مبارك يدعو العرب إلي وقفة صدق ومصارحة مع النفس
الرئيس للقمة الاقتصادية في الكويت:
مأساة غزة كشفت أوجاع العالم العربي وتناقضاته واختراقه
محاولات لعب الأدوار وبسط النفوذ تتاجر بمعاناة الفلسطينيين وتشق الصف
غزة لا تحتاج لبيانات الشجب قدر حاجتها لتحرك عملي عاجل
نحترم إرادة المقاومة وصمودها ونؤمن بخضوعها لحسابات الأرباح والخسائر
إلي متي تظل "فلسطين".. قضية الفرص الضائعة؟
مصر رعت القضية 60 عاماً بمسئولية وأمانة
تقسيم العرب إلي معسكري الاعتدال والممانعة يعيدنا 30 عاماً للوراء
يسعون إلينا ولا نسعي لأحد مثل المتطلعين للعب الأدوار
مصر تترفع عن الصغائر ولا تخضع للابتزاز وترفض اختزال القضية في معبر رفح
السلام ضرورة عاجلة وحان الوقت للتجاوب مع المبادرة العربية
أقول للأهل في غزة: سنظل بجانبكم ولن نهدأ حتي تنسحب إسرائيل ويرفع الحصار
وأقول لإسرائيل: أمنكم يتحقق بالسلام وليس بالطائرات والدبابات
ننحاز في نهاية المطاف لهويتنا العربية وأهدافنا الواحدة

أكد الرئيس حسني مبارك حاجة العرب إلي وقفة صدق ومصارحة مع النفس تتمعن في أحوال العالم العربي وتجتهد للالتقاء علي كلمة سواء.. وقال: إن مأساة غزة جاءت كاشفة للوضع العربي الراهن. وأن العلاقات العربية ليست في أحسن أحوالها. فالعلاقات بين الأخوة الأشقاء لابد أن تقوم علي الوضوح والمصارحة وتطابق الأقوال والأفعال.
ونبه الرئيس مبارك في كلمته أمام القمة العربية الاقتصادية بالكويت أمس إلي أن العالم العربي يجتاز مرحلة عصيبة.. ويتعرض لمخاطر وتحديات عديدة ما بين العدوان الإسرائيلي علي غزة وتداعياته. والانقسام الحادث علي الساحة الفلسطينية وعواقبه. وما تشهده الساحة العربية من تشرذم ومزايدات ومحاور وما يتنازعها من محاولات تأتي من داخلها وخارجها للعب الأدوار وبسط النفوذ.. تتاجر بمعاناة الشعب الفلسطيني وقضيته.. تستخف بأرواح شهدائه ودماء أبنائه.. وتمعن في شق الصف العربي وإضعافه.
أضاف أن مأساة غزة هزت ضمير العالم بما أوقعه عدوان إسرائيل من شهداء وضحايا. وما أدي إليه من تدمير واسع النطاق للبنية الأساسية ومقومات الحياة.. وكشفت الكثير من أوجاع العالم العربي وتناقضاته.. وأوضحت انقسامه واختراقه وتشتته.. في الوقت الذي كان ينبغي علينا الوقوف إلي جانب غزة بمواقف جادة تعي خطورة العدوان وشراسته وتسعي لإيقافه واحتواء تداعياته الإنسانية بعيدا عن المزايدة والشعارات الجوفاء.
فيما يلي نص كلمة الرئيس:
صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح..
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة..
السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية..
الإخوة والأخوات..
أعبر عن الشكر والتقدير لأخي سمو أمير دولة الكويت وشعبه الشقيق. لاستضافة هذه القمة الاقتصادية الهامة.. متطلعا لأن تسهم في تحقيق ما نصبو إليه لبلادنا وشعوبنا وأمتنا.. تلك هي القمة العربية الأولي لتناول قضايا الاقتصاد والتنمية.. وما يتصل بها من أبعاد اجتماعية.. وهي قضايا بالغة الأهمية تتصل في مجملها بحاضر عالمنا العربي ومستقبله.
تنعقد هذه القمة وسط أزمة عالمية حادة يجتازها اقتصاد العالم. دخلت به مرحلة ركود. تهدد ما حققناه من انجازات النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.. لا تفرق بين دول غنية أو فقيرة.. وتحمل أوقاتا صعبة وتداعيات خطرة لمنطقتنا.. ولغيرنا علي اتساع العالم.
