قصة قصيرة:               أحلام

ودعت نزهة  المدعوات لحضور العقيقة.  بعد نصف يوم من االضحك والرقص على انغام  جوق عصري ،لم يبق إلاالحبيبان والقمر،وصبيا الممون يجمعان أواني الأكل وبقايا الطعام. أما الفرقة الموسيقية فقد كانت اسرع من الجميع للمغادرة.،حتى امه وخالاته واولادهن رفضن المبيت إلى الغد.وخاصة  أختها كوثر التي عندها بنت في نفس عمر المحتفل بها واسمها سوسن .
 استفرد  لحسن بنزهة بعد يوم كامل كان ممنوعا عليه اقتحام الصالة الملآى بصديقاتها.ولكن شوقه أكثر للقمر الذي انار حياتهما بعدما كادا ييسآ من ولادة أطفال.فقد مر على زواجهما أكثر من أربع سنوات.كانت أقبح سنوات عمرهما،جعلتهما علكة في أفواه أفراد العائلة والمعارف .زارا خلالهاعدة اطباء بل حتى المشعوذين. برر لنفسه هذا كي لا يضطر إلى طلاق نزهة ،كما تلح عليه امه كلما زارتهما...هي ايضا تبادله نفس الشعور،وكانت تفكر في ان توافق على زواجه من امرأة ثانية،وتقبل بالضرة؛ لكن لحسن الحظ أنها لم تتسرع .
 لما رات النور وجدت اسمها ينتظرها؛ إنها أحلامهما المنتظرة منذ سنوات.لهذا سمياها: أحلام.أنها الماء الزلال الذي يعثر عليه تائه في البيداء بعد أن اوشك على الهلاك عطشا.بل هي الروح التي تتراجع في أخر لحظة بقدرة الرحمان وتقرر البقاء في جسد كان يحتضر.الكل لاحظ التغير الإيجابي الذي طرا عليهما.كانا مثل شجرة تسللت إليها اليبوسة  بعدما ٱصفرت اوراقها وبدات تتساقط..تغيرت عاداتهما، لم يعد يلتقي بأصدقائه في المقهى كما كان وإنما يهرول نحو أحلام وهو محمل بما لذ وطاب لها ولأمها..أحلام هي مركز الكون الآن بالنسبة لهما.
 شبت احلام في هذا الجو العائلي كل طلباتها مستجابة ، بل مافي يدها لاقيمة له مع ما في يد الآخرى وخاصة ابنة خالتها سوسن التي نزولا عند رغبات  الكبار تسمح وتتنازل عن لعبها لأحلام التي غالبا ما تكسرها ،وكأنها تقول لها انت لاتستحقين هذه اللعبة.ومع ذلك لا تفترقان إلا لماما وتتحاكيان الأسرار.من ناحية  أخرى احلام  كثيرة الشبه بامها في جمالها ورقتها وعذوبة بسمتها.الاختلاف الوحيد بينهما هو عنادها.لايهمهاأي شيء غير تنفيذ رغباتهتا.ولكن رغم هذا  فقد كانت ذكية وتحصل دوما على الرتبة الأولى.أما سوسن فعلى الرتبة الثانية ، ونادرا ما يكون العكس  ،،وفي هذه الحالة فإن أحلام تقاطعها ،رغم محاولاتها استرضاءها .
  وبعد كل نجاح يغدق عليها الابوان الهدايا و من أحسن الهدايا التي توصلت بها بمجرداعلان نتيجة الشهادة الإعدادية حاسوب من النوع الرفيع واشتراك في خدمة النت.
  عالم غريب دخلته وهي على ابواب المراهقة.صارت خيوط العنكبوت تلتف حولها رويدا رويدا، حتى صارت مدمنة  النت.ولكنه إدمان ،اعتبره الابوان ايجابيا مادامت تحت انظارهما ،والأهم من كل هذا هو  أنها محافظة على الرتب الأولى.أحيانا بالتناوب  مع سوسن .
  حصلتا على الباكلوريا تخصص علوم رياضية بتفوق وتخطتا بسهولة سنوات المدرسة العليا للمهندسين .وكلما ارتقتا في دراستهما  كلما زاد طموحهماوتوطدت علاقتهما  . احلوت أحلام  اكثر وصار كل من يراها يتمنى لو تقبل به...بالفعل تقدم لها رسميا ابن عمها وهو طبيب جراح مشهور رغم صغر سنه.وطبعا تمت الخطبة  ،واتفقا على ان يكون موعد العرس والدخلة بعد سنة.اشتغلت احلام موظفة بسيطة رغم الديبلوم الذي حصلت عليه .
   أحبها لحبيب الدكتور الجراح بجنون،وكان بمجرد مغادرته عيادته فإنه يعدو مسرعا نحواحلام .وقبل وصولهما إلى نفس مكان الموعد يكون قلباهما قد تعانقا وتحاكيا مجريات اليوم.بعد قضاء وقت ممتع مع بعض ،تر كب إلى جنبه في سيارته المتواضعة وبعد ان يوصها يعود ادراجه إلى  بيته. وهو  يكاد يطير بالفرحة .أما سوسن فقد باركت لها وقللت من لقاءاتها بها إلى أقصى حد،حتى لاتزعج زوجها الطبيب. 
لكن احلام ستفاجا بها تطلبها على الخاص على غير عادتها.أخبرتها انها هي ايضا سيكون لها خطيب ولمحاسن الصدف فإنه طبيب جراح للقلب ،أكثر من هذا إنه أوروبي . هناتها احلام وهي تحاول كبح جماح إحساس بالغثيان.
