحتى آخر يونيو ويبدأ التدريب من 15/12
كما ينظم الاتحاد معرضا سنويا لحمام السباق والغزار بأرض المعارض لعرض انواع السلالات والأنواع المختلفة لكل هاو
كما تعمل الجمعية العلمية لدراسات الحمام بالقاهرة على تنظيم عدة سباقات محلية ودولية أهمها:
سباق النقطة الواحدة "المعروف باسم سباق النيل الدولى" ويتم الاشتراك به من خلال رسوم معينة وتشترك فيه الدول المختلفة وأهمها السعودية والكويت والبحرين وقطر وإنجلترا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والإمارات ومصر ويتم الإعلان عنه سنويا من خلال الجمعية وفروعها فى المحافظات المختلفة مثل: الإسكندرية - الغربية - الشرقية -الدقهلية-سوهاج- أبو تيج- نجع حمادى
سباق وجه بحرى
سباق وجه قبلى
المعارض المحلية
المصدر: مجلة أمواج سكندرية
نشرت فى 28 مارس 2010
بواسطة mohamedashraf
عدد زيارات الموقع
649,489
ساحة النقاش