عرّافة
======
عرّافةُ الحيّ المجاورِ
أوقفتني خلسةً
قالتْ أريدُكَ
حالما تٌنهي حضوركَ
فانْتَبِهْ
لا تُهملِ التبليغَ
فالشعراءُ قبلكَ
حين غابوا
قبَّلوا مني يدَيَّ
وأرجُلي
مجنونةٌ !
دجّالةٌ !
لكنّ جيبي فارغٌ ..
لقد اشتريتُ زجاجةً من خمرةٍ
راهنتُ في البار القديمِ
على الزجاجةِ
خانني نردٌ جبانٌ
قبَّلتهُ العاهِرَةْ
سُحقًا لقبلتها
بِفيها الأحولِ
أغلقتُ بابي
وانصرَفتُ إلى سريري
مُجْهدًا
فوجدتُها قد حضَّرَتْ
لي قهوةً
قالتْ :
أتيتُكَ
ما استطعتُ الصَّبرَ
حتّى تأتِني
فاجلِسْ
لأقرأ ما أتاكَ
بمِنْدّلي
نصف القصيدةِ من نصيبِكَ
حاضرًا
فاخْتَر جنونَكَ
بينَ شطريْها
فصدرٌ قد تقود به الحكايَةَ
فارِسًا
أو عجزها
فتقادُ نحوَ الهاوِيةْ
فالصدرُ تملكُهُ فتاةٌ غاوِيةْ
ألقتْ شِباك الموتِ دون تردُّدٍ
لتكون للنَّظْمِ الأخير الرّاوِيةْ فاذْهَب لنَحْرِكَ
في القصيدةِ
للختامِ الأجملِ
لا تعبثي
لستُ الذّي تُغريهِ أصواتُ الوَدَعْ لست الذي قلَبَ الفناجينَ
انتظارًا للبِدَعْ
لستُ المُتَيَّم بالحكايا
العالِقاتِ على شفاهِ الماكراتِ
.. أجبتُها
وقرأتُ طيفَ سؤالِها ..
يا هذهِ :
لا تسألي.
فاستَطْرَدَتْ ..
( دون اكتِراثٍ للتَذَمُرِّ )
لا تَكُنْ شبحًا
يناجي الليلَ
يبحثُ عن شقوق النّورِ
في الظلماتِ
كًنْ هَوَسًا
يراوِدُهُنَّ
في كلّ الروايات التي أنْكَرْنَها
كن لمسةَ الكَفِّ التّي
بَعَثَتْ جحيمًا كامِنًا
باسم السلامْ
كنْ نظرةَ العينِ التي
ظُلِمَتْ بإخفاءِ الغرامْ
كُن قُبلةً مارَسْنَها
عندَ اشتهاءِ الطَيْفِ
أيضاً خِلسَةً
كُنْ ضَمَّةً
حرقَتْ لهيبَ الشوقِ
كُنْ ..
كل الوسائدِ
حاضِرًا قبلَ المنامْ
كن في الحقيقةِ
في الرُؤى
حُلُمًا جميلًا
واحتِلامْ
كُن بصمَةً
لا تنجلي
أو كُن غُبارًا عالِقًا
مسحَتْهُ أطرافُ الأناملِ صُدْفةً نثرتْهُ ريحٌ عابِرَةْ
أو زالَ لمّا العينُ أجْرَت في المآقي دمْعةً واشْكُ النصيبَ مُكابرًا
واقتُلْ رسولَ الآلِهَةْ
عطفًا على الوحيِ الذي جافاكَ
حينَ سَلَبتَهُ الأختامَ
فاسْتَغفِر جنونكَ
في الظَّلامِ
وأشْعِلِ الأسفارَ
والْعَنْ شَمْعَةً
كُنْ في طقوسِكَ " حَنْبَلي "
واقْرَأ حضوركَ ما اسْتَطَعْتَ
فساعةُ الرَّملِ استَجابتْ للنداءِ وأنت من نادى عليها
باحْتِسائكَ قهوتي
فاتْلُ الوصّيةَ
في مساحاتٍ تضيقُ
إلى الغِيابِ ..
المُخْمَلِ
واسْتَأذَنَتْ .. بوقاحةٍ
فتلوتُ آياتَ اكتمالي ..
خاشعًا :
يا سَكرَةَ النزعِ الأخيرِ تمَلْمَلي إن كنتِ حاضرةً لأجلي
أمْهِلي
أو كنتِ خاتمةَ القصيدةِ ..
أكملي.
بقلم الشاعر حسام غنام