<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الاحكام الفقهية والأسس المحاسبية
لحساب زكاة نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية
الدكتور/ حسين حسين شحاتة
الأستاذ بكلية التجارة- جامعة الأزهر
عضو الهيئة الشرعية العالمية للزكاة
يعتبر نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية من الأنشطة التى تستوعب قدراً كبيراً من الأموال ، ويأخذ هذا النشاط أشكالاً متعددة منها : عمليات التشييد والبناء ، وعمليات تقسيم الأراضى وبيعها ، وعمليات شراء الأراضى والبناء فوقها وحدات سكنية أو تجارية أو صناعية ، وعمليات التجارة فى الأراضى والعقارات ، والوساطة فى تجارة العقارات ، وعمليات الاستثمار فى العقارات ونحو ذلك .
ولقد اجتهد علماء وفقهاء العصر فى بيان التكييف الفقهى لنشاط المقاولات والاستثمارات العقارية على منوال ما تم بشأن النشاط الصناعى ، كما ظهرت مشكلات عملية فى حساب زكاة بعض الحالات مثل : العقارات الكاسدة ، والعقارات المحبوسة للأولاد والذُرِيةْ فى المستقبل ، والعقارات الموروثة بدون استغلال ، والعقارات المستخدمة لأغراض اجتماعية وخيرية .. وهذا يحتاج إلى بيان الأحكام والأسس المحاسبية لحساب زكاتها .
وتختص هذه الدراسة بعرض الأحكام الفقهية والأسس المحاسبية لزكاة نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية ، ، وعرض نموذج تطبيقي من الواقع المعاصر لحساب الزكاة عليها .
أولاً : طبيعة نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية ومدى خضوعه للزكاة .
يختص نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية بعمليات البناء والتشييد لإقامة البنايات والطرق والجسور والمرافق .. ونحو ذلك ، كما يدخل فى نطاقه كذلك عمليات الاستثمار العقارى بكافة صوره المختلفة ومنها على سبيل المثال ما يلى :
- شراء الأراضى وتقسيمها والاتجار فيها .
- شراء الأراضى وتمهيدها والبناء عليها وبيعها .
- الاتجار فى الأراضى والعقارات المبنية .
- الوساطة فى تجارة الأراضى والعقارات المبنية .
- شراء العقارات وتركها لحين ارتفاع ثمنها ثم بيعها .
- شراء العقارات المبنية لاستخدامها فى المستقبل كمسكن للذُرِيةْ .
- الحصول على عقارات كميراث وتركها كما هى لصعوبة التصرف فيها .
- شراء العقارات المبنية وتأجيرها للغير .
- الحصول على عقارات كهبة أو هدية وتركها كما هى لصعوبة التصرف فيها .
- العقارات المخصصة لأغراض اجتماعية وخيرية .
وتخضع الأموال المستثمرة فى هذه الأنشطة للزكاة ، ومن الأدلة الشرعية لذلك ما يلى :
(1) - عموم خضوع الأموال النامية أو القابلة للنماء للزكاة ، ويتوافر ذلك فى الأموال المستثمرة فى نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية .
(2) – تعتبر هذه الأنشطة من مصادر الكسب الطيب الحلال ، الذى يخضع للزكاة وينطبق عليها قول الله تبارك وتعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ( [البقرة : 267] .
(3) – تدخل هذه الأنشطة إمَّا فى مجال الصناعة أو التجارة أو المستغلات أو الاستثمار ويطبق عليها أحكامها.
وتأسيساً على ذلك : تخضع الأموال المستثمرة فى نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية للزكاة على النحو الذى سوف نفصله فيما بعد .
ثانياً : الأحكام الفقهية العامة للزكاة
يحكم زكاة المال مجموعة من الأحكام المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية من أهمها ما يلى :-
· الزكاة فريضة من الله سبحانه وتعالى وجاءت مقترنة بالصلاة فى أكثر من 83 موضعاً بالقرآن الكريم .
· الزكاة ركن من أركان الإسلام ، والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا “ . (متفق عليه)
· الزكاة عبادة مالية ، يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل وشكرٌ على نعمه ورزقه ، ويجب استشعار ذلك عند إخراجها من خلال النيّة الخالصة الصادقة .
