تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

العوا والرئاسة الإسلامية الأولى لمصر بعد الثورة

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الأسكندرية

0127435754          16/6/2011

[email protected]

أخيرا، وبعد دراسة للموقف واستجابةً لمحبيه، قرر الأستاذ محمد سليم العوا، ذو القيمة والقامة، الترشح لرئاسة الجمهورية. فهل يسمح لي سيادته بدراسة للموقف بجانب دراسته الخاصة؟ خلاصة تحليلي الشخصي للموقف أن الرئيس الأول للجمهورية بعد الثورة لا يجب أن يكون ممن يطلق عليهم "الإسلاميون" أو دعني أقول ممن هم موسومون بنزعة الإسلام السياسي، سواء كان من الإخوان المسلمين أو من غيرهم، وذلك للأسباب التالية:

لم يقنعني أحد وحتى من الإخوان المسلمين بمن فيهم المهندس خيري الشاطر في أحدث حواراته مع الأستاذ محمود سعد، وهو متحدث ضاغط القول، سيٍل اللسان، بأن المرجعية الإسلامية تضيف جديدا لحكم مصر الآن، حيث يقول سيادته أن القيم الكلية الإسلامية هي الجديد. والواقع أن تلك القيم الإسلامية الكلية لا يختلف عليها أحد من جميع الأديان بل وحتى الملحدين أنفسهم لأنها قيم إنسانية فطرية أدخلتها الثقافة الإسلامية في الأندلس إلى أوروبا المتوحشة آنذاك.

<!--في ظل وجود مرشح مثل الدكتور البرادعي بصفة خاصة، وغيره موجود أيضا، أشعر بطمأنينة كبيرة على مصر وأبنائها لو وصد إليه أمر رئاسة الجمهورية. ومن ثم فلا حاجة للمزيد من المرشحين إلا لو تفوق عليه مرشح جديد وذلك لأسباب أفضت من قبل في ذكرها.

<!--إن البركان الذي تعيش مصر فوقه الآن بسبب الانفلات الأمني والتوتر الديني والانقسام الطائفي وقوى النظام الشيطاني السابق سوف ينفجر بمجرد جلوس رئيس موسوم بالنزعة الإسلامية على كرسي الرئاسة لأسباب من السهل تفهمها، وسوف ينخرط الرئيس الجديد وحكومته في كتم هذا البركان، ويؤجل  بناء الدولة الصابرة واسترجاع كرامتها. وهنا تنطلق الزغاريد في إسرائيل وأمريكا، ويستمر مسلسل بناء الشرق الأوسط المهلهل الجديد ونحن في غيبوبة التطرف والنزعات التعصبية. وهنا نقول جميعا "يا ثورة ما تمت".

<!--بناء الدولة في فكر رجل مثل الدكتور البرادعي من ناحية، وفي فكر رجل ممثل للتيار الإسلامي، من ناحية أخرى، سواء كان الأستاذ العوا أو غيره، يعتمد في تحقيق الوحدة الوطنية على فلسفتين مختلفتين، إحداهما صالحة للدولة والأخرى مدمرة لها. الدكتور البرادعي يعتمد على بناء ما يسمى بالوحدة الوطنية العضوية Organic solidarity والتي تعتمد على تجاذب وترابط واعتماد المختلفين بعضهم على بعض، أي أن الصلابة الاجتماعية تكون في اعتماد المختلفين بعضهم على بعض وحاجة كل منهم للآخر، أي فكرة أن "الأقطاب المختلفة تتجاذب". أما فلسفة أصحاب التوجه الإسلامي والنابعة من خبرة بناء الجماعة الإسلامية أو الإخوان المسلمين أو أمثالهم فهي تعتمد على الوحدة الميكانيكية أو التلقائية Mechanical solidarity وهي التي تعتمد على فكرة "الطيور على أشكالها تقع"، أي فكرة "غريزة القطيع" أو التشابه ورفض الآخر، وهذه تصلح للجماعات الصغيرة ولا تصلح لبناء الدولة الضخمة شديدة التعقيد. الفلسفة الأولى تجمع وتوحد والثانية تحدث الانشقاق في بناء المجتمع الكبير.

