authentication required

نستعرض هنا خسائر الاحتلال البشرية والنفسية والسياسية والعسكرية والاقتصاية والتي جعلت البعض يتساءل "من سقط .. بغداد أم واشنطن؟ .

الخسائر البشرية


   رغم الادعاءات الأمريكية المتكررة حول تراجع العنف في العراق بعد زيادة عدد القوات في يونيو 2007 من 140 إلى 170 ألف جندي وانقلاب زعماء قبائل سنية " مجالس الصحوة " علي تنظيم القاعدة إلا أن الوقائع على الأرض وخاصة في الشهور الأولى من عام 2008 تثبت عكس ذلك.

   ففي 10 مارس 2008 وقبيل الذكري الخامسة للغزو ، قتل ثمانية جنود أمريكيين في يوم واحد ، ثلاثة منهم لقوا حتفهم في انفجار قنبلة مزروعة على أحد الطرق في محافظة ديالي ، بينما لقى الخمسة الآخرون مصرعهم في هجوم انتحاري ببغداد.

 

 


   وبمقتل الجنود الثمانية ارتفع عدد الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس 2003 وحتى 10 مارس 2008 إلى 3983 ، بينما أصيب حوالى 32 ألفا وذلك وفقا لاحصاءات البنتاجون.

   أما على صعيد الدراسات المستقلة ، فإن الإحصائيات حول عدد القتلى والمصابين مختلفة تماما ، فوفقا لمجموعة السياسة الخارجية" Foreign Policy "وهى منظمة مستقلة غير متحيزة، فإن 2007 جسد أكثر السنوات دموية للقوات الأمريكية حيث قتل خلال هذا العام 894 جنديا أمريكيا في العراق ليصبح أكثر الأعوام قتلاً للقوات الأمريكية منذ بدء الاحتلال .

   وأوضحت المنظمة في تقرير لها أن الوضع الأمني لم يشهد تحسنا ملموسا وإنما كل الذي جرى أن معدل الهجمات تراجع فقط في بغداد وهذا ليس لتحقيق نصر على المسلحين وإنما لأنه تم تقسيم العاصمة وضواحيها إلى خطوط طائفية محاطة بجدران كونكريتية عالية، مع تكثيف نقاط التفتيش ، وبذلك اختفت الحياة الاعتيادية من العاصمة .

   وكان مركز قدامى المحاربين الأمريكيين في مدينة مورجنتاو قد أصدر تقريرا في 2007 كشف فيه أن عدد القتلى قد يتجاوز 28 ألف قتيل بينما بلغ عدد الجرحي والمعاقين من الجنود والمجندات بإصابات خطيرة خرجوا علي إثرها من الخدمة نتيجة الحرب في العراق 48733 جنديا إلي جانب 12422 جنديا أصيبوا باعاقات نفسية خطيرة وفي حالة اضطراب عقلي يمكن أن تؤثر علي حياة أسرهم بصورة خطيرة.

   وصرح جيري هاريس مدير المركز بأن بعض المعاقين نفسيا يعانون من عقدة الزيف والاكتئاب والهلوسة والكوابيس والأرق والانفعالات السلبية الخطيرة .
 

   وفي السياق ذاته ، ذكرت الخبيرة الأمريكية ليندا بيلمز في دراسة لها عن خسائر حرب العراق أن إدارة بوش تمارس خداعا آخر بشأن عدد الجنود المصابين في حرب العراق، حيث خصصت الإدارة الأمريكية جهازين منفصلين لإحصاء عدد الجنود المصابين أحدهما داخل البنتاجون وتستعين به وسائل الإعلام في إحصاء عدد القتلى والمصابين من الجنود الأمريكيين، أما الجهاز الآخر فيتمثل في قسم شئون المتطوعين وهو إدارة حكومية منفصلة عن وزارة الدفاع الأمريكية.

نعوش للقتلى الأمريكيين بالعراق


   وكشفت الإحصاءات المتباينة بين الجهازين عن خداع الإدارة الأمريكية حيث أعلن البنتاجون في بداية هذا العام عن إصابة 32 ألف جندي أمريكي في حين أكد قسم شئون المتطوعين أن عدد المصابين من الجنود أكثر من 50 ألف مصاب.

