مترو مصر الجديدة

مترو مصر الجديدة اسم قد يعرفه الكثيرون وقد لا يألفه البعض خاصة من سكان المحافظات الأخرى البعيدة رغم أنه واحد من أقدم وسائل المواصلات العامة في القاهرة وتحديداً لخدمة حي مصر الجديدة أو ضاحية مصر الجديدة كما كان يطلق عليها من قبل..

ومصر الجديدة واحد من أهم وأرقى أحياء القاهرة والتي أنشأها رجل الأعمال البلجيكي البارون إنبان قبل ما يزيد على المائة عام والتي أقامها وسط الصحراء لتكون في بداية الامتداد العمراني للعاصمة ولأن رجال زمان كانوا يجيدون التخطيط ولديهم عقول نيرة وضمائر مستيقظة فلم يكتف الرجل ببناء حي وسط الصحراء دون أن يربطه بوسط القاهرة فكان هذا الربط عن طريق خطوط المترو والتي كانت منذ أنشئت.. ذات شكل أنيق.. ونظيفة.. وتحمل نوافذها بريقا مميزا.. ولها مقاعد جميلة ونظيفة..

أما الآن وبعد أن عرف الفساد طريقه لكل شيء في حياتنا وبعد ظهور مترو الأنفاق إلى حياتنا فقد انقلب حال مترو مصر الجديدة 180 درجة وللأسوأ طبعا.. ويمكننا الآن أن نضم مترو مصر الجديدة إلى السكك الحديدية من حيث سوء الخدمة واحتياج كل فرد يركبه للتلفظ بالشهادة قبل أن يضع قدميه به..!!


ابواب المترو المخلعة

وأول ما قد يلفت نظرك في المترو الآن أن معظم أبواب المترو بلا زجاج وأن الأبواب لا تعمل وربما تظل مفتوحة والمترو متحرك وتغلق عند الوقوف..! وكذلك نوافذه التي لا يصلح تحريكها من مكانها أصلا، أما أطرف ما في المترو الآن فهو اهتزازاته التي تشعرك أنك تعاني من أشد زلازل الأرض قوة أو ربما تشعرك أنك في أحد أصعب ألعاب الملاهي وبلا حزام أمان!

بص وطل التقت "عم حسين" أحد سائقي مترو مصر الجديدة الذي يعمل في المترو منذ عام 1971 وعمره 59 عاما و9 أشهر والمتبقي له في عمله هو ثلاثة أشهر حتى يخرج للمعاش وقد فسر اهتزازات المترو الشديدة وهو سائر بقوله: حاجة وعمرها الافتراضي انتهى عايزها تعمل إيه.. عربات المترو لم تدخل عليها أي صيانة منذ نحو 18 عاما، كما لم يتم تغيير القضبان كاملة منذ أنشئت خطوط المترو وفقط تستبدل الأجزاء التالفة بأخرى نص عمر.. وكل ما في المترو حديد والحديد يستهلك وحديد المترو أكلته البارومة..المترو قديما كان أحسن حالاً من الآن عندما كان لا يزال تابعا لشركة ضاحية مصر الجديدة للإسكان والتعمير فقد كنا هيئة منفصلة وتتم صيانة المترو بشكل دوري ومميز حتى جاء عام 1991 وتم ضم هيئة مترو مصر الجديدة إلى هيئة النقل العام مع ضم خطوط الترام لنا وحينها أصابته يد الإهمال وفقد المترو الكثير من مميزاته..


البارون إمبان

ويكمل عم حيسن قائلا: مثلا لك أن تعرف أن مقدمة المترو (ويطلق عليها البمبة) كانت قديما مصنوعة من الحديد سمك 3 ملي أما اليوم فهي مصنوعة من الصاج سمك 1 ملي وأي إنسان يمكنه ضربها بيده فتتهشم!

