خيبر منطقة واسعة ذات حصون وقلاع قوية‏,‏ وأراض ومزارع خصبة‏,‏ وكانت تبعد عن المدينة باثنين وثلاثين فرسخا‏,‏ وعدد سكانها يقتربون من عشرين الفا‏,‏ وكانت تمول المشركين وتحرضهم علي قتال المسلمين وإبادتهم ولذلك وعد الله نبيه محمد صلي الله عليه وسلم بفتحها وهو بالحديبية بقوله تعالي‏:‏

(‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏)‏ يعني‏:‏ صلح الحديبية‏,‏ وبالمغانم الكثيرة‏:‏ فتح خيبر‏.‏

خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان معه ألف وأربعمائة راجل ومائتا فرس‏,‏ وذلك بعد أن استعمل علي المدينة سباع بن عرفطة الغفاري‏,‏ وقيل‏:‏ أبا ذر‏,‏ وقيل‏:‏ نميلة بن عبدالله الليثي‏.‏

ولما دخلوا منطقة خيبر‏,‏ صلي بهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فيها صلاة الصبح وركب وركب المسلمون‏,‏ واصبح اليهود وفتحوا حصونهم وغدوا إلي أعمالهم كعادتهم في كل يوم‏,‏ فإذا بهم يفاجأون بمحاصرة رسول الله صلي الله عليه وسلم واصحابه منطقتهم واحتلال كل المواضع الحساسة وسد الطرق عليهم‏,‏ فرجعوا نحو حصونهم هاربين وهم يقولون‏:‏ محمد والله وجيشه‏,‏ ودخلوا حصونهم وأغلقوها بإحكام‏.‏

ولما دخل اليهود حصونهم وأحكموا إغلاقها‏,‏ عقدوا مؤتمرا طارئا يبحثون فيه مستجدات الوضع الراهن‏,‏ ويدرسون كيفية مواجهتهم للخطر المحدق بهم ـ حسب نظرهم ـ فاتفقوا أخيرا علي المواجهة المسلحة‏,‏ وذلك بأن يجعلوا النساء والاطفال في أحد حصونهم السبعة‏,‏ ويجعلوا ما يحتاجون اليه من الطعام في حصن آخر‏,‏ ويستقر المقاتلون علي الأبراج ويدافعوا عن كل حصن من حصونهم برمي النبال والأحجار كل من يقترب اليها‏,‏ ويخرج صناديدهم خارج الحصن لمقاتلة المسلمين‏.‏

فاستطاعوا أن يبقوا في حصونهم ويقاوموا حصار المسلمين لهم ما يقارب من شهر واحد‏,‏ وكلما حاول المسلمون الاقتراب من حصونهم رموهم من علي إبراجهم بالنبال والحجارة حتي قتل بعض المسلمين وجرح آخرون‏.‏

أخذ المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها‏,‏ فلما كان ذات يوم‏,‏ فتح اليهود الباب وكانوا قد خندقوا علي انفسهم خندقا وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب‏.‏

فدعا رسول الله صلي الله عليه وسلم أحد الصحابة وقال له‏:‏ خذ الراية‏,‏ فأخذها فما أن عاد يجبن أصحابه ويجبنونه‏.‏ وفي الغد أخذ الراية صحابي آخر وسار بها غير بعيد ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه‏.‏

فغضب رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال‏:‏ ما بال أقوام يرجعون منهزمين يجبنون أصحابهم؟ أما لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله‏,‏ ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار‏,‏ لا يرجع حتي يفتح الله علي يديه‏).‏

فبات الناس ليلتهم يتساءلون أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يعطاها‏.‏

فقال صلي الله عليه وسلم‏:‏ أين علي بن أبي طالب؟
فقالوا يا رسول الله هو يشتكي عينيه‏.‏

قال صلي الله عليه وسلم‏:‏ فأرسلوا اليه‏,‏ فأتي‏,‏ فبصق رسول في عينيه ودعا له وكان في دعائه له‏:‏
اللهم قه الحر والبرد‏).‏
فبرأ علي حتي كأن لم يكن به وجع‏,‏ ولم يشتك حرا ولا بردا‏,‏ ثم أعطاه الراية‏,‏ وكانت راية بيضاء وقال له‏:(‏ خذ الراية وامض بها فجبرئيل معك‏,‏ والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم‏,‏ وأعلم يا علي انهم يجدون في كتابهم ان الذي يدمر عليهم اسمه ايليا‏,‏ فإذا لقيتهم فقل‏:‏ أنا علي‏,‏ فإنهم يخذلون إن شاء الله تعالي‏).‏

فقال علي‏:‏ يا رسول الله اقاتلهم حتي يكونوا مثلنا‏.‏

قال صلي الله عليه وسلم‏:‏ انفذ علي رسلك حتي تنزل بساحتهم‏,‏ ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه‏,‏ فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس‏,‏ وفي رواية‏:‏ خير لك من حمر النعم‏,‏ فإن أبوا ذلك فالجزية‏,‏ وإن أبوا ذلك أيضا فالحرب‏,‏ فإن اختاروا الحرب فحاربهم‏.‏

فخرج علي بالراية يهرول هرولة حتي ركزها قريبا من الحصن‏,‏ فاستقبله حماة اليهود‏,‏فدعاهم إلي الإسلام فأبوا‏,‏ ثم دعاهم إلي الذمة فأبوا إلا الحرب‏,‏ وخرج اليه ملكهم مرحب بسيفه‏,‏ فضربه علي ضربة سقط منها لوجهه‏,‏ وانهزم اليهود يقولون‏:‏ قتل مرحب‏,‏ قتل مرحب‏,‏ ودخلوا حصونهم وأغلقوا باب الحصن عليهم دونه‏

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 313 مشاهدة
نشرت فى 16 يناير 2009 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,051