كما قلنا في الأسابيع الماضية‏..‏ فإن الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلي المدينة كانت خيرا وبركة علي الإسلام والمسلمين‏..‏ وبها أسس النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أول مجتمع إسلامي وكان بالفعل نواة دولة الإسلام الأولي والتي تحمل كل مقومات الدولة العصرية‏..‏

وبالهجرة أيضا‏..‏ انتشرت الدعوة وتجمع حول الرسول ومعه الألوف ممن دخلوا في الإسلام الأمر الذي جعل النبي صلي الله عليه وسلم يطمئن إلي المسيرة التي يباركها الله ويرعاها ويحميها‏..‏ وحين وصل إلي هذه الدرجة من الاطمئنان والثقة في ربه وفي جنوده رأي أن الوقت قد حان للعودة إلي الوطن الذي خرج منه وأصحابه عنوة والذي يذوب فيه شوقا كمهبط للوحي ومقر لمقدسات الإسلام كالبيت الحرام والكعبة المشرفة وعرفة ومقام ابراهيم وغيرها مما تضمه الأرض الطيبة‏.‏

هكذا دخل المسلمون مكة بقيادة نبيهم صلي الله عليه وسلم في يوم العشرين من رمضان بالعام الثامن من الهجرة‏..‏ وتم هذا الفتح في سلام وإن حدثت بعض المناوشات البسيطة التي لم تعكر صفو هذه العودة المنتصرة‏..‏ حيث أمر النبي صلي الله عليه وسلم قادة جيشه أن يدخلوا مكة بألويتهم من جهات مختلفة ثم دخلها عليه الصلاة والسلام راكبا ناقته القصواء وطاف بالكعبة سبعا فوق راحلته ثم فتحت له الكعبة فتوقف علي بابها موحدا ربه‏,‏ شاكرا له‏:‏ لا إله إلا الله وحده لاشريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم التفت إلي قريش وخاطبهم قائلا‏:‏ يا معشر قريش‏,‏ ماترون أني فاعل بكم؟ قالوا‏:‏ خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ اذهبوا فأنتم الطلقاء‏.‏

بعدها جاء أمر النبي لبلال أن يؤذن فدوي صوته بذكر الله عاليا في أرجاء مكة وفي أثناء طوافه عليه الصلاة والسلام بالكعبة كان يشير إلي الأصنام فوقها بقضيب في يده قائلا جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فتساقطت الاصنام واحدا تلو الآخر وتطهرت الكعبة من هذه الحجارة التي لا تضر ولا تنفع والتي توجه لها بالعبادة سادة قريش أصحاب البلاغة والفصاحة والذين لم يسألوا أنفسهم يوما‏..‏ ما معني أن يخضع البشر العاقل الفاعل إلي حجر أصم لا يسمع ولا يري ولا يتكلم ولا يملك من أمره شيئا بل انه لم يصنع نفسه وانما صنعه من توجه له بالعبادة والتقديس‏..‏ فياله من تسامح‏..‏ هذا الذي استقبل به النبي صلي الله عليه وسلم أهل مكة الذين آذوه وطاردوه حتي أذن له ربه بالهجرة إلي المدينة‏..‏ ها هو اليوم في فتح مكة يدخل فاتحا منتصرا ولكن في تواضع جم‏..‏ فلا يلهيه النصر عن السجود لله شكرا ولا يدفعه للانتقام ممن عذبوه واتباعه ولكنه خاطبهم بلغة الحب والتسامح والرحمة التي لا يعرف غيرها لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء انه محمد الرسالة والرسول والانسان والفارس النبيل وهو الهادي والبشير وقد أدبه ربه فأحسن تأديبه‏..‏ وقد ترك صلي الله عليه وسلم أثره في النفوس فدخلت قريش في الإسلام أفواجا‏..‏

وخاطب الله نبيه صلي الله عليه وسلم مبشرا له ومذكرا بنعمه‏:‏ إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏.‏ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا‏.‏ ويعتبر فتح مكة الذي كان من الآثار المهمة للهجرة النبوية الشريفة‏..‏ يعتبر هذا الفتح المبين نهاية العداوة والمنافسة التي كانت بين مكة والمدينة ليحل محلها الاخاء والألفة والصفاء والوحدة في الهدف والصف بين أبناء الدولة الإسلامية الوليدة‏..‏ وقد أقام النبي صلي الله عليه وسلم في مكة خمس عشرة ليلة كان يقصر فيها الصلاة وظن الأنصار أهل المدينة المنورة أن النبي سيبقي بمكة حيث أهله وعشيرته ولن يعود معهم‏,‏ لكنه عليه الصلاة والسلام قرأ ما في نفوسهم فطمأنهم وعاد معهم داعيا لهم بالخير وقد ارتفعت بهم راية الإسلام فوق مكة‏..‏ وبالأنصار والمهاجرين ارتفعت رايات الإسلام في مواطن كثيرة حتي غدت الجزيرة العربية وكأنها مسجد كبير تتردد في جنباته وفوق مآذنه صيحة الإسلام والمسلمين لا إله إلا الله‏.‏ محمد رسول الله ومازالت مسيرة الإسلام تتقدم ظافرة منتصرة تحمل في كل خطوة من خطواتها خير الإنسان وأمنه وسلامه في كل أرجاء الدنيا‏..‏ ولو كره الحاقدون‏

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 216 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2009 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,962