اليوم العالمى لمُكافحة التدخين


التدخين ضار جداً بالصحة

إعداد: حسنى ثابت

     تحتفل مصر مع جميع دول العالم باليوم العالمى لمكافحة التدخين، والذى يُقام يوم 31 مايو من كل عام، ويُعقد هذا العام تحت شعار " لا للتدخين فى الأماكن المُغلقة "، وأكد بيان للمكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية أن الدخان المُنبعث من المُدخنين فى الهواء، وخاصة فى الأماكن المُغلقة يستنشقه جميع الموجودين، مما يعرض المُدخنين على السواء إلى أثاره الضارة، وهى أثار تتخطى مجرد المُضايقة كما يدعى البعض إلى أخطار حقيقية على الصحة .

     ويأتى الاحتفال هذا العام فى الوقت الذى أشارت فيه إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن التدخين يتسبب فى وفاة ما يقرب من خمسة ملايين شخص سنوياً على مستوى العالم .. الأمر الذى يدل على أن التدخين هو أشد العادات خطورة ويُعد وباءً عالمياً يعصف بالبلدان والأقاليم التى ليس لها القدرة على تحمل تكاليفه من حيث العجز والأمراض والخسائر فى الانتاج والوفيات .

     وقد أشارت الإحصائيات أيضاً إلى أن الحقائق المؤسفة التى يؤكدها تقرير منظمة الصحة العالمية أن نصف أطفال العالم أى حوالى 700 مليون طفل يتعرضون دون حول منهم أو قوة للدخان السلبى، ويعانون من الويلات التى يجرها عليهم، وذلك داخل بيوتهم حيث يفترض وجود أحرص الناس على صحة أطفالهم وهم الآباء، وأوضح البيان أن معاناة الأطفال وسائر المُدخنين السلبيين يشمل استنشاق نحو 4000 مادة كيماوية منها 50 مادة معروف عنها أنها مُسببة للسرطان لدى الإنسان، بالإضافة إلى أن دخان التبغ السلبى يؤدى إلى إصابة الأطفال والبالغين بالأمراض القلبية والأوعية الدموية والعديد من أمراض الجهاز التنفسى مما يؤدى إلى الوفاة، وقدرت منظمة العمل الدولية وفيات العاملين من جراء التعرض لدخان التبغ السلبى فى أماكن العمل بنحو 200 ألف عامل سنوياً، مُشيراً إلى ما يمكن أن يحدث فى سائر الأماكن المُغلقة التى تتشبع بالدخان مثل المطاعم والمقاهى وغيرها، وأشار التقرير على أن أضرار دخان التبغ السلبى لا تقتصر على عبء المرض وإنما تمتد إلى العبء الاقتصادى، ففضلاً عن التكاليف الطبية المباشرة وغير المباشرة فإنه يتسبب فى خسائر فى الإنتاجية وتفاقم خطر الحرائق وغيرها، وأوصى التقرير بالعمل على توفير بيئة خالية من الدخان بنسبة مائة فى المائة باعتبارها الاستراتيجية الوحيدة الفعالة لتقليص التعرض لدخان التبغ فى الأماكن المُغلقة وإصدار تشريعات تلزم أماكن العمل المُغلقة والأماكن العامة بأن تكون خالية تماماً من الدخان وتطبيق استراتيجيات تثقيفية لمُحاصرة التدخين السلبى فى الأماكن المُغلقة وخاصة داخل المنازل .

     ووفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإنه يوجد فى العالم الآن أكثر من مليار وثلاثمائة مليون مُدخن يحرقون حوالى خمسة تريليونات سيجارة كل عام، ويتركز 84% منهم فى البُلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط ، وتُقدر نسبة المُدخنين فى الدول النامية بين النساء بحوالى 7% وبين الرجال بحوالى 48% بينما فى الدول المتقدمة تُقدر النسبة بحوالى 24% على التوالى، ويؤكد الأطباء أن هذه النسب تكاد تكون ثابتة رغم التحذيرات الطبية المستمرة عن مضار التدخين، حيث ثبت علمياً أن التدخين يتسبب فى إصابة الإنسان بأكثر من 25 مرضاً، منها أمراض القلب والصدر والأوعية الدموية وسرطان الفم والحنجرة والرئة والمرىء وزيادة نوبات الربو والتهابات القصبة الهوائية والحنجرة وغيرها من أمراض الجهاز التنفسى وقرح والتهابات الجهاز الهضمى واضطرابات نفسية وعصبية .

     أما بالنسبة لمصر فقد أشار تقرير منظمة الصحة العالمية بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة التدخين، إلى أن مصر تتصدر قائمة بُلدان الشرق الأوسط الأكثر استهلاكاً للتبغ، وتنفق 454 مليون دولار سنوياً على تكاليف علاج الأمراض التى يُسببها التبغ، وأوضح التقرير أن المبالغ الكبيرة التى تُنفق فى مصر على شراء التبغ ومنتجاته تفوق ما تنفقه الأسرة على العلاج وممارسة الرياضة والثقافة ، وأضاف التقرير أن نسبة استهلاك التبغ فى الشرق الأوسط شهدت زيادة كبيرة تجاوزت نسبة 24%، وأن ما تنفقه العائلات الفقيرة على التبغ يتراوح ما بين 15% إلى 45% من الدخل اليومى للأسرة، وقد تصل إلى 60% كما هو الحال فى بعض أنحاء الصين وبنجلاديش .

 

     ويؤكد الأطباء أنه بالرغم من ذلك فإن شركات التبغ تهتم بأرباحها أكثر من اهتمامها بأرواح الناس وبمكاسبها التجارية بدلاً من تحقيق التنمية المضمونة للبلدان المُكافحة .. وبالرغم من قيام الشعوب بمكافحة هذا الوباء والتغلب عليه فى بعض البُلدان، فإن شركات التبغ مازالت مستمرة فى تطوير منتجات جديدة للحفاظ على مكاسبها متخفية فى عباءة كاذبة تضفى الجاذبية على هذه المنتجات الجديدة، وتوحى بأنها أقل ضرراً، ولكن الحقيقة الواضحة هى أن جميع منتجات التبغ خطيرة وتؤدى إلى الإدمان، لذلك يجب بذل كافة الجهود للعدول عن استخدامها سواء من قبل الحكومات أو الأفراد .

      ويُذكر أن 192 دولة من الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية قامت بالتوقيع على اتفاقية تم إعدادها منذ عام 2003 والتى تُعد المحاولة الأولى للمنظمة لإصدار اتفاقية بهذا الشأن ترسخ قواعد عالمية لعدد من الأنشطة التى تشمل – على سبيل المثال – تسويق منتجات التبغ والإعلان عنها وترويجها .. وتُلزم الاتفاقية الحكومات بالعمل على حماية غير المُدخنين من التعرض البيئى لدخان السجائر فى الأماكن العامة .. كما تدعو إلى زيادة الضرائب على منتجات التبغ والسجائر، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ فى عام 2005 بعد حصولها على 40 تصديقاً من الدول المختلفة ومنهم مصر، وتُشير البيانات والإحصائيات العالمية إلى أنه فى الفترة من عام 1950 إلى عام 2000 تسببت عادة التدخين فى مقتل 60 مليون شخص بالدول المُتقدمة أى أكثر من وفيات الحرب العالمية الثانية .

الاجراءات التى إتخذتها مصر لحماية مواطنيها من أخطار التدخين :

     وتنبهت مصر لأخطار التدخين ولجأت إلى تضييق الحصار على المُدخنين وأصدرت العديد من القوانين لمُكافحة التدخين، منها قرار رئيس الوزراء عام 1997 من أجل تأسيس اللجنة الخاصة بالمشروع القومى للحد من التدخين، وفى عام 1981 صدر قانون يقضى بمنع التدخين وحظره فى الأماكن العامة ووسائل المواصلات، وفى عام 1994 صدر قانون يقضى بمنع التدخين فى الأماكن العامة وتغريم المُدخنين من 10 إلى 50 جنيه لمن يُدخن فى وسائل المواصلات العامة، كما تم تأسيس إدارة مكافحة التدخين فى عام 1997 والتى تعمل كمُنسق بين جميع الوزارات والهيئات وتحت شعار " الآن وقبل فوات الأوان " عقدت وزارة الصحة والسكان بمصر المؤتمر القومى الأول لمنع التدخين، والذى أكد ارتفاع نسبة المُدخنين من الشباب مما يهدد الكيان الصحى والاقتصادى والاجتماعى للبلاد ، وصدور قانون آخر يحظر بيع السجائر لمن هم دون الثامنة عشر.

 

      وفى دول الشرق الأوسط كشف تقرير للمكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط – ومقره القاهرة عن ارتفاع معدلات التدخين .. كما أن نسبة استهلاك التبغ فى بُلدان إقليم الشرق المتوسط شهدت زيادة كبيرة تجاوزت 24% خلال الفترة من 1990 إلى 1997 فقط ، وأشار التقرير إلى أن ما تنفقه العائلات الفقيرة على التبغ يتراوح ما بين 15% إلى 45% من الدخل اليومى للأسرة، وقد تصل إلى 60% كما هو الحال فى بعض أنحاء الصين وبنجلاديش، ووفقاً لتقرير المكتب الإقليمى للمنظمة فإن مصر تتصدر قائمة بُلدان الإقليم الأكثر استهلاكاً للتبغ، وتنفق حوالى 454 مليون دولار سنوياً على تكاليف علاج الأمراض التى يسببها التبغ، بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التى تنفقها على شراء التبغ ومنتجاته .. بل أن نسبة الإنفاق على التبغ تفوق ما تنفقه الأسرة على العلاج وممارسة الرياضة والثقافة.

 

نشـأة التدخـين :

     عُرف التدخين أول الأمر في أمريكا في القرن السادس عشر، ومنها انتقل إلى أسبانيا وإنجلترا، ثم عمَّ كل أوروبا، وقد تدرج استعماله من المضغ إلى الاستنشاق إلى صنع السيجار ثم السجائر، وكان هناك دوماً نقاش حول منافعه ومضاره ، لكن بدءاً من عام 1900 ازدادت القناعات حول جديّة مضاره و اتخذت منحى البحث في هذه المضار، ومصطلح نيكوتين الذي يتداوله الناس عند التحدث عن التدخين أخذ من اسم " جون نيكوت " سفير فرنسا في لشبونة والذي دافع عن التبغ وكان يؤكد أن للتدخين فوائد مثل إعادة الوعى وعلاج الكثير من الأمراض .  

التدخين .. عادة سيئة وضارة :

     والتدخين آفة حضارية كريهة أنزلت بالإنسان العلل والأمراض، وهى أصبحت تجارة العالم الرابحة ولكنه ربح حرام قائم على إتلاف الحياة وتدمير الإنسان عقلاً وقلباً وإرادة وروحاً، والغريب أن الإنسان يقبل على شراء هذه السموم الفتاكة بلهفة وشوق لما تحدثه فى كيانهم من تفاعل غريب تجعله يلح فى طلبها إلى أن تقضى عليه .

