القدس المحتلة، 1 يناير 2013م (إينا)
شهد العام المنصرم 2012م توسعا استيطانيا غير معهود في الضفة الغربية، إذ لم تكترث إسرائيل بكل النداءات الدولية المطالبة بالتوقف عن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ومواصلة مشاريع الاستيطان.
ووفقا لخبراء في شؤون الاستيطان شهد العام المنصرم زيادة في البناء الاستيطاني بنسبة 50% عن الأعوام التي سبقته، وتركزت مشاريع الاستيطان بشكل كبير في كل من القدس وبيت لحم ورام الله.
وتوقع الخبراء أن يشهد عام 2013 نشاطا استيطانيا أوسع، وتحويل أراضي الضفة الغربية إلى "كانتونات" معزولة عن بعضها البعض، ومحاطة بالمستوطنات.
وصادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا على سلسلة من خطط البناء الاستيطاني الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، وخاصة في المنطقة التي تسمى "إي 1" الواقعة بين القدس ومستوطنة "معاليه أدوميم".
وأكد الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش أن عام 2012 شهد نشاطًا استيطانيا كبيرا لم يسبق له مثيل منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية عام 1948 و1967، قدر بنحو 50% عن العام الذي سبقه 2011 الذي شهد زيادة في التوسع الاستيطاني والذي قدر بـ30% عن عام 2010.
وأوضح حنتش في تصريحات صحفية أن محافظة الخليل شهدت عدة نشاطات استيطانية كبناء البؤر الاستيطانية وإقامة التوسعات الجديدة في مستوطنة "تينا عماريم" القريبة من بلدة الظاهرية جنوب الخليل بالضفة الغربية، وإنشاء مستوطنة جنوب شرق مستوطنة "سوسيا" جنوب يطا، وإقامة أبنية في مستوطنة "خارسينا" شرق مدينة الخليل، وغيرها.
وقال: هناك عدة توسعات استيطانية في البؤر الاستيطانية الواقعة إلى الجنوب من محافظة الخليل، وتوزيع عشرات الإخطارات على الفلسطينيين من أجل وقف البناء، بالإضافة لوجود قرابة 50 أمرا عسكريا جديدا في الخليل لإخلاء بعض المناطق"
وأضاف حنتش أن التوسع الاستيطاني الذي شهده عام 2012 يهدف لتهويد الأراضي الفلسطينية بشكل كبير، وقطع الطريق على المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدًا وجود مخطط إسرائيلي جديد في المنطقة المعروفة بـ"إي 1" الواقعة شرقي مدينة القدس والذي يهدف لاستكمال ما يعرف بمشروع "القدس الكبرى"
وأشار إلى أن هذا المخطط سيفصل مدينة القدس عن الضفة الغربية بشكل كامل، ويفصل جنوب الضفة الغربية إلى جزئين شمالي وجنوبي، مبينا أن الاحتلال شرع بإقامة مخطط يعرف باسم ""A30 يبدأ من غرب مستوطنة "هار جيلو" باتجاه مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية، مما يقوض مجالات التنمية الطبيعية للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية في المستقبل.
وتوقع حنتش أن يشهد عام 2013 نشاطًا استيطانيا لم يسبق له مثيل منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الاحتلال يريد تحويل الضفة الغربية إلى "كانتونات" معزولة عن بعضها البعض، ومحاطة بالمستوطنات.
أما الباحث والخبير في شؤون الاستيطان د. عيسى زبون، فأكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تضع البناء الاستيطاني ضمن سياستها الإستراتيجية.
وقال إن الاستيطان تركز في عام 2012 في ثلاث محافظات رئيسية بالضفة الغربية وعلى رأسها القدس وبيت لحم، ورام الله؛ وذلك من أجل تغيير الواقع في المدينة المقدسة ولمنع قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.
وأضاف أن حجم الاستيطان عام 2012 فاق حجم الاستيطان في السنوات الثلاث السابقة، وأن التوسع الاستيطاني أخذ الشكل العمودي بحيث لا يحتاج إلى الاستيلاء على أراض جديدة، الأمر الذي سرع من العملية الاستيطانية.
وأوضح أن أبرز القرارات التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2012، تركزت في تجديد سريان الأوامر العسكرية الخاصة بسلب الأراضي الفلسطينية لصالح الجدار العازل في منطقة بيت لحم والقدس، وإعادة اعتماد مشروع (أي 1) لاسيما مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية.
وأضاف إن ما ميز عام 2012 تملك الاحتلال الإسرائيلي أراضي الفلسطينيين، والاستيلاء على الأراضي في مدينة القدس بحجة إقامة حدائق توراتية أو عامة.
وتوقع الباحث زنون أن يكون التوسع الاستيطاني عام 2013 أكبر من سابقه لأن إسرائيل تحاول استكمال مشاريعها الاستيطانية التي أقرتها قبل وبعد حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة، إلى جانب عزل بعض المناطق الفلسطينية، وسلب منطقة الأغوار على اعتبارها منطقة حدودية.
ودعا الباحث العالم العربي والغربي إلى وقفة جادة، والعمل على استغلال حصول فلسطين على دولة مراقب للتوجه إلى مجلس الأمن، وإلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة لوقف التوسع والبناء الاستيطاني، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، والقيام بتحركات شعبية لمواجهة الاستيطان ومقاطعة منتجات الاحتلال، وغيرها.
وتنتهك السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية المادة 49،الفقرة 6 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكّانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.
كما تنتهك إسرائيل البنود الأخرى للقانون الإنساني الدولي، وخصوصاً (1) المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة، إلا إذا اعتبرت ضرورية للعمليات العسكرية.
وفقاً للقانون الدولي، يجب على إسرائيل تقديم تعويضات عن الانتهاكات للقانون الدولي التي أحدثتها سياساتها وممارساتها الاستيطانية.
وهذا يتطلّب من إسرائيل إزالة المستوطنات وسكانها وتعويض المالكين عن مصادرة وتدمير ممتلكاتهم، وحيث يكون ملائماً، التعويض عن خسارة الأرباح و/ أو دفع الفوائد.
وبدأ الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد مضي وقت قصير على انتهاء حرب حزيران 1967، بهدف تدعيم سيطرة إسرائيل على الأراضي المحتلة وضمان قدرتها، من خلال إقامة المستوطنات والتوسع المتواصل على توسيع حدودها في أي اتفاق دائم.
وتعمل إسرائيل من خلال استعمار الأراضي المحتلة على حرف المفاوضات لتكون في مصلحتها، وتأمل بالحصول على الاعتراف بحقها بالسيادة أو الإدارة الدائمة للمستعمرات.
وقد يشكل الأساس لهذه السياسة أيضاً الرغبة في ضمان أن تكون أية دولة فلسطينية غير قادرة على النمو والتطور بجعل أراضيها مقسّمة بالمستوطنات.
ويعيش مئات آلاف المستوطنين في مستوطنات مقامة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، وترتبط المستوطنات بنظام من الطرق السريعة التي يسيطر عليها الإسرائيليون فقط. ويوجد حالياً في الأراضي المحتلة حوالي 160 إلى 170 مستوطنة.
(انتهى)
(أعده خالد الخالدي)
ساحة النقاش