تحقيق : عـزت السـعدني
نقلاً عن جريدة الاهرام
حتي أمريكا بجلالة قدرها لم تقدر علي إغلاق أو سد منافذ بوابة الشيطان التي اسمها غرف الدردشة المعروفة بالشات!
فقد رفض قبل أيام قليلة القاضي الفيدرالي الموافقة علي قانون مقدم إلي مجلس النواب الأمريكي بتجريم الصغار الذين يدخلون إلي الشات ويرتكبون حماقات.. ومعهم من فتح لهم الطريق إلي الخطأ والخطيئة.. مبلغا لا يقل عن50 ألف دولار في كل مرة!
وقال القاضي الفيدرالي الأمريكي تبريرا لرفضه هذا القانون الذي يحمي الشباب الأمريكي وينقذ الأسرة الأمريكية من الوقوع في براثن الانحراف والعلاقات المشبوهة: إن هذا القانون ضد الحرية الشخصية!
لقد أبدي السيد حبيب العادلي وزير الداخلية بالغ انزعاجه لما وصل إليه حال البيت المصري.. وطلب من رجاله مضاعفة الجهد لضبط أي منحرف والمساعدة علي تحقيق أي بلاغ يتقدم به مواطن أو مواطنة.
وقال لي الكاهن القبطي القس بولس فؤاد علي موقعه علي النت: الأسرة المصرية تشكر لك جهودك الرائعة بخصوص ما يسببه الإنترنت من متاعب, وتشكر الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية علي هذا المجهود المتميز لملاحقة الجريمة, أيا كان نوعها أو زمانها.
من يفض هذا الاشتباك الحضاري بين الآلة والإنسان؟ من يحكم بينهما؟ من يدافع عن من؟ ومن يقف في صف من.. وضد من؟
الآلة هنا.. هي آخر ما اخترعه العقل الإنساني في خدمة البشرية والحضارة والتطور والعلم والمعرفة التي اسمها شبكة النت.. وفيها ما فيها من دخول مجاني من بوابة الشيطان.. وهو الاسم الذي أطلقه العالم علي الشات التي يتكلم فيها الخلق بحرية مطلقة ودون مساءلة من أحد.. ويحبون ويكرهون ويهجرون ويتزوجون ويطلقون ويقيمون علاقات محرمة وغير محرمة.. وكلها علاقات إلكترونية داخل جهاز من أسلاك وأزرار ونبضات كهربائية وعصبية اسمه الكمبيوتر.. سرعان ما تخرج إلي الطريق وإلي عش هاديء, وإلي معاشرة قد تنتهي بفضيحة لم تكن في الحسبان.. أو بقضية يتباري فيها المحامون لعبا وتحايلا.. أو بليلة ظريفة في التخشيبة.. بعد بلاغ إلي مباحث الإنترنت!
والإنسان هو الإنسان في كل عصر وأوان.. ظلوما جهولا كما قال عنه المولي عز وجل..
الآلة أم الإنسان؟
من المخطيء هنا.. ومن المصيب؟
هل نلقي بأجهزة الكمبيوتر من الشباك.. و بلا خوتة دماغ؟
أم نهذب الإنسان نفسه ونعلمه مباديء الخلق القويم والرجوع إلي حظيرة الدين؟
أم نراقب بيوتنا ونعلم أولادنا وبناتنا أي مسلك شائن يسلكون بالخروج عن جميل تقاليدنا وعظيم ديننا وشرفنا؟
أم نطلب تدخل الدولة بالتشفير أو بالأمن أو بقوانين تعاقب كل خارج عن حدود العقل والمألوف؟
الآلة فيها الخير وفيها الشر..
فيها المسالك.. وفيها المهالك..
والإنسان وحده هو الذي يقودها.. إما إلي خير يراه.. أو إلي شر يراه..
ولكي نعرف راسنا من رجلينا كما يقول العامة.. ولكيلا نقع تحت طائلة القانون إذا نحن دخلنا في حقول الأسلاك الشائكة وارتكبنا أخطاء ومعاصي علي مواقع الشات من شأنها أن تقودنا إلي الوقوع تحت طائلة القانون.