      ولا شك أن إغراءات الأصدقاء الواقعين تحت تأثير هذه العادة هى التي تعمل على إدخال البسطاء إلى عالمها الزائف الخادع حيث لا يتمكن أى منهم من التخلص منها إلا بعد شق النفس..  هذا إذا قُدر له الخروج، وكأن الإنسان يظن أنه يجد فى هذه السموم ملاذاً من همومه الكثيرة يهرب إليها في الشدائد والأزمات،  وهو لا يدري أن من يهرب إلى سم التبغ هو كمن يستجير من الرمضاء بالنار، لأنه بذلك يستنزف قواه ويقضى على البقية الباقية من عافيته،  كأنك أيها الإنسان لا تعلم أنك بذلك تسير إلى طريق التهلكة والخراب وأن السعادة لا تكون في الركض وراء أوهام خادعة، إنها لا تكون بتغييب العقل وحجبه عن أن يكون قوة فاعلة يهديك سواء السبيل، إن السعادة هى فى تحاشى الأخطار ومجابهة التحديات وتنبيه القوى الخيرة في الإنسان، إنها في الإرادة الصلبة والتنزه عن المطالب الخسيسة والانتصار على الضعف والوهم، إنها في الحفاظ على الصحة وعلى القوة العقلية والبدنية لإبقائها صالحة لمواجهة الملمات عوضا عن هدرها سُدى وتبديدها فيما لا طائل ورائه .

 

أنـواع التدخــين :

     وهناك صور عديدة من التدخين .. نذكر أشهرها :

-     السجائر بمختلف أحجامها، سواء من حيث الطول والحجم ، وأيضاً باختلاف درجات احتوائها على المواد الكيميائية، خاصة فيما يتعلق بالنيكوتين والقطران .

-         السيجار بمختلف أنواعه وأحجامه، وهو نوع من أنواع السجائر يتميز بكبر حجمه وباستخدام أنواع معينة من التبغ .

-         الشيشة أو النرجيلة بمختلف أشكالها .

-         البايب .

-     المضغة .. وتُعد مسألة مضغ التبغ من المشاكل التى تعمل منظمة الصحة العالمية على مواجهتها باعتباره نوعاً من الإدمان .. والمضغ هو السبب الرئيسى من أسباب سرطان الفم فى البُلدان التى تنتشر فيها هذه العادة ومعظمها فى شبه القارة الهندية.

 

التدخين السلبى :

      وهناك أيضاً التدخين السلبى، أى استنشاق غير المُدخنين لدخان سجائر المُدخنين .. وتؤكد دراسات الأطباء أن الشخص المُعرض لدخان سيجارة المُدخن يحاصر بحوالى 2000 عنصر كيميائى متنوع، منها تسعة عناصر سرطانية، ويتعرض المُدخن السلبى بالإكراه لما بين 30% إلى 60% من الخطر الذى يتعرض له المُدخن حسب المكان واتساعه والتهوية به . ويُشكل التدخين بين النساء مُشكلة خطيرة إذ تتزايد الأرقام فى جنوب أوروبا، بينما يقل عدد المُدخنات فى بريطانيا .. وفى فرنسا تمثل نسبة الفتيات المُدخنات أعلى قائمة المُدخنات، حيث تصل النسبة إلى ستة وأربعين فى المائة بين 15 و 24 عاماً مقابل خمسة فى المائة للسيدات الأكبر من 55 عاماً، وتتزايد نسبة المُدخنات فى الشريحة بين 15 و 24 عاماً فى أسبانيا لتصل إلى حوالى 49 فى المائة .

 

محتويات التبغ من المواد الضارة :

      ويحتوى دخان التبغ على أكثر من أربعة آلاف مُركب كيماوى كلها ضارة و 500 منها ضارة جداً، بل إن 43 مركباً منها تسبب السرطان وذلك بخلاف الأضرار السريعة التى تسببها المركبات المُهيجة والتى تؤدى إلى السعال وزيادة البلغم وصعوبة التنفس أحياناً خاصة عند القيام بمجهود بدنى مُفاجئ .

 

أضرار ومخاطر التدخين :

     هناك العديد من العلل والأمراض التى تُصيب الإنسان من جراء التدخين، وتأثيراتها الضارة على الغدد الليمفاوية والنخامية والمراكز العصبية وعلى القلب وضغط الدم والجهاز التنفسى والمعدة والعضلات والعين .. إلخ، حيث تؤكد الأبحاث العلمية التى أجرتها جمعية السرطان الأمريكية أن التدخين هو المسئول عن تسعين فى المائة من وفيات سرطان الرئة فى العالم وثلاثين فى المائة من جميع إصابات السرطان وأكثر من ثمانى فى المائة من حالات التهاب القصبة الهوائية أو الالتهاب الشعبى المُزمن والالتهاب الرئوى، ويؤكد الأطباء أنه ليس هناك أى علاج فعال لسرطان الرئة وأن نسبة من يظلون على قيد الحياة بعد خمس سنوات فقط من إصابتهم بسرطان الرئة لا تتعدى 12 فى المائة، وأثبتت أبحاث الأطباء أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين وحدوث السكتة المُخية وأن المُدخنين الذين يصابون بمرض السكتة المُخية يزيدون بمعدل 3 أضعاف عن غير المُدخنين .. كما ثبت أن المُدخنين الذين يدخنون أكثر من 40 سيجارة فى اليوم يزيد معدل إصابتهم بالسكتة المُخية بمعدل الضعف عن الذين يدخنون أقل من عشر سجائر يومياً، كما يُعد التدخين وراء حوالى من عشرين إلى خمسة وعشرين بالمائة من الوفيات بأمراض القلب التاجية والنوبة القلبية، ويؤكد الأطباء أن تبادل الشيشة بين المُدخنين يساعد على انتقال العدوى بالبكتريا والإصابة بالأمراض مثل السل الرئوى والعدوى بالفيروسات المُسبب لأمراض مثل الالتهاب الكبدى الفيروسى والأنفلونزا .

 

     ويؤدى التدخين عند المرأة – بجانب الأضرار السابقة – إلى التأثير على جهازها الإنجابى بصفة عامة، حيث تُشير الدراسات والأبحاث التى أجراها المركز القومى للوقاية من الأمراض المستعصية والارتقاء بالصحة العامة بأمريكا إلى أن السيدة الحامل المُدخنة تتعرض لمشاكل عديد، منها الإجهاض والولادة المُبكرة وولادة مولود ناقص النمو، وأيضاً احتمال ولادة طفل به تشوه خلقى .. كما يتسبب تدخين الأم والأب فى تعرض أطفالهما إلى الإصابة بالنزلات الشُعبية وبفقر الدم وسوء التغذية والإصابة بحساسية الصدر وتأخر النُطق .

 

     ومن الملاحظ أنه لن تتوقف أضرار التدخين عند إصابة الإنسان بالأمراض الفتاكة وتلوث البيئة بدخانها ومخلفاتها، بل تصل أضرارها فى التسبب فى خسائر فادحة ناتجة عن إهمال المُدخنين وتسببه فى إشعال الحرائق ، حيث  أن 30% منها يسببها المدخنون من خلال إلقاء أعقاب السجائر المُشتعلة، فضلاً عن المليارات التى تُنفق على علاج المُدخنين، ويُذكر فى هذا الصدد أن 26% من المصريين يعانون من أمراض القلب المختلفة التى يتسبب التدخين في أغلبها، فيما تنفق الأسرة المصرية 5% من دخلها على السجائر، لذلك لم يتردد مفتى مصر في الإعلان في مارس الماضي عن حرمة التدخين، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حينما أشار إلى حق زوجة المدخن فى طلب الطلاق للضرر الناجم عن التدخين .

 

أسباب انتشار عادة التدخين :

     هناك عدة أسباب معقدة ومترابطة تسبب انتشار هذه العادة والتى تبدأ من سن الطفولة، فقد يتأثر الأطفال بالكبار سواءً كان هؤلاء من أفراد عائلاتهم ، أو كانوا ممثلين سينمائيين، أو أبطالاً رياضيين يدخنون ، وفى كثير من البُلدان نجد نسبة عالية جداً من المُعلمين ومن العاملين في المهن الطبية يدخنون، وإذا كنا نقول للأطفال إننا لا نريد لهم أن يدخنوا، فإن كلماتنا سرعان ما تصبح بلا معنى إذا كانت أفعالنا تكذبها، وإذا كنا نحرص على خفض التدخين بين الشباب، فإن علينا أن نبذل كل ما فى وسعنا لمساعدة الكبار في الإقلاع عن التدخين، إذن لابد للكبار أن يقدموا المثل الذي يُحتذى به الصغار، أما الذين يتولون رسم السياسة العامة فتترتب عليهم مسؤولية كبيرة الأهمية في إيجاد مناخ متحرر من التبغ .

