انتشر استخدام الهواتف المحمولة ومعها زادت أعداد محطات التقوية التي تبنى فوق المباني أو التى تركب على الأبراج، ولا تزال هذه المحطات وأضرارها مصدراً للجدل والنقاش في مصر، والتي تحولت معه إلى حدوث صدام وصراع بين شركات المحمول والأهالي عند إنشاء أي محطة جديدة، ولعل آخرها ما حدث في إحدى قري القليوبية عندما هاجم طلاب إحدى المحطات المقامة بالقرب من مدرستهم وحطموها ظناً منهم أنها تسبب أمراضاً خطيرة .

 

وكثيراً ما انتشرت شائعات تدور حول مدى تأثير مثل تلك المحطات على جسم الإنسان للدرجة التي جعلتها مادة للخرافات، أطرفها ما ظهر منذ فترة عن وجود عائلة أجسامهم "قادرة على إضاءة لمبة" وأثير حينها أن هذه الحالة نتيجة تأثير برج تقوية للهاتف المحمول ...

 

وتزداد مخاوف المواطنين يوماً بعد يوماً خاصة بعد انتشار العديد من الأمراض يكون سببها الأول هو التعرض للإشعاعات مثل السرطان وبعض الأمراض التي تصيب المخ وغيرها، وهو ما جعل إنشاء محطة محمول فوق أحد المنازل بمثابة حرباً ضارية بين السكان وشركات المحمول وصلت في بعض الأحيان إلى درجة القتال.

 

وبالرغم من أن القول الفصل والحقيقة الجازمة في أضرار الهاتف المحمول ربما لا تظهر قبل عدة سنوات؛ فالأبحاث في أوروبا وأمريكا ما تزال مستمرة، ولم يعلن العلماء كلمتهم النهائية في هذه القضية العلمية حتى الآن، إلا أن هناك شبه إجماع أن تأثير محطات المحمول تقل آلاف المرات من تأثير جهاز المحمول نفسه وهو ما أكدته الندوة التي عقدتها الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات والذي شارك فيها متخصصون في المجال الطبي والهندسي ، والتي أقيمت أول أمس بساقية عبد المنعم الصاوي

 

وناقشت الندوة إشكالية تعانى منها مصر حالياً وهو "لماذا يكره المصريون أبراج المحمول؟؟ " وذلك ظهر جلياً بعد سلسلة الحوادث التي نشبت بسبب هذه المحطات في العديد من المحافظات والقرى.

 

وفي مستهل الندوة تحدث الكاتب الصحفي سعد هجرس رئيس تحرير جريدة العالم اليوم عن الحائط النفسي الذي يقف حائلاً بين المصريين وتقبلهم لمحطات المحمول، وأرجعه إلى أسباب ثقافية واجتماعية وإعلامية أيضاً، مشيراً أن المحمول أصبح مثله مثل أى سلعة استهلاكية أخرى بل فاق الكثير منها حيث لا تخلو البيوت تقريباً من الهواتف المحمول وهو ما يظهر مدى التناقض فى السلوك لدى المواطنين، فهم يتكالبون على امتلاك أجهزة المحمول فى الوقت الذى يعزفون ويكرهون محطاته بالرغم من أن تأثير الأولي يفوق الثانية بكثير.

 

جانب من الحضور في الندوة

وأكد هجرس أن ذلك يعود إلى قلة الوعي لدى المصريين فى ظل القصور الإعلامي في تناول هذه القضية وربطها فقط بأجهزة المحمول، مدللاً على ذلك بعدم قيام أى جهة مسئولة سواء حكومية عن طريق جهاز الاتصالات أو خاصة من خلال شبكات المحمول بتنظيم حملات إعلامية لتنوير المستخدمين حول محطات المحمول وإبراز مالها وما عليها.

 

وأشار هجرس إلى عامل معرفي سائد لدى الشعب المصرى يعتمد على ثقافة ليست علمية بل هي مجرد "خرافة" لأن المعرفة لا تعطي بشكل كافي للمواطنين وإنما يتم التعامل معهم من خلال الأوامر والنشرات الرسمية دون الرجوع إليه ومناقشته وإعطائه المعلومات الصحيحة .

 

 

وأضاف رئيس تحرير العالم اليوم أن كراهية المصريين لأبراج المحمول يرجع أيضاً الى تضارب التقارير المنشورة حول هذه القضية، فبعضها يُظهر أن محطات المحمول "سم قاتل" وتقضي على الإنسان وأخرى ترى أن أبراج المحمول مفيدة صحية وليس لها أى تأثير يذكر، وبين هذه وذاك يتوه المواطن، وهو ما يخلق نوعا من البلبلة لدى المستخدم الذي يملك اتجاها سلبياً مسبقاً تجاه المحطات، أضف إلى ذلك طريقة عرض هذه التقارير التى عادت ما تكون جافة وغير جذابة.

