جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
اثر المخاطر السياسية على استراتيجية المنظمات فى السودان
دكتور :محمد الناجى الجعفرى
اثر المخاطر السياسية على استراتيجية المنظمات فى السودان
هناك عدد من العوامل الخارجية ، والتى غالبا ما يصعب التحكم فيها ،تؤثر على قرار المنظمة الخاص بتحديد اتجاهاتها وتصرفاتها المستقبلية ، وهذه العوامل تمثل مايعرف بالبيئة الخارجية للمنظمة . وهى اما بيئة نشاط او بيئة خارجية محيطة . بيئة النشاط تتكون من متغيرات اكثر التصاقا بالمنظمة و المنظمات المماثلة لها . اما البيئة الخارجية المحيطة فهى تؤثر فى كل المنظمات العاملة فى المنطقة او البلد المعنى ، السودان مثلا ، ومن ضمن تلك المتغيرات ما يعرف بالمتغيرات السياسية ، و التى ترتبط بالبيئة السياسية للمنظمة. وتسعى هذا الدراسة الى التعرف على اثر المتغيرات السياسية على المنظمات العاملة فى السودان و بالتركيز على تلك العاملة فى ولاية الخرطوم .
اهمية الدراسة:
تنبع اهمية الدراسة من كونها من الدراسات الميدانية التى تتطرق الى موضوعات مازالت بكرا ، تحتاج الى بحث ودراسة من اجل ابراز جوانبها ، كما تنبع اهمتها من كونها تعالج موضوع المخاطر السياسية و التى تعتبر من اهم المتغيرات التى يجب على المنظمة تحليلها والتعرف على اتجاهاتها ، لانها تمثل اهم مكونات الادارة الاستراتيجية، لعظم التدخل الحكومى فى النشاط الاقتصادى و الاجتماعى للمجتمع ، و ارتباط ذلك بالتحطيط الاستراتيجى للدولة .
مشكلة الدراسة :
تعمل المنظمات على تحليل بيئتها الخارجية و الداخلية عند وضع استراتيحية المنظمة الكلية، و استراتيجيات النشاط المختلفة لديها ، بالاضافة الى الاستراتيجيات التشغيلية . و عناصر تحليل البيئة الخارجية هامة جدا لوضع تلك الاستراتيجية ، ومن اهمها تلك المكونة للبيئة السياسية ، لما للدولة من سلطة فى توجيه نشاطات المجتمع ، لذا على المنظمة ان تحلل تلك العناصر وتصنفها ما اذا كانت فرصا تغتنمها او مخاطر فتتجنبها . وتسعى هذه الدراسة الى مسح البيئة السياسية فى السودان ، بالتركيز على ولاية الخرطوم ، للتعرف على المخاطر التى تؤثر على المنظمات العاملة فى السودان .
اهداف البحث :
تهدف الدراسة الى الآتى :
1. التعرف على البيئة السياسية فى السودان و تأثيرها على المنظمات العاملة فى السودان .
2. التعرف على المخاطر السياسية التى تواجه المنظمات السودانية وكيفية مواجهة تلك المنظمات لها .
تقسيم الدراسة :
يتقسيم الدراسة الى ثلاثة اجزاء كالآتى :-
اولا : المخاطر السياسية .
ثانيا : الدراسة الميدانية .
ثالثا : نتائج وتوصيات البحث .
اولاً :المخاطر السباسية:
يظهر مصطلح المخاطر السياسية Political Risks عند الحديث عن الادارة الاستراتيجية Strategic Management . فعند التفكير فى وضع استراتيجية ، لاى منظمة ، يتم البدء بما يعرف بالتحليل البيئى للمنظمة Environmental Analysis . والمقصود بالتحليل البيئى للمنظمة النظر فى المتغيرات الخارجية التى تؤثر على المنظمة ، والتعرف ما اذا كانت فى صالح المنظمة ام لا .و بالتالى تمثل نقاط ضعف weakness' او اوجة قوةStrengths عند تحليل البيئة الداخليةInternal Environment ، و فرص Opportunities اومخاطر Risks عند تحليل البيئة الخارجية المحيطة External Environment .
