Souad Chekkouri ضيفتنا اليوم إحدى عضوات إدارتنا الموقرة، إدارة مملكة روائع الشعر الأدبية. هى أستاذة الأدب الفرنسي، لكن حبها للغتها العربية أقوى، لذلك سخرت قلمها لها.
هي أم لأربعة أبناء وجدة أيضا كما مر بنا.
الأستاذة لطيفة ناجي رغم أنها في حداد بعد فقدانها لأخيها رحمه الله، إلا أنها لبت الدعوة وآلت أن تحضر معنا اليوم وتكون قصيدتها 🌲نهاية🌲تحت المجهر.
شكرا لأديبتنا المقتدرة ،وألف مرحبا
معنا الليلة.
أستاذة لطيفة لو سمحت نبذة عن حياتك مرة أخرى.

Latifa Naji من مواليد مدينة الدارالبيضاء ١٥ يناير ١٩٥٩، انتقلت عائلتي الى مدينة اسفي سنة ١٩٦٠ وهناك ترعرعت ودرست حتى سن ١٧ حيث حصلت على بكالوريا في الادب العصري من ثانوية الحسن الثاني. اضطرت اسرتي للانتقال، مرة اخرى، بحكم عمل ابي رحمه الله، الى مدينة وجدة ،موطني الأصلي، وهناك التحقت بسلك التعليم الاعدادي،كاستاذة لللغة الفرنسية. تابعت دراستي العليا بحامعة محمد الأول بمدينة وجدة، وحصلت على ليسانس في الادب الفرنسي سنة ١٩٩٠ لالتحق بعدها بالسلك الثانوي التاهيلي. في ٢٠١٥،طلبت التقاعد النسبي بعد ٣٧ سنة من الخدمة 
حاليا تفرغت للمطالعة والكتابة باللغتين العربية والفرنسية. انا بصدد كتابة سيرتي الذاتية باللغة الفرنسية،اعشق السفر و اعتني باحفادي في العطل المدرسية.

 

نهاية.

 

يوما ما، سأرحل كي لا اعود

لن اهاجر مثل السنونو

 

كي ارجع مع فصل الربيع
فقد ذبل كل الوردفي دوحي
ساذهب حيث الشمس تغرب
كل مساء، لتمحو آثار النهار
و حيث النسيم ينثر عطر الورد
وعبير الزهور
حيث تنتحر الأمواج الغاضبة
بعد ان ترتطم بالصخر العنيد
سآخذ كل أحلام الصبا والشباب
واحزان ألماضي والحاضر
هي ما تبقى لي من ميراث
غنائم كفاح حياتي، حلة لمماتي
لا تذرف آنذاك سخي الدمع
فلن يجديك نفعا ان تنعيني
لا تتذكر بحسرة ما فاتك من عمر
ضاع الحب في لحظات
وانكسر الوفاء وجفت العبرات
اصبحوا أشلاء من سراب
او شذرات من رماد بارد
عبثت بهم أيدي الرياح
حينها،لا تردد تغريدة الاشواق
فما عاد يطرب لسماعها العشاق.

بقلم لطيفة ناجي
شتنبر 2019.

نهاية السؤال الأول :

نص رائع في سماء البوح ..لو تكرمتم بنبذة عن موضوع النص قيد المجهر.. و هل هو من وحي الخيال أم من صميم واقع معبر عنه ؟
باسم الله الرحمان الرحيم، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

لكل بداية نهاية. والحياة هي سلسلة نهايات ولكننا لا نأبه لذلك لان امور الدنيا تشغلنا عن التفكر والتأمل، خلق الانسان ليسعى ويشقى. نحس بالنهاية عندما تمسنا بعمق ويكون وقعها شديدا على النفس.أما عن ظرفية نصي المتواضع
هذا"نهاية" هو في الأصل نتاج مخاض طال امده، فتجربتي في هذه الحياة وهبتني الكثير من الدروس والمواعظ والافراح والمواجع، والأمل وخيبته في الكثير من المواقف. موضوع النص ليس وحي خيال ولكن واقع معاش، واقع مر أسايره بعزيمة وصبر وحكمة.

