في المؤتمر القومي للتعليم الثانوي قال الرئيس مبارك ان لدينا أعدادا متزايدة في كليات التجارة والحقوق والآداب.. يقابلها تراجع ما نحتاجه من خريجي الزراعة!! وأكد الرئيس ان هذه الفجوة تمثل تحديا رئيسيا علينا ان نواجهه لإصلاح منظومة التعليم.. ولأن مصر بلد زراعي في المقام الأول ولان التنمية الصناعية عادة تعتمد أيضا علي الزراعة فكان لابد من مناقشة أسباب عزوف الطلبة عن دراسة علوم الزراعة التي يطلق عليها علوم الحياة!! فواقع الحال في كليات الزراعة يقول ان الملتحقين بها عادة هم الحاصلون علي مجاميع ضعيفة لمجرد اللحاق بقطار الدراسة الجامعية!!
أسباب عديدة قدمها أساتذة الزراعة والطلبة والخبراء والمهتمون بتلك القضية منها صعوبة الدراسة في مقابل قلة فرص العمل ومزاحمة غير المتخصصين للخريجين في المتاح منها.. حتي ميزة تملك الخريج للأراضي المستصلحة فقدها بعد ان تقلصت المساحة من 50 فدانا إلي خمسة أفدنة واتيحت أيضا للجميع.
أسباب أخري خاصة بنقص المعامل والمشاتل وكل ما يتعلق بالدراسة العملية وانعدام فرص التدريب.
أما وسائل الجذب فهي تبدأ بضرورة صدور تشريع بعدم العمل في المهن الزراعية لغير دارسي الزراعة وذلك بترخيص مثل الأطباء والمهندسين والصيادلة ويتواكب مع ذلك توعية الطلبة وأسرهم بنوعية التخصصات المتميزة بتلك الكليات والتي يحتاجها بالفعل سوق العمل مثل الانتاج الحيواني ومزارع الأسماك والصناعات الغذائية.
يقول د.عبده السيد شحاتة عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس سابقا ان المشكلة الرئيسية هي ان سوق العمل حاليا أصبح مفتوحا وأي خريج يعمل في أي مهنة دون النظر للتخصص خاصة المهن الزراعية وجميع الأعمال المرتبطة بها لذلك تنتشر البطالة بين خريجي كليات الزراعة وبالتالي يدفع ذلك الطلبة للاحجام عن الالتحاق بها.
يضيف ان قلة الإقبال علي كليات الزراعة يتسبب في حدوث نقص في الاعداد المطلوبة من المهندسين الزراعيين وذلك طبقا لاحصائيات الجهاز المركزي للمحاسبات وحل هذه المشكلة يجب ان تقوم به نقابة الزراعيين باستصدار تشريع بعدم العمل بالمهن الزراعية لغير خريجي كليات الزراعة وان يكون ذلك بترخيص مثل الاطباء والمهندسين والصيادلة وغيرهم.. حتي نوفر فرص العمل أمام المهندس الزراعي وبالتالي يفيد التوازن بين عدد خريجي الزراعة وبين حاجة سوق العمل بجذب الطلبة للالتحاق بالزراعة خاصة ان مصر مثلها مثل دول العالم تعاني نقصا في الموارد الغذائية الزراعية وتحتاج للمتخصصين المؤهلين علميا لزيادة المحاصيل الزراعية.
نقص شديد
يؤكد د.سمير زاهر محمد أستاذ هندسة زراعية بجامعة الأزهر ان المشروعات الاستثمارية والشركات العاملة في مجال الزراعة في تزايد وتعاني بالفعل من نقص شديد في تخصصات زراعية معينة مثل المهندس الزراعي الذي يقوم بالتخطيط للبنية الأساسية من تصميمات لشبكات الري والآبار والطلمبات بالأراضي أو الاسطبلات أو تصميم الحدائق ومصانع المنتجات الزراعية ونباتات الزينة والبساتين وغيرها ورغم ذلك فهناك عزوف عن الالتحاق بكليات الزراعة بسبب عدم دراية الطلبة وأسرهم بنوعية التخصصات التي تضمها كليات الزراعة والتي يحتاج إليها سوق العمل وأيضا لعدم إعلان أصحاب المشروعات الاستثمارية عن الوظائف التي يحتاجون إليها مع وضع شرط بأن يكون لخريجي الزراعة فقط.. بالاضافة إلي اتجاه الطلبة للبحث عن كليات توفر لهم فرص عمل سهلة فهم لا يريدون ترك الحياة في المدينة والسفر لأماكن بعيدة حيث المزارع أو المصانع.
