محمد شو

العالم بين يديك

مرت الذكرى السادسة عشرة لرحيل الفنانة القديرة زوزو نبيل في هدوء شديد، ومن دون أي احتفاء يليق بها وبما قدمته عبر مشوارها الفني الذي امتد نحو 60 عاماً، نجحت خلالها في تقديم الأدوار المركبة والصعبة والكوميدية، وهو ما جعل غالبية المخرجين يضعونها على رأس قائمة اختياراتهم، ورغم أنها اشتهرت بتقديم دور الأم المنحرفة أو الزوجة القاسية أو العجوز المتصابية، إلا أنها برعت في شخصية الأم الطيبة المتفانية.

الكثير من المتابعين للحركة الفنية خلال القرن العشرين يعتبرون زوزو نبيل بمثابة “شهر زاد” الفن المصري، بعد نجاحها اللافت عبر سنوات وأجيال مختلفة في تجسيد شخصية “شهر زاد” في المسلسل الاذاعي الشهير “ألف ليلة وليلة” الذي تم تقديمه بعد ذلك في التلفزيون وشاركت فيه أيضاً لسنوات طويلة.

وولدت عزيزة إمام حسين في محافظة المنوفية “وسط دلتا مصر” واختلفت الروايات حول سنة مولدها ما بين عامي 1914 و1920 وهو التاريخ المثبت في أكثر من مصدر، واشتهرت لاحقاً بـ” زوزو نبيل” حيث إن “زوزو” هو اسم الدلع لعزيزة، و”نبيل” هو اسم ابنها الذي أنجبته في بداية عملها بالفن.

 


بكاء وتوسلات

 

وقد واجهت معارضة شديدة من والدتها حين أعلنت لها بعد انتقال الأسرة إلى القاهرة، عن رغبتها في العمل كممثلة، وبعد بكاء وتوسلات عديدة، وافقت الأم خصوصاً وأن “زوزو” أقسمت لها بأن تصبح مثالاً للشرف والاستقامة، وهو قسم حافظت عليه حتى آخر أيام حياتها.

وبدأت رحلتها الفنية في فرقة مختار عثمان، وبعدها انتقلت إلى فرقة يوسف وهبي، واستعان بها كمال سليم في أول أفلامه “وراء الستار” عام 1937.

ولعبت الصدفة والايمان بموهبتها دوراً كبيراً في إسناد المخرج توجو مزراحي عدداً من الأدوار المهمة إليها في بعض أفلامه ومنها “سلفني 3 جنيه” و”نور الدين والبحارة الثلاثة” و”سلامة” الذي جسدت فيه شخصية صديقة أم كلثوم، وهو ما تكرر لاحقاً مع المخرج حسن الامام الذي أشركها في بطولة 12 فيلماً من أهم أفلامه السينمائية، ورسم لها العديد من الشخصيات المختلفة منها شخصية المرأة الشريرة صاحبة النفوذ كما في “قلوب الناس” أو زوجة أب ريفية كما في “الخرساء”، أو الشخصية المقابلة لأمينة زوجة “سي السيد” في “بين القصرين‏” عام 1964.

سينما ودراما ومسرح

كما شاركت في بطولة عشرات الأفلام ومنها “ ساعة التنفيذ” عام 1938، و”دنانير” و”الدكتور” عام 1939، وكانت شخصية “شهر زاد” في “ألف ليلة وليلة” حين قدمتها في فيلم سينمائي عام 1940 فاتحة خير عليها، حيث شاركت بعده في أفلام “مصنع الزوجات” و”عاصفة على الريف” و”رباب” و”الشريد” و”كليو باترا” و”ليلى بنت الفقراء” و”وهذا جناه أبي” و”كنز السعادة” و”حب لا يموت” و”حكم القوي” و”غلطة العمر” و”لحن الوفاء” و”القلب له أحكام” و”لواحظ” و”أنا حرة” و”هذاالرجل أحبه” أمام يحيى شاهين وماجدة، وأدت فيه دوراً بلا أي حوار، حيث جسدت شخصية امرأة مجنونة، و”رابعة العدوية” و”جناب السفير” و”الست الناظرة” و”الهروب” و”ليه يا دنيا” و”يا تحب يا تقب” و”إنذار بالقتل” و”المرأة والساطور” الذي كان آخر أفلامها عام 1996.

وشاركت في بطولة العديد من المسلسلات التلفزيونية سواء الدينية أو الاستعراضية أو التاريخية أو الاجتماعية أو التراثية أو الكوميدية، ومن أبرزها “لا اله إلا الله” و”الامام الطبري” وفوازير “ألف ليلة وليلة” و”زينب والعرش” و”ناعسة” و”بكيزة وزغلول” و”رأفت الهجان” و”غوايش” و”الحرملك” و”هند والدكتور نعمان” و”عائلة الأستاذ شلش” و”رحلة المليون” و”النوة”و”فرصة العمر” و”علي بيