كارنيفال 25 يناير، عشانك يا مصر
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
01227435754
29 ديسمبر 2011
كيف سنستقبل أعظم عيد دنيوي أو مدني في تاريخ مصر بعد بضع وعشرين يوما من الآن؟ يوهمنا حكامنا الذين ضلوا السبيل أنه سيكون موعد تنفيذ مؤامرة كبرى للوقيعة بين الجيش والشعب وإسقاط الدولة. دعنا من هذا الهراء، ولنفكر كيف نجعل من هذا اليوم جهادا سلميا من أجل القيم التي أمدتنا بها الديانات السماوية من لدن المولى سبحانه وتعالى، الحرية والكرامة والعدالة والعزة. تلك القيم التي من أجلها قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير المستنيرة بعد أن أهدرها نظام الطاغية مبارك وكهنته الذي حرم مصر وشعبها الكريم منها تماما، وصار الكثيرون منا عبيدا مطمئنين في أحضان سادتهم وقد فقدوا عقولهم وكرامتهم، وهانت عليهم العزة، ورضوا بشهوات الدنيا، تراهم وقد لوثوا شوارع العباسية والمهندسين، بل وفي وسائل الإعلام وفي القصور والغرف المكيفة على السواء.
أحرار مصر وشعبها الأبي صبية وشبابا وكبارا، فتيات وسيدات وقواعد، متَحَدين للإعاقة ومتَحَديات، ومن كل أرجاء مصر وبقاعها، عليهم الخروج في يوم الأربعاء 25 يناير القادم إلى ميدان التحرير وميادين مصر كلها بداية من الإسكندرية ومطروح وبور سعيد والعريش شمالا حتى أسوان جنوبا لنحتفل احتفالا مهيبا بهذا اليوم المجيد لنحقق فيه الأهداف التالية:
<!--إعادة الوحدة الوطنية العظمى التي تجلت حينما خرج أكثر من عشرين مليونا في تلك الميادين لتقول للعالم كله ولطغاة مصر وطغاة العالم أن الشعب المصري جسد واحد، لا تفرقه ملل ولا طوائف ولا ديانات ولا قبائل ولا عائلات ولا أيديولوجيات سياسية، جسد مصر، أولى الحضارات وأم الدنيا، وقد هب هذا الشعب لبناء مصر ولتلحق بمن كانوا في أذيالها ولتستعيد مكانتها.
<!--تعميق معاني القيم السامية، غاية ثورتنا المجيدة، وهي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والعزة الوطنية، قيم الإنسانية المستخلفة لإعمار الأرض وتحقيق منهج الحق سبحانه وتعالى.
<!--تحية أرواح الشهداء، وتخفيف معاناة المصابين، والدعاء لهم شكرا وامتنانا لتضحياتهم وشجاعتهم وإقدامهم وتكريمهم لمصر وشعبها، ثم شكر الأحرار والشرفاء والعلماء والمثقفين المجاهدين من أبناء مصر المهمومين في يقظتهم وفي منامهم بإحياء ثورتنا الحبيبة ودفع طاقتها ومسيرتها لتحقيق كامل أهدافها، هؤلاء الذين يصارعون المجلس الأعلى للقوات المسلحة والقوى الرجعية داخل البلاد وخارجها الذين باتوا في العراء وتحت الأضواء يجهضون الثورة ويعيدونا إلى عصر مبارك الأسود.
<!--التأكيد على استمرارية الثورة والإصرار المطلق على تحقيق مطالبها كاملة غير منقوصة، مع المطالبة برجوع الجيش إلى ثكناته وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب أو رئيس مجلس الشعب في أقرب فرصة ممكنة، فقد عانى الجيش المصري والشعب المصري على السواء، ومل من سيرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأخطائه، بل وأعماله المقصودة من أجل إجهاض الثورة وظلم مصر والمصريين بمنع الأولى من التقدم ومنع المصريين من حقوقهم المشروعة كسائر الشعوب المحترمة في العالم.
<!--دعوة أحرار العالم ورعاة العدالة والحقوق الإنسانية لمشاركة مصر والمصريين في ميدان التحرير وميادين مصر كلها، ودعوة الصحفيين والإعلاميين العالمين للمشاركة أيضا في هذا العيد الوطني الكبير. وكم يكون نصرا مؤزرا لو زارنا مانديلا ومهاتير محمد وأردوغان ومنصف المرزوقي وكارتر كمواطنين عاديين يعشقهم شعب مصر ويحميهم بروحه ودمائه.