"" سوسن ستتزوج أشقر ،عيناه زرقاوان ، وانا؟ أنا،؟ الجميلة والذكية و.....أصوم دهرا وافطر على بصلة؟ ،""
    بعد مرور حوالي تلاتة اشهر لاحظ الدكتور ان احلام   قد طرا عليها تغيير ما. . ماهو ؟ الله اعلم!حاول معرفته بشتى الطرق ولكن دون جدوى.تاتي للموعد ولكنها كثيرة الوجوم ،قليلة الكلام .كل يوم تاتي متابطة حقيبة ملآى بالصمت ،يحكي لها كعادته ،يضحك ،ينبهها ومع ذلك عقلها هناك أين ؟ هذا هو السؤال..  لم تعد تتواصل معه ليلا كما كانت إلى حد انه شك  انها حذفته من قائمة اصدقائه بالشبكة  ..اتصل بسوسن يسألها فلم يعثر على جواب يشفي غليله.
    فتحت الباب هي نفسها " لايمكن إنها بصحة جيدة ،على الاقل ظاهريا " همس لنفسه  .مدت له يدها لمصافحته؛ أيضا سلامها بارد ليس كالعادة حين يلتقيان يتعانقان."" أحلام ،حبيبتي ! ماذا هناك؟ ،"" لاشيء! لاشيء! عادة حين ياتي لزيارتها كانت تترك يدها البضة في يده والابتسامة نور إلاهي يلفهما،يدلفان غرفتها وتغلق الباب وراءهما وتبدا في معانقته وتقبيله .هذه المرة ،ترددت.وقررت: .قادته إلى الصالون حيث يجلس الاب والام  وكؤوس الشاي امامهما.لاحظ انهما ايضا يشيحان وجهيهما عنه.ولكنه قرر ان يعرف السبب والان ." عمي لحسن خالتي نزهة أخبراني ما الذي يجري؟"" تبادل الابوان النظرات ثم قال الاب:"" ولدي الدكتور لحبيب ،يعلم الله اننا نحبك مقدار حبنا لأحلام،ولكن...."" ماتت الكلمات  على شفتيه .اما الطبيب فقد احس قلبه يعتصر ألما." عمي لحسن .لم افهم شيئا.بالله عليكم اخبروني ماذا هناك؟ " تقدمت احلام نحوه:" أنا افسخ الخطوبة ."  " لماذا،؟" "" انت لا تناسبني " ثم رمت له الخاتم .تدخلت خالته نزهة :" ولدي ..." وتقول لي ولدي .يدبحونني ويقطعونني إربا أربا وينادونني بولدي ! ياربي اخبروني سبب هذا التصرف:" 
   ركن سيارته امام بيته وهو لايدري كيف وصل ،لقد غادرهم وهو لايسمع ولا يرى .أغلق عليه غرفته واستلقى ينتحب  مرددا،:"" لو فقط اعرف السبب."
   بعد يومين من خلع الخاتم رافقت ابويها عند وكيل عقاري .وبعد معاينة الفيلا الكائنة  بحي پولو وسط الدار البيضاء،رافقهم هو والمالك عند الموثق لإتمام إجراءات البيع..في تلك الليلة لا احد منهم نام : كل واحد بات ينسج احلاما وردية كلها هناء وسعادة ونخوة ، لكن أحلام أحلام من نوع خاص،فهي ترى نفسها وقد صارت مزدوجة الجنسية،قادرة على تحقيق كل رغباتها  كل شيء مباح ،اما هنا فاحذري التقاليد لاتسمح بذاك  ،القانون يعاقب على هذا ....فليشربوا هذا البلد.
     نزولا عند رغبة  خطيبها الجديد استقبلته بمفردها. بالمطار.كان كما وصفته سوسن.الآن هو لها وليس لسوسن. عانقته كماكانت تعانق الدكتور ولكنها  احست بالفرق.ثم استدركت طبعا سيكون هناك فرق . اقترحت على غابرييل ان يقضي الليلة معهم بالبيت ،لكنه رفض متدرعا بوجود قيلا في ملكيته على الشاطيء.أخبرته انها اشترت قيلا هي ايضا بالنقود التي أرسلت لي :"" فلندهب للمبيت بها " من وراء  ابتسامة مصطنعة :"" لدينا كل الوقت لنرى ذلك ونزور والديك،فلنقض الليل هنا وغدا نفعل ماتشائين"" 
   كانت القيلا معزولة ومسيجة بسياج عال. دخلا وهما متعانقين ،لكنها تفاجات بوجود اناس بالداخل. :" من هؤلاء؟ " :"" لماذا تتسرعين ؟ ستعرفينهم  حالا،."  كانوا رجلين وامراة .استقبلوهما بالاحضان ،:" اهلا بالعرسان"
كانت المائدة معدة للعشاء .بعد دقائق  من بداية الطعام ،أحست بدوار وبدات شيئا فشيئا تفقد الوعي :" هل اسكرت ،؟ " ولكنها شربت عصير برتقال فقط.
 ٱنقطعت اخبار احلام .لا احد يعرف عنها شيئا .بعد اسبوع اعلن ضمن نشرات الاخبار عن إلقاء القبض على عصابة دولية  تتاجر في الاعضاء البشرية.وعثروا على جثة شابة  بدون اعضاء ،يتراوح سنها بحوالي تمان وعشرين سنة  .في إحدى القيلات المعزولة.
عمر بنحيدي                                 2018_6_23
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 23 يونيو 2018 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

109,529