<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif";} </style> <![endif]-->
أرتيكاريا البرادعي وصباحي لدي عشاق الفرمان الدكتاتوري
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
01227435754
29 نوفمبر 2012
لست أدري لماذا يهاجم الناس، بمن فيهم المتعلمون، أشخاصا آخرين، ككباش فداء، وهم يتناولون قضية خطيرة. الدكتورة منال الشوربجي بالأمس تعترف بكارثة الإعلان الدستوري الدكتاتوري، ثم لا تبتكر حلا لمواجهة المشكلة، بل تقضي النصف الثاني من مقالها في التساؤل لماذا تتحالف القوى السياسية بمن فيهم الفلول مع الرموز الثورية، أو لماذا "يستقوي" بعضهم بالدول الأجنبية. اكتشف البعض أن الأمر حاليا ما هو إلا صراع سياسي. هل أتى هؤلاء العباقرة بجديد؟ ومنذ متى والسياسة لا تخلو من الصراع السياسي؟
آخرون، وخاصة من الملتحفين بالدين السياسي، يهربون من الأسئلة الموجهة إليهم ويلقون بالتهم على البرادعي وصباحي بصورة خاصة. التشويه الذي تعرض له الدكتور البرادعي لم يتعرض له سياسي من قبل سواء من جانب مبارك وعصابته أو من جانب المجلس العسكري أو من جانب الإخوان. ولولا رصيد الرجل الهائل ما بقت له أثارة على ظهر المحروسة، ولكن تجده ملء السمع والبصر سواء بثروته الفكرية والأخلاقية أو بسلوكه السياسي الرصين وما انتهى إليه من بناء حزب الدستور الوليد العملاق.
أما صباحي فهو ما أود التركيز عليه في هذا المقال حيث يتهمه ملتحفو الدين السياسي من ناحية وأعداء النجاح من ناحية أخرى بالانتهازية السياسية. العاقلون من هؤلاء المنتقدين، لا ينسون له عدم اتحاده مع أبو الفتوح لمواجهة تيار الدين السياسي ومرشحي النظام السابق، وأنا أتفق معهم مع غفراني لهذا الخطأ وتفهمي لدوافعه بل ونسيانه تماما، واعترف الرجل بخطئه ووعد بعدم الوقوع فيه مرة أخرى.
بينما نجد أن البرادعي رجل دولة بالمعنى الحرفي (وهو حُلمي الشخصي لبناء مصر وقيادتها)، نجد أن صباحي "سياسي"، ولكنه أقرب السياسيين لرجل الدولة. رجل الدولة يَصلح أكثر من السياسي في حالة الاستقرار السياسي النسبي، أما السياسي القريب لرجل الدولة بمرونته النسبية فهو الأكثر مناسبة لقيادة الدولة في حالة الارتباك السياسي كالذي ينتاب مصر حاليا. السياسي، بحكم اسمه، هو العامل في المؤسسة "السياسية" التي يطلق عليها "الحكومة" أيضا. من هو البديل الأفضل الآن لصباحي على الساحة السياسية؟ طبعا البعض سيقول مرسي، والآخر سيقول أبو إسماعيل، وربما يقول آخرون عمرو موسى، أو أبو الفتوح، أو آخرين. يبدو لي أن صباحي هو أعظم زعيم لقيادة هذه الدولة في المرحلة القادمة سواء في عصر رئاسة مرسى أو ما بعدها إلا إذا ظهر على الساحة من هو أفضل منه وذلك للأسباب الآتية، ولأسباب قلتها من قبل:
1. التاريخ الشخصي والنقاء السياسي والمهارة الشخصية حتى في مرحلة الشباب عند مواجهة أنور السادات كلها علامات مميزة لصباحي، ويتمتع صباحي بالقدرة على إلهام الشعب وإدماجه في العمل الوطني.
2. في الوقت الذي اتجه الدكتور البرادعي إلى إقامة حزب قوي شبابي فتي ابتكر صباحي حركة التيار الشعبي واستقطب صباحي حزب الدستور مع بقية القوى الوطنية. وبالرغم من انتقاد البعض من "مقزقزي" اللب وطحاني الفول السوداني على الكنبة الهابطة لهذا الابتكار الفذ إلا أنه يخطو بنجاح ملحوظ نحو لم شمل الشعب المصري في مواجهة عصابات الخطف السياسي والمهووسين بسعار السلطة ولو على جثة مصر وشعبها.