يوضح د.أسامة الحسيني أستاذ الانتاج الحيواني بزراعة القاهرة ان السبب الرئيسي في انتشار البطالة بين خريجي الزراعة هو ضعف مستواه ونقص الخبرة العملية لديهم رغم حاجة سوق العمل لدارس الزراعة حيث يكثر به المزارع سواء مزارع المحاصيل والفاكهة أو مزارع الأسماك ومصانع الأغذية وغيرها.
يري ان ضعف مستوي الخريجين يرجع لنقص الامكانيات العملية والمعملية نتيجة ضعف الميزانية المخصصة لهذه الكليات مما يؤدي إلي حرمان طلبة الزراعة من أكثر من 95% من نسبة التدريب حيث يحصلون علي 5% فقط للتدريب العملي فهذه الكليات محرومة من معامل التحاليل المختلفة للتربة والعلف والبكتريا والمبيدات التي تمثل النسبة الأكبر من دراسة الزراعة ويتم تدريسها لهم نظريا فقط.
يطالب بضرورة إعادة النظر في المواد التي تدرس لطلبة كليات الزراعة وتحديثها من حيث النوع والكم وطرق التدريس وان تتوسع الكليات في إنشاء المشاتل والصوب الزراعية مع إقامة مكاتب توظيف لتوزيع الخريجين بعد تدريبهم جيدا لتوفير فرص عمل لائقة لهم.
كليات القمة
يطالب د.محمد حسن عبدالجواد أستاذ مساعد بقسم الانتاج الحيواني بزراعة القاهرة بضرورة عودة المستوي الاجتماعي الذي كان يتميز به المهندس الزراعي وذلك بعودة كليات الزراعة ضمن كليات القمة في المراحل الأولي لمكتب التنسيق ويمكن ان يحدث ذلك باضافة العديد من المزايا لخريجي الزراعة لمواكبة تطلعات الشباب في الالتحاق بالكليات التي تضمن لهم وظيفة عقب التخرج مثل عقد اتفاقيات مع أصحاب المزارع والمصانع الخاصة لتدريب الفرقتين الثالثة والرابعة أثناء الدراسة تمهيدا لتوفير فرص عمل موضحا ان زراعة القاهرة تطبق منذ سنوات فكرة "مركز المهنة" وهي عبارة عن توفير معلومات عن سوق العمل واحتياجاته من التخصصات المختلفة لتكون حلقة ربط بين الخريجين وأصحاب الأعمال.
يعيب علي الجامعات الخاصة التي لها فروع في مناطق صحراوية عدم ادخالها الزراعة كتخصص بها خاصة تصدير وتسويق الحاصلات لتخريج خبراء تسويق تحتاج إليهم المشروعات الاستثمارية الكبري المقامة في تلك المناطق.
الدكتور محمد عبدالله مصيلحي الاستاذ بكلية الزراعة يؤكد ان عدم معرفة الطلبة بالأقسام التي تحويها كليات الزراعة أحد أسباب العزوف فالكثيرون يعتقدون انها كلية "فأس وفلاحة" في حين انها تضم أقساما عديدة منها الانتاج الحيواني والأغذية والبساتين والتسويق وغيرها وهي تخصصات مطلوبة في سوق العمل ويمكن من خلالها إنشاء مشروعات خاصة صغيرة.
تري د.فريال محمد رشاد أستاذ ميكروبيولوجي بزراعة القاهرة ان سبب عزوف الطلبة عن الالتحاق بكليات الزراعة هو صعوبة الدراسة بها مقارنة بالكليات النظرية والنتيجة ان كليات الزراعة تحصل علي دارسين بها من المرحلة الأخيرة للتنسيق وهم من أصحاب المجاميع الضعيفة مما يؤدي لهبوط مستوي الطلبة علي مدي سنوات الدراسة.
تؤكد ان الحل هو ترغيب ذوي المجاميع المرتفعة بدراسة الزراعة بتوزيع الأراضي الزراعية عليهم بعد التخرج وزيادة مساحتها فقد بدأت الفكرة ب 50 فدانا تم تخفيضها إلي 25 فدانا ثم وصلت إلي 5 أفدنة.
مقترحات.. أمام الشوري
الدكتور صلاح الجندي -أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري يؤكد ان تزايد البطالة بين خريجي الزراعة سبب رئيسي للعزوف وسبب البطالة يرجع لعدم اشتراط عمل خريجي الزراعة فقط في مجالات مثل تجارة الأسمدة والاستشارات الزراعية ومزارع الدواجن والأسماك ومكاتب دراسات الجدوي للمشروعات الزراعية وعلي العكس نجد هذه المجالات متاحة لأصحاب المهن الأخري بينما يعاني خريجو الزراعة من البطالة.
