تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

هل يصلح الإخوان المسلمون لحكم مصر؟ .. موجز الحلقات

وإهداء لأبو تريكة، أبو هاتريك "الملعب المالي"

   بقلم                                         

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

15 مايو2012

[email protected]

01227435754

هل من أحد ينكر نعمة ثورة 25 يناير الحبيبة؟ الوحيدون الذين ينكرونها هم من قامت الثورة ضدهم أي نظام مبارك ابتداءً بشخصه وأسرته وكهنته والمنتفعون اللصوص في جميع أحشاء نظم وهيئات ومؤسسات المجتمع المصري وفي كافة سلطاته التنفيذية والتشريعية والقضائية.

الآن، مرشحو الرئاسة المحافظون منهم والانتهازيون والثوريون جميعا يُقَبٌلون أيادي الثورة الحبيبة حتى أن أكثرهم ارتباطا بالنظام المباركي ونعمه الفريق أحمد شفيق يعترف بها وبحق الشعب في الثورة وباعترافه أن خيرات مصر ونعمها الهائلة لم تكن عادلة التوزيع، ويعد بأنه لو نجح سيجعل الشعب المصري يعيش كالملوك !!!

عندما قامت الثورة فرح الشعب المصري، وحمد ربه، وزالت الغمة، وانفرج الكرب، وشعر بنهاية العذاب وتأمل في بداية الحياة الكريمة، وإذا بالثورة البريئة الجميلة ينقض عليها أصحاب المصالح الخاصة ابتداءً بالمجلس العسكري الحاكم، ثم جيش مبارك ونظامه في السجون وخارجها، ثم الإخوان المسلمون والتيارات السلفية والجهادية التي أطلقت جميعها بفعل الثورة وبفعل أعداء الثورة في آن واحد كوسيلة لإحداث الفوضى والعناء وإرغام الشعب على طلب العودة لعبودية الاستقرار، والقناعة بالظلم المعنوي، والرضا بالفتات مقابل الأمن والاستقرار الذي يعد به الآن مرشحا النظام السابق الفريق شفيق والسيد عمرو موسى.

لقد قاربت الثورة على العام والنصف منذ قيامها، ولم يتحقق من أهدافها شيء على الإطلاق. كنت فردا يجاهد مع آخرين من مثقفي مصر وأحبائها من أجل الذود عن تلك الثورة وتلمس الطريق نحو تحقيق أهدافها، فكان من الضروري مواجهة أعدائها أو من يقومون باستثمارها فقط لتحقيق مصالحهم الخاصة دون مصلحة مصر وتحقيق مطالب شعبها الصابر.

الإخوان المسلمون أنفسهم يعترفون بأخطائهم وتعجلهم ورعونتهم بل والبعض منهم يعترف بتحالفهم مع المجلس العسكري للدخول في هذا النفق المظلم الذي يستهدف منه المجلس العسكري الرجوع إلي النظام السابق دون توريث لعائلة مبارك، وتستهدف الجماعة الإخوانية حكم مصر وتحقيق النهضة التي في نظرها كما يتبدى من تصريحات الدكتور مرسي هي اعتلاء سدة الحكم وتطبيق أحكام الشريعة وتحقيق الخلافة وتحقيق أستاذية العالم في المؤتمرات والسرادقات الفاخرة في أرجاء مصر بل وفي أبواق سيارات نصف النقل التي تجول المدن والقرى تزعج الناس بأصوات الغناء والهتاف والشعارات، وعلى مداخل شوادر بيع الخضر واللحوم والأرز والزيت وإزعاج الفقراء بجمع أرقام بطاقاتهم وأرقام هواتفهم في الحارات ومواقف المواصلات وفي كل حدب وصوب.

نفترض أن هذا كله من حق الإخوان، وقد حصلوا على كل ذلك شرعا وقانونا وبرغبة الشعب وتحت إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولكن أليس لنا الحق أن نتساءل: هل لو نجح مرسي أو أبو الفتوح (في الدرجة الثانية) هل يصلح الإخوان المسلمون لحكم مصر؟ الإجابة مهمة لكل مواطن يهتم بشأن بلده، بل ومهمة أيضا للجماعة الإخوانية وأذنابها في نفس الوقت.

