مرثية أبي ( تقع في ألف بيت ) .... الجزء الثاني
---------------
من البيت السابع و الأربعين إلى البيت المئة...
تركت في الدار حبا ما به علل
يجور واردها فينا و لا يذر
لو يستكين إليها السامعون لنا
تهدم أزلام بنا صرحا و ما تعر
معنى الحياة الذي جاء الجدود به
عدل السماء بعزم الحق ينتصر
أنعم بأبي ، و قد أنعمت في كذب
بهزة في الورى الآمال تحتضر
أعود منه ، و أقفوه إذا عثرت
في صدر وارثنا الآيات و العبر
أبهى القصيد الذي غنى الأصيل به
عين البيان بنطق الحق ينتشر
أنا به في قلوب الصحب منسكب
و رأيه .. من سماه الحب ينهمر
نسيت في زحمة الدنيا وصيته
فعشت قلبا و في أغواره الكدر
و ليس ينفعك زيف و لا دجل
و لست تدرك ليلا همه السهر
تفنى و تجهد في إرضاء مقضية
أفنى المداوم فيها عمر من عمروا
يعميك حب المقامات التي كذبت
على العباد فعادت ، فيك تنفجر
ضاع الهواء ، و قد خان سجيته
و الريح تجري بما نبلي و ما نذر
أبي .. لقد شايعت حرفا بلا رتب
وعشت فيك فأنت الصحب والعشر
تصعد الظلم من حضن الفساد فلا
عين رأت أملا فينا .. و لا أثر
قعود الريح تسبيحا ، يذكر من
أضناه أجمعه الإبهام و الخور
فكيف قوم من الأحلام نجدتهم
والظلم شيمتهم ، والجبن والذعر
وحين عادت إلى الأسماء دعوته
عاد الهواء بنبض الحب ، و الوتر
أيا جدودي بأسماء لحودهم
قلوا تخاريفهم إن القلب ينفطر
أبي ، لقد عايشت حبا بلا وطن
و لا لآملة في نيله حور
أبي.. أنا من عب حرفا بلا كلل
كفى تعاويذهم عبد الحق ينتصر
و لا لناظرة في وهمه شغف
و لا لطامحة في وصلنا ظفر
و كل حرف أردناه أتى دررا
شعرا ، تأصل فينا الشاعر الذكر
فلو أوطن في صدري مفاعله
فكأنما أرسم في بحر يسر
في كل ليل أنا الرؤيا لشاخصه
نذير شعر نمت في عزه الدرر
و أنت ناكره في قرب أمنية
لك من اللعن طن و الجفا ظفر
و أنت خاسره في كل دائرة
لك من المجد طز و الغبا فكر
تبا لك من أسير في غريزته
لولا أذيته في الناس لازدهروا
دوما أبي في نحيب من دناءتكم
كل البلاد تعود الآن أو تحتضر
ضم المنية و الأحلام مشرعة
و ما كبا ، أبدا ، في دربه نفر
تهب أشواقنا قائلة : أبتي..
وجدا عظيما وعهدا راسخا يطر
تهاب أنفاسهم ذكري ، وأخيرهم
منافق ، وهو عند الصدق مستتر
و عمي أبصارهم مستحكم حكم
تغار من علمه البغلات و الحمر
تفجرت في صريم النبض صرخته
كما تفرق في أحفاده الأثر
في لوعة بالدجى ألقوا جنونهم
وأنت في حضن من باعوا ومن غدروا
قوم .. تورمت الذكرى بزيفهم
و دأبهم سدى إن كالوا و إن مكروا
و إذ أقابلهم .. دوما أسائلهم
عن الأسامي وقد ضاعت، لها كسروا
سود القلوب يسوء الوقت إن وثبوا
إلى الجوى ويغيب الحب إن ظهروا
أدعوا لأفعالهم نكال ما بهم
لهتكهم أصلا في نبضه مكروا
أشقى بأذاهم مقام من بنى
لحرفهم متنا في جنيه ثمر
أناشد في الورى جند الإله لهم
من الملاك الحمام البيض و الحور
و كل درب سلكنا في مآثرهم
فطيه شرف الأحفاد لا النكر
حرف يتيح لنا أسرار منظره
و إن أسراره في صدرنا غرر
حرف يلين لنا إحكام قبضته
كأن أضلاعه في رسمنا وتر
لقد أعادت بنان الراح رونقه
كالبدر ، يجدر فيه الحب و النظر
يا خير من يدفع البلوى و يبعدها
إليك أشكو و أنت البدء و الخبر
يا حرف، إذ توقظ السلوى فترسلني
إليك أسعى ، و أنت الأهل و الزمر
لكل حرف ثواب من فضائله
و كل معتكف فينا .. له ثمر
خجلت من مدحك ، فانداح منبعه
و ما إلى بعده من حيلة تجر
و ما أردت قصيدا منهمرا
إلا أتاني بيتا ، فيه أعتمر
لقد أراد تلك الغايات موجده
و أنتم لا أفاعيل و لا خير
هنالك .. أوحى إلي بالذي فعلوا
ظلما ، فيا هول ما أبلوا و ما نذروا
غابوا وقد عاد سيف العدل في ظلم
تعود إلينا الدار و السرر
و ما أزال أرد الصابئين إذا
تراجع من خانوا و من كفروا
إلى متى أبقي الغايات عندهمو
و هم ذئاب الهوى في القلب تحتفر
يتبع...................
* عبد الصمد الصغير. تطوان / المغرب
