ما هو التسويق؟
التسويق في اللغة هو طلب السوق للبضائع والخدمات، واسم المكان السُّوقِ ويعني مَوْضِعُ بَيْعِ وشِراءِ البَضائِعِ، أَيْ مُخْتَلِفِ الْمَوادِّ التِّجارِيَّةِ وهو أيضاً الموضع الذي تباع فيه الحاجات والسلع وغيره، وأما الفعل “سَوَّقَ البِضاعَةَ” فمعناه صَدَّرَها، أي طَلَبَ لَها سُوقاً.
على أن تعريف التسويق في أذهان الكثير من الناس هو واحد من اثنين: هو كل ما يجعل عملية البيع تتم بنجاح، أو الدعاية والإعلان. بالطبع، تعريف التسويق يشمل هذين المعنيين، لكنه أشمل من ذلك وأوسع بكثير. في تبسيط كبير، التسويق هو جميع النشاطات المتعلقة بتلبية رغبات الزبائن والعملاء، مع تحقيق ربح أثناء ذلك.
إذا وضعنا التعريف على شكل نقاط توضح المعنى لقلنا أن التسويق يشمل:
• معرفة وتحديد جماعات المستهلكين والأسواق المحتملة
• تحديد أي فئات المستهلكين يجب أن تستهدفها بخدماتك، أي تحديد الأسواق التي يجب أن تتعامل معها
• تحديد حاجات ورغبات أولئك المستهلكين الذين ستستهدفهم بخدماتك، وما هي السلع و/أو الخدمات التي يمكنك توفيرها/تصنيعها/تقديمها لتلبي هذه الرغبات والحاجات
• معرفة كيف يفضل المستهلكون استخدام منتجاتك/بضاعتك وخدماتك
• تحديد المنافسين وما الذي يقدمونه من خدمات منافسة (عموماً وتفصيلاً)
• تحديد السياسة التسعيرية المناسبة (وضع الأسعار لما تبيعه) وتحديد الطريقة المناسبة لعرض خدماتك على الزبائن المحتملين
• تحديد الطريقة التي يفضل العملاء المحتملين التعامل بها مع ما تبيعه لهم
• ما المقابل المادي (المالي) الذي يرغب العملاء في دفعه مقابل الشراء، وكيف يرغبون في الدفع
• كيفية تصميم المنتج/الخدمة والطريقة المثلى لشرحه ووصفه – بطريقة تدفع العملاء إلى الشراء منك تحديداً وليس من المنافسين، أي تحديد القيمة المضافة التي ستقدمها للعملاء إن هم تعاملوا معك أنت.
• كيف يجب تعريف شركتك أو منتجاتك أو خدماتك في السوق من وجهة النظر جميعاً (سواء كانوا عملاء محتملين أم لا) – رسم السياسة العامة بخصوص شهرة وسمعة الاسم التجاري والعلامة التجارية
• التفكير في، وتصميم وتطوير، وإطلاق ومتابعة الحملات الدعائية، والتي تتضمن الدعايات والإعلانات والعلاقات العامة (مع الناس ومع الصحافة ووسائل الإعلام) وفريق المبيعات وفريق خدمة العملاء
• هذه القائمة لا تنتهي ودائمة التجدد والزيادة !!
المزيج التسويقي (4Ps):
خرج علينا نيل بوردون بخليط سماه المزيج التسويقي أو Marketing Mix ليأخذه جيروم ماكرثي ليطوره وليضع من خلاله تعريفاً عامًا للتسويق، سماه الأربعة حروف P أو (فور بيز) حيث حصر التسويق في أربعة أشياء، تبدأ كلها بحرف البي P في اللغة الإنجليزية، والأربعة هي:
Product - المنتج:
وهو صنع / إنتاج / تقديم ما يرغب فيه المستهلكون / العملاء / الزبائن (فعليون ومحتملون).
Pricing - التسعير:
وهو توفير ما يرغبون فيه بالسعر/المقابل المادي الذي هم مستعدون لدفعه (المناسب لهم).
Marketing Insights from A to Z
80 Concepts Every Manager Needs To Know
Philip Kotler
ISBN 0-471-26867-4والتي تعرض فيها الكاتب فيليب كوتلر، عميد التسويق في العالم، لبعض النقاط الجميلة في علم التسويق المفترى عليه من كثيرين حاولوا تقييده في نطاق ضيق.
المشكلة التي تواجه قطاع الأعمال اليوم ليست نقص البضائع بل نقص المستهلكين، فمعظم صناعات اليوم يمكنها توفير بضائع تزيد عن قدرة المستهلكين على الشراء. سبب ذلك مرده لنسب النمو السنوية المتوقعة من قبل المنافسين، والتي تزيد عن نسبة نمو السوق الفعلية، فلو أن كل شركة سعت لتحقيق نسبة نمو متوقع في مبيعاتها قدرها 10% في حين أن النسبة الفعلية لنمو السوق هي 3% فإن ما يحدث هو زيادة فائضة.