لقد اتخذت موقفا واضحا وصريحا بأن الجماعة الإخوانية لا تصلح لحكم مصر بعد الثورة لأسباب ثلاثة، كل سبب ذكر في مقال خاص والآن نوجزها:

  1. الإخوان "جماعة ثقافية فرعية"، أي لها فكر وعقيدة وطريقة حياة وغايات خاصة بها ليست هي غايات الدولة والمجتمع المصري. إذا حكمت ستفرض ثقافتها الفرعية على المحكومين، أي الشعب المصري بكل طوائفه وثقافاته الفرعية الأخرى التي تمثل جميعها زهور بستان المجتمع المصري. المصيبة الأخرى أن تلك الثقافة الفرعية تصطبغ بصبغة دينية، وهنا فقد لمست أخطر مكونات الإنسان المكرم بخالقه وهي الروح والعقل والوجدان والسمع والبصر والفؤاد وهي جميعا مراكز الوعي والاتزان والاطمئنان. الإخوان جماعة ثقافية فرعية داخلية "In-group"، تتسم بالانغلاق والتعنصر والاستعلاء والاعتقاد بأنهم ملاك الدين والحقيقة المطلقة ومنقذو البشرية، ويشجعون الزواج من داخل بعضهم، ويشعرون بالغربة مع غيرهم، ويكتمون أسرارهم، ويسهل عليك دخول السفارة الأمريكية أو الكلية الحربية أو حتى الكنيست الإسرائيلي عن مجرد دخولك عضوا بالجماعة، وإذا انشق أحد من جماعتهم اعتبروه كالمرتد وحرموه من نعيم انتمائه للجماعة. ولن ترض عنك الجماعة إلا اذا اتبعت ملتهم. وإذا لم تكن عضوا بالجماعة فأنت محرم عليك مساعدتهم ووساطتهم وتمييزهم ودخولك في دائرة تجارتهم ومنافعهم وسلطانهم، ولن تكون من أهل ثقتهم مهما كانت كفاءتك ومواهبك. الجماعة الداخلية يسود فيها مبدأ السلطوية وتدرج السلطة والدكتاتورية لفرض الانتماء والترابط المتطرف والتحيز المقيت لأنها جميعا سر بقاء الجماعة الداخلية حية مستمرة. الجماعة الداخلية يسود فيها مبدأ السمع والطاعة. من أجل ذلك لم نرى حكما دينيا ناجحا في التاريخ السياسي المعاصر. وقد يبدو أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي نجحت نجاحا باهرا بالرغم من أنها نشأت على أساس ديني. الحقيقة أن إسرائيل دولة مدنية على أعلى مستوى، ولكنها استخدمت فقط الحجة الدينية كحق لتفعيل وإنجاح الحركة الصهيونية الفاشية العالمية. وإلى أن يتعرض الإخوان المسلمون لحنكة الصهيونيين في إقامة الدولة "اليهودية الصهيونية" فعليهم الانتظار لثلاثة أو أربعة آلاف سنة منذ رحلة الخروج من مصر. اليهود أكبر جماعة داخلية في أمريكا من حيث القوة والنفوذ والسلطان والمال والتوجيه الإعلامي، وبالرغم من ذلك فلم يحكم أمريكا رئيس يهودي، ولن يحدث، ببساطة شديدة لأن اليهود جماعة داخلية قديما وحديثا وإلى الأبد، ومن ثم فهم في انتظار الحجر الذي سينطق ويقول يا مؤمن هذا يهودي خلفي فاقتله. ولمزيد من التفصيل انظر الرابط التالي:

http://www.ahlan.com/2012/04/22/can-ekhwan-rule-egypt/

 