نهاية السؤال الثاني :

من خصائص الخاطرة عدم التزامها بأسلوب معين ..قد يكون موضوعها جادا و قد يكون متهكما ساخرا ...و كثير من الناس يعتقدون أنها خلقت للحزن و الكآبة و الألم ...ما رايكم شاعرتنا في هذا الطرح ؟؟؟؟

الخاطرة هي "تعبير عما يجول بخاطر الكاتب اي تعبر عن حالة شعورية خاصة بالكاتب في قالب أدبي بليغ"
وما"الخاطرة الا عبارات مستقرها الأفئدة ومستودعها الاسطر"
هي بالفعل خاطرة حاولت من خلالها التعبير بكل صراحة وموضوعية عما يخالج النفس ويؤلمها امام بعض الظواهر الاجتماعية والسلوكات البشرية التي لا تستقر على حال، اي تتغير حسب الأهواء او المصالح والغايات . اذا امعننا القراءة في نصي" نهاية "،( لأن اي نص يحتاج الى قراءات متعددة وربما متخصصة ،) سنستشف جدية الكاتبة ومدى تأثرها بهذا الموضوع الذي يبدو عاديا في ظاهره ولكنه يحمل العديد من المعاني في عمقه. والأهم من ذلك، ما كان قصدي ابدا إثارة الحزن او الألم بقدر ما قصدت حث المتلقي على التأمل والتفكر وربما ايجاد حلول ناجعة لتغيير الأوضاع المزرية التي اصبحنا نكابدها بصمت.

نهايه السؤال الثالث :

من خصائص نجاح الخاطرة ..اختيار اسم لها.. مشوق و رشيق ..عميق المعنى و مؤثر في النفوس ..
كيف استلهمتم اختيار تسميتكم بهذا الألق مبدعتنا ؟؟؟؟

ما الذي يجذب الإنسان بالدرجة الاولى عند رؤية اي انتاج فني او ادبي او ما شابه؟ هي النظرة الأولى، هو الانطباع الأول، هو العنوان الذي منحه المنتج لمنتوجه. لان اختيار العنوان لبس بالأمر الهين . فالمتلقي اللبيب لا يتجاهل العنوان، ولا يقرأه قراءة خاطفة ويظن بانه فهم الكل. يحاول قبلا قراءة العنوان ووضع اسئلة (لماذا، كيف، اين...) وهذا شيء ضروري يغفله المتلقي في اغلب الأحيان، خاصة إذا كان غير مُلمّ بالادوات الضرورية للتمحيص في عالم الفن او الأدب. فالعنوان بصفة عامة يستدعي العديد من القراءات، وقد تفهم من خلال قراءتك لكلماته معنى وعند قراءة النص ستكتشف معنى آخر لا علاقة له بالعنوان ، وهذا ما قد يسبب خيبة امل كبيرة لدى القارئ وابتعاده عن المقصود.
أما عن اختياري لهذا العنوان فهو لم يكن عفويا او محض صدفة، قصدت وضع هذا العنوان، فكلمة "نهاية" كما ذكرت تشكل بالنسبة لي، سلسلة حلقات او مجموعة محطات طبعت حياتي وجعلتني اتخذ الحيطة والحذر . تجرعت مرارة النهايات مرات ومرات ولازلت اعاني منها في أشكالها المتعددة والمخيفة ،حتى انتهي. ولكنني اتحلى بالصبر والعزيمة وطول النفس

نهاية السؤال الرابع :
يمثل النص تجربة لحياة الأستاذة إلى حد ما. وقد أثر هذا على فكرة الشاعرة عن الوجود والموت حملت بعض آرائها وتوجهاتها. كيف توضحين ذلك للقارئ سيدتي. ؟

كما سبقت الاشارة الى ذلك ،موضوع النص يتحدث عن النهاية، ولهذه الكلمة مرادفات كثيرة اذكر منها " آخرة، خاتمة، أمد، حصيلة، عاقبة، غاية، مستقر،مطاف،مصير...." ولها عدة معاني اذا أردنا ان نتعمق في الكلمة، فهي قد توحي باشياء إيجابية اوسلبية ، وانا قصدت لا محالة هذا الجانب، فقد تكون عبارة عن رحيل، او هجران وصد، او موت ولو ان هذا المعنى الأخير لا يمكن ان نعتبره نهاية لانه في الواقع، قضاء وقدر وهو حقيقة حتمية لا مفر منها لان المؤمن بالله يدرك حق الإدراك بأن الموت إنما هو بداية للاخرة وللقاء رب العالمين، لذا نحن راضون بها وعنها ولانسأل الله الا العفو والعافية و حسن الخاتمة.