 

وشدد هجرس على أن العامل الاقتصادي يلعب دورا كبيرا في دعم الاتجاه السلبي نحو هذه المحطات، حيث يتم إنشائها مقابل مبالغ مالية كبيرة وهو ما يحدث نوعاً من الغيرة بين الأهالى فلماذا يستفيد هذا ويحرم ذاك، خاصة وأن اختيار أماكن إقامة الأبراج تعود للشركة وفقاً لقياسات فنية وهندسية لا يعلمها المواطن.

 

وطرح هجرس حلاً لهذه المشكلة من خلال الاهتمام بالجانب الإجتماعي من خلال تعميم الاستفادة وليس تخصيصها ، بمعنى أنه إذا تم مثلا إنشاء محطة محمول فى قرية ما، فلابد أن يعطي المقابل المالي للقرية كلها سواء لتوزيعه أو إقامة مشروعات خدمية وتنموية تعود بالنفع على المواطنين وهو ما يجعلهم يحتضنوا هذه التكنولوجياً.

 

صحية بشروط ....

 

الدكتور مدحت المسيري أستاذ الفيزياء الهندسية والطبية
من جانبه، نفي الدكتور مدحت المسيرى أستاذ الفيزياء الهندسية والطبية فى كلية الهندسة جامعة القاهرة ورئيس جمعية الوقاية من الموجات "غير المؤينة" وجود تأثيرات ضارة لمحطات الهواتف المحمولة طالما أنها كانت مقامة وفق معايير السلامة الصحية.

 

وأوضح المسيري أن هناك نوعين من الموجات الكهرومغناطيسية موجات مؤينة أخرى غير مؤينة، فبينما تقع أشعة إكس وألفا وأشعة جاما في نطاق الموجات المؤينة والتى تستخدم فى المشروعات النووية وهى بلاشك مضرة، وقد تؤدي إلى حدوث انقسام في الخلايا؛ مما يسبب في نهاية المطاف الإصابة ببعض الأمراض ومنها السرطان، فإن الموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في محطات وأجهزة الهاتف المحمول تقع في نطاق النوع غير المؤين، وهي لا تؤثر على خلايا الجسم البشري؛ لأنها قريبة جدًا من ترددات FM ، AM المستخدمة في الإذاعة والرادارات.

 

وأشار إلى أن مصر تعمل بنظام GSM الذي يقع ضمن نطاق بلغ قيم ذبذباته 900 - 1800 ميجا هرتز، وهو ما يوضح الفارق بين الترددات المؤينة Ionizing التي تزيد طاقتها ملايين المرات عن الطاقة في الموجات أو الترددات غير المؤينة non-Ionizing.

 

ونوه إلى أن الإشعاعات غير المؤينة المنبعثة من الأجهزة المنزلية، مثل أجهزة الراديو التلفزيون والرادارات والمطارات وفي أفران الميكروويف المستخدمة في الطهي وفي وسائل المواصلات مثل المترو وأجهزة الكمبيوتر، أقوى عشرات المرات من الطاقة المستخدمة في شبكات الهواتف المحمولة.

 

وقال المسيرى إن أبحاث المعهد الدولي لبحوث السرطان أكدت عدم وجود أية علاقة بين مرضي السرطان والتعرض لهذا النوع من الموجات الصادرة من محطات المحمول، وكذلك منظمة الصحة العالمية واتحاد الحماية الاشعاعية الدولي ومعهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات الامريكية والهيئة القومية للوقاية من الاشعاعات، كل هذه الجهات أقرت بعدم وجود أي اخطار صحية من محطات المحمول.

 

واختتم حديثه مؤكداً أن الشبكات  ليست شراً مطلقا وأن أبراج المحمول غير مضرة فى ظل اتباع وسائل الحماية الضرورية، مشبهاً ذلك بأن كل الأدوية لها آثار جانبية ومع ذلك لم يتم منع استخدامها ولكن يأخد الاحتياطات اللازمة، وبالنسبة لمحطات المحمول مادامت نسبة الترددات لم تزد عن 400 ميكروواط/سم2 وكانت مدة التعرض لها قليلة فإن تأثيرها معدوم تماماً ولكن إذا حدث العكس فهي بالتأكيد ستؤثر على جسم الإنسان.

