يوميات امرأة خريفية 3
ظلال السلال
عند مشارف اللاوعي خارج الزمان والمكان ، تسامقت هناك
شجرة صفصاف عتيقة ، جذورها ممتدة منذ بدء التاريخ ،
تمخض عنادها ، انجب فروعا لا حصر لها ، كل فرع تناسل
وتكاثر ، راح يمتد أكثر فأكثر وكأنه سقط بحضن الغيم صعودا وغاص في ثناياه.
جاءها الخريف معتمرا خوذته الصفراء ، غزا خضرتها ، نهب
اوراقها ، وقامت الرياح بمؤازرته حين داست على ماتبقى
في جنباتها من ورق وماء...
ولأنها امرأة مجبولة من طين الصبر وماء العناد ، لم ترضخ
لكل ما يحيط بها من أهوال .
لذلك قررت صنع سلال من بعض اغصانها الغضة التي لم يلحق بها بعد جور التجفاف . علقتها بالفروع المتينة ،
فبدت السلال متدلية كالعرجون ، نابت عن الاوراق المتساقطة ليستظل بظلها الأخاذ.
شعرت الصفصافة ان الشابة التي بداخلها مازالت تهوى الحياة ، ترنو إلى الحب بشهوة الامل ، حين ارتدت فستانها
الابيض وتتوجت باكليل النقاء. نبت العشب من حولها ،
وهاهو ذا الماء يتدفق من خلفها مانحا إياها عطاء السماء.
.......
بالارادة وحدها يصنع الانسان من خريفه ، ربيعا لايموت..
أمل ماغاكيان