تؤدي هذه الزيادة المفرطة إلى المنافسة الشرسة، ما يؤدي إلى تصارع المنافسين على المستهلكين، يظهر في صورة أسعار بيع مخفضة، وتقديم المزيد من الحوافز التسويقية والعروض الخاصة، ما يؤدي لخفض هامش الربح، ومن ثم تناقص الأرباح، ما يؤدي في النهاية إلى تحقيق خسائر تؤدي لانهيار الشركات، وحدوث المزيد من عمليات الشراء الكلي والاندماج.
يجيب التسويق على كيفية التنافس على أساس عوامل أخرى غير عامل السعر، وبسبب ما ذكرناه منذ قليل، تزيد أهمية عملية التسويق، والتي تصبح بمثابة قسم تفريخ وتصنيع مستهلكين لمنتجات الشركة.
لا تعتبر التسويق على أنه فن تصريف منتجات الشركة وحسب، ولا تخلط التسويق مع البيع، لأنهما “يكادان” يكونان ضدان، بل اعتبر التسويق على أنه فن خلق قيمة جديدة غير مسبوقة ذات أهمية للمستهلك، فتساعد المستهلك على أن يحصل على قيمة أكبر من عملية الشراء. وتذكر هذه الكلمات الثلاثة جيداً: الجودة، الخدمة والقيمة.
يبدأ البيع بعد توفر (صنع/إنتاج) المنتج فعلاً، بينما يبدأ التسويق قبل ذلك بكثير، فهو واجب الشركة والذي يتطلب منها تحديد ما يحتاجه الناس وما الذي يجب عليها كشركة توفيره. يحدد التسويق كيفية إطلاق المنتج في الأسواق، وسعر البيع، وطريقة التوزيع، وأفكار الترويج. يراقب التسويق كذلك نتائج البيع ويُحّّسن العروض الخاصة، ويحدد ما إذا كان يجب ومتى يجب إنهاء عرض خاص.
التسويق الصحيح يبدأ قبل التصنيع، ويستمر طويلاً بعد وصول المنتج إلى الأسواق.
سابقاً كان المُنتج يقول هذا ما لدي من منتجات، هل تريد أن تشتري أياً منها؟
الآن يسأل المشتري، هذا ما أريده، هل يمكنك صنعه لي؟
لذا فوظيفة التسويق هي تحويل رغبات المستهلكين المتغيرة، إلى فرص تحقق أرباحاً، وأما هدف التسويق فهو خلق حلول أفضل بكثير، توفر على المشتري الحاجة إلى البحث، وتوفر وقته وجهده، وتقدم مستوى معيشة أفضل للمجتمع ككل.
لا تنظر لممارسة التسويق على أنها التركيز للتخلص من السلعة اليوم، مع خسارة فعلية لمستهلك متوقع كان يمكن أن يعود غداً. وظيفة مسؤول التسويق خلق علاقة طويلة المدى مع المستهلكين، تحقق منفعة متبادلة، لا تقتصر على عملية البيع وحسب.
تخصيص إدارة مستقلة للتسويق له مزاياه وله عيوبه، أولها اعتقاد بقية إدارات الشركة أن قسم التسويق هو الوحيد المسؤول عن عملية التسويق، يُعبر عن ذلك ديفيد باكارد من شركة هيولت باكارد (اتش بي) الذي يقول: “إن التسويق من الأهمية بمكان حتى إنه لا يمكن تركه في يد إدارة تسويق واحدة فقط، ففي شركة تنتهج سياسة تسويقية ناجحة، لا يمكنك تحديد من يعمل في قسم التسويق بسهولة، فالجميع في المؤسسة عليه اتخاذ قرارات تؤثر على المستهلك”.
إذا لم تقتنع القيادة العليا في أي شركة بالحاجة إلى تركيز تفكيرها على المستهلك والاهتمام به، فلن يمكن قبول أي فكرة تسويقية ومن ثم تطبيقها في بقية الشركة وتنفيذها.
التسويق ليس عملية تحديد شكل الإعلان وأين سيتم نشره، أو عملية إرسال نشرات ترويجية بطريقة عمياء للجميع، أو الإجابة على اتصالات العملاء، إن التسويق هو عملية تفكير منظم في ما الذي يمكن إنتاجه، وكيف تلفت نظر المستهلك إليه بسهولة ويسر، ثم كيف تجعل المستهلك في حاجة لشراء هذا المنتج لفترة طويلة.
يمكنك تعلم التسويق في يوم، لكنك ستحتاج عمراً بأكمله تفنيه عليه كي تتقن فن التسويق!