محمد شو

العالم بين يديك

أصبحت الصحيفة أو الجريدة اليوم جزءاً من حياة كثيرين من مختلف المستويات الاجتماعية، فالبعض لا يبدأ النهار ولا تحلو له قهوة الصباح إلا بقراءة الصحيفة، والبعض لا تغمض له عينان إلا بقراءتها.

 

قبل ظهور التنقيط كان العلم يؤخذ مشافهة خوفاً من التصحيف، فالكتابة العربية من قبل لم يكن لها نُقط، ولا حركات، وبعض الحروف كان لها صورة واحدة كالباء والتاء والثاء والنون والياء والراء والزاي، والحاء والخاء، والجيم.. الخ.

 

وجاء في صحيح مسلم أن عمران بن حُصين حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الحياء لا يأتي إلا بخير" فقال بُشيرْ بن كعب: "إنه مكتوب في الحكمة أن منه وقاراً ومنه سكينة".

فقال عمران: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدثني عن صحفك؟!

صحيح أن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يعارض بغيره، ولا يقابل بسواه، وهذا لا جدال فيه ولكن وجه الاستشهاد هو القول: "أحدثك في رسول الله وتحدثني عن صحفك"؟!

وكان يعاب على الأقدمين اعتمادهم على الكتب.

فقد كان العلم في الصدور لا في السطور، فالتصحيف يعني النقل عن الصُحف، وكان يعتبر عيباً وإهانة عند القدماء، وكان العلماء إذا أرادوا أن يعيبوا أحداً قالوا إنه ينقل عن الصحف والكتب "فلان صَحَفيّ".

وقد ذكر الأزهري وهو يعيب البُشْتيّ فقال: "فإنه اعترف بأنه صَحَفيّ، إذا كان رأس ماله صُحُفاً قرأها" وكلمة صحفي كلمة مولدة لم تنقل إلينا عن العرب، وإنما استحدثت بعد عصور الرواية، حين شرع العلماء يكتبون في الصحف، ويؤلفون الكتب.

والعجيب أن كلمة "الصَّحفي" تطورت، فلقد كانت قديماً كلمة يُعابُ بها العالِمُ، فغدت كلمة تدل على رجل أقل ما يقال فيه إنه مُثقف مطلّع يجيد فن الكتابة، والتحليل، ذو بَصَر بالأمور،

ويقال "صَحَفي": نسبة إلى الصحيفة، و"صُحُفي": نسبة إلى الصُحُف و"الصحافي": نسبة إلى الصَّحافة، فماذا نقول الصَّحافة أم الصِّحافة؟

الصحفي إنما يمارس مهنة وللدلالة على الحرفة نصوغ مصدراً على وزن "فِعالة" بالكسر قياساً، فمهنتنا وحرفتنا صِّحافة بالكسر.. وقياساً على ذلك نقول حرفة نِجِارة وحِدادة ودباغة.

الأخطل الصغير (بشارة الخوري):

يــــاعاقد الـحاجبين عـلى الجبين اللجينِ

إن كــــــــنت تقصد قتلي قـتلتني مـرتين

مــــــاذا يـريبك مني ومـــا هممت بـشينِ

أصـــــُـفرةٌ في جبيني أم رعــشة في اليدين

تَـمر قـفز غــــــــزالٍ بين الرصـــيف وبيني

مــــولاي لم تبق مني حــــــياً سوى رمقين

صبرت حتى بـــــراني وجــدي وقرب حيني

<!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 3 يوليو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,028