أهكذا ظنك بى ... ؟!
أهكذا ظنك بى يا حبيبتى ... يا رفيقة أحلامى العالقة بأقدارك، و مستقر فؤادى العليل، و ذبحة فى شرايين دمائى. يا مهجة العمر الجريح ... أمازلت تشكين فى أمر حبى لك؟! و أنا الذى عشت أوقاتى كلها أتفنن فى تقديم ثمرات هذا الحب على مائدة العشق الأبدى، لأجل أن أجعل منا لحنا للخلود، ألم أخبرك يوما و كنا نتناول عشاءنا، أنك الحب الوحيد؟! و كؤوس الهوى تنال منا، و تمزقنا قطعا، كقطع سكر بنكهة الكريز، لم يتذوق لذته سوانا، فأنا و أنت من وهبناه تلك النكهة المحلاة بطعم الكرز، عندما أخذ من شفتينا كثيرا، ليروى العطش فى حبنا، و قد كنت بدأت أؤمن بأن حبنا ما هو إلا امتزاج ريقنا العذب الخلاب بأنفاس وجدنا الملتهبة، ليتحدا فى هواء رؤانا الحالمة، و تعاودنا دورة الحياة باستنشاقه ثانية، فيتكون فيك جنينى، و الذى أبدا لم ألفظه يوما، فلم تلفظينى أنت، و تحرمينى أحقية نسبه؟! و ما يسكن رحمك جزء منى. ألم أسمعك لحنى الفريد الذى انتقيته بعناية لك، من باقة ألحان عبقرية رأيتك فيها؟! أتذكرين يوم أن سألتنى: بم سميت اللحن؟ فأجبتك: و هل أملك إلا أن أسميه سهاد. ففى وجودك أملك أثمن الأشياء. يا سهد مقلتى، و دعاء نبضى الحائر، ارحمى رجاءى فيك، و ﻻ تفقدينى الأمل فى رجوعك إلى حضنى، و الذى أعددته لك خصيصا، و ﻻ أرغب بامرأة سواك ترتمى عليه، فأنت حيرتى و أنت اطمئنانى، أنت عذابى و هنائى، ما اعتدت الألم إلا معك، و ﻻ أملك السعادة إلا بوجودك، فكيف يأن الصبى الجريح بعيدا عن حجر أمه؟! شككى فى كل شىء فى الوجود، كأن تقولين عندما تمطر السماء: ليس هو بمطر، و إنما هى دموع حيارى فقدت عذريتها فى لحظة ضعف، انتشى فيها الجسد بلذة الرغبة الجامحة فيه، ستبكى عليها ما بقى لها من الحياة، قولى ما شئت من خيالات و افتراءات، و لكن إياك أن تظنى بى هكذا، و ترمينى بأقصى تهمة يمكنك أن ترمينى بها، و هى أنى فرطت فى حبك، فما بالك تظنين بى هكذا؟! و أنت تعلمين أنى من وضعت بذرته فيك. ألا يمكنك أن تقرأى ضياعى فى غيابك؟! إن كان ﻻ يمكنك فاعلمى أن كل مشاعر الوفاء قد انتحرت على قدميك عندما أعلنت الرحيل، و قطعت مسافة ﻻ بأس بها تفصلنى عنك. ربما أنك تتدللين، و لكم عشقت دلالك، و أنت تتأوهين بين ذراعى و على صدرى، لتحرق أنفاسك شعيراته، أما سمعتيها تنطق باسمك فى نوبات جنونى بك، فبالله عليك ﻻ تجبرينى على حياة لست أنت جوهرها، أو تغريدة أيامها. آه منك يا معشوقتى ... كم أنت قاسية فى قراراتك! كم أنت مؤلمة فى اختياراتك! أى طعنة احتملها فؤادى برحليك؟! ألم تسألى نفسك لحظة عن أنين رجل كسر أنفته عندك باعتراف صريح لك: أنه ﻻ يقوى على العيش بدونك و رغم ذلك رحلت، رحلت و أنت ترين الدمع يتلأﻷ فى عينى، لم تتركى لى غير اتهاماتك، و كان هذا ظنك بى: أنى لم أعد أبالى. أخبرينى حبيبتى: ما الذى صير الحمل الوديع فيك إلى لبؤة تفترس المعانى التى جمعت بيننا، و تترك الذكريات من بعدنا تنزف دماء جارية بأوجاعنا؟! سألتك ... و لم تجيبى، دائما ما يقهرك صمتك، و قد علمتك أعذب الأحاديث، فكم همست بحلو الكلام فى أذنيك، حتى صارت