3. يتميز حمدين صباحي بالعشق الحقيقي للشعب المصري وخاصة لفقرائه الذين سوف يستفيدون بدرجة أكبر من غيرهم من العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد اللذين يمثلان عصارة الفلسفة السياسية لصباحي.
4. صباحي، شأنه شأن شخص مثل عبد الحليم قنديل، ثري بالأفكار البناءة، مذاكر تماما لرؤيته الوطنية التنموية الحكيمة، عف اللسان، بالإضافة إلى أنه قادر على التعامل مع جميع فرق وطوائف الشعب المصري بما فيها تيارات الإسلام السياسي والمتطرفين منها، يحسن الإنصات والاستفادة من الآخرين ومن الخبرات السابقة، شعبي متواضع مستقل واثق من نفسه، يجيد الخطابة ومواجهة الجماهير، تفوق وطنيته وخدمة مصر وشعبها نوازع الأنانية والسباق إلى السلطة.
5. السياسي يتحايل حول المشكلة ويسعى فقط لكسب الأصوات، أما القائد الحقيقي مثل صباحي فهو يحاول حل المشكلة، وهذا ما ظهر في لقائه مع الرئيس مرسي وعرض عليه حلولا جذرية للخروج من مأزق الإخوان ولكن مرسي لم ينفذ إلا ما أُمر به وهو السمع لجماعته فقط دون إبداء أي رد فعل ولو بابتسامة، وفوجئنا بالفرمان الدكتاتوري.
6. الإخوان الآن يتابعون سياسة مبارك الاقتصادية التي يسميها العبقري عبد الحليم قنديل "رأسمالية المحاسيب"، والتي شاع إطلاق لقب "الرأسمالية المتوحشة" عليها، وهي البدء من أعلى السلم الاقتصادي وخفض التكلفة بالنسبة لكبار المستثمرين (الشاطر ومالك وحلفائهما من لصوص العهد المباركي) وإعطاء الميزات الخيالية لهم وعدم تطبيق الضريبة التصاعدية مدعين كذبا أن ذلك ينشط الاستثمار ويخلق فرص العمل ويزيد الإنتاج، وقد رأينا النتيجة لاقتصاد العرض هذا حيث نُهبت مصر، وأصبح الغني أكثر غنى وازداد الفقير فقرا. أما صباحي فيؤمن بالبدء من القاعدة صعودا للقمة، حيث يوجه الموارد الاستثمارية وحصيلة الضرائب التصاعدية ويضخها في القاعدة حيث يستثمرها الشعب وتوجه إلى الأعمال المحلية ويقوم الشعب نفسه بخلق فرص العمل لعمال يدفعون ضرائب يعاد استثمارها لبناء البنية التحتية لخلق المزيد من فرص العمل ومزيد من العمال الذين يدفعون ضرائب مرة أخرى، وهكذا يعلو البناء الاقتصادي، ويستمر أهل القمة أغنياء ويقل عدد الفقراء.
الخلاصة: النخبة الثورية (ولها الفخر بهذه الصفة) يجب ألا تتهم النخبة الرجعية (المؤيدين للنظام أيا كان) بالخيانة أو حتى النقد اللاذع الذي لن يفيد، وإنما على هذه النخبة الثورية أن تتحد وتمحو مشاعر الأنانية والضغينة فيما بينها، ومن لا يستطع منها عليه أن "ينقطنا بسكاته" وينضم لمقزقزي اللب وطحاني الفول السوداني على الكنبة الهابطة. نحن نواجه هذه الهجمة الدكتاتورية الدينية المتطرفة التي لا تفهم معنى الدين الحق، والتي لن تبني مصر، ولن تحقق أهداف الثورة الحبيبة، والمستغرقة في أحلام السلطة والغرور الغبي معتقدة أن الحكمة قد حان ظهورها على أيدي مليشياتها ناسين أن الثورة هي التي أزالت الهم والغم عنهم، وجعلتهم يتنفسون ويحيون، هذا الاعتراف القهري المؤلم، والذي بسببه يسعون لوأد الثورة وقتلها حتى يتنفسون الصعداء.
ساحة النقاش