محمد علوش*
ما الذي يجري في القاهرة؟ وهل نكتفي بإعلان أن ما يجري مؤامرة على الثورة أم لدينا الفضول والرغبة في معرفة الكواليس؟
منذ مدة ليست بالقريبة يحاول النظام السوري عبر معارضة كلاسيكية مصطنعة كسب الوقت وإشغال الرأي العام والمعارضة على حد سواء بمبادرات ومؤتمرات ووفاق وخلاف، يفعل ذلك كله ليتسنى له وقت كاف ليحسم المعركة على الأرض ولو كان الحسم بتدمير مدن كاملة كحمص أو تهجير أهلها منها بعد 20 يوما متواصلا من القصف ولا يزال مستمرا إلى الآن وهذا ما جرى في دوما.
ومن جهة أخرى تعتبر مشاركة النظام الدولي والعربي بهذه النشاطات تواطؤا منهم على خطة كسب الوقت لتحصيل انتصار دموي ساحق للنظام ليعلن بعدها تطهير البلاد من الإرهابيين وليقول للمؤتمرين "سياحة حلوة يا جميل!!"، فكيف طبخت القضية؟
حاولت هيئة التنسيق المصنعة في دوائر المخابرات السورية دفع نبيل العربي في الواجهة ليقول للعرب وللعالم إن المعارضة السورية متشرذمة..
يجد المجتمع الدولي ضالته في العبارة السابقة كشماعة يعلق عليها أعذاره في ترك الشعب السوري يذبح تحت مرأى ومسمع العالم.
تتحرك روسيا "بوتين، الذي دمر الشيشان وأباد غروزني" لتلقين بشار الغر كيف يتم دك المدن وتدميرها بالكامل فوق رؤوس ساكنيها.. فيشتكي الأسد من عدم ثقته بضباطه وخبرائه وقلة ذخيرته.. فتأتيه الإمدادات بحرا وجوا وبرا عبر العراق..
أما إيران الصفوية فلها حساب تاريخي مع دمشق بني أمية، إنها ثارات الحسين، فالمسألة طائفية بل ولا أبعد أنها أحلام إمبراطورية فارس التاريخية بوصولها إلى مياه البحر الأبيض المتوسط فهي إذن طائفية قومية عرقية، كل ذلك انعقد على أيدي نظام طائفي وشاب غر كبشار باع البلاد مفروشة لإيران مقابل حمايته في ملكه، كما فعلها أبوه عندما باع الجولان لإسرائيل من قبل، فوضعت إيران كل وزنها السياسي والاقتصادي والعسكري تحت تصرف الأسد فلم يفلح الغر في إخماد الثورة فأرسلت له خبراءها بل وحرسها الثوري للإسناد وأوعزت إلى بوقها حسن أن يفتح النار على كل من عارض الأسد..
إذن هذا هو الوضع دون تجميل أو مكياج.. وأمام تصاعد المجازر لا بد من حيلة تحفظ ماء وجه المجتمع الدولي المتخاذل، فكان مؤتمر جنيف الذي أعطى الأسد مهلة سنة لتطبيق مبادرة عنان..
ولإكمال المسرحية والمهزلة تم التحضير لمؤتمر القاهرة الذي سحب البساط من تحت المجلس الوطني ودعا الثوار بأكبر هيئاتهم، الهيئة العامة للثورة، والمجلس الأعلى ولجان التنسيق وأحزابا وكتلا سياسية وليد "مسخرة.. أن يكون للرجل حزب ولزوجته حزب ويحضران على أنهما حزبان" وليكونوا شهود زور على وثيقة أرفق لكم مسودتها كتبت بأقلام لا تمت إلى هوية الشعب الذي يذبح بصلة، فقد قررت الوثيقة:
- فصل الدين عن الدولة تماما
- وقررت حق الشعوب السورية "اعتبرت الكرد شعبا والتركمان شعبا.." بتقرير المصير وهذا هو التقسيم بل هو عرقنة ولبننة سوريا.
- تجاهلت كل دماء الشهداء والمدن المدمرة ولم تشر إليها بشيء.
- لم تلتفت إلى الكتائب التي على الأرض تقاتل النظام مدافعة عن النفس والعرض والمال والوطن ولم تتبن عملهم.. وهذا سيؤدي إلى القول بأنهم مليشيات خارجة على القانون ولم تلتفت إلى مطالبتهم بالتسليح ضد نظام قاتل الأطفال وأن ذلك حق مشروع في كل.. الشرائع والقوانين.
- أعطت الحق لمجلس الأمن والأمم المتحدة بالإشراف على تحديد مستقبل البلاد.
- وأسوأ ما فيها أن نصب المؤتمرون أنفسهم أوصياء على رغبات الشعب بتحديد ما يريدون دونما شرعية لهم لا ثورية ولا قانونية..
حضرت روسيا مهللة فرحة بهذا النصر لها وللغر التابع بشار وبدت للثوار المخلصين أن الأمور تسير بعكس ما يطلبه الشعب وما ضحى من أجله الشهداء.. فما كان منهم إلا أن رفعوا لوحة كتبوا عليها روسيا تقتل الشعب السوري، رفعوها بوجه السفير الروسي.. فامتعض وشعر بالإهانة.. لكن الدب الروسي صاحب الدم البارد عديم الإحساس "مشاها" للثوار فأعلنوا عبر الهيئة العامة للثورة السورية في خطوة جرئية تحسب لهم، أعلنوا الانسحاب من المؤتمر بعد أن تلقى ضربة من الجيش الحر من قيادته في الداخل باعتبار المؤتمر مؤامرة على الثورة وعلى الجيش الحر..
وبهذا "سينقع الموقعون الوثيقة ويشربوا ميتها" ويثبت الثوار بأكبر جناحين لهم الجيش الحر بالداخل والهيئة العامة للثورة دائما وعياً متقدما على السياسيين أصحاب أنصاف الحلول.. فشكرا للساهرين على حماية الثورة.
* عضو المكتب السياسي للهيئة العامة للثورة السورية
نشرت فى 5 يوليو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
271,854
ساحة النقاش