ولكن هل هناك قانون فعلا يجرم أفعالنا علي النت.. أم أن كل شيء مازال سداحا مباحا؟
لقد بحثنا ونقبنا وسألنا.. وهذه هي حصيلة جهد وتعب وعرق أيام وشهور:
شبكة النت تغزو مصر
* إنه في عام1999 أعلن الرئيس حسني مبارك عن المشروع القومي للنهضة التكنولوجية..
ما هو هذا المشروع الحضاري الرائع؟
الجواب من أجندة الكتاب السنوي للهيئة العامة للاستعلامات..
الأجندة تقول:
إن هذا المشروع يهدف إلي جعل مصر دولة منتجة لعناصر التكنولوجيا المتطورة, وقاعدة رئيسية لصناعة المعلومات, وقد بدأ المشروع بحملة قومية واسعة النطاق لمحو الأمية التكنولوجية في المجتمع وتعميم استخدام الكمبيوتر في المدارس والجامعات, وكل الأجهزة الحكومية.
ومع الإعلان عن هذا المشروع جاءت خطوة إنشاء أول وزارة متخصصة تعني بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في العام نفسه, وهي الوزارة التي رأسها الدكتور أحمد نظيف وحقق من خلالها مجموعة من الإنجازات جعلته يحظي بثقة الرئيس مبارك ليقوم بعد ذلك باختياره رئيسا لمجلس الوزراء اعتبارا من يوليو2004.
وتقول أحدث الإحصائيات المتوافرة في هذا المجال أن عدد السكان في مصر قد وصل إلي نحو75 مليون نسمة, وعدد المشتركين في خدمات الهاتف الثابت وصل إلي10,2 مليون مشترك عام2005 مقارنة بنحو6,4 مليون مشترك عام1999, وزادت إجمالي سعة السنترالات إلي نحو12,5 مليون خط في العام نفسه, وهذه الخدمة تقوم بها شركة المصرية للاتصالات وهي شركة حكومية.
وقد بلغ عدد المشتركين في خدمات التليفون المحمول14 مليون مشترك حتي بداية عام2006, وصل إلي نحو20 مليون مشترك مع نهاية عام2007.
وقد بلغ عدد نوادي تكنولوجيا المعلومات العامة إلي1293 ناديا وبلغ عدد الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات في السوق المصرية1979 شركة.
أما فيما يتعلق بخدمة الإنترنت فتقول الإحصائيات أن عدد المستخدمين بلغ في عام2006 نحو5 ملايين و300 ألف مستخدم, قفز الآن إلي نحو عشرة ملايين يحصلون علي خدماتهم من خلال211 شركة تقدم خدمات الوصول إلي الإنترنت في مصر, وكبري الشركات العاملة في هذا المجال الشركة المصرية لنقل البياناتTEDATA وهي شركة خاصة تأسست عام1992 تحت اسمINTOUCH كأول مقدم خاص لخدمة الإنترنت في مصر.
وقد دخلت خدمة الإنترنت مصر في نهاية عام1993 علي يد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري, بالتعاون مع شبكة الجامعات المصرية, ومع بداية عام1994 بدأ المركز في إدخال خدمة الإنترنت للوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات, وتخصصت شبكة الجامعات في إمداد المعاهد الأكاديمية والجامعات بالخدمة, وبداية من عام1997 بدأ المركز في خصخصة خدمات الإنترنت من خلال إتاحة الخدمات لعدد من الشركات الخاصة كمزودينISPS والذين يقومن بدورهم ببيع الخدمة للمواطنين والشركات.
وفي عام1997 وجدت بالسوق المصرية16 شركة خاصة لتقديم خدمات الإنترنت ارتبطت من خلال بوابات المصرية للاتصالات ووصل عدد الشركات العاملة في هذا المجال إلي نحو68 شركة بحلول عام2000.