· الزكـاة حق معلوم فى مال معلـوم ودليل ذلك قول الله عز وجل : )وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ( [سورة المعارج : 24-25] ، ولذلك فهى ليست هبة أو منّة من الغنِىِّ على الفقير ، ولقد وضع الفقهاء الأحكام والمبادىء التى تضبطها .
· الزكـاة حولية أى تدفع فى نهاية السنـة باستثناء الزروع والثمار والركاز .
· للزكاة مصارف محددة من قِبَلَ الله عز وجل ، كما ورد فى قوله سبحانه وتعالى :) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( [التوبة : 60] .
· لا تقادم فى الزكاة فهى دين الله عز وجل ، وإن مات المسلم وعليه دين زكاة فلابد أن يسدد قبل توزيع الميـراث ، ويتعهد الورثة بأدائه قبل دفنه .
· لا ثنية فى الزكاة ، أى لا تدفع الزكاة عن المال مرتين فى نفس الحول ، ولا تفرض زكاتين على نفس المال فى الحول الواحد .
· لا تحايل ولا تهرب من أداء الزكاة لأنها عبادة ومن موجباتها الإخلاص ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أعطاها مؤتجراً فله أجره ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا ، لا يحل لمحمد ولا لآل محمد منها شيئا " ( رواه أحمد ) .
ثالثاً : الأحكام الفقهية لزكاة نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية .
تعدد وتنوع أنشطة المقاولات والاستثمارات العقارية, ومن ثم يخضع كل نشاط لزكاة معينة , وبيان ذلك على النحو التالى :
· نشاط المقاولات العقارية : يطبق عليه أحكام زكاة النشاط الصناعى على النحو الوارد تفصيلاً فيما بعد.
· نشاط تجارة العقارات: يطبق عليه أحكام زكاة النشاط التجارى على النحو الوارد تفصيلاً فيما بعد .
· نشاط تأجير العقارات : يخضع صافى الإيجار بنسبة 10% أو 2.5% حسب الرأى الفقهي المختار .
· شاليهات المصايف والمشاتى : لا تخضع للزكاة لأنها للاستخدام .
· مساكن وعقارات : للسكن أو للاستخدام لا تخضع للزكاة .
· نشاط شراء العقارات لآجل الذرية : لا تجب عليها زكاة .
· بيع عقار كان محبوساً : يزكي قيمة البيع عند قبضه أو فى نهاية الحول .
· – العقار الموروث : إذا كان مسكوناً ، فلا تجب عليه زكاة .
· – العقار الموقوف : لا تجب عليه زكاة إذا كان مخصصا لأغراض خيرية .
· – عقارات الجمعيات الخيرية : لا تجب عليها زكاة ، لأن أغراضها خيرية .
رابعاً : الأسس المحاسبية لزكاة نشاط المقاولات والاستثمارات العقارية .
يطبق على هذا النشاط أحكام زكاة عروض التجارة والتى تتلخص فى الآتى :
(1) لا تجب الزكاة فى الأصول الثابتة المعنوية مثل : حقوق الاستغلال والامتياز والرخص والتصاريح لأنها ليست نامية ، ولأنها مقتناه للمعاونة فى أداء النشاط الرئيسى وهو التشييد والبناء .
(2) لا تجب الزكاة فى أعيان الأصول الثابتة العينية مثل : الأوناش والماكينات والعدد والأدوات ووسائل النقل والأجهزة وكافة الأشياء والأصول الثابتة التى تساعد فى أعمال البناء والتشييد .
(3) تجب الزكاة فى الأعمال تحت التنفيذ (التشغيل) التى بدأ العمل فيها ولم ينته بعد ، والتى سوف تباع بعد الانتهاء منها ، مثال ذلك : الوحدات والمحلات والمخازن .. وتقوَّم على أساس قيمتها الحالية بمعرفة الخبراء.
(4) تجب الزكاة فى الوحدات المبنية التامة القابلة للبيع ، وتُقَوَّمْ على أساس القيمة السوقية التى يمكن أن تباع بها وقت حلول الزكاة بصرف النظر عن القيمة المطلوبة أو المراد بيعها بها .