وتعبر المخاطر السياسية عن النواحى القانونية و الحكومية السائدة فى الدولة او المنطقة التى تعمل فيها المنظمة ،فهى تعبر عن العلاقة بين الدولة او الحكومة والمنظمة ، او مع الافراد الآخرين الذين يمتلكون قوة سياسية . وتتصف البيئة السياسية بعدد من الصفات الهامة بالنسبة لمنظمات الاعمال مثل :
1. زيادة التدخل الحكومى فى مجال اعمال المنظمات .
2. التدخل الحكومى له تكلفته العالية .
3. وجهة نظر الحكومة او الدولة فى هذا التدخل الحكومى تختلف عن وجهة نظر اصحاب الاعمال.
وهناك عديد من القيود السياسية والقانونية التى تمثل قيودا على المنظمة ومنها :
القررات الخاصة بحرية التجارة .
القرارات الخاصة بالضرائب .
الحد الادنى للاجور .
سياسة التسعير .
تلوث البيئة .
وتهدف هذه القيود الى حماية المستهلك و البيئة التى تعمل فيها المنظمة ، وعادة ما تكون هذه القيود ملزمة للمنظمة وينشأ عنها تكاليف و بالتالى تؤثر على ربحية المنظمة . غير ان هناك بعض القوانين الحكومية التى تمثل فرصا للمنظمة كحماية براءات الاختراع وتدعيم بعض الصناعات . كما ان الدولة تعتبر اكبر مستهلك للسلع و الخدمات المختلفة ، وقد تكون ايضا منافسا قويا فى بعض المجالات التى تدير فيها مشروعات .
ويمكن تقسيم القوانين التى تؤثر على عمل المنظمات الى :
1. القوانيين المرتبطة بالبيئة
2. القوانين الخاصة بالعلاقات مع العاملين
3. القوانين الخاصة بالدفاع عن حقوق الملكية
4. مجموعة القوانين الخاصة بالنظام الاقتصادى وهى تلك القوانين المتعلقة بانشاء المنظمات ، وتلك المنظمة للعمليات التجارية بالدولة ، وتلك الخاصة بمنع اى فساد فى الاداء الادارى للمنظمات ، وبالافلاس او الاعسار .....الخ .
والواقع ان تعدد القوانين وكثرتها يؤدى الى زيادة التكلفة الخاصة بالأداء داخل المنظمات ، كذلك فان وجود مثل هذه القوانين تودى الى التقييد من حرية الادارى ومن قدرته على التجديد و الابتكار وجعله اكثر تحفظا فى كل القرارات التى يقوم باتخاذها.
ان المنظمات يجب ان تكون على وعى مستمر بالعوامل السياسة و القانونية ، وان تحاول ان تتنبأ بها و تحولها لصالحها ان امكن ، وفى بعض الحالات تضغط على الحكومة كى تسن التشريعات فى صالحها . ومن المتغيرات التى يمكن للمنظمة التنبؤ بها مثل:
1. ما هى التغيرات المتوقعة فى سياسة الحكومة فيما يتعلق بمنظمات الاعمال ، التجارة الخارجية ، الضرائب ، حماية البيئة ، الدفاع ، حماية الصناعة المحلية ؟
2. ماهى درجة النجاح التى تحققها الحكومة فى انجاز اهدافها ؟ وماهو اثر ذلك على المنظمة؟
3. هل هناك اتجاه بعدم الاستقرار ، شيوع الفساد ، شيوع العنف ؟
4. ماهى درجة المخاطرة للعمل فى الاسواق المختلفة ؟هل هى مرتفعة ام منخفضة ؟
5. ماهى القيود السياسية و القانونية الآخرى او التدعيم الذى يمكن توقعة فى ضو سياسة الحكومة المتوقعة ؟
ثانياً:الدراسة الميدانية :
تم اختيار عينة عشوائية مكونة من 50 مفردة من كبرى الشركات التى توجد فى ولاية الخرطوم ، والتى يمتد نشاطها فى السودان كله ، و قد وزعت على هذه العينة قائمة استقصاء مكونة من ستة عشر سؤالاً قابلاً للتحليل . و تمثلت وحدة المعاينة فى افراد الادارة العليا فى المنظمة ، لذلك امتدت الفترة الزمنية لهذا البحث لاكثر من سنة ، حيث انتهت عملية جمع البيانات فى منتصف عام 2008 م وتم تحليلها خلال النصف الثانى منه ، ثم كتابة التقرير النهائى فى العام 2009م . وقد كانت نسبة الردود 100% .