   وأضافت بيلمز في دراستها أن البنتاجون لايسجل عدد الجنود المصابين من جراء حوادث الطرق أو حتى المرض منهم في العراق وأفغانستان على الرغم من أنهم يحتاجون إلى نفس الرعاية التي يحتاجها الجنود المصابون نتيجة العمليات العسكرية عند عودتهم إلي بلادهم.

   وأكدت أن أكثر من 200 ألف جندي مصاب نتيجة الحرب في العراق وأفغانستان تم علاجهم بالمراكز الطبية التابعة لقسم شئون المتطوعين ، بالإضافة إلي أن 20 % من هؤلاء العائدين يعانون أمراضا عقلية خطيرة وكذلك 20 % من الجنود المصابين تم بتر عضو أو أكثر من أجسادهم وأن علاج أي من هذه الحالات يستغرق عدة عقود الأمر الذي يجعل تكلفة هذه الحرب طويلة الأمد.

   وأشارت بيلمز إلى أن 48.4 % من المتطوعين أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 مازالوا يبحثون عن رعاية طبية حيث يعاني 44 % العجز ، كما يتلقى 611729جنديا أمريكيا شارك في حرب الخليج تعويضات ورواتب نتيجة العجز الذي لحق بهم أثناء الحرب، وتعاني نسبة كبيرة منهم أمراضا نفسية وعقلية .

الآثار النفسية ( تزايد الانتحار والاضطراب العقلي )

   فضلاً عن تصاعد عدد القتلى والجرحى في صفوف الجيش الأمريكي، أشارت إحصائية أعدها الجيش الأمريكي إلى ازدياد عدد الجنود الأمريكيين الذين انتحروا إثر عودتهم من العراق وأفغانستان ليصل إلى 121 في 2007 بارتفاع 20% عن العام الذي سبقه، في حين بلغ عدد الذين حاولوا الانتحار 2100 ، وهو أكثر 6 مرات مما كان عليه منذ اجتياح العراق سنة 2003.

   ففي 2002 ، بلغت معدلات حالات الانتحار 102 جندياً، وذلك مقابل 87 جندياً عام 2005، أي 17.5 لكل مائة ألف مقابل 12.8 لكل مائة ألف عام 2005 ، بينما سجل العام 2003، والذي شهد انطلاقة الحرب، انتحار 79 جندياً، أي بمعدل 12.4 لكل مائة ألف ، ورغم أن الجيش الأمريكي عزا أسباب الانتحار إلى العلاقات العاطفية الفاشلة والمشاكل القانونية والمالية بجانب أمور تتعلق بـ"الوظيفة والعمليات" إلا أن خبراء في الطب النفسي أشاروا إلى أن الخدمة بالعراق هى السبب الرئيس بل وحددوا أيضا صفات الجنود الذين يقدمون على الانتحار وأنهم من بين وحدات المشاة الذين توكل إليهم مهمات قتالية يستخدمون خلالها الأسلحة الرشاشة ، خاصة وأن معظم حالات الانتحار جرت بصورة قد تكون "متماثلة"، حيث أقدم الجنود على الانتحار باستخدام أحد الأسلحة النارية التي غالباً ما تكون متاحة بحوزتهم.

   كما كشفت دراسة أعدها باحثون في جامعة كاليفورنيا ونشرت نتائجها في 12 مارس 2007 أن ربع الجنود الأمريكيين العائدين من العراق وأفغانستان يعانون من اضطرابات عقلية وأوضحت الدراسة أنه إذا حسبت الاضطرابات النفسية التي تؤدي على سبيل المثال إلى عنف منزلي فإن معدل المحاربين السابقين الذين يعانون من اضطرابات عقلية يصل إلى 31%.

