تظهر الصورة امرأة أنيقة ترتدي رداء مستديراً مهندماً وبجانبها مربية ممتلئة الجسم ترتدي الحجاب (غطاء الرأس) الإسلامي الطويل الذي يغطي جسدها العلوي. طلب أحد التعليقات في الأسفل من المشاهد أن يقوم بمقارنة السيدة الأولى عام 1930 – الملكة المصرية السابقة نازلي - مع السيدة الأولى لعام 2012، نجلاء علي محمود، زوجة الرئيس المصري المنتخب حديثاً.
وتم تداول الصورة على مواقع وسائل الإعلام المصرية منذ أن أُعلن محمد مرسي، زعيم الإخوان المسلمين، فائزاً في الانتخابات الرئاسية المصرية، ما أثار عاصفة من التعليقات، عدد كبير منها جارح.
وتسلط طبيعة الجدل الذي أثاره ظهور السيدة الأولى الضوء على الانقسامات بين النخبة ذات الميول الغربية والإسلاميين الصاعدين حديثاً في مصر.
لم يكن للمصريين من قبل رئيس مثل محمد مرسي، إسلامي يعمل أستاذاً للهندسة ويتحدر من بلدة صغيرة في الدلتا، أو سيدة أولى مثل زوجته، ترتدي ملابس بسيطة غير محدّدة، ترتديها عادةً المرأة المسلمة التقية.
وكان أسلاف مرسي ـ جميعهم عسكريون ـ وأسرهم يتجنبون أي شيء يستحضر مظهر الإسلاميين الذين لطالما وصفتهم النخبة العلمانية المثقفة بـ ''أعداء التقدم''، والذين تم قمعهم لأنهم يمثلون تهديداً للدولة.
وترتدي معظم نساء مصر أشكالاً متعدّدة من الحجاب الإسلامي، لكن في ظل نظام حسني مبارك، الرئيس الذي أُطيح به العام الماضي، منعن كلهن بلا استثناء من الظهور الرسمي بهذا اللباس. واستُبعِدت مقدمات البرامج التلفزيونية اللاتي كن يرتدينه من الظهور على الشاشة، وتم منع مضيفات الخطوط الجوية المصرية من الطيران للسبب نفسه. ولهذا فإن مستويات البيروقراطية المختلفة امتلأت بالنساء اللاتي يرتدين زياً مشابهاً لزي السيدة الأولى، واللاتي كن لا يمكن تعيين إحداهن في منصب وزير، أو سفير في عهد الرئيس المخلوع. كذلك كان ينظر إلى مظهرهن من جانب أولئك الذين كانوا في السلطة على أنه ''مدعاة لتدمير صورة الدولة المصرية''. لكن الآن يبدو أن هذه الصورة تغيّرت بقدر تغيُّر السياسة المصرية.
وما أن أُعلن فوز مرسي بالانتخابات حتى أصبحت زوجته هدفاً للتعليقات الكاذبة والوضيعة، معظمها على مواقع مثل فيسبوك وتويتر.
وحرم الرئيس المنتخب، البالغة من العمر 50 عاماً، أم لخمسة أبناء من ابن عمها الذي تزوجته بعد انتهائها من الدراسة في سن 17 سنة، وهي تقدم المشورة للمتزوجين حديثاً من جماعة الإخوان المسلمين. وأثار الهجوم الفج عليها ردود أفعال من جانب الإسلاميين وبعض المعلقين الليبراليين.
وهذا الأسبوع وجهت مقدمة البرامج، ريم ماجد، على قناة ''أون تي في'' الخاصة، اللوم للنقاد الذين قالت ''إنهم سمحوا لأنفسهم باتباع شكل غريب وكريه من الكلاسيكية''. وقالت أيضا: ''بل حتى ادعوا أنها لا تشبه النساء المصريات''. وتابعت: ''لكنها تشبه 40 مليون أم وجدة مصرية (...) وحتى الآن نحن لا نعرف عنها سوى الخير''.
وأشادت عزة الجرف، وهي داعية إسلامية تم انتخابها عضوة في البرلمان الذي سيطر عليه الإخوان المسلمون، والذي تم حله بقرار من المحكمة، بالسيدة الأولى لقلة ظهورها خلال حملة زوجها.
وقالت: ''إنها تساند زوجها ولن تحاول أن تسيطر على الساحة. هذا من شأنه أن يخلق توازنا تشتد الحاجة إليه الآن ولاسيما بعد العهد السابق، عندما كانت زوجات الرؤساء يتدخلن (في الحياة العامة والسياسة). لن يكون هناك شيء من قبيل السيدة الأولى. هذا تعبير غربي لا تعرفه مجتمعاتنا''.
ولم يكن الرأي العام المصري مرتاحاً أبداً لنفوذ سوزان مبارك ومن قبلها جيهان السادات. فقد تولت السيدتان، وكلتاهما خريجة جامعية، دوراً واضحاً للغاية وجد عديد من المصريين المحافظين أنه مدعاة للاشمئزاز، حتى لو كانت النشاطات العامة لهما بشكل أساسي في مجال العمل الخيري والتعليم.
وعندما أعدت جيهان السادات رسالة الماجستير للحصول على الدرجة كانت مناقشة الرسالة مذاعة على الهواء. وفي ظل حكم مبارك، كان التلفزيون الرسمي لا يغطي فقط أنشطة الرئيس، وإنما أيضاً أنشطة السيدة الأولى وجمال، الابن الأصغر والوريث المُفترض، ما أثار استياء الشارع آنذاك بسبب ما اعتبره عائلة حاكمة غير مرغوب فيها ومدسوسة على البلاد. إنه ليس الطريق الذي تعتزم حرم الرئيس مرسي اتخاذه، بل تريد كما ذكرت الاستمرار في عملها الخيري ولن تكون ''السيدة الأولى''.
وقالت لإحدى المجلات المصرية: ''أنا لا أحب هذا اللقب. علّمنا الإسلام أن الرئيس يجب أن يكون أول خادم لمصر، وبالتالي ستكون زوجته خادمة لمصر''.
<!--EndFragment-->
ساحة النقاش