  1. أكذوبة خلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية، آفة فكرية تَخًلصَ منها العالم المتحضر منذ عصر النهضة والاستنارة في أوروبا بصفة خاصة، ورحمك الله يا غاندي صاحب المقولة الخالدة "الدين لله والوطن للجميع". رفض الإمام علي رضي الله الالتزام بحكم الشيخين أبي بكر وعمر قائلا "لهما اجتهادهما ولي اجتهادي ما دمت ملتزما بالقرآن والسنة". النعاج يساقون، أما الإنسان الذي كرمه الله بالعقل والروح فهو مكلف بإعمال عقله يسمع ويقرأ ويتدبر ويعمل عقله ثم يختار. جماعة الإخوان يسمونها "الحاضنة الفكرية لحزب الحرية والعدالة"، وذراعها السياسي هو ذلك الحزب. طالبناهم في بداية الثورة ، بسبب الفتنة الطائفية التي ورثنا إياها حكم مبارك اللعين (أقصد الحكم وليس مبارك)، أن يصبروا على هذا الحزب حتى يعبر هذه الحضانة ويتخرج من الجامعة ثم يلتحق بالسياسة بعد بناء البرادعي والنخبة الثورية، وقتها، لتلك الدولة الحديثة بعد الثورة، ولكنهم لم يصبروا على تحقيق نزواتهم السياسية الطائشة. الدين والسياسة يأتيان من مَعِينَينِ مختلفين، اذا اختلطا تصارعا، ومن ثم فقد حُرِمَا الاستدامة. الدين مرجعه سماوي، والسياسة مرجعها أرضي. الدين لله والسياسة للجماهير. الدين حب وعاطفة وتصديق وإيمان، والسياسة تَنَاُفس وصراع وشك وتخوين. رِفعة الدين زهد وصوفية، ورفعة السياسة مادية واستبدادية. الدين قانونه التقوى، والسياسة قانونها النفعية. وصدق بن خلدون عندما قال أن العلماء هم أفشل الناس في السياسة. ولمزيد من التفصيل انظر الرابط التالي:

http://www.ahlan.com/2012/04/24/can-ekhwan-rule-egypt-2/

http://www.ahlan.com/2012/05/10/can-ekhwan-rule-egypt-3/

سابقة الأعمال الفاشلة للإخوان المسلين، حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد النهار، فكيف تحكم تلك الجماعة دولة وهي أستاذة الفشل السياسي بالتأكيد، ولم تُصلح حال الدعوة أو الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتخلف حتى الآن ولو بقدر منظور. جماعة تقع في أخطاء ثم تصمم على تكرارها. اغتيالات وقلب نظام حكم وبناء جماعات تطرف ومراجعة وارتداد ومداهنة للسلطة وتآمر معها، وانحراف عن المهمة الدعوية الأصلية. لقد تمثل تخبط الإخوان في مرحلة الفترة الانتقالية ما بعد الثورة الينايرية الحبيبة في عدد لا حصر له من التناقضات والانتهازيات العديدة، منها على سبيل المثال عدم مشاركتهم فعليا في إسقاط مبارك قبل الثورة، ورفضهم المشاركة في 25 يناير وبدؤوا فقط بموقعة الجمل التي اعتبروا أنفسهم أبطالها، ومع ذلك فقد تعاونوا مع عمر سليمان من أجل التهدئة وإجهاض الثورة، وكانوا يدعمون شفيق وفي نفس الوقت يحتفلون بالتنحي، واشتركوا في الهجوم على بعض المعتصمين بعد التنحي وأرشدوا عن ضباط 8 ابريل، دعموا شرف بالرغم من سلبيته وكذلك الجنزوري الذي قلبوا عليه عندما استشعروا قوة شوكتهم في البرلمان، لم يشاركوا في أغلب الإعتصامات ولم يهتفوا بسقوط حكم العسكر إلا عندما تبين لهم استغلال العسكر لهم، لم يعتصموا أبدا من أجل الثوار المحاكمين عسكريا، انقلبوا على شبابهم الذي يُعْمِلُ عقله ويحاول اتباع ضميره الثوري، كانوا يسعدون بلقب الفزاعة ما دام لهم 88 كرسيا ببرلمان 2005، قاموا بطمأنة أمريكا وإسرائيل على الانبطاح والخضوع لهما ناسين أن أهم ثوابت الجماعة هو عدم الاعتراف بإسرائيل كما صرح بذلك مرشدهم الأسبق.

إخواننا الإخوان: عودوا إلى الدعوة وارفعوا أيديكم عن السياسة، ويا ليتنا نمحو من عالم السياسة المرشد والإرشاد ومجالسه ومصطلح الإسلام السياسي الذي لن يعود بنا إلا إلى التخلف والرجعية والانبطاح للفاشية الصهيونية والتبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية. إن هانت عليكم رحمتنا، فارحموا أمنا مصر الحبيبة عسى أن يرحمكم الله.

 

 

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,641