- مذكرات ثائرة - 
-١-
أتذكرين رسالتي الأولى ، كيف كانت حروفها موحلة إلى حد الهذيان ، الورقة البيضاء يومها قررت الرحيل إلى اللاعودة ، ارتعدت فرائصها أكثر مني ، ومنك ، أما القلم فأقسم ألا يعود إلى جيبي ، بينما دفترك المدرسي تماسك قليلا ، لم يشأ أن يفضحنا . 
مازالت الكلمات تنخر في ذاكرتي ، وكأنها نقش حجري ، لم تغادرني ، رغم كل الألم والعواصف والمطر ، والخوف . 
لازلت في الخامسة عشرة من عمري ، صغير أنا يومها ، وأيقونة أنت ، لكن لا أدري كيف تجرأت على الكتابة !!! 
سأبوح لك اليوم بسر تلك الرسالة الأولى ، فكل النظرات لم تكن تكفي لتشعري بأن يافعا على الضفة الأخرى يمعن النظر إليك بجنون ، كنت تعلمين كل شيء ، أعرف ذلك جيدا وجدا ، لكنك تفرين من نظرات عيوني كفرار غيوم حزيران إن أتت على حين غفلة ، كم أسمعتك من كلمات وتمتمات ، تاهت في الدرب قبل أن تصل إلى مسامعك ، تعتنقين كل الجبروت الأنثوي ، ثم تتلاشي في بحر الضباب الأثير ، حتى الفكاهة التي رميتها في سلتك ، تجاهلتها ، أهديتك صورا عدة ابتعتها بقروشي المدرسية ، إحداها رميت بها على الرصيف وأنت تضحكين . 
ماذا يفعل هذا الطفل أمام إعصارك الذي لا ينوي التوقف عند حافة البداية ، وربما النهاية ... 
حينها فقط قررت الرحيل إليك عبر ورقة بيضاء وبضعة كلمات ، إنها رسالتي الأولى ... أتذكرين ... 
------------
وليد.ع.العايش
١/١/٢٠١٨

 

المصدر: - §§ ** [( مذكرات ثائرة)] ** §§ بقلم الشاعر الكبير \ وليد . ع. العايش
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 22 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2018 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

109,650