<!--لو أن الشهيد الإمام البنا رحمه الله وطيب ثراه موجود الآن، أتساءل هل يرضيه حالة جمعية الإخوان المسلمين اليوم؟ أهملت الجماعة نسبيا مهمتها الأصلية الأساسية وهي الدعوة وبث روح التوحيد والإسلام في جسد الأمة وأعضائها. وقد كان برنامجه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إبداعا قد يفوق فكر علماء التنمية اليوم بعد أكثر من ثمانين عاما. أمَا وقد حدث ما يسمى بالإحلال الهدفي Goal displacement للجماعة أي التحول من الدعوة أساسا إلى السياسة أساسا، فهذا ما كان سوف يؤرق الإمام لو شهد حال الجماعة اليوم. والدعوة هي ما أوصلت الإخوان اليوم إلى إنجازاتها وقوتها، وأخاف أن تهدمها السياسة بأوحالها المعروفة. ويكفينا تعريف السياسة بأحد علمائها بأنها "علم الزفلطة" The science of muddling through. الإخوان بحاجة إلى مصر، ومصر تنادي الإخوان فليرجع الإخوان ونحن معهم إلى الدعوة بالحسنى، والبشاشة في الوجه، والحب للمختلفين، صلى الله عليك يا أنموذج الرحمة والسماحة.

<!--ماذا فعلت النزعات الدينية في بناء الدول عندما تهيمن على فلسفة قادتها؟ الحالة الشاذة الوحيدة هي تركيا ولكن دعنا لا ننسى أنها دولة علمانية محمية. أما عدا ذلك فحدث ولا حرج سواء في أفغانستان أو إيران أو السودان أو العراق أو الصومال أو غيرها. الدولة ليست قبيلة، أو جمعية، أو طائفة، أو أي كيان متجانس، إنها وعاء للوحدة بالاختلاف، وللترابط بالتباين.

<!--سوف تثار الشكوك حول مصر من جانب جميع دول العالم مما قد يعوق اندماج مصر في المجتمع الدولي وفي ثقافة العولمة، وستكون هناك مخاطر كبيرة أقلها التأثير على بيئة الاستثمار وهروب الاستثمارات الأجنبية، ولنا عبرة في مثال تخفيض الاستثمارات لدي الشركة الوطنية الصينية للبترول بمقدار 7 بليون دولار لمجرد علم المستثمرين الأمريكيين بأن الشركة لها صلات بالسودان التي كانت تعتبرها أمريكا أكبر دولة مخالفة للحرية الدينية في العالم.

<!--وجد العالمان الأمريكيان آلون و تشيس في كل من فلوريدا وجورجيا، وفي دراسة حديثة عام 2005م لخمس وسبعين دولة، أن بناء الدولة والتقدم الاقتصادي يعتمدان على الحرية الاقتصادية ثم الحرية المدنية (حرية المجتمع المدني) ثم الحرية الدينية ثم الحرية السياسية، بمعاملات ارتباط قدرها 0.79 ثم 0.68، ثم 0.63 ، ثم 0.57 على التوالي. الحريات كل متكامل ولكن تبقى الحرية الدينية في مركز الثقل الأساسي.

 الخلاصة هي نداء لأصحاب نزعات الإسلام السياسي أن يؤجلوا إلى ما بعد الرئاسة الأولى للدولة مساهماتهم محمودة المقصد في رئاسة الجمهورية إلى أن تبنى الدولة ويشتد عود الديمقراطية ويدرك الشعب مصلحته فليست الديمقراطية خالية تماما من الشوائب، فاتعظوا يا أولي الألباب.

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

mngamie

يا أخي الفاضل أنا أحمد الله أني مسلم، بس المهم في اللي بيقول أنا مسلم سلوكه، فاهم سلوكه يعنى إيه؟ ده يعني حاجات كثيرة جدا، ومصر كلها مسلمين، والمسلمين مليار ونصف. لكن انت فخور بهم قوي؟ المسلم مسلم في القلب والسلوك وليس باللحية السعودي والجلابية البدوية والشبشب العجب، وبعدين ياكل مال النبي. انت مش بتكسب ثواب إنك تقول أنا مسلم والمسلمين أحسن ناس، أنت تكسب ثواب إن شاء الله لو تحاول تخليهم ناس بشوشين عارفين حقوقهم وواجباتهم ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ويصلح نفسه أولا. يا راجل أمثال هؤلاء ممكن يكرهونا في المساجد، ونضطر إلى الصلاة في البيت.

karika-azzamadvertising

اتق الله فى الانتقاد لاخوانك المصريين وانا لست من جماعة الاخوان المسلمون ولا من اى حزب سياسى لكن عليك ان تنتقد وتتكلم بدليل قاطع لان حجمالاسلاميين فى مصر اكبر بكثير من غيرهم وهم على علم بدينهم وبلدهم ويكفى علماء الازهر والحديث

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,684