يناقش مجلس الوزراء المصري في أول اجتماع له عقب إجازة عيد الفطر مشروعاً متكاملاً أعدته أربع وزارات، بإنشاء منطقة للتجارة الحرة مع قطاع غزة على مساحة 6 كيلو مترات بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية. ويستعرض المشروع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الجوانب اللوجيستية والفنية والإدارية للمشروع، على أن تتم إحالته إلى الجهات الأمنية والسيادية لإبداء الرأي بشأنه حال موافقة مجلس الوزراء عليه. وشاركت وزارات المالية والتجارة الخارجية والصناعة والاستثمار والخارجية في إعداد المشروع، وذلك استناداً لمجموعة من الدراسات القديمة التي جرى تحديثها وإلى ورقة عمل قدمها وفد فلسطيني زار القاهرة مؤخراً.

وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن المشروع تضمن عدداً من العوامل الضرورية التي تضغط باتجاه الموافقة على إنشاء المنطقة، وفي مقدمتها الأوضاع الأمنية المتوترة بمنطقة الحدود واتخاذ الأنفاق ذريعة لتخفيف الحصار عن قطاع غزة، بينما لا توجد أي ضمانات لمنع استخدام هذه الأنفاق في الإضرار بالأمن القومي والاقتصادي لمصر، ومن ذلك تهريب مخدرات وعملات مزيفة وأسلحة إلى جانب دخول وخروج عناصر فلسطينية ومصرية بين الجانبين بطريق غير رسمي.

كما تشمل العوامل ارتفاع حجم السلع المهربة عبر الأنفاق إلى قطاع غزة ومنها سلع مدعومة تشمل الوقود بكافة أنواعه وزيوت الطعام والسكر وغيرها، وبما يوازي استهلاك أربع محافظات مصرية مجتمعة وهو ما يستنزف نحو عشرة مليارات جنيه من فاتورة الدعم المصرية لحساب سكان غزة في الوقت الذي يتم فيه إغراق السوق المصرية بالعديد من السلع المهربة القادمة من غزة، ومنها سلع إسرائيلية من دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها مما يهدر حقوقا مالية للخزانة العامة، ويضر بالقدرة التنافسية للسلع المماثلة من المنتجات المحلية.

وحسب هذه المعلومات أيضاً فإن المذكرة التفسيرية للمشروع تشير إلى اتساع ظاهرة حفر الأنفاق السرية بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة، حيث تشير الأرقام إلى وجود نحو 1400 نفق وهي الأنفاق شبه المرصودة فقط بينما يوجد ضعف هذا العدد لم يتم رصده بعد سواء أمنياً أو من الناحية الاقتصادية لاسيما في ظل الأرباح الهائلة التي يحققها البعض على الجانب المصري من بين سكان المنطقة الحدودية من هذه الأنفاق وبالتالي يجري التكتم على حفر الأنفاق الجديدة.

كما يستهدف مشروع المنطقة الحرة تحقيق عائد اقتصادي للجانبين جراء تحصيل رسوم جمركية على السلع التي سيجري تبادلها وخلق أنشطة اقتصادية رسمية موازية، تفيد سكان منطقة رفح وتجبر الحكومة على الاهتمام بالمنطقة من حيث إمدادها بالمرافق وخدمات البنية التحتية الأساسية، وتوفير الخدمات الأمنية لها وتشجيع عدد كبير من المصريين على التواجد بالمنطقة من خلال النشاط الاقتصادي الذي سيصاحب مشروع إنشاء المنطقة الحرة، من مناطق تخزين وخدمات النقل والشحن والتفريغ وإقامة مساكن لموظفي الجمارك والمتعاملين مع المنطقة الحرة من القطاع الخاص.

وبحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن هناك اتجاها للموافقة على المشروع لأسباب سياسية وأمنية في إطار خطة متكاملة لمعالجة الأوضاع السلبية في منطقة الحدود مع قطاع غزة، واستجابة لرغبة مؤسسات اقتصادية وإنتاجية عديدة تسعى لأن تكون في المنطقة، نظرا لوجود فرص استثمارية جاذبة هناك استنادا لتوافر العديد من الموارد الطبيعية بها واستغلالا للموقع الجغرافي ودعم خطة التنمية المصرية الشاملة التي يسعى النظام السياسي الجديد لإحداثها، وهي خطة تتسم بالتوازن وتوزيع مراكز القوة الاقتصادية بالبلاد على عدد من الأقاليم الجغرافية وفي مقدمة هذه الأقاليم منطقة شمال سيناء التي تمتلك فرصاً للتنمية الصناعية، مع فرص التنمية السياحية والعمرانية التي تتمتع بها منطقة جنوب سيناء. ويرى خبراء اقتصاديون أن مشروع إنشاء المنطقة الحرة بين مصر وقطاع غزة أصبح ضرورة تمليها الظروف الأمنية والسياسية المتسارعة، خلال الفترة الأخيرة، حيث إن إنشاء المنطقة يسد ثغرة تهدد الأمن القومي للبلاد.