نهاية السؤال الخامس :

الموت في جوهره حياة، حيث يقول تعالى : " ياليتني قدمت لحياتي". كيف يتمثل ذلك من خلال النص شاعرتنا المقتدرة. ؟

صحيح، صدق الله مولانا العظيم
"وإنما توفون اجوركم "، و "كل نفس ذائقة الموت" و"يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي" ارايتم انه من خلال الآيات البينات من الذكر الحكيم، فما الموت إلا بداية، هي رجوع الروح الى خالقها، وهي حتمية، "كل نفس" كلنا سوف نمضي ذات يوم. فالحكيم من يعمل في دنياه لآخرته، والمؤمن من أمن الناس شره.. يجب على المرء ان يعلم بان الدنيا فانية و" يبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"
صدق الله العظيم.

نهاية السؤال السادس :

ألا ترين شاعرتنا الأستاذة لطيفة ناجي أنه من خلال النص وما جاء فيه، هناك دعوة لمصالحة الإنسان مع فكرة الموت وجدانيا وعقليا.؟

من الضروري الإيمان بالقدر خيره وشره ،ولو اتبع الانسان ما يمليه عليه ديننا الحنيف، لكنا بالفعل "أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر" ولاصبحنا "خير أمة" وليس العكس.
الموت نحس بها كفاجعة لهولها ووقعها عل الوجدان. لا انكر ذلك، ولكن اذا فكرنا مليا في الأمر، فسوف نستنتج بأن الموت انما هي معبر، او محطة وصل بين دنيا فانية و آخرة دائمة، ولكن ماذا اعددت لذلك ؟ وكيف سألقى ربي؟ وهل أنا أهل لدخول الجنة؟ هذا هو السؤال المطروح. أما البكاء والحزن على الميت فلن يجدي نفعا بل اعتبره عدم رضا بالقضاء والقدر. وهو كذلك يدخل في ممارسات تعودنا عليها في مجتمعاتنا التي استقر الجهل بين ثناياها.

نهاية السؤال السابع :

الموت موتان : موت بمفارقة الروح للجسد، وموت بمفارقة المعرفة والعلم، واستيطان الجهل والظلم و..... عقل الإنسان وحياته.
أيهما أعتى في نظرك شاعرتنا القديرة. ؟

شخصيا، ارى بان موت الضمير لدى الانسان هو الاعتى . فإذا مات ضمير الشخص، فانه سوف يتصرف بهمجية ووحشية دون الانتباه الى ما يتسبب فيه من مواجع ومشاكل وآلام وخيبة أمل. أما عن الموت الطبيعي حين تفارق الروح الجسد ونواريه التراب فهذا امر اعتدنا عليه ونتقبله بصدر رحب وايمان قوي.
الإنسان يتحرك ويتعامل بالقلب والعقل، ويجب الموازنة بينهما، حبانا الله عقلا نفكر به وندرك به الأشياء الصائبة من الفاشلة او التي تؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها. والعقل ينيره العلم والمعرفة. فاذا توفر العلم والعقل حصلت المعجزات، واتبعنا الطريق القويم وحققنا المنى. ولكن الغريب في الأمر ان الجهل لازال يعشش في النفوس و المجتمعات ويحرمها من التقدم والازدهار. فما فائدة العقل اذا لم يُوظف في عمل الخير والتضحية والايثار. غلبت المصلحة على النفوس،وطغت الانتهازية والوصولية على حساب الآخر وهذه كلها اشياء تحز في الخاطر و تجعلنا نصاب بالاكتئاب،مرض العصر الراهن.
اذا يبقى الموت بمفارقة الروح للجسد أحلى وافضل.

نهاية السؤال الثامن :

أديبتنا المفوهة ،، كيف ترين ماهية المحسنات المطعمة للنص الأدبي ، كالسجع و الجناس مثلا الخ ... علما أن الإبداع لا يستقيم في غيابها ؟؟؟