تم تحليل البيانات باستخدام البرنامج الاحصائى SPSS و قد تم استخدام النسب فقط بوصف الدراسة استطلاعية مسحية .
ثالثا : نتائج وتوصيات الدراسة:
اولا:النتائج :
1. تؤثر المخاطر السياسية على اختيار استراتيجية المنظمة ، فكلما ذاد قبول الادارة العليا لتحمل المخاطرة كلما كانت فرصة اختيار الاستراتيجيات التى تتضمن جزء كبير من المخاطرة اكبر .
2. يتم اتخاذ القرارات فى المنظمات السودانية بناءً على قوة المدير اكثر من اعتمادها على نتائج تحليل بيئة المنظمة .
3. عند ضيق الوقت تختار المنظمات استراتيجية دفاعية بدلاً عن الاستراتيجيات الهجومية .
4. عدم الاستقرار السياسى فى السودان يؤثر سلباً على استراتيجيات المنظمات السودانية، لصعوبة التنبؤ بالمتغيرات الحكومية.
5. درجة النجاح التى تحققها الحكومة فى تحقيق اهدافها تؤثر ايجابا على استراتيجية المنظمات العاملة فى السودان .
6. القيود الحكومية تؤدى الى ضعف الاستراتيجيات التى تتبعها المنظمات العاملة فى السودان .
7. لايوجد فى المنظمات السودانية جهاز متخصص لتحليل بيئة المنظمة ، ومع ذلك فان نسبة المنظمات السودانية التى تستعين بمراكز خارجية للقيام بذلك لاتتعدى 28% .
8. المخاطر الاقتصادية تؤثر بنسبة كبيرة على المنظمات السودانية .
9. تأثر المنظمات السودانية بالمخاطر السياسية عالٍ ، ومع ذلك فان المنظمات قد تخاطر بالدخول فى مثل تلك الاستثمارات.
10. من الاستراتيجيات التى تتبعها المنظمات السودانية للتعامل مع المخاطر السياسية هى توزيع الاستثمارات فى مجالات مختلفة و الانسحاب من الاستثمارات ذات المخاطر ، او المشاركة لتقسيم المخاطر .
11. من الاستراتيجيات غير الاخلاقية التى تتبعها المنظمات فى السودان الاستعانة بمعارف فى مواقع القرار الحكومى لتفادى المخاطر السياسية ، كما ان نسبة من المنظمات تستعين بالاقارب و المعارف وتستخدم أساليب غير قانونية للحصول على الفرص الحكومية .
12. اهم الحوافز التى تتطلع اليها المنظمات فى السودان هى الاعفاء من الرسوم والضرائب .
13. من اهم المشكلات التى تواجه المنظمات عند وضعها لاستراتيجيتها هى:
عدم كفاية المعلومات عن البيئة الخارجية .
صعوبة التنبؤ بالمخاطر السياسية و الاقتصادية .
صعوبة التنبؤ بسياسات الجهات الحكومية .
ثانيا:التوصيات:
1. على المنظمات العمل على تحليل بيئتها تحليلا دقيقا يعتمد على الخبرات الموجودة بها والاستعانة بالمراكز الخارجية فى حالة عدم توافر تلك الخبرات . وعلى المنظمات ان تتخذ قراراتها بناءاً على هذا التحليل بدلا عن استخدام المدير لنفوذه و رأيه الشخصى .
2. على المنظمات تحليل الفرص المتاحة و العمل غلى الموازنة بين الحوافز و القيود الحكومية .
3. دراسة الفرص الاستثمارية جيدا قبل التفكير فى العائد السريع منها.
4. عدم اتباع اى اساليب غير اخلاقية لانها حتى لاتأخذ المنظمة حق غيرها ، بل يجب الدخول و المنافسة فى الفرص المتاحة بكل نزاهة .
5. التغلب على صعوبة الحصول على المعلومات عن طريق تطوير نظام فعال للمعلومات الادارية ، وضرورة الاعتماد على الاساليب الحديثة فى جمع وتحليل البيانات وتصنيفها وان تكون متاحة لمتخذ القراروقت الحاجة اليها .
المصدر: دكتور محمد الناجى الجعفرى . مجلة بحوث ودراسات العالمم الاسلامى
دكتور محمد الناجي الجعفرى
استاذ ادارة اعمال
ساحة النقاش