ولكي تحقق الحكومة هذه الطفرة في مجال الاتصالات قدمت مجموعة من المبادرات لنشر استخدام الانترنت كان من أهمها الإنترنت المجاني عام2002 وهي عبارة عن مشروع تبنته وزارة الاتصالات والمعلومات بعقد مشاركة بين المصرية للاتصالات وشركات تزويد الخدمة لتقديم خدمة الاتصال بالانترنت بتكلفة المكالمة العادية مع اقتسام تلك القيمة بنسبة30% للمصرية للاتصالات و70% لشركات تقديم خدمة الإنترنت.
وتقدمت الوزارة أيضا بمبادرة حاسب لكل بيت التي تمكن من خلالها نحو12 ألف مواطن حتي عام2004 من امتلاك كمبيوتر شخصي, وهذه المبادرة أعطت الفرصة للعديد من الأسر المصرية للحصول علي حاسب مجهز للدخول علي الإنترنت بأسعار متواضعة وشروط ميسرة, وقد قامت هذه الجهود علي تعاون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع كل من البنوك وهيئات التمويل والشركات الخاصة لخدمات تجميع الحاسب والمنظمات غير الحكومية, بالإضافة إلي الشركة المصرية للاتصالات.
* ثم ظهرت المدونات للتعبير عن الرأي ووجهات النظر المختلفة وهو ما يحسب للإدارة المصرية.. وقد بلغ عن المدونات نحو1417 مدونة حسب الأرقام الرسمية.
هل لدينا قانون يحمي؟
وقد يسأل خبيث من الخبثاء وما أكثرهم في هذا العصر: هل لدينا قانون يعاقب كل مرتكب لجرائم الشرف أو التشهير بإحدي الزوجات أو البنات.. وما هي العقوبة؟
وإن كان لدينا مباحث خاصة بجرائم الإنترنت نشيطة جدا..
علي موقع المبادرة العربية لإنترنت حر وجدنا الجواب:
1 ـ ينص الدستور المصري في المادة(66) من الباب الرابع علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون, ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون, ومع ذلك تعرف مصر قضايا تتعلق باستخدام الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة دون وجود نصوص قانونية واضحة تجرمها.
2 ـ وفيما يتعلق بالاتصالات, أصدرت مصر القانون رقم(10) لسنة2003 الصادر في4 فبراير والمعروف باسم قانون تنظيم الاتصالات وهو القانون الذي أنشيء بموجبه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات, وهو الجهاز المختص بإدارة مرفق الاتصالات, وتناولت بعض نصوص القانون تجريم بعض الأفعال الخاصة باستخدام وسائل الاتصالات, ولكنه لم يتطرق إلي ما يخص النشر عبر الإنترنت.
3 ـ وتعاقب المادة(73) بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين, كل من قام في أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية:
أ ـ إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانوني في ذلك.
ب ـ إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحوير أي رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.
ج ـ الامتناع عمدا عن إرسال رسالة اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.
د ـ إفشاء أي معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصال أو عما يجرونه وذلك دون وجه حق.
ولاستكمال منظومة التشريعات المرتبطة بالاتصالات صدر القانون رقم(83) بحقوق الملكية الفكرية وهو القانون الذي قدم إطارا لحماية حقوق النشر والاختراع.
مقاهي الإنترنت تغزو القري!
قالت لي الزميلة الصحفية والفنانة نجوي العشري صاحبة الريشة والقلم: تحت بيتي في مصر الجديدة مقهي للإنترنت.. الشباب الصغير يقف منذ السابعة صباحا علي سلالم العمارة ويسد المدخل في انتظار أن يفتح المقهي أبوابه في التاسعة صباحا.. لقد أصبح النت إدمانا عند الصغار, وكلهم يبحثون عن المواقع إياها التي تشبع رغباتهم المكبوتة.. والحدق يفهم!
وطافت الصحفية النشيطة هبة عبدالخالق مدن وقري محافظة الشرقية وعادت تقول:
لا تكاد تخلو مدينة أو قرية حتي لو كانت صغيرة من مقهي للإنترنت.. ووفق تقارير رسمية فإن مدينة الزقازيق عاصمة المحافظة تضم الآن نحو500 مقهي.. وإن كان الرقم الحقيقي يمكن أن تضربه في ثلاثة!
