يوميات امرأة خريفية
أنا والأمس الضائع
بالأمس كنت تلك الشابة العاشقة للحياة، بالأمس كان القمر
ازرقَ ، براقا ، كنت الهو مع الحياة وأمازحها. بالأمس كان المطر الوابل كالرذاذ المنعش ، طعمه حلو فوق الشفاه .
بالأمس كانت نسمات المساء تداعب لهب شمعتي وكنت اتراقص على نغماتها .كانت لدي المئات من الاحلام والالهامات
لكنها ضاعت مني ، وكأنني كنت أسير فوق رمال متحركة .
واليوم ماذا ؟؟!!
جاء الخربف وأطاح بجميع اوراقي ، اليوم أدركت كيف هربت
السنين من بين اصابعي ، فتسللت ليمتصها التراب العطش .
اليوم سأودع أمسي وألقي عليه نظرة الوداع الأخيرة .
المؤلم بالأمر أنني لم أتوقف عند اي محطة لأعرف المعنى
الحقيقي للحياة ، لأنني كنت ألهث وراء الأمور التي كان علي
إنجازها ، وواجباتي نحو الجميع . ناسية نفسي بالمجمل بين
الزحام المكثف فوق كاهلي .
أصبحت أخشى ضوء النهار العاري ، دوما أستره برداء الليل
وعواء مكتوم .
انهيت سنوات عمري ولم انظر للفراغ والضياع من خلف
معترك الحياة .
اذكر كيف أنني أطفأت لحظات جميلة بيدي ، بسبب كبريائي
العنيد . ماتت الاَن كل الأحلام ، وأصبح طعم المطر علقما ،
وصار القمر بنفسجيا حالكا ، اغرقته سحب الشتاء السوداء .
وبطريقة ما انجرف كل شيء جميل مني .
حلقت سنونواتي ، لوحت لها للمرة الأخيرة ، وبقيت أنظر لها
حتى غابت عن ناظري وغاصت خلف الأفق توازيا مع رحيل
الأصيل .
ماذا انا الاَن ؟؟!!
قطرة ندى انا الاَن انتظر عودتي للخضم الأوسع ، فألحاني لم
ترى النور وكأنه علي دفع ثمن الأمس الذي لم أعره اي اهتمام . وأيامي تلهث بخطى متسارعة نحو الرحيل .
فعيوني ترفض هذا الألم الجم .
سلام لك يا عمري الضائع .وسلام لما تبقى لي من عمر ارتشف
فيه قهوتي مع موسيقاي المفضلة .إلى أن يحين موعد سفري
بلا حقائب بلا ذاكرة ....
أمل ماغاكيان