كما تنعقد هذه القمة.. وعالمنا العربي يجتاز مرحلة عصيبة.. ويتعرض لمخاطر وتحديات عديدة.. ما بين العدوان الإسرائيلي علي غزة وتداعياته. والانقسام الحادث علي الساحة الفلسطينية وعواقبه. وما تشهده الساحة العربية من تشرذم ومزايدات ومحاور وما يتنازعها من محاولات تأتي من داخلها وخارجها للعب الأدوار وبسط النفوذ.. تتاجر بمعاناة الشعب الفلسطيني وقضيته.. تستخف بأرواح شهدائه ودماء أبنائه.. وتمعن في شق الصف العربي وإضعافه.
لقد هزت مأساة غزة ضمير العالم.. بما أوقعه عدوان إسرائيل من شهداء وضحايا. وما أدي إليه من تدمير واسع النطاق للبنية الأساسية ومقومات الحياة.
امتحنت هذه المأساة عملنا العربي المشترك.. فكشفت الكثير من أوجاعه وتناقضاته ومعايبه.. وأوضحت للأسف انقسام عالمنا العربي واختراقه وتشتته.
كان منطق الأمور يملي علينا الوقوف إلي جانب غزة بمواقف جادة.. تعي خطورة العدوان وشراسته.. وتسعي لإيقافه واحتواء تداعياته الإنسانية بعيدا عن المزايدة والشعارات الجوفاء.
كنت متطلعا لأن تتكامل جهودنا.. ولأن نلتف معا حول موقف عربي واحد يعلي مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته فوق مصالح الفصائل.. يضع أولوية وقف العدوان وحقن الدماء.. فوق الخلافات العربية والمصالح الضيقة.. وينأي عن حملات التشهير والتخوين.
لقد رعت مصر في القضية الفلسطينية عبر ستين عاما بمسئولية وأمانة وبدور يسعي إليها بما لها من قدر ومكانة. وبما تمتلكه من قدرات وإمكانات.. دور يتحدث عن نفسه. يسعي إليها ولا تسعي إليه كحال من يتطلع للعب الأدوار.
من المؤسف أن يعمل البعض علي تقسيم العرب بين "دول الاعتدال" و"دول الممانعة" كأننا لا نتعلم من أخطاء الماضي ودروس التاريخ القريب.. وكأننا نعود بالعالم العربي ثلاثين عاما إلي الوراء.. هل هي عودة ل "جبهة الرفض" خلال سبعينيات القرن الماضي؟ أولم نعتمد معا وبالاجماع في بيروت مبادرة عربية للسلام العادل والشامل؟
ومن المؤسف أن نسمح باستغلال مأساة غزة لاختراق عالمنا العربي بقوي من خارجه. تتطلع للهيمنة وبسط النفوذ وتتاجر بأرواح الفلسطينيين ودمائهم.
وعلي أية حال فإن مصر كعهدها تترفع دوما عن الصغائر ولا تخضع أبدا للابتزاز. وأحمد الله أنني آتي إلي هذه القمة. وقد تمكنت مصر من التوصل لاتفاق يحقن دماء الفلسطينيين. يوقف إطلاق النار يفتح الطريق لانسحاب القوات الإسرائيلية. واستعادة التهدئة في غزة. وفتح معابرها ورفع حصارها.
الإخوة والأخوات:
نعم لقد جاءت مأساة غزة كاشفة للوضع العربي الراهن وعلينا أن نعترف بالحاجة لوقفة صدق ومصالحة مع النفس تتمعن في أحوال عالمنا العربي ونجتهد للالتقاء علي كلمة سواء.
إن العلاقات العربية العربية ليست في أحسن أحوالها. والعلاقات بين الإخوة الأشقاء لابد أن تقوم علي الوضوح والمصارحة. وتطابق الأقوال والأفعال.. لا مجال في هذه العلاقات للالتواء والتطاول ولا مجال للتخوين وسوء القول والفعل والتصرف. وكأننا نعود بعالمنا العربي إلي الوراء بدلا من أن ندفع به معا إلي الأمام.