واسمحوا لي أن أعرض بعض أحلامي في تصور مشاهد هذا اليوم الجليل، الذي أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعيده علينا وعلى مصر الحبيبة عاما بعد عام وقد تحققت آمال ثورتها وخطت خطوات طويلة نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والرضاء النفسي للشعب المصري كافة ولفقرائه خاصة:
<!--تقوم كل عائلة قبل الذهاب إلى التحرير والميادين الأخرى برفع علم مصر في شرفات منزلها أو على أسطح مبانيها، وذلك حتى تزدان مصر كلها بعَلَمها الرفيع.
<!--حتى يكون اليوم سلميا أبيضا، أحلم أن يكون لباس الشعب كله في الميدان يسوده اللون الأبيض بجانب تكامل الألوان البيضاء والسوداء والحمراء في الأعلام أو في ملابس ملونة بهذا الثالوث الوطني الأبيض والأسود والأحمر وهنا يبدو ابتكار الشعب المصري في مثل هذه الأمور البسيطة ولكن عميقة المعاني.
<!--أتمنى أن أرى فناني الثورة ينتشرون في الميدان هنا وهناك كل يطرب الشعب بألحانه وكلماته أمثال حمزة نمرة ورامي جمال ومحمد منير وفرقة كايروكي وفرقة وسط البلد، وكذلك الفنانين والمشاهير المعروفين بإخلاصهم واعتناقهم لقيم الثورة ومطالبها أمثال عمرو واكد وأحمد عيد وخالد الصاوي وأحمد حلمي وخالد يوسف ومنى زكي وبسمة وجيهان فاضل وتيسير فهمي وشيرين عبد الوهاب وخالد النبوي وعمر الشريف وكامل السعدني ومي سليم وشريهان وعمار الشريعي ونهي العمروسي وثناء دبس ومن الرياضيين نادر السيد وأبو تريكة وغيرهم.
<!--أتمنى أن أرى أعضاء مجلس الشعب الذين يمثلون الشعب المصري كله دون طوائف معينة وقد خرجوا جميعا في هذا اليوم المهيب يقودون شعبهم ويمجدون هذه الثورة العظيمة التي أوصلتهم إلى مقاعد البرلمان عن طريق الصندوق الانتخابي الصادق. وهذا هو الاختبار الحقيقي الأول لأعضاء مجلس الشعب حتى يوفوا الوعد لرعيتهم ويردوا الجميل لثورتهم العظيمة.
<!--أتمنى أن أرى النقابات المختلفة والجمعيات الأهلية وقد تجمعوا مع بعضهم في الميادين يحملون يافطات عليها أسماء جمعياتهم أو نقاباتهم بجانب أعلام مصر، ولو اجتهدت هذه النقابات والجمعيات في إخراج أعضائها فإنه من الممكن أن يخرج ما لا يقل عن 2 مليون شخص في ميادين مصر كلها.
<!--أتمنى أن أرى رؤساء الجامعات المنتخبين الآن أن يخرجوا مع طلابهم في جامعات مصر كلها وهم يحملون يافطات جامعاتهم بجانب أعلام مصر الحبيبة.
<!--أتمنى أن يحشد اتحاد الفلاحين أكبر عدد ممكن من الفلاحين ليتوجهوا إلى ميادين عواصم محافظاتهم وإلى ميدان التحرير بصورة خاصة كلما أمكن ذلك حتى يشعر العالم أن الفلاح المصري والقرية المصرية قد خرجت إلى القرية العالمية وأصبحت جزءًا من عالم العولمة.
<!--أتمنى أن أرى نور الأزهر وجلال الكنيسة وقد خرج رجالهما يحملون الهلال مع الصليب ليؤكدوا على روح المصريين السمحة وتدينهم الراقي وعشقهم للإنسانية والسلام والمحبة والوئام.
<!--أتمنى أن أرى مسيرات في شوارع مصر كلها تحمل الأعلام وتمجد ثورة الشعب العظيم.
<!--وفي النهاية، لا يؤجج المشاعر الحية ويحي القلوب الموات مثل الهتافات الوطنية الصادقة، ولذلك فأتمنى أن يبدع المبدعون في تأليف هذه الهتافات ونشرها عبر شبكة الإنترنيت أو طبع منشورات ورقية لتوزيعها في المناطق الشعبية والريفية. واحتفالا بهذه الثورة العظيمة أرجو أن يقدم المجلس الاستشاري استقالته حتى لا يكون كالمرتزقة الذين يتنقلون في سرادقات العزاء بحثا عن صدقات من أهل الميت أو انتظارا لالتهام وجبة غذاء أو عشاء دون مراعاة لمشاعر أهل الميت ودون مراعاة لجيوبهم أيضا، وإلا فليذهب بكامل تشكيله إلى ميدان التحرير يشارك الشعب فرحته الكبرى ويُوَقع على ولائه لثورة 25 يناير العظمى.
ساحة النقاش