 

مصر أكثر الدول تشدداً فى معايير السلامة

 

وتعليقا على ذلك، توجهت شبكة  الأخبار العربية "محيط" بسؤال إلى المهندس إيهاب توفيق رئيس قطاع التفتيش الفنى بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حول دور الجهاز فى الحفاظ على "حدود الأمان" فى تشغيل محطات المحمول، وكان رده أن الجهاز يقوم بصفة دورية ومستمرة بالكشف عن هذه المحطات وقياس مدي توافقها مع الشروط الذى وضعها الجهاز قبل إنشاء أى محطة تقوية، والتأكد من مدى ملائمتها لمعدلات الإشعاع الصحية .

 

وأشار رئيس قطاع التفتيش أن معايير السلامة المطبقة فى مصر أشد بكثير من تلك الموجودة بالخارج حيث يصل حد الأمان فى الكثير من الدول إلى 400 ميكروواط/سم.2 و هو الحد المقرر طبقاً للجنة الدولية للحماية من الاشعاعات غير المؤينة ومعهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات ، إلا أن الجهات الرسمية فى مصر تعتمد معيار الأمان 0.4 ملي واط/سم2 لذلك تعد مصر أكثر الدول أماناً فى هذا الجانب.

 

وأوضح توفيق أن هناك العديد من المعايير الصحية والفنية التى بموجبها يصرح بإقامة محطات تقوية، من أهم هذه الشروط أن يكون ارتفاع المبني الذي تركب فوقه المحطة ما بين 15 متراً كحد أدني الي 150 متراً، وأن يكون ارتفاع هوائي المحطة أعلي من المباني المجاورة للمبني المختار في دائرة قطرها 10 أمتار، وألا يزيد عدد الهوائيات المرسلة التي يتم تركيبها من 3 هوائيات مرسلة و3 هوائيات مستقبلة، ولا تقل المسافة بين أي برجين لمحطات تقوية المحمول علي سطح المبني عن 12 مترا ولا تقل المسافة بين المحطة والعنصر البشري عن 6 أمتار في اتجاه الشعاع الرئيسي، كما لا يسمح بتركيبها فوق أسطح المباني المستغلة كمستشفيات أو مراكز طبية حتي لا يحدث تداخل موجي علي الأجهزة الطبية، لذلك لا توجد أخطار بالمعني الحقيقي للمحطات إذا انشئت طبقا للمواصفات القياسية.

 

شركات المحمول تنفذ معايير السلامة حرفياً

حمدي الليثي رئيس قطاع بشركة فودافون

 

في نفس السياق،  تابع الدكتور حمدي الليثي رئيس إحدى القطاعات بشركة فودافون، مؤكداً أن العلم لا يستطيع أن يثبت عدم وجود تأثير سلبي لأي تقنية بنسبة مائة فى المائة، إلا أن جميع الأبحاث العلمية أكدت أن الموجات المستخدمة فى محطات المحمول لا تسبب السرطان، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية.

 

وأضاف أن التأثيرات العلمية الثابتة هي التأثيرات الحرارية وهذا النوع من التأثيرات يمكن تلافيها من خلال مجموعة من الاشتراطات مثل المسافات المحددة والذبذبات الخارجة، أما بخصوص ما تردد فى الماضي حول تأثير الموجات المستخدمة على المخ، فقد أثبتت عدة دراسات في إنجلترا و ألمانيا بأنه لا توجد علاقة بين الإصابة بسرطان المخ و استخدام المحمول.

 

وأشار إلى أن منظمة  الصحة العالمية تقوم بإجراء أكبر دراسة علمية موثقة تشارك فيها 13 دولة، وضعت فيها أجندة لأهم النقاط التى يمكن بحثها حول هذا الموضوع، وتقوم كل دولة بجزء من هذه الأبحاث لتصل فى النهاية إلى نتيجة حاسمة وفاصلة، والمدى الزمنى لهذه الدراسة حوالي ثلاثة أعوام بدءً من 2006 وتنتهي فى هذا العام، ويتم نشر جزء من نتائجها كل مدة معينة وإلى الآن لم تتوصل إلى تأثيرات ضارة للإنسان.

 

وشدد الليثي على أن فودافون تقوم بتطبيق الشروط سابقة الذكر والصادرة عن الوزارة حرفياً بالإضافة إلى تنفيذ الضوابط العالمية الصادرة من المنظمات الدولية رغم أن قواعد الأمان الموجودة فى مصر أشد منها بكثير، و إن حدث أى مخالفة في هذه البروتوكولات يتم تعديلها بأقصي سرعة.

 

وذكر أن فودافون تقدم حالياً خدمة على موقعها عبر الإنترنت توضح فيها حجم الذبذبات فى كل منطقة سكنية من خلال عرض خريطة توضيحية.


  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 476 مشاهدة
نشرت فى 10 إبريل 2008 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,977