   ووفقا للدراسة أيضا فإن أكثر من نصف الجنود (56%) الذين لديهم هذه الاضطرابات يعانون من أكثر من مرض عقلي، وقالت كارن سيل من المركز الطبي لقدامى المحاربين في سان فرانسيسكو: "إن الأمراض النفسية لدى الجنود الذين عادوا في الآونة الأخيرة إلى الولايات المتحدة أو أعضاء الحرس الوطني ، أعلى بكثير من تلك التي سجلت خلال دراسة سابقة نشرت في 2006 وأجريت على عسكريين يمارسون مهامهم. وشخص آنذاك 12% فقط بإصابة بمرض نفسي أو اضطراب نفسي-اجتماعي ".

الآثار العسكرية ( فرار من الخدمة ونقص الاحتياط وانفراط عقد التحالف)
 

   وفقاً لتقرير نشره معهد دراسات السياسة الأمريكية فإن القوات المسلحة تواجه مشكلات في الاحتفاظ بجنودها إذ إن نحو 30% من المجندين الجدد يتركون الخدمة خلال ستة أشهر، الأمر الذي دفع الجيش إلى أن يخفض معاييره لأداء الجندي وأن يصدر مذكرة عسكرية توجه القادة إلى عدم تسريح جنود بسبب ضعف لياقتهم البدنية أو أدائهم غير المرضي، أو بسبب الحمل أو الإدمان الكحولي أو تعاطي المخدرات، وذلك للحصول على أكبر عدد من المجندين ليقوموا يتغطية الفراغ الذي تركه عدد القتلى الكبير في صفوف زملائهم في العراق.

مظاهرات تطالب بسحب القوات الأمريكية من العراق


   وأشار التقرير إلى أن البنتاجون اعترف بأن أكثر من (5500) جندي فروا من الخدمة منذ بداية حرب العراق، ولذا أصدرت الإدارة الأمريكية قرارات منع مغادرة للجنود الذين انتهت خدمتهم في العراق وأثرت تلك القرارات على أكثر من (14) ألف جندي (نحو 10% من مجموع الجنود الذين يخدمون في العراق).

   وهناك أيضا مشكلة أخرى معقدة تواجه الجيش الأمريكي في العراق وهي نقص الاحتياط حيث تسود حالة من القلق في أروقة الأوساط العسكرية الأمريكية, جراء النقص الحاد الذي يواجهه الجيش الأمريكي في قوات الاحتياط المستعدة للقتال وهي مشكلة بالنسبة للجيش الأمريكي.

   وقال روبرت جولديش الخبير في شئون الدفاع التابع للكونجرس في تصريحات له فى يناير 2007 :"بسبب الانتشار المتوقع للقوات الإضافية في الصيف القادم فإن قوات الاحتياط ستتأثر كثير ا بذلك".

   ويؤكد أن أحد أسباب هذه المشكلة الإجهاد الذي تتعرض له القوات الأمريكية بسبب المقاومة العراقية, وعن أعداد قوات الاحتياط المتوفرة حاليا يقول روبرت جولديش إنه يوجد في الحرس الوطنى 86 ألف جندي في الاحتياط, وهو رقم أقل مما أرسل إلى العراق خلال العامين الماضيين, ولمواجهة هذا النقص قرر الحرس الوطني مضاعفة مكافأة الانضمام له ثلاث مرات أما بالنسبة لاحتياطي الجيش فإن 18 % فقط من قواته مهيأة للانتشار مرة ثانية, بينما تم تعبئة أغلبية قوات احتياطي سلاح البحرية لمرة واحدة على الأقل.

   وبالإضافة إلى ماسبق فإن هناك صفعة عسكرية أخرى تلقتها ألا وهى انفراط عقد التحالف الذى تشكل إبان غزو العراق ، فواشنطن التي فشلت في الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح لها بالعدوان على العراق راهنت على عدد من الدول التي ترتبط معها بمصالح من أجل تكوين تحالف يشاركها العدوان على العراق، ومع سقوط بغداد كان الحديث في أول الأمر عن انضمام مزيد من الدول التحالف من أجل الحصول على نصيب من كعكة العراق، إلا أن المقاومة العراقية قلبت الأمور رأسًا على عقب وجعلت الدول تهرب سريعا حتى بلغ عدد الدول المنسحبة من العراق 14 دولة بعد مرور عامين على العدوان منها إسبانيا وإيطاليا وأوكرانيا ما وضع واشنطن ولندن في وضع حرج حينئذ.