يضيف ان هناك نقصا في ميزانية الدولة الموجهة للاستثمارات القومية الزراعية بنسبة 10% عن باقي المجالات لذلك فقد تقدم بورقة عمل لمجلس الشوري تحتوي علي العديد من المقترحات لحل هذه المشكلات أملا في جذب طلاب الثانونية العامة للالتحاق بكليات الزراعة منها تحديث الكليات وزيادة ميزانيتها وإضافة تخصصات جديدة وتطوير المعامل ومنح خريجي الزراعة الأولوية في الحصول علي الأراضي المستصلحة وزيادة مساحتها بعد ان تقلصت إلي 5 أفدنة فقط لا تساوي عناء الدراسة بالكلية.
وللدارسين.. رأي
أحمد إبراهيم. أحمد شمس. طه ثابت -طلبة بالمستوي الثاني بزراعة القاهرة يؤكدون ان الدراسة في كليات الزراعة شديدة الصعوبة خاصة انها تتم وفقا لنظام الساعات المعتمدة وتحتاج للدراسة العملية أكثر من النظرية وهي تعادل في صعوبتها الطب والهندسة.. ومع ذلك فالخريجون محرومون من المستوي الاجتماعي بعد ان فقد لقب "مهندس زراعي" قيمته والسبب مزاحمة غير المتخصصين له في كل مجالات العمل الخاصة بالزراعة وفروعها المختلفة.
عبدالرحمن محروس بالمستوي الثاني. أحمد عبدالعظيم بالمستوي الثالث: في البداية التحقنا دون رغبة منا ولكن مكتب التنسيق رشحنا للدراسة بالزراعة وكانت مفاجأة لنا ان الكلية بها تخصصات لم نكن نعلم عنها شيئا مثل الكمياء الحيوية والتكنولوجيا الحيوية وهي تخصصات مطلوبة في المزارع والمصانع المختلفة ولكن هذا لا يمنع ان الدراسة بكليات الزراعة شديدة الصعوبة وقد يكون هذا سببا في عدم الاقبال عليها.
حسن محمود. جبريل أحمد: رغم ان كلية الزراعة هي كلية علوم الحياة إلا ان خريجيها يعانون من البطالة حتي ميزة امتلاك الأراضي المستصلحة لم تعد قاصرة علي دارس الزراعة واتيحت للجميع وهذا هو السبب الرئيسي في هروب طلبة الثانوية العامة من الالتحاق بها.
سماح إبراهيم. فوقية حسن. علياء محمود: رغم ان الكلية عملية لكن المعامل غير متوفرة حتي ان الطلبة يذهبون للتدريب بمعامل طب قصر العيني بعد إغلاق المعمل المركزي بالكلية.. يحدث هذا حتي بعد افتتاح قسم للدراسة باللغة الانجليزية بمصروفات 8 آلاف جنيه سنويا هو قسم الزراعة الدولية الذي يضم الانتاج الحيواني والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.
تشريعات جديدة
يؤكد د.مصطفي الخطيب سكرتير عام نقابة المهن الزراعية ان هناك العديد من الأسباب التي جعلت كليات الزراعة تتراجع إلي المراحل الأخيرة في مكتب التنسيق وان المواد الدراسية بها متشعبة ما بين الكيمياء والطبيعة والجيولوجيا والأرصاد إلي جانب العلوم الزراعية كما ان الدراسة نظرية وعملية ولا تعطي فرصة للطلبة لالتقاط أنفاسهم.
يضيف ان ممارسة المهن الزراعية يحكمها قانون النقابة والذي يشترط الحصول علي ترخيص منها لممارسة أي مهنة في المجالات الزراعية ولكن للاسف ان قانون الزراعة الذي ينظم الزراعة عامة في مصر عن طريق وزارة الزراعة يجعل الحصول علي ترخيص من النقابة مقتصرا فقط علي 3 مجالات من ال 45 مجالا زراعيا يتضمنهم قانون النقابة وهي انتاج وتجارة الأسمدة والتقاوي والمبيدات.
يطالب بضرورة سن تشريعات جديدة في قانون الزراعة تتماشي مع قانون النقابة وان تقتصر عملية تمليك الأراضي المستصلحة علي خريجي الزراعة بمساحات لا تقل عن 20 فدانا حتي تكون وحدة اقتصادية انتاجية متميزة تستوعب المهندس الزراعي وأسرته في المستقبل لان التجربة أثبتت فشلها عندما تقلصت المساحة الموزعة علي الخريجين ل 5 أفدنة في الثمانينيات وأصبحت لجميع الخريجين في حين أثبتت التجارب نجاحها في فترات الخمسينيات والسبعينيات عندما كانت المساحة الموزعة كبيرة وللزراعيين فقط وأصبحت مزارعهم من أرقي وأفضل المزارع بجنوب وشمال مديرية التحرير وإقليم مريوط وسمالوط وكوم امبو بالصعيد حيث ننتج المحاصيل التقليدية والفاكهة والخضر ومحاصيل التصدير

  • Currently 93/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
32 تصويتات / 1342 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2008 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,103