محمد شو

العالم بين يديك

اللسان من أعظم نعم الله تعالى على عباده، ويضمن طريق صاحبه إلى رضوان الله، وهو دليل على صحة الاعتقاد والإيمان، وبه يبين ما يحب وما يكره، ويعبر عن مشاعره وأحاسيسه، ويبث همومه ويشكو غمومه، ويتصل بالآخرين، فاللسان من أعظم وسائل الاتصال بالآخرين، نعمة عرف قدرها من خاف الله واتقاه، سلاح ذو حدين، من أحسن استخدامه واستغله في مرضاة الله تعالى وطاعته، كان نجاة له يوم القيامة، ومن كان غير ذلك فاستغل لسانه في غضب الله وسخطه، كمن يغتاب الناس ويسبهم ويلعنهم، ويعتدي عليهم بقوله، ويهمز ويلمز ويستهزئ، فأولئك كان عملهم مثبورا.

المقصود بحفظ اللسان، هو ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، وأن يبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش.

فاللسان سبب لإهلاك صاحبه، أو إنقاذه، فمن ملك لسانه، وصانه عما حرم الله تعالى، كان لسانه قائداً له إلى رضوان الله، ومن أفلت للسانه العنان، وتركه يصول في الحرام، والوقوع في الآثام، كان قاذفاً به إلى نار جهنم وحفظ اللسان عن الحرام دليل على صحة الاعتقاد، وسلامة الإيمان.

 


صفات المؤمنين

 

ومن صفات المؤمنين أنهم يحفظون ألسنتهم من الخوض في أعراض الناس، ويبتعدون عن اللغو في الكلام، والأدب في حفظ اللسان وطيب الكلام من سمات عباد الرحمن كما في قوله تعالي واصفاً لهم ومادحاً: «وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» وقال عز وجل: «وإذا مروا باللغو مروا كراماً» «الفرقان: 72» وبين سبحانه أنه لا يصعد إليه إلا الطيب من الأقوال والأعمال: «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه» ولأهمية اللسان وخطر ما ينطق به فإن الأعضاء تأمره كل يوم أن يتقي الله فيها واللسان نعمة من الله علي بني آدم إذ به يعبد الله وحده لا شريك له.

ويؤكد العلماء أن الإنسان مسؤول عن كل لفظ يخرج من فمه حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، قال الله تعالى: «وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» «ق:18» واللسان على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شره إلا من قيده بلجام الشرع، فيكفه عن كل ما يخشى عاقبته في الدنيا والآخرة أما من أطلقه وأهمله، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، يضطره إلى دار البوار.

وفي الحديث الطويل عن معاذ رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» وفي البخاري ومسلم، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وهذا الحديث نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم الإنسان إلا إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت له مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.

وأطايب الكلام تورث سكنى أعالي الجنان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غُرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام».

حسن الخلق

ومما يدل على عظم خطورة اللسان قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه».

ومن حفظ اللسان طول الصمت إلا عن خير قال صلى الله عليه وسلم: «عليك بحسن الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما».

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده».

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال، قلت، يا رسول الله ما النجاة، قال: «أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك»، وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على طيب الكلام فقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة».

حركة اللسان

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل ليشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالا، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.

ومن أراد أن يسلم من سوءات اللسان فلا بد له ألا يتكلم إلا لينفع بكلامه نفسه أو غيره، أو ليدفع ضرا وأن يتخير الوقت المناسب للكلام، ومن تحدث حيث لا يحسن الكلام كان عرضة للخطأ والزلل، ولابد للإنسان من تخير كلامه وألفاظه، فكلامه عنوان على عقله وأدبه، وكما قيل يستدل على عقل الرجل بكلامه، وعلى أصله بفعله.

<!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 30 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,259