لنا لغة حب نتقاسمها، ﻻ يدرك فحواها سوانا، تبدأ بغمزة عين، و تنتهى بهمسة شفتى، تهمس: أحبك، و بين غمزة و كلمة تفيض جوارحنا اشتياقا إلى عناق ﻻ نصحو منه أبدا، كم رغبنا فى أن ينسانا الزمان، و يرحل عنا، و يتركنا لأوقاتنا، لرغباتنا، لحياة صنعناها من ذاتنا، أن يتوقف عند لقاء كنا بصحبته، و لهونا فيه لهو صبى و صبية يتفتحان للحياة. ظننت أن اﻻشتياق يكون فى غيابك أقوى و أشد، و إذا بى أدرك أن لوجودك نوعا آخر من الشوق يصلنى بك صلة روحية ﻻ مثيل لها، ﻻ يمكننى أن أصفها، هى فقط تحس. *** آه منك أيتها الظنون، لطالما احترت معك، و نال منى دهاؤك، و مازالت رساؤله تنال منى، و كل شىء أحببته فيه قد نال منى، فأمست جوارحى ﻻ تقوى على فراقه، و إن ادعيت أنى فارقته، ربما فارقته جسدا لكن مازالت أنفاسه تحيى بداخلى كل الأشواق التى جمعتنا على فراش الحب البالية، أفهم تماما تلك الصلة التى يحدثنى عنها، أستطيع أن ألمسها فى كيانى، و كأنى أحيا بروحه هو، و أمارس حياتى بجسده، و أتساءل: أين سكنت روحى، و لم يجافنى جسدى ؟! أمعقول أنه راح ليستقر فيه، و يخلفنى وراءه امرأة مهملة؟! بدأت أوقن أنى تخليت عن اهتماماتى، و حلت مكانها أمور أخرى أستغربها فى نفسى، ربما هى عاداته، انتقلت إلى دون أن أدرى، و صاحبتنى فى غفلتى و يقظتى، تشابهت ملامحنا كثيرا، كلما اقتربت منه أخذت من ملامحه شيئا، و أخذ من ملامحى شيئا، إنها فعلا حياة، هو صادق فى تعبيراته ... و لكن. لم ﻻ يبالى بعلاقتنا؟! لم أتهمك أيها الرجل ... إنها حقيقة ﻻ يمكنك أن تراها، دائما ما كنا نتفق فى كل شىء، بيننا انسجام غير عادى فى رؤانا، و كأن مفكر عظيم نؤمن بآراءه هو من يملى علينا عقائدنا، مفكر ندين له بكل معتقداتنا، و ﻻ نملك إلا أن نمتثل ﻷوامره، هذا اﻻمتثال آت عن يقين، فما عارضتك فى شىء، و ما اختلفت معى فى أمر ... إلا أمر حبنا. و هل لنا أن نستمر و بيننا هذا اﻻختلاف، ربما يكون اﻻختلاف جوهر الحياة، و لكن ما آمنت بأن يكون جوهرا لحبنا، فدائما ما تعاندنى بفلسفتك البوهيمية، و أعاندك بكل ما أملك من قوة لإمراة تدافع عن ذنبها، وكان ذنبها أنها أعطتك أغلى ما تملك، فما كان منك إلا أن بخلت عليها برباط مقدس يحفظ لها كرامتها، و يجعلها تثق فيك أكثر، و تطمئن إلى أن الذى يجرى فى عروقك نخوة حقيقية، و لكن كطبيعة الرجل العربى عندما يغدر، و يختلق لغدره مبررات ﻻ أدرى من أين له بها، ظننتك مختلفا عن رجال الشرق أجمعين، و لكن يبدو أنى أغفلت أن من طبيعة الشرقى أن يقهر امرأته، بل إنى اكتشفت ما هو ألعن من ذلك، بأنه يستلذ فيها قهره لها، و لذلك غلبنى صمتى، و آثرت أن أختنق فى نفسى، و ألا أخبرك عن صدمتى بك، من أجل ذلك رحلت، أحمل على عاتقى وزر ثقتى فى رجلى الذى استباح برجولته كرامتى و كبريائى، و طلب كل شىء باسم الحب، رحلت و أنا على يقين بأن روحك تسكننى و لكنى لم أكن يوما ممن يستغلون المواقف لطلب حق من حقوقهم، إن لم تعطنى أنت حقى الشرعى فيك، فلا معنى لوجودنا معا، و ﻻ يمكنك أن تغير عقيدتى كامرأة تابت عن لهوها. قصة قصيرة بقلمى .. أتمنى أن تنال رضاكم