كما يؤكد الخبراء أن إنشاء المنطقة الحرة يعد قراراً اقتصادياً بامتياز، حيث يعود بالعديد من الفوائد الاقتصادية على الجانب المصري سواء من حصيلة الرسوم أو وقف استنزاف الدعم أو حصار ظاهرة السلع المهربة وضرب الصناعة الوطنية، الأمر الذي يقتضي سرعة إنجاز المشروع لاسيما أن إنشاء المنطقة الحرة مع غزة يتطلب صدور تشريع يسمح بذلك ومناقشة المشروع من كافة جوانبه، وهو ما لن يتم قبل إجراء انتخابات البرلمان القادمة لعرض المشروع على الجهة المنتخبة، ووضع الضوابط اللازمة لتحقيق الغرض من إنشاء المنطقة وتجنب السلبيات التي حدثت في مشروع المنطقة الحرة في بورسعيد وما ترتب عليها من وقف خطط تنمية بورسعيد وبقية مدن القناة اعتمادا على عوائد المنطقة الحرة.

وقال هؤلاء الخبراء إن البديل لانتظار الانتخابات البرلمانية هو صدور قرار جمهوري يقضي بإنشاء المنطقة الحرة، بعد توقيع اتفاقية مع الجانب الفلسطيني في هذا الشأن وبعد إجراء الدراسات الفنية اللازمة للمشروع وطرحه للنقاش العام بديلا لمناقشته في البرلمان والاستماع لآراء ممثلي قطاع الأعمال المصري الذين سيتعاملون مع مشروع المنطقة الحرة، سواء من أعضاء اتحادي الصناعات والغرف التجارية أو جمعيات رجال الأعمال واتحادات المستثمرين.

ويقول أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع قطاع غزة سوف يسد العديد من الثغرات التي تهدد الأمن القومي المصري، وينهي ورقة للمزايدة السياسية ويمنع استمرار العديد من المخاطر التي تهدد الاقتصاد المصري مثل تهريب سلع مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات، مثل الآلبان الجافة الإسرائيلية التي تملأ أسواق العريش ومدن القناة ويتردد أنها ضارة بصحة المستهلك.

كما أن المنطقة الحرة سوف تجعل تبادل السلع بين الجانبين في إطار شرعي ومنظم وبالتالي لن يستطيع القيام بهذه المهمة سوى التجار الذين يمتلكون الخبرة، وسوف يتراجع دور المهربين الأمر الذي يعني زيادة مساحة الاقتصاد الرسمي على حساب الاقتصاد السري أو الاقتصاد العشوائي غير المنظم، وهو هدف نسعى جميعا إليه سواء من جانب الحكومة أو الأطراف الاقتصادية من القطاع الخاص.

ويؤكد محمد المصري، رئيس الغرفة التجارية في بورسعيد، أن فكرة المنطقة الحرة جيدة وإيجابية ومساعدة على إحداث التنمية بصفة عامة وتفتح العديد من فرص العمل أمام أبناء المنطقة التي توجد بها مثل هذه المشاريع، وهذا يفسر تمسك أبناء بورسعيد على سبيل المثال باستمرار المنطقة الحرة في المحافظة لضمان التشغيل وإتاحة المزيد من فرص العمل، لكن من المهم وضع الضوابط الكافية لمنع استخدام مثل هذه المنطقة الحرة المقترحة مع رفح كبوابة لإغراق البلاد بالعديد من السلع الضارة أو المغشوشة أو غير المطابقة للمواصفات، وكذلك من المهم إنشاء بنية تحتية ولوجيستية جيدة قبل إطلاق المشروع لضمان نجاحه ولكي يكون جاذباً للسكان.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 22 أغسطس 2012 بواسطة misr25

ساحة النقاش

مصر25

misr25
»

ابحث

تسجيل الدخول