لقد كان الموقف المصري قويا وواضحا منذ اليوم الأول للعدوان علي غزة برغم مغالطات البعض وتجاهلهم لحقائق معروفة وأخري غائبة.
تعلمون جميعا الجهود التي بذلتها مصر لتمديد التهدئة وتحذيرها من أن رفض الفصائل لتمديدها هو دعوة مفتوحة لإسرائيل للعدوان. بل والإدعاء بأن عدوانها حرب دفاعية لحماية مواطنيها من صواريخ المقاومة.
كما تعلمون جميعا. ما بذلته مصر لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني.. وتدخل البعض بضغوط نعلمها لاجهاض جهودنا.. تكريسا للانقسام الراهن.. وسعيا للنيل من شرعية السلطة الفلسطينية. ومنحها للفصائل.
لقد استمر اللغط حول فتح معبر رفح بالتجاهل لحقيقة أنني أمرت بفتحه منذ اليوم الأول للعدوان.. ولايزال مفتوحا أمام المساعدات والأطقم الطبية والجرحي حتي هذه اللحظة.. وتواصل هذا اللغط بالتغافل عن حقيقة أن المعبر لم يكن ضمن خطة "شارون" للانسحاب من غزة وأنني كنت من تمسك بإقامة معبر رفح ليكون منفذا للقطاع من مصر وإليها إلي جانب المعابر الستة الأخري بين غزة وإسرائيل.
وعلي عكس ما غاب عن البعض.. فقد كان حاضرا في وعي مصر وتحركها.. ما تروج له إسرائيل من أن غزة أرض محررة.. تنصلا من مسئوليتها القانونية والسياسية عن القطاع باعتباره أرضا محتلة.. وهو ما يجب أن يستدعي لأذهاننا ترويج إسرائيل لمقولة "غزة أولاً".. ولمفهوم "الخيار الأردني".. وكلاهما بالنسبة لمصر ولنا جميعا أراضي محتلة.. تقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقلة.. طال الوقت أو قصر.
لقد حاول البعض أن يضع مصر في مواجهة مع المقاومة.. وأقول لهؤلاء إن "منظمة التحرير الفلسطينية" انطلقت من القاهرة.. ودعمت مصر رموزها وفصائلها عبر سنوات طويلة.. إننا ندعم حق الشعوب في مقاومة الاحتلال.. ونحترم إرادة المقاومة الفلسطينية وصمودها.. لكننا نؤمن أن المقاومة كقرار الحرب لابد أن تخضع لحساب الأرباح والخسائر. ولابد أن تكون مسئولة أمام شعوبها.. تحكم لها أو عليها.. بقدر ما تحققه من مكاسب لقضاياها.. أو تتسبب فيه من ضحايا وآلام ومعاناة.
هناك من فصائل المقاومة.. من يعترف بأن ميزان القوي الدولي الراهن ينحاز انحيازا واضحا لإسرائيل ويدعون للانتظار لحين بزوغ نظام دولي أكثر عدالة.. حتي لو استغرق ذلك عقودا طويلة. فهل يستقيم هذا المنطق؟ هل تحتمل معاناة الشعب الفلسطيني هذا الانتظار؟ وهل يستمر في الانتظار والاستيطان يقتطع الأراضي المحتلة يوما بعد يوم؟ وإلي متي نسمح بأن تظل القضية الفلسطينية قضية الفرص الضائعة؟
لقد رأينا منذ اليوم الأول للعدوان أن غزة لا تحتاج لبيانات الشجب والإدانة قدر احتياجها لتحرك عملي عاجل.. يوقف الاعتداءات الإسرائيلية ويحقن الدماء.. طرحت مصر المبادرة الوحيدة للخروج من الأزمة في غياب أية مبادرات أخري. وفي مواجهة مماطلة مجلس الأمن الدولي تحركت مصر لاحتواء التداعيات الإنسانية للأهل في غزة ودفعت بأكثر من 3000 طن من مساعدات الغذاء والدواء من معبري رفح والعوجة منذ بدء العدوان وحتي الآن.