   وبعد فشل كافة الخطط الأمنية والعسكرية التى وضعها المحتل أمام صمود وبسالة المقاومة ، تلقت واشنطن صفعة جديدة عندما أعلن رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير ، أقرب حلفاء بوش ، في 11 فبراير 2007 عن خطط لسحب القوات البريطانية بحلول نهاية 2008 وقيامه بتخفيضها بمقدار 1600 جندي، بجانب اقتصار مهام القوات الباقية، والتي يبلغ قوامها 5500 جندي على تقديم الدعم لقوات الأمن العراقية .

   وبعد يوم من تصريحات بلير ، أعلنت الدنمارك عن سحب قواتها ، ولذا لم تجد إدارة بوش من ملاذ سوى اللجوء إلى سوريا وإيران لطلب المساعدة في وقف العنف على أمل تحويل الهزيمة العسكرية على الأرض إلى انتصار دبلوماسى.

الخسائر الاقتصادية

   كشف كتاب نشر في الولايات المتحدة في 2008 وشارك في وضعه الأمريكي جوزيف ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، وستيجليتز وليندا بيلمس الأستاذة في جامعة هارفرد أن احتلال العراق سيكلف الأمريكيين ما لايقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار مليار ( 3 ترليون) بحلول 2017 وهو رقم أعلى بكثير من ذاك الذي أعلنه مكتب الموازنة الأمريكية .

   وفي الكتاب وهو بعنوان ''حرب الثلاثة آلاف مليار دولار: الكلفة الحقيقية للنزاع العراقي''، قال الكاتبان إن كلفة العمليات العسكرية الأمريكية من دون الأخذ بالاعتبار المصاريف على المدى الطويل مثل تأمين الرعاية الصحية للمحاربين القدامى تخطت كلفة حرب فيتنام التي استمرت 12 عاما .

   وهذا التقدير يفوق بكثير تقدير مكتب الموازنة في الكونجرس الأمريكي الذي اعتبر أن المصاريف المرتبطة بالحروب التي قامت بها الولايات المتحدة ستصل إلى ما بين 1200 و1700 مليار حتى العام 2017.

   ووفقا لما جاء في الكتاب فإنه بعد خمس سنوات من الحرب في العراق، ترتفع المصاريف الأمريكية المخصصة للحرب إلى أكثر من 5,12 مليار دولار شهريا في 2008 مقابل 4,4 مليار دولار في 2003 ، بينما تصل في أفغانستان إلى 16 مليار دولار شهريا أي ما يعادل الميزانية السنوية للأمم المتحدة .

   وأضاف الكاتبان أن ثلث كلفة الحرب على العراق ، أي ألف مليار دولار، كان يمكن أن تستخدم من أجل تمويل بناء ثمانية ملايين مسكن، وتوظيف 15 مليون أستاذ، وتقديم العلاج لـ530 مليون طفل، ومنح تعليمية إلى 43 مليون طالب، وتغطية صحية للأمريكيين على مدى السنوات الخمسين المقبلة.

   ويتوقف الكتاب عند الكلفة المترتبة على فوائد القروض المتعلقة بتكاليف الحرب ويدخل في حساباته تأثير النزاع في العراق على ارتفاع أسعار النفط، بعد انتقال سعر برميل النفط خلال خمس سنوات من 25 دولارا إلى أكثر من مائة دولار.

   وفي السياق ذاته ، عرضت صحيفة "نيوستا تسمان" الأمريكية أجزاء من الدراسة التى أعدتها الخبيرة الأمريكية ليندا بيلمز حول خسائر حرب العراق وجاء فيها أن التكاليف بعيدة المدى للحرب ستبلغ 2.5 تريليون دولار ويشمل هذا المبلغ تكاليف العمليات القتالية وتزويد المعدات العسكرية ورعاية المتطوعين ، كمايحتوي علي تكلفة رواتب جنود الاحتياط التي تختلف عما يدفع لهم وهم في وظائفهم المدنية ، كما أن علاج الجنود المصابين سيستغرق عدة عقود الأمر الذي يرفع تكاليف الحرب.

