"إطلاق النار على المدنيين هو دليل قاطع على فشل سوريا في تحمل مسؤوليتها السيادية بحماية مواطنيها"

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، اليوم الأربعاء، جنود الجيش السوري بـ "إطلاق النار عشوائياً على من يحاولون الهرب عبر الحدود مع الأردن بمن فيهم النساء والأطفال"، ودعت السلطات السورية إلى الأمر بوقف هذه الهجمات فوراً، واتخاذ الإجراءات الممكنة لتفادي الإصابات بين المدنيين الفارين عبر الحدود إلى الدول المجاورة.

وقال الباحث في المنظمة، غيري سيمبسون، إن "سوريا تقول إنها تقاتل الإرهابيين المسلّحين، في حين يبدو أن قواتها الحدودية تطلق النار من دون تمييز على أيّ كان يعبر الحدود، وتهاجم المدنيين الرجال والنساء والأطفال، والجرحى بالطريقة نفسها التي تهاجم بها المقاتلين".

وتتحدث تقارير عن سقوط مدنيين جراء قصف وعمليات عسكرية للجيش، في حين تقول السلطات السورية إنها تطهر مدن من إرهابيين يعتدون على المواطنين.

وأضاف الباحث، بحسب وكالة "يونايتد برس انترناشونال" للأنباء، أن سوريا "عبر مهاجمتها عشوائياً المدنيين الهاربين عبر حدودها، تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حق الحياة، وحق مغادرة البلاد، وحق الحصول على لجوء في دولة أخرى".

ونقلت المنظمة عن "منشق" عن الجيش السوري، لم تحدد هويته، قوله، إن "منشقين آخرين من حرس الحدود السورية -الأردنية أخبروه بأنهم أمروا بإطلاق النار على أي شخص يحاول مغادرة البلاد أو دخولها من دون المرور على حاجز حدودي رسمي، وأن بعض الجنود رفضوا الإذعان لهذا الأمر".

وذكرت منظمة اللاجئين الدولية وعدد من التقارير الإعلامية أن إطلاق نار استهدف مدنيين يهربون من العنف إلى لبنان.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنها "تحدثت إلى لاجئين سوريين أطلقت النار عليهم من قبل الجنود السوريين خلال عبورهم الحدود إلى العراق، وإلى الأردن، وقالوا جميعهم إن النار أطلقت من دون تمييز أو تحذير بين مدني أو مقاتل من الجيش الحر"، على حد تعبير المنظمة.

وأشارت المنظمة إلى أن "معظم الهاربين إلى الأردن يعبرون الحدود في مجموعات يتراوح عدد أفرادها بين 30 و200 شخص بمن فيهم أطفال وجرحى، ويرافقهم أفراد من الجيش السوري الحر بالقرب من نقطة العبور الحدودية الرسمية الوحيدة الباقية بين البلدين، بالقرب من مدينة درعا، ومدينة الرمثا الأردنية".

وتتحدث تقارير إعلامية عن وضع إنساني متدهور في عدة مدن في سورية، مع استمرار ارتفاع وتيرة العنف والعمليات العسكرية, حيث تعاني اغلب المناطق من نقص في نقص المواد الأساسية والطبية, إضافة إلى انقطاع الاتصالات والكهرباء والماء والمحروقات, ما دفع عشرات الآلاف من السوريين إلى الفرار إلى الدول المجاورة.

ونقلت المنظمة عن لاجئين قولهم إن "جنوداً مترجلين وعلى الدبابات ظهروا قريبين من الحدود وأطلقوا نيران رشاشاتهم عليهم من مسافة تراوحت بين 200 إلى 300 متر"، مشيرين إلى أن "الجيش الحر بشكل عام لم يرد على إطلاق النار من قبل الجنود السوريين..وكان يرد فقط إن اقتربوا أكثر".

وقال سيمبسون إن "سوريا تجبر مواطنيها اليائسين على الزحف إلى خارج البلاد تحت الرصاص"، وأضاف أن "إطلاق النار العشوائي على المدنيين الذين يحاولون الهروب من بلدهم هو دليل قاطع على فشل سوريا في تحمل مسؤوليتها السيادية بحماية مواطنيها".

ونقلت المنظمة عن "كثير من اللاجئين إنهم أو أقاربهم أعيدوا من قبل الحرس السوريين على الحدود من دون سبب رسمي"، وقال بعض اللاجئين "لهيومن رايتس ووتش" إنهم "علموا عن عائلات قدمت رشاوى لحرس الحدود السوريين على معبر نصيب- جابر الحدودي للسماح لها بمغادرة سوريا، حيث دفعت قرابة 470 دولاراً (نحو 32 ألف ليرة سورية) للعائلة الواحدة".

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن "سوريا لم تقدّم أي شرح بعد عن سبب عدم السماح للمواطنين بمغادرة البلاد، أو عن سبب استخدام القوة القاتلة لمحاولة إيقافهم عن ذلك".

وأشارت المنظمة إلى أنه "حتى عند وجود عناصر من الجيش الحر مع المدنيين، والدخول في قتال، فإن على الجنود السوريين اتخاذ الخطوات الممكنة لضمان عدم إلحاق الأذى بالمدنيين".

وقالت إنه "منذ بداية الاحتجاجات ضد الحكومة في سوريا في آذار 2011، فإن 26 ألف سوري فقط سُجّلوا كلاجئين في الأردن".

وتتهم السلطات السورية جماعات مسلحة وممولة من الخارج بتنفيذ اعتداءات بحق المواطنين, فضلا عن عمليات تخريبية, هدفها زعزعة امن واستقرار الوطن, في حين تتهم المعارضة السورية ومنظمات حقوقية السلطات بارتكاب عمليات "القمع والعنف" بحق المدنيين في البلاد.

وتشهد عدة مدن سورية منذ أكثر من 15 شهرا تظاهرات، مناهضة للسلطات، ترافقت بسقوط ألاف الشهداء من المدنيين والجيش وقوى الأمن، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين داخل وخارج البلاد.