إن علينا أن نحاذر من اختزال القضية الفلسطينية في غزة واختزال غزة في المعابر.. واختزال المعابر السبعة في معبر رفح.. إن القضية الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير.. انها قضية شعب يعاني منذ عام ..1948 يتطلع لانتهاء محنته والتخلص من الاحتلال وقيام دولته المستقلة.. وسيحكم التاريخ علي قادته وعلينا جميعا بقدر ما نقربه أو نبعده عن هذا التطلع المشروع.
سنبذل في ذلك كل جهد ممكن. فإن تحققت المصالحة فذلك هو الخير لشعب فلسطين وقضيته. وإن لم تتجاوب الفصائل مع جهودنا فسنقول لهم إن الله يساعد الذين يساعدون أنفسهم.. وإن مصر ستبقي مفتوحة الذراعين لكم باباً وملاذاً وجهوداً صادقة وفاعلة.
الإخوة والقادة العرب:
إنني أحيي صمود الشعب الفلسطيني في غزة واحتسب عند الله أرواح شهدائه.. وأقول للأهل في القطاع إن مصر ستظل بجانبكم في محنتكم. لن نهدأ حتي تنسحب قوات إسرائيل ويعاد فتح المعابر ويرفع الحصار.. سنواصل فتح معبر رفح أمام جرحاكم وأمام مساعدات الإغاثة.. وسندعو لمؤتمر دولي لإعادة إعمار ما دمره العدوان.
أقول لإسرائيل إن غطرسة القوة لن تقهر المقاومة.. ولن تفرض الخضوع علي شعب فلسطين. أقول لقادتها إن أمن شعبكم يتحقق بالسلام وليس بالطائرات والدبابات.. وأقول لهم إن القضية الفلسطينية سوف تنتصر في النهاية.. وأن الاحتلال مصيره إلي زوال.
وأقول للمجتمع الدولي والقوي الكبري علي وجه الخصوص. إن عملية السلام ظلت تراوح مكانها سنوات طويلة.. وان عليهم تحمل مسئوليتهم في إنهاء الاحتلال علي نحو جاد دون إبطاء.. أقول لهم إن العرب طلاب سلام عادل وشامل. يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة ويحرر كافة الأراضي العربيةالمحتلة.. أقول إن سلام الشرق الأوسط ضرورة عاجلة لا تحتمل الانتظار. وأن تأخر السلام يزيد مشاعر كراهية شعوبنا تجاه إسرائيل ومشاعر الغضب تجاه من يتحدثون عن السلام ولا يقرنون الأقوال بالأفعال.. وأقول لهم إننا قد طرحنا "مبادرة عربية" للسلام منذ قرابة السبع سنوات.. وحان الوقت لأن يتم التجاوب والتعامل معها.. وأن تؤخذ من جانب إسرائيل والقوي الدولية الكبري علي محمل الجد.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة:
لقد احتضنت مصر قضايا أمتها ولاتزال بصدق وتجرد ودعمت العمل العربي المشترك علي كافة أصعدته ومحاوره.. وسوف تظل.
إنني اتي إلي هذه القمة موقنا بأن الوضع العربي الراهن بانقسامه وخلافاته ومحاوره.. لابد أن يتغير.. واثقا أن الخلافات العربية أيا كانت لا تستعصي علي الحل بالجهود المخلصة والعزيمة الصادقة. فهي في النهاية خلافات بين أشقاء.
وكعهد مصر مع أشقائها عبر عقود طويلة فإنها ستبذل أقصي طاقتها لرأب الصدع العربي الراهن. ولتضع نهاية للخلافات العربية القائمة. كي نلتقي جميعا حول ما يجمعنا لا يفرق شملنا.
وإنني علي يقين من أننا سوف ننحاز في نهاية المطاف لهويتنا العربية وأهدافنا الواحدة ومصالحنا المشتركة ويظل اقتناعي أكيدا بأنه لا يصح إلا الصحيح. وبأن مستقبل عالمنا العربي وتضامنه سيكون بعون الله وتوفيقه أفضل مما هو عليه الآن.
أتوجه مجددا بالتحية والتقدير لأخي سمو أمير دولة الكويت. وأتمني أن تكون هذه القمة فاتحة خير. تضع عملنا العربي المشترك علي مسار جديد وتخطو به خطوات إلي الأمام.

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 207 مشاهدة
نشرت فى 19 يناير 2009 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,073