لحظه هدوء..

كل انسان يوجد لديه ما يميزه عن غيره فحاول اكتشاف اجمل ما فيك

authentication required

 

 أثر التلفاز في التفكير
لين بيري

إن مشاهدة التلفاز من أكثر الأنشطة الترفيهية شيوعاً في العالم ، فهذا النشاط يتفوق على المشي والقراءة واللعب مع الأطفال ، ومع أن أغلبنا يرفض الإقرار بأثر التلفاز في تفكيره وتصرفه ، ويعده وسيلة للتمتع ليس إلا ، ولكن الحقيقة غير ذلك ، ولعل القارئ سيدهش إن علم أن التلفاز هو أداة خطيرة للسيطرة على تفكيرنا ، إذ يوقف عملية التحليل العقي التي يقوم بها الجانب الأيسر من الدماغ ، فتؤثر برامج التلفاز فينا من دون نقد منطقي ، وهذا يعني أن قدراتنا على اتخاذ القرارات أو إصدار الأحكام تتأثر بما نشاهده .

فأدمغتنا تمر بعملية مشابهة لعملية التنويم المغناطيسي ، وقد تم الكشف عن وجه الشبه بين التحكم في عملية التنويم المغناطيسي وبين تأثير التلفاز في كتاب د. أريك سيجمان المعنون (Remotely Controlled) ، والذي يصف فيه التنويم المغناطيسي بأنه "حالة يقظة معدلة", مثل المشي أثناء النوم ، إذ يكون العقل واقعاً تحت تأثير آخر .

وفي التنويم المغناطيسي يكون الشخص الواقع تحت تأثير المنوم المغناطيسي أو الطبيب متجاوباً تماماً مع الأوامر الصادرة إليه ، كأن يطلب منه المزاول الاسترخاء أو غير ذلك ، ونحن حين نفعل ذلك يحدث تغيير في الفص الجبهي من الدماغ مما يجعله أقل اتصالاً مع الدماغ ، فالتنويم المغناطيسي يتسبب بشكل فعّال بتغير في وظيفة العقل فنستخدم الجانب الأيمن من الدماغ فقط ، ونهمل الجانب الأيسر المستعمل للتفكير النقدي.

وفي حين نعدّ التنويم المغناطيسي حلاً غير عادي لحالات معينة ، إلا أنه لا يستغرق سوى 30 ثانية مع التلفاز ، وهذا ما توصل له البروفيسور هربرت كروجمان في دراسة أجريت عام 1971 ، وكان استنتاجه أننا لا نفكر في المعلومات المبثوثة عبر التلفاز ، بل نكتفي بالتلقي ، وبعبارة أخرى فالتلفاز هو شكل من أشكال غسيل الدماغ.

والبقاء أمام التلفاز لبعض الوقت يعني أننا نصبح أقل ابتكاراً في حل المشكلات ، وأقل قدرة على التركيز ، وهذا يناسب بعض البيئات , ففي المملكة المتحدة , يستخدم التلفاز لإبقاء المساجين هادئين . وهذه الوسيلة يعدّها الأمين العام لجمعية مدراء السجون من أفضل أنواع آليات السيطرة ، فالسجناء يعرّضون لآثار التلفاز المخدرة التي تخضع سلوكهم, والفائدة الأخرى هي أن هذه وسيلة رخيصة الثمن وفعّالة لأداء هذا الغرض.

إن الفص الجبهي هو جزء مهم من الدماغ ، فهو يمثل نشاط إداري يضمن ضبط النفس والحكم الأخلاقي والانتباه ، وهو الذي يخطط وينظم الأمور بتسلسل ، والأمر المقلق هو أن الفص الجبهي قد يتضرر بسبب مشاهدة التلفاز ، وضرره أكبر عند الأطفال ؛ لأن الفص الجبهي يكون في حالة نمو متسمر حتى يبلغ الإنسان سن العشرين ، وعندما يشاهد الأطفال التلفاز فإن الفص الجبهي لا يعمل شيئاً ، مما يتسبب بعرقلة النمو.

وأشارت دراسة في الإتحاد العالمي لعلم الأعصاب إلى مخاوف حول تأثير وسائل الإعلام البصرية الإلكترونية (بما فيها التلفاز) في الأطفال بسبب إعاقة نمو الفص الجبهي الذي يؤثر أيضاً على قدراتهم على التحكم بالتصرفات العدائية عند اللعب والتفاعل مع الآخرين ، فالألياف الموجودة في الفص الجبهي بحاجة إلى أن تنمو وتتكاثف وتكوّن وسيلة اتصال قوية بالخلايا العصبية.

وليست هي المعلومات ذاتها التي تسبب المشكلة, بل الوسيلة بشكل ما , فنحن نتصل كهربائياً بالتلفاز ممكنين للمعلومات لتُمتص ( أية معلومات ) ، وتحدث هذه الوسيلة في داخلنا حالة سلبية للاتصال . فلو استقبلنا المعلومات بلا وعي, فما الذي يمكن أن تفعله هذه المعلومات في طريقة تفكيرنا وتصرفنا؟ بالطبع, فإن الوسيلة هي الأنسب للمُعلنين .

إلى أي حد يتم التأثير فينا بآراء الآخرين الذين يظهرون على شاشة التلفاز؟ اسأل نفسك كيف وصلت إلى رأيك (في أي شأن عام) ، هل كان رأي شخص آخر فقمت أنت لا شعورياً بقبوله ؟ هل رأيك حول آخر حدث إعلامي عالمي - مثلاً الأزمة بين روسيا وجورجيا - تم تشكيله بناءً على ما تسمع؟ وهل تجد نفسك تجادل باندفاع حول قضية ثم تسائلت كيف أو حتى لما كانت لديك وجهة النظر تلك؟

الجانب الآخر بشأن التلفاز هو اعتبار الكم من المعلومات السلبية التي يتم بثها منه ، فتوجد قصص قليلة ملهمة ومحفزة ، ولهذا فإن بعض المجموعات تنصح بالابتعاد عن التلفاز ولاسيما الأخبار لما يرونه كأثر سلبي محتمل على التفائل والتفكير الإيجابي والثقة بالنفس .

اعمل تجربة وتوقف عن مشاهدة التلفاز لبضعة أيام أو أسبوع , ثم قيّم كيف تشعر بشكل عام. وحينما تبدأ في مشاهدة التلفاز مرة أخرى, قيّم مرة أخرى.
ففي الوقت الذي يمكن لنا أن نعتني فيه بأجسادنا, ونتناول الطعام بشكل جيد وممارسة التمارين الرياضية, فيجب علينا أيضاً العناية بأجسادنا العقلية وتغذيتها بالتحفيز الإيجابي. في بيئة إيجابية نصبح إيجابيون ونؤثر في الآخرين ليكونوا إيجابيين.



المصدر: Weapons of Mass Induction) مقال في مجلة (Kindred) مقتبس من كتاب للدكتور أريك سيجمان اسمه (Remotely Controlled).
  • Currently 18/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 602 مشاهدة
نشرت فى 30 يونيو 2011 بواسطة mirvatrohaiem

ساحة النقاش

مرفت رحيم

mirvatrohaiem
علينا ان نعثر على كل ماهو جميل داخل انفسنا لنتعايش مع وجوه متقلبه فنحظى بالرضا والسعاده ..فلحظه هدوء...." »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

66,710