بالطبع ليس المقصود أفغانستان أو العراق مثلاً ، كما أنني لا أقصد مثلث برمودا الشهير ، بل المقصود بهذا المكان الخطير هو المدرسة .. نعم المدرسة .. المدرسة التي ذهب ويذهب إليها الجميع كل صباح ويعودون منها بعد عدة ساعات مبتهجين مسرورين وكأنهم خرجوا من زنزانة أو معتقل .. وأنا حين وصفتها بالمكان الخطير فلأن مايجري فيها هو عبارة عن إبادة جماعية للعقول ، وقتل ممنهج للإبداع فهي ليست مدارس بل مقابر جماعية !

في دراسة علمية حديثة ثبت أن 98 % من الأطفال يولدون عباقرة وأذكياء لكن المجتمع ومؤسساته يقمعون هذه العبقرية بطريقة قد لاتكون مقصودة .. وهنا أسئلة جديرة بالطرح : لماذا الأطفال يكرهون المدرسة ؟ لماذا يفرحون بالإجازة ؟ لماذا يتعب الآباء والأمهات في متابعة أبنائهم دراسياً ؟ إنها مشكلة كبيرة جداً لم أكن أنوي طرحها لولا هذه الشمس التي أشرقت من جديد على الأوطان العربية بعد زوال الأنظمة المتخلفة التي طبعت التعليم بطابعها الخاص حيث فخامة الرئيس وجلالة الملك .. فلماذا لاتطال الثورة جانب التعليم وهو الأهم من وجهة نظري؟!

كبار الفلاسفة والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع شنوا هجوماً حاداً على المدرسة واعتبروها بيئة قاتلة للإبداع ، فهذا أحدهم يقول: المدرسة ؟ ماذا عساني أقول عن المدرسة؟ يدخلها الطفل ذكياً ويخرج منها بعد عدة سنوات غبياً ! ويقول آخر : احرص على تعليم أطفالك القراءة والكتابة فقط .. أي شيء آخر هو غسيل مخ !

في إحدى المدارس التقليدية أراد معلم الرياضيات أن يثير تلاميذه ويبث الحماس داخلهم ، فطرح عليهم هذه المسألة الرياضية : إذا استطعنا أن نقتل ثلاثة أطفال في يوم واحد ، فكم يوماً نحتاج لقتل 18 طفلاً ؟!
وبالتأكيد فقد تم التحقيق مع هذا المعلم الذي دافع عن نفسه بالقول : الطلاب لايحبون المادة ولذلك أردت أن ألفت أنظارهم إليها !!

بالطبع نحن لانريد هذه الطريقة في التغيير .. لذلك قد يتساءل البعض : إذاً .. ماهو البديل ؟

البديل حدث على أرض الواقع مثل مدارس مونتيسوري ومدارس سمرهيل في أوروبا وهي مدارس خاصة ترفع شعار : الحرية للتلميذ ..حيث لا إجبار ولاتهديد ولا ضغوط سواء من المدرسة أو من البيت ، وقد انتشرت هذه المدارس على مستوى العالم كله ولاتزال ، والحديث عنها يطول ويطول .. وسواء استنسخنا هذه التجربة أم ابتكرنا غيرها فإن المهم إجمالاً هو أن يحب التلميذ المدرسة لأن الحب هو مفتاح الإبداع !