 

      كذلك فإن لإعلانات التبغ دوراً رئيسياً في إغراء الشباب الصغار بالتدخين ، وسواء وجدت هذه الإعلانات في مجلة أنيقة، أو حملتها سيارة سباق سريعة، فإن هذه الإعلانات تعطى رسالة واضحة ومستمرة للشباب الصغار، وهى أن التدخين أمر جذاب ومثير، وأنه دلالة على النضج، بل وأن التدخين سلوك يحسن للإنسان أن يسلكه  ، وقد تدّعى صناعة التبغ أنها لا تريد للشباب الصغار أن يدخنوا، غير أن وثائق صناعة التبغ نفسها تطالعنا بقصة مختلفة كل الاختلاف، إذ تظهر هذه الوثائق أن صناعة التبغ تهتم منذ القديم بصغار المدخنين، بل إن صناعة التبغ تحتاج لبقائها إلى اجتذاب مدخنين جُدد كل عام، تعوض بهم أولئك الذين تقتلهم الأمراض التى يسببها التبغ، وغالباً ما يكون هؤلاء المدخنون الجُدد من المراهقين. وقد يكون صحيحاً أن الكثيرين من الصغار إنما يتأثرون بأقرانهم عندما شرعوا في التدخين، فلنذكر هنا أن القرين هو بالتعريف شخص مماثل فى العمر، أى أنه شاب صغير، وأنه على الأرجح تأثر بعدد من العوامل التى حملته على البدء في التدخين ، مثل سلوك الكبار وإعلانات التبغ .

 مكافحـة التدخــين :

      بعد أن ازداد خطر عادة التدخين لا سيما في صفوف الشباب والمراهقين وطلاب المدارس والجامعات واستفحال خطره على الصحة بات واضحاً وجوب محاربته على كل مستوى عن طريق التوعية الصحية والحذر من جعل الصحة مطية للشهوات وأداة للمقامرة، فالصحة هى الرصيد الحقيقى لكل دولة يحق لها أن تفتخر بنفسها وبمنجزاتها، وأن العاقل لابد أن  يسهر على إصلاح نفسه وليس من يتبع سبيل الخطأ بحجة أن الأكثرية تسير في هذا الاتجاه، والجاهل هو من لا يملك التفكير الصائب للحُكم على الأمور فتهون عليه نفسه وصحته، فإن من يبيح لنفسه إتلافها بكل وسيلة رخيصة لمجرد أن فيها لذة مزعومة هو إنسان فقد مقومات الإنسانية .. إنه إنسان يستحق الرثاء .

     واليوم العالمى للامتناع عن التدخين مناسبة طيبة نسأل فيها أنفسنا بعض الأسئلة الهامة ، وأول هذه الأسئلة هو " ما السبب فى هذا التناقض؟".. و لماذا لا نقوم بالمزيد لتغيير هذا الوضع المرفوض ؟.. وعلينا ألا ننسى أن مسئوليتنا الأولى هي حماية صحة كل الناس في كل البلدان، وأداء هذه المسؤولية يتطلب أولاً أن نبدأ بحماية صحة أطفالنا .

المصدر: www.egynews.net
mkhaled

أدع من أستطعت فوالله لأن يهدى الله بك رجل واحد خير لك من حمر النعم

  • Currently 159/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
52 تصويتات / 1099 مشاهدة
نشرت فى 8 أكتوبر 2010 بواسطة mkhaled

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

491,841