   ووفقا للخبيرة الأمريكية فإن العناية بالجنود المصابين العائدين من العراق وأفغانستان ستلتهم أموال دافعي الضرائب في الحاضر والمستقبل حيث ستبلغ تكاليف علاج هؤلاء الجنود أكثر من 536 بليون دولار.

   واستطردت تقول إن تكلفة جندي واحد مصاب بإعاقة ذهنية تصل إلى 4.3 مليون دولار بحد أدني، مؤكدة أنه يوجد أكثر من 400 ألف طلب من المتطوعين العائدين للحصول علي معاشات وتعويضات ومن المتوقع أن تزيد هذه الطلبات حتى تصل إلي 930 ألف طلب عام 2008.

   وألمحت الدراسة إلي أن تكاليف تبعات الحرب المتمثلة في البطالة والعنف الأسري والجريمة وإدمان المخدرات والكحوليات تضاف إلي مبلغ 2.5 تريليون دولار، بالإضافة إلي تكلفة تزويد الجيش بالمعدات العسكرية حيث تنتشر 40 % من معدات الجيش الأمريكي علي أرض العراق وهو أيضا ما اعترف به وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد في مارس 2005 عندما قال إن الدبابات وطائرات الهليكوبتر تستهلك بمعدل 6 مرات عن المعدل الطبيعي.

   كما يتم تدمير كميات كبيرة من هذه المعدات حيث فقد الجيش الأمريكي أكثر من 8 آلاف قطعة أساسية من معداته بمناطق القتال وفي فبراير 2007 دمرت 20 دبابة من نوع ابرامز ( M105 ) سيارة مدرعة و20شاحنة و20 مدرعة من نوع ( M113 ) ناقلة الجنود و250سيارة هامفي وأكثر من مائة طائرة معظهما هليكوبتر.

   ونبهت بيلمز إلى أن هناك شيئا آخر لم يأخذه البيت الأبيض في الاعتبار وهو يخطط لحرب بالعراق ألا وهو النفط الذي ارتفع سعره إلى أكثر من مائة دولار.

   ومن جانبها ، ذكرت شبكة سي ان ان الإخبارية الأمريكية في تقرير لها أنه كان من حوافز العدوان على العراق أن تكاليفه فقط ستكون 120 مليار دولار وأنها ستعوض في سنتين بما يتوفر من انخفاض أسعار النفط من عشرين دولار إلى عشر دولارات عند التحكم بنفط العراق ، لكن المفاجأة أن أسعار النفط تضاعفت ثلاثة أضعاف لتزيد مصيبة الأمريكان ، موضحة أنه بعد مرور خمس سنوات على غزو العراق، يستمر الجدل في واشنطن حول تكاليف هذه الحرب وهل كان الأمر يستحق كل تلك الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة .

   كما أكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن الحرب في العراق تشابه كثيرا الحرب في فيتنام، حيث تتشابه الحربان في التقييم الخاطئ من قِبّل البيت الأبيض لكل منهما وفي الوعود الكاذبة التي قدمت للكونجرس والرأي العام الأمريكي بشأنهما إلي جانب الميزانيات غير الملائمة التي تم رصدها للمعارك في كل البلدين ، موضحة أن حرب فيتنام أدت فى بدايتها إلي انتعاش اقتصادي سرعان ماانقلب إلي النقيض بعد ارتفاع معدلات التضخم بشكل ملحوظ وهو ما ترافق مع حدوث هزة في الاقتصاد العالمي جراء أزمة النفط عام 1973 مما أدي إلي بدء عقود من المصاعب الاقتصادية فى أمريكا.

   واختتمت الصحيفة تقريرها واصفة احتلال العراق بأنه خنجر قاتل في ظهر الاقتصاد الأمريكي خاصة وأن بقاء أمريكا في العراق يكلف واشنطن ما لا يقل عن 5و8 مليار دولار شهريًا.