كما اقول عن نفسي دوما، انا لست بالشاعرة بل انا هاوية حرف، ووصيفة الكلمة المعبرة ،احاول ما امكن ان انسق كلماتي في حلل متعددة ومتجددة، اذا تمعنتم في نصوصي سوف تلاحظون بانني اوظف نفس الكلمات ولكن في كل نص امنحها شكلا يتلاءم وطبيعة الموضوع المطروح . جمالية النص تضفي طابعا مميزا يستشفه اهل الذوق الأدبي الرفيع ولكن دون اغفال المضمون الذي يعد هو الجوهر.كما اعشق توظيف العديد من اوجه البلاغة وخاصة المجاز و التشخيص واسلوب التمليح والمبالغة والجناس او الطباق.... فهي بمثابة درر او زهور تجعل من النص الشعري لوحة فنية او منظر طبيعي او تحفة تشد الانتباه. بالفعل لا يجب الاكثار من المحسنات لان الشيء اذا زاد عن حده، انقلب الى ضده. فكثرة المحسنات قد تُفقد النص قيمته الأدبية وسوف تغطي على المضمون الكامن بين الكلمات. ولا يفوتني ان اذكر بانني اختار الكلمات المتناغمة التي تمنح النص موسيقى سلسة، تطرب الإحساس حتى يصبح ترنيمة قد تكون محزنة او العكس.

نهاية السؤال التاسع :

ما رأيك بالنقد اليوم ..؟ وهل تحبين أن ينتقدك أحد ؟ متى تقبلين ذلك ومتى ترفضينه؟

وهل للبيئة تأثير على الشاعر أم أنه يصنع بيئته بنفسه؟

لغويا، النقد هو"تفحص الشيء والحكم عليه وتمييز الجيد من الرديء... كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، وقد يقترح أحيانا الحلول المناسبة لها" ويشترط في الناقد "ان يراعي مواطن الأمان في ايصال نقده بطريقة سليمة خالية من التجريح."
نستنتج اذن بأن النقد في بعض الأحيان ضروري، لانه يمكّننا من الاطلاع على مواطن القوة وهذا شيء محفز و مشجع على المضي قدما من جهة. ومن جهة اخرى، يسهل علينا اكتشاف مواطن الضعف او الجوانب السلبية، لان النقد يزيح الغطاء عما كنا نجهله حتى نقوم بتصحيحه او تقويم الاعوجاج الذي لم ننتبه الى وجوده.
ولكن يجب ان تتوفر في الناقد شروطا معينة، حتى يكون نقده موضوعيا وهادفا. اما ان يكون نقدا هداما للكشف على الجانب السلبي وبطريقة لا تسر المنتقد، فهذا امر مرفوض لانه مشين.
وبصفة عامة،الانسان لا يتقبل النقد لانه يعده تجريحا ومسّا بالكرامة
من جهتي، انا اتقبل النقد اذا كان موضوعيا ومبنيا على أسس قويمة وقوية اما النقد لأجل النقد فهذا ليس بالأمر المرغوب فيه. على كل حال النقد الذاتي يبقى انجع وسيلة حتى نحافظ على صورة بهية في أعين الآخر.
يقال بان الشاعر ابن بيئته، ربما كان هذا صحيحا في زمن بعيد اما اليوم فإن كل واحد، إذا كان واعيا، يصنع بيئته الخاصة به تبعا لاهواءه، ومزاجه، وطبعه ومستواه الفكري والاجتماعي. شخصيا، لا اجد صعوبة في التأقلم مع الآخر، مهما كان شأنه او طبعه او ميولاته وحتى سنه، لانني واعية كل الوعي بان الانسان انما يخلق بيئته بالحكمة والعقل واحترام الغير.

بسم الله الرحمن الرحيم، آل مملكة روائع الشعر الأدبية ، قضينا أمسية متميزة مع الاستاذة لطيفة ناجي، وكان الموضوع متميزا أيضا من خلال نصها وما طرحت من أفكار.
نشكرها جزيل الشكر. هذا وقد اعتادت إدارة مملكتنا العتيدة ورئيسها الفاضل ،تكريم المميزين من الأدباء الذين يشاركون معنا، وهذا وسام الابداع للمملكة للأوفياء من أدبائها الافاضل، فقد كان لزاما علينا تكريمك أستاذة لجهودك ،وابداعك ومشاركتك الفعالة رغم ظرفك.
مع تحيات مقدمة البرنامج الاستاذة سعاد الشقوري وباقي أعضاء كادر المملكة كل باسمه. وتحت إشراف رئيس مجلس الإدارة الأديب القدير منصور رسلان.

 

المصدر: (قصيدة تحت المجهر) اعداد وتقديم الاديبة الشاعرة | سعاد الشاقوري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 83 مشاهدة
نشرت فى 21 سبتمبر 2019 بواسطة mmansourraslan

عدد زيارات الموقع

98,943