(5) تجب الزكاة فى التشوينات فى المواقع ، وتقوم على أساس القيمة السوقية -سعر الجملة – لها وقت حلول الزكاة ، بصرف النظر عن سعر شرائها .
(6) تجب الزكاة فى خامات التشغيل سواء بالموقع أو فى المخازن ، وتقوَّم على أساس القيمة السوقية – سعر الجملة – لها وقت حلول الزكاة .
(7) لا تجب الزكاة فى قطع الغيار الخاصة بالأصول الثابتة ، ولكن إذا كانت مخصصة للتجارة ، فيجب فيها الزكاة ، وتقوم على أساس القيمة السوقية –سعر الجملة – لها وقت حلول الزكاة .
(8) تجب الزكاة فى الديون على الغير سواء كانت فى شكل : عملاء أو مدينين أو عهد أو سلف أو أوراق تجارية أو حسابات جارية مدينة .. وما فى حكم ذلك ، وتقوَّم على أساس القيمة الجيدة المرجوة التحصيل .
(9) لا تجب الزكاة فى التأمينات لدى الجهات الحكومية ونحوها : لأنها فى حكم الأموال المجمدة لأجل معين ومرتبطة بتنفيذ شروط واردة بالعقود .. ، وعند استردادها تزكى مع بقية الأموال النقدية .
(10) لا تجب الزكاة فى غطاء خطابات الضمان للعمليات ، لأنها فى حكم الأموال المجمدة لأجل ، ومرتبطة بتنفيذ شروط واردة بالعقود ، وعند الإفراج عنها تزكى مع بقية الأموال النقدية .
(11) تجب الزكاة فى النقدية لدى البنوك وعوائدها الشرعية ، أمَّا حسابات البنوك المجمدة أو المحجوز عليها لا زكاة عليها ، وعندما يُفرج عنها تخضع للزكاة فى سَنَتِها .
(12) تجب الزكاة فى النقدية فى الخزائن الرئيسية والفرعية ويضاف إليها العهد النقدية طرف العاملين .
(13) لا تجب الزكاة فى المصروفات الإيرادية المؤجلة ، أو مصاريف التأسيس والمصروفات المقدمة وما فى حكم ذلك من المصروفات ، حيث لا يتوافر فيها شروط النماء ولا يرجى استردادها .
(14) يُخْصم من الأموال الخاضعة للزكاة الالتزامات (الخصوم) الحالّة من الأموال، ومنها على سبيل المثال ما يلى:
( أ) ـ الدائنون والموردون وأوراق الدفع .
(ب) ـ الدفعات المحصلة مقدماً من العملاء لشراء وحدات سكنية .
(جـ) ـ الأقساط الحالة المتوقع سدادها فى العام المقبل من القروض .
(د) ـ المستحقات المقطوعة لمصلحة الضرائب والتأمينات الاجتماعية .
(هـ) ـ الحسابات الجارية الدائنة المستحقة للغير .
( و) ـ المصروفات المستحقة واجبة الأداء .
(ز) ـ المخصصات لمقابلة التزامات مثل : مخصص الغرامات والتعويضات ومخصص الضرائب ، ومخصص مكافآت ترك الخدمة .
(15) – ولا يخصم من الأموال التى تجب فيها الزكاة عناصر حقوق الملكية لأنها لا تعتبر من الالتزامات الحالّة ، ومنها :
( أ) ـ رأس المال المدفوع .
(ب) ـ الاحتياطيات .
(جـ) ـ الأرباح غير الموزعة .
(د) ـ أرباح العام الحالى .
(16) – يحسب وعاء الزكاة بالمعادلة الآتية :
وعاء الزكاة = الأموال الزكوية – الالتزامات الحالَّة .
فإذا وصل الوعاء النصاب تحسب الزكاة على أساس 2.5% سنوياً على أساس السنة القمرية ، أو 2.575 % على أساس السنة الشمسية .
(17) - يدفع المالك الزكاة إذا كانت منشأة فردية ، وفى حالة شركات الأشخاص : توزع الزكاة على الشركاء بنسبة حصة كل منهم فى رأس المال ، وفى حالة شركات المساهمة ، تُقْسَم الزكاة على عدد الأسهم لمعرفة نصيب كل سهم ، ثم يحسب نصيب كل مساهم من الزكاة بقدر ما يملك من الأسهم .