   وفي السياق ذاته ، كشف تقرير للكونجرس الأمريكي في أواخر 2006 أن حرب العراق تكلف دافع الضرائب الأمريكي حوالي ملياري دولار أسبوعيا، أي ضعف ما كانت تكلفه في العام الأول من الاحتلال قبل ثلاث سنوات وأكثر من نسبة عشرين في المائة بالمقارنة مع تكاليفها في عام 2005 وحده ، وقدر تكاليف الحرب في أفغانستان والعراق منذ بدايتها في عام 2001 إلى اواخر 2005 بحوالي 500 مليار دولار علي أقل تقدير.

التداعيات السياسية ( لاعزاء للجمهوريين والمحافظين الجدد )

   لعنة العراق غطت على الأحداث السياسية الأخرى داخل الولايات المتحدة وتعرض الجمهوريون لهزيمة قاسية في انتخابات التجديد النصفى للكونجرس التى أجريت في 7 نوفمبر 2006 بسبب فشل السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى جورج بوش وخاصة في العراق وهناك توقعات أيضا بفوز الديمقراطيين بانتخابات الرئاسة في نوفمبر 2008 بسبب حرب العراق .

   لقد كانت حرب العراق كلمة السر في انتخابات الكونجرس وهو مااعترف به بوش نفسه بعد الهزيمة عندما صرح أنه يواجه صعوبات في العراق ، وبالتالى فإنه ليس أمامه سوى إدخال تعديلات سريعة على سياسته هناك .


   كما كان من أبرز نتائج انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الإطاحة بأحد أبرز الصقور في إدارة بوش وهو وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ، والذي دفع ثمنا فادحا لتهوره في العراق وأفغانستان .

   وكان بوش قد أعلن في 8 نوفمبر 2006 بعد إعلان نتائج الانتخابات عن استقالة رامسفيلد وتعيين المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية روبرت جيتس وزيرا جديدا للدفاع.

   يذكر أن دعوات الأمريكيين لتغيير رامسفيلد تصاعدت منذ فضيحة سجن "أبو غريب" في العراق في ربيع 2004 والتى أدت إلى تراجع دعم واحترام القيادة العسكرية لرامسفيلد بجانب تصاعد الخسائر في صفوف الأمريكيين وتصاعد الاتهامات لرامسفيلد بالفشل في التخطيط لإدارة الاحتلال وعمليات إعادة البناء.

   وبجانب الخسارة في انتخابات الكونجرس ، تدنت شعبية بوش إلى أدنى مستوياتها وتصاعد الرفض الشعبي لسياساته ، وأوضح استطلاع للرأي نشرته صحيفة واشنطن بوست في نوفمبر 2007 أن 77% من الشعب الأمريكي يعتقدون أن عدد الضحايا في الجيش الأمريكي لم يعد مقبولاً، ولذلك يرى 52 % أن أمريكا يجب أن تسحب قواتها بسرعة من العراق.

   وأظهر الاستطلاع أيضاً أن 61% من الشعب الأمريكي يعتقد أن الحرب في العراق لم تكن تستحق كل ما تحملته أمريكا من خسائر مادية وبشرية، وهو ما يتفق مع رؤية الكولونيل بول هوفز وهو قائد سابق في الجيش الأمريكي الذي يقول: إننا نبدد الأموال والدماء الأمريكية في العراق .

   وخلاصة ما سبق أن سقطات الاحتلال الأمريكي لا تعد ولاتحصى ما يؤكد أن بغداد لم تكن الخاسر الوحيد وإنما واشنطن أيضا

  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 532 مشاهدة
نشرت فى 10 إبريل 2008 بواسطة moghazy

مغازى عبدالعال محمد الطوخى

moghazy
*رئيس اتحاد طلاب المعاهد العليا (وزارة التعليم العالي) الاسبق *رئيس اتحاد طلاب المعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *أمين اللجنة الاجتماعية والرحلات بالمعهد العالي للتعاون الزراعي الاسبق *عضو جمعية الهلال الأحمر المصري *عضو جمعية بيوت الشباب المصرية *عضو جمعية الكشافة البحرية المصرية *صحفي بجريدة أخبار كفر الشيخ *عضو نقابة المهن الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

683,137