تابعت المؤتمر الصحفي الذي عقده حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية عقب قمة الدوحة التشاورية التي لم يكتمل نصابها القانوني وتحولت إلي قمة بمن حضر.
رئيس الوزراء القطري جلس بمفرده يرد علي أسئلة الصحفيين باعتباره هو الحاكم الحقيقي لقطر. وأيضا لأنه الرأس المدبر للاجتماع الذي تم في الدوحة لاعتماد خالد مشعل متحدثاً باسم فلسطين.. سأله صحفي لماذا لم يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟ وأجاب حمد بن جاسم بما فضحه وفضح قمته!! وقبل أن أحلل مغزي الإجابة يهمني القول إن الإنسان الذي يحاول ارتداء ثوب أكبر منه أو شغل مقعد ليس مؤهلاً له. فإنه تصدر منه تلقائيا أفعال وأقوال تختزنها ذاكرته وينطق بها لسانه للتدليل علي أحقيته بالمكانة التي يسعي إليها.. هذه اللحظة الكاشفة والعفوية تعيد هذا الإنسان إلي مكانه الحقيقي. وتخسف به الأرض بدلاً من أن يصعد لمكانة يحاول التشبث بها.
قال حمد بن جاسم اتصلت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وقلت له إنه لابد أن يحضر لأن شعبه يذبح وهو مسئول عن شعبه ورد عليه أبو مازن قائلاً إنه سأل عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية فقال له إنه ليس هناك قمة.. هنا رد عليه حمد بن جاسم قائلاً ولماذا لم تتصل بي أنا؟
الرئيس الفلسطيني لجأ للطريق الشرعي وهو عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية الذي لابد أن يعرف إن كان هناك قمة أم لا. فقال له إنه ليست هناك قمة ولن يذهب للدوحة! هنا سأله حمد ولماذا لم تتصل بي أنا؟ ولابد أن الرئيس الفلسطيني سأل نفسه ما هي صفة حمد بن جاسم؟ هل لأنه الداعي؟ وهل عندما تدعو دولة لقمة عربية فإنها تلغي الأمانة العامة والآلية التي تتطلب وجود تنسيق لإصدار القرارات واعتمادها ومتابعة تنفيذها!! فقطر لا يمكن أن تعقد اجتماعاً برئاسة إيران ثم تلزم الدول العربية بقراراتها.. جهل سياسي مطلق لمشيخة قطر!!
المهم أن المناقشة بين أبو مازن وحمد علي حسب زعم الأخير استمرت وقال عباس إن الإسرائيليين لن يمنحوه تصريحاً بالخروج.. هنا ظهرت "الفضيحة" التلقائية والتي تدل أيضا علي بلاهة سياسية.. قال حمد له ياسيدي "أنا أجيب لك تصريح"!!! إذن العلاقة بين قطر وإسرائيل قوية ومتينة لدرجة تسمح له باستثناء الرئيس الفلسطيني من القواعد التي يطبقها الاحتلال.. وربما كان هناك تنسيق أيضا بين الدوحة وتل أبيب لتكريس الانقسام العربي بعد حضور أبو مازن واشتباكه أو تلاسنه مع مشعل ثم انسحابه من الاجتماع.. لكن عباس كان حصيفاً.
"نجيب لك تصريح" جملة نسفت قمة الدوحة علي لسان صاحبها.. فلن يصدق أحد بعد الآن أنكم ستقطعون العلاقات مع إسرائيل.. كيف تضحون بعلاقة وثيقة كهذه وهي التي لا مؤاخذة تعطي لكم قيمة.. ما هذه الازدواجية؟ تعترف أن لك نفوذاً عند إسرائيل ثم تزعم أنك "جمدت" العلاقات معها؟.. لم تقطع العلاقات ولم تغلق المكتب التجاري الإسرائيلي الذي يتولي بيع البترول والغاز القطري وينسق مع رجال الأعمال الإسرائيليين أصحاب الاستثمارات الضخمة في قطر.. قطع العلاقات "الحقيقي" لا يحتاج قمة ياشيخ!!
قمتكم ياشيخ حمد لم تكن سوي بيع الوهم للعرب.. في نفس التوقيت كانت ليفني ورايس توقعان اتفاقية في أمريكا لضمان عدم تهريب الأسلحة عبر المعابر لغزة.. للأسف حماس خنقت نفسها وأضعفت المقاومة.. الاتفاق الأمني بين إسرائيل وأمريكا يعني البدء في الشروع النهائي لوقف إطلاق النار الذي جاء وفقاًً للمبادرة المصرية التي تحولت لآلية لقرار مجلس الأمن والذي صدر بتنسيق مصري سعودي.
للأسف سقطتم من عيني وأنتم توافقون علي ما قاله مشعل في اجتماعكم وهو أن الألم والأذي في غزة عابر! استرخصتم الدم الفلسطيني لتحققوا ترسيخ سلطة حماس وخالد مشعل. ولينتصر المحور الإيراني السوري القطري انتصاراً وهمياً لأنه لم يقدم شيئاً سوي المتاجرة بدماء الشهداء وأنات الجرحي.. أمعنتم في شق الصف الفلسطيني لأنكم "تغيرون" من مصر والسعودية.. ياسادة.. "المشايخ" لا تتنافس مع الدول في أي شيء