سألت عم حسين.. قديما كنا نرى المترو أربع عربات وثلاثة الآن أصبح المترو عربتين فقط فما الذي حدث؟ يجيب: سوء الصيانة أدى إلى أن نأخذ من العربات الوسطى قطع غيار لعربات المقدمة ثم نكهن العربات الوسطى لعدم صلاحيتها وعندما نضطر قريبا للجوء لعربات المقدمة أيضا سينتهي المترو من الوجود تماماً.!

ويضيف: لك أن تعلم أن عدد قطارات المترو كان حتى السبعينيات 150 قطارا كلهم بثلاث عربات أو أربع. أما الآن فلا يزيد عدد القطارات العاملة على عشرين قطار على كل الخطوط والتي كانت سبعة خطوط قديماً ووصلت لأربعة خطوط حالياً.. وأحيانا بسبب تكرار الأعطال التي لا حيلة لنا فيها يصبح عدد القطارات 5 فقط يعملون على الأربعة خطوط! والخط الوحيد الذي يكون دوما بثلاث عربات هو خط الميرغني ..لأنه بيعدي قدام بيت الريس.. ولازم يبقى شكله حلو وكمان لازم يبقى شغال على الخط ده أفضل العربات!

لكن ألا تكفي إيرادات المترو لصيانتها؟ سؤال وجهناه لعم حسين الذي أجاب: وهو المترو بيدخل إيراد أصلا فمن بعد ما عدد العربات قل بالشكل ده عدد الركاب قل والمترو دلوقتي لا يدخل أكثر من 50 ألف جنيه في الشهر وهذا المبلغ لا يكفي نصف مرتبات العاملين بهيئة المترو .. يعني الحكومة بتصرف عليه من جيبها وحقيقي مش فاهم لماذا لا تتم خصخصة المترو حتى لو تذكرته زادت شوية بس يبقى أحسن من كده.. هي التذكرة أم ربع جنيه دي تعمل حاجة..؟! لكن كله كلام في كلام المسئولين مش عايزين يطورا خدمة المترو ده خالص ولو عايزين كانوا لجئوا للشركة البلجيكية التي أنشأته والتي على حد علمي عرضت على الحكومة المصرية تطويره بالفعل لكن الحكومة رفضت لارتفاع تكاليف التطوير..


نوافذ بلا زجاج

قلت وما المخاطر التي تهدد المترو الآن..؟؟ فقال أولها القضبان غير المنتظمة والتي إن لم أنتبه لها جيدا وأنا أقود لخرجت بالمترو عن القضبان فلا بد أن أهدئ تماماً عند الوصلات وعند الأماكن التي تكون فيها أسلاك الشبكة الكهربائية مرخية وهذا هو العيب الثاني حيث لو مررت بسرعة فيها فسوف تنقطع وإذا انقطعت ستؤدى إلى اشتعال المترو كله لا قدر الله.. أما ثالث عيب فهو المياه الجوفية والتي تؤدي إلى تآكل فلنكات القضبان والتي توجد بكثرة في منطقة سرايا القبة ولولا المكان الذي يعمل على شفط المياه والذي لا يتوقف أبداً لغرقت هذه المنقطة في المياه الجوفية.. أيضا هناك مشكلة أخرى وهي أن مترو مصر الجديدة ليس كمترو الأنفاق له طريقه المستقل بل إنه مثله مثل الأتوبيس تتعارض معه إشارات ومفارق ومعظم قطارات المترو لا توجد بها فرامل جيدة ولو سرنا بها سريعا قد لا نستطيع توقيف المترو وهو ما يعرضه للحوادث..

لذلك نسرع بالمترو في المسافة المغلقة المنحسرة بين رمسيس والدمرداش وللعلم قد تفاجئنا أمور تحتاج للتوقف السريع ولأن الفرامل لا تعمل بشكل جيد وفرامل الخطر لا تعمل أصلا فالحل دوما يكون في ضغط زر يجعل المترو يسير في الاتجاه العكسي وهو ما يؤدي إلى وقوفه! ولهذا نتنادر بيننا في العمل على أننا ننتوي إلغاء هيئة مترو مصر الجديدة ونعمل بدلا منها هيئة تكاتك مصر الجديدة!

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 541 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2008 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,113