ولا توجد لدينا أي قوانين تتعلق بشروط الترخيص لمقهي الإنترنت.. ومن هنا فإن غالبية مقاهي النت في بلدنا مفتوحة علي مصراعيها لمن يريد دون رخصة قانونية!
وللحقيقة فإن وضع هذه المقاهي غريب وعجيب بل ومعقد أيضا.. فقد كانت وزارة الثقافة في البداية هي المسئولة عن هذه المقاهي.. وهي التي تمنحها ترخيصا باعتبارها إحدي الجهات المسئولة عن حقوق الملكية الفكرية في بلدنا..
ولكن في عام2006, وفي اجتماع مشترك بين وزارتي الثقافة والاتصالات.. انتهي المجتمعون إلي وضع لهذه الرقابة والإشراف والترخيص لوزارة الاتصالات والمعلومات.. مع منح صفة الضبطية القضائية لمندوبي وزارة الاتصالات.
وهكذا خرجت وزارة الثقافة من اللعبة ليدخل رجال الضبط والربط في وزارة الداخلية.. للرقابة من بعيد لبعيد وحتي لا ينغمس شبابنا الصغير في متاهات ومواقع مشبوهة ومدسوسة عليه.. تقوده في النهاية إلي حافة الهاوية!
ولكن ليس كل الشات شرا..
وليس كل الشات بابا مفتوحا علي العلاقات الشاذة.. وإليكم هذه الرسالة من سيدة عاشت طول عمرها وسط عائلة محافظة علي الشرف والتقاليد والدين:
** أنا من عائلة محترمة وملتزمة جدا وخريجة كلية من كليات القمة, وأعمل في مكان محترم للغاية, وبرغم كوني مطلقة منذ5 سنوات في هذا الوقت, فإنني أتمتع والحمد لله باحترام الجميع وبسمعة ممتازة.. ودخلت هذا العالم بلا مخاوف أو محاذير, وأول ما لاحظته أن الإناث لا يتحدثن لبنات جنسهن وإلا اعتبرن شاذات!
واستغربت ذلك جدا, فقد كنت أبحث عن صديقات جدد بعد أن تزوجت كل صديقاتي وانشغلن بأزواجهن وأطفالهن.. وأصبحت ساعات الوحدة طويلة جدا خاصة في ليالي الشتاء الباردة في مدينتنا الساحلية, وحين وجدت أنه لا مفر لملء وقتي إلا بالتحدث للرجال, استأذنت أمي في هذه الخطوة الخطيرة ولم تمانع.
وفي ليلة من الليالي شاءت الأقدار أن أتعرف علي رجل أعزب يكبرني بــ11 سنة وكنت أرفض التعرف علي العزاب كما ذكرت من قبل, ولكن هكذا أراد الله وأخبرني أنه مصاب في قلبه وأجريت له قسطرة وتركيب دعامة, لذا هو يرفض الزواج حتي لا يرمل امرأة وييتم أطفالا!
وشيئا فشيئا تسلل الحب إلي قلبينا.. وطلبت مني أن نتقابل عدة مرات فلجأت لأمي التي لم تمانع وقالت لي أنت محل ثقة وتستطيعين الحكم علي الأمور, والتقيت به عدة مرات بعلم أمي وأبي, وبعد نحو أربعة أشهر فاتحني برغبته في الزواج مني.
لا أخفي عليك ذهولي وخوفي وفرحي..
وأخبرت والدتي علي استحياء واتصلت بخالي لأخذ رأيه.. فقال: لا بأس من لقائه, وهكذا تم اللقاء في بيت أهلي.. وسألنا عنه فكانت نتيجة السؤال طيبة, وكذلك سأل أهله عنا وكانت النتيجة مرضية( برغم أني مطلقة), وتمت الخطبة( مع ملاحظة أن أهله لا يعلمون حتي الآن كيف تعرفنا إلي بعضنا) وتزوجنا منذ عام ونصف.. وأنا الآن في انتظار مولودي الأول منه, وأتمتع بسعادة بالغة أحمد الله عليها كثيرا.
هذه هي حكاية بوابة الشيطان..
هؤلاء هم الداخلون إليها والجالسون فيها والمقيمون
اللهم قد بلغنا..
ساحة النقاش