authentication required

بالهجرة من أرض الله الطاهرة مكة المكرمة‏,‏ الي أرض الله الطيبة المدينة المنورة ندرك بداهة أن مقر الدعوة للدين الجديد انتقل مع المهاجرين بقيادة نليهم ورسول الإنسانية محمد صلي الله عليه وسلم ليكون هذا الانتقال خيرا وبركة علي الدعوة والدعاة لها‏,‏ ليس في الجزيرة العربية فحسب وإنما عبر الأزمنة والأمكنة والي ما شاء الله‏..‏ وليكون الانتقال أيضا من أهم آثار الهجرة النبوية الشريفة حيث قامت دولة الإسلام الأولي وبدأت شرارة البداية في انتصار الرسالة والرسول‏.‏

في مكة‏..‏ قضي النبي صلي الله عليه وسلم ثلاثة وخمسين عاما‏..‏ شهدت الأربعون عاما الأولي منها مراحل الطفولة والصبا والشباب‏..‏ وهي مراحل عاشها محمد الإنسان ـ كم حدثتنا سيرته ـ شأنها شأن كل حياته نقيا‏,‏ طاهرا‏,‏ صادقا‏,‏ أمينا‏,‏ بعيدا عن اللهو والعبث والمجون‏,‏ مشاركا في الطيب من القول والحسن من السلوك والمثمر من الأعمال والأفعال في هذه الفترة‏..‏ مارس محمد رعي الغنم لأهله وعشيرته وكأنما أراد الله عز وجل أن يدربه علي القيادة ليكون راعيا لأمة ستولد علي يديه هي أمة الإسلام والتوحيد الخالص للإله الواحد الأحد‏..‏ كما مارس التجارة فكان صادقا صدوقا في تعاملاته ووعوده وعهوده‏,‏ وفيا بها‏,‏ حافظا للأمانات مؤديا لها‏..‏ ثم شاهدناه‏,‏ مع أعماله تلك‏,‏ متأملا في الحياة من حوله‏,‏ كونا وبشرا وحيوانا ونباتا وطيرا وجمادا‏..‏

وهداه تأمله الي أن هذا الكون علي اتساعه لا يمكن أن يكون موجودا بالصدفة‏,‏ بل إن وراء هذا الخلق والابداع العظيم خالقا اعظم وقوة أكبر وإلها واحدا قادرا مريدا‏..‏ اليه يرجع الأمر كله‏..‏ وخرج بنتيجة مقنعة هي أن ما يري قومه عليه من عبادة الصنم والوثن والاتجاه بالتقديس الي هذه الحجارة ما هو إلا الضلال المبين‏,‏ البعيد عن الرشد واستقامة العقل والسلوك‏..‏ وقد انتهت فترة الأربعين عاما الأولي من عمره صلي الله عليه وسلم بأن وضع يده علي الحقيقة فأدرك أن للكون إلها‏..‏ وهنا باركت العناية الإلهية إدراكه وعاش الحقيقة المطلقة حيث نزل عليه جبريل عليه السلام في غار حراء ليبشره بأن الله اختاره نبيا رسولا الي الناس جميعا وداعيا الي الله بإذنه ومبشرا ونذيرا‏.‏

هنا بدأت الفترة الثانية في مكة من سن الأربعين الي الثالثة والخمسين من عمره صلي الله عليه وسلم والتي استغرقت ثلاثة عشر عاما قضاها في الدعوة الي الله تعالي سرا ثم ما لبث أن جهر بها مواجها التحديات وطواغيت الكفر والمتاريس البشرية التي وقفت في طريقه واعترضت المؤمنين به وكالت لهم العذاب أشكالا وألوانا‏,‏ ولم يجد النبي مفرا من أن يدعو أصحابه الي الانتقال الي الحبشة في هجرتين متعاقبتين‏,‏ ثم ما لبث عليه الصلاة والسلام أن هاجر هو الآخر الي المدينة المنورة بعد أن تآمروا عليه بليل ليتخلصوا منه‏..‏ وبذلك يكون النبي قضي ثلاث عشرة سنتة بعد الأربعين في مكة أما في المدينة التي انتقل اليها مهاجرا بدينه وبأتباعه فقد مكث عشر سنين استطاع فيها أن يواصل مسيرته حتي بني أول مجتمع إسلامي زاده التقوي والعدل والاخاء الإنساني‏.‏

في المدينة المنورة‏..‏ المقر الجديد للدعوة وجد النبي صلي الله عليه وسلم في انتظاره استقبالا مبهجا‏,‏ ودودا‏,‏ محبا‏,‏ مسلما قلبه ووجدانه وعقله لله عز وجل ولنبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم‏..‏ وكان أول عمل له بناء أول مسجد في الإسلام قباء‏,‏ ثم وحد بين القبيلتين الرئيسيتين في المدينة الأوس والخزرج وأنهي ما بينهما من عداء الجاهلية وأطلق عليهما الأنصار ثم آخي بين الأنصار من أهل المدينة وبين المهاجرين من مكة إخاء ينفرد به الإسلام ولا تعرف الدنيا له مثيلا‏.‏ بالاضافة الي ذلك استمر صلي الله عليه وسلم في ترتيب البيت من الداخل فعقد عهدا وميثاقا بين المسلمين وغير المسلمين استهدف منه أن يعيش الجميع في رحاب الدولة الإسلامية الجديدة في أمن واستقرار بحرية الرأي والتعبير والفكر والعبادة والاعتقاد وأنهم سواسية لا فرق بين سيد ومسود أو مسلم وغير مسلم‏..‏ كلهم تحت ظلال قول الله عز وجل يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وتحت ظلال قول نبيه الكريم صلي الله عليه وسلم كلكم لآدم وآدم من تراب‏.‏

واستمرت مسيرة الإسلام في طريقها تنشر نورها وعدلها‏..‏ حتي بدأت تواجهها رياح المتآمرين من اليهود والمنافقين والمشركين‏..‏ ولم يكن أمام المسلمين خيار سوي مواجهة هذه المؤامرات وردع المعتدين في المدينة وفي مكة‏..‏ حتي تحقق النصر لرسوله وأتباعه وأتم الله عليه نعمته وعاد الي وطنه مكة فاتحا متسامحا مع الذين أخرجوه بالأمس وما لبثوا أمام سماحة النبي ورسالته أن أسلموا وجههم لله وانقلبوا بنعمة من الله وفضل حتي أصبحوا خير جنود الإسلام ورسل حضارته في الجزيرة العربية وخارجها في أنحاء العالم وبالهجرة وما أعقبها من نضال جمع محمد صلي الله عليه وسلم قبل انتقاله للرفيق الأعلي كلمة العرب علي الإسلام وخلق منهم أمة واحدة هي خير أمة أخرجت للناس بنص القرآن‏,‏ وكان فضل محمد الرسالة والرسول‏,‏ علي العرب والمسلمين والمنصفين من غير المسلمين‏,‏ عظيما‏,‏ وعلي حد تعبير جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب‏:‏ إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد صلي الله عليه وسلم من أعظم من عرفهم التاريخ‏.‏ كل عام وأنتم في أطيب حال‏.‏

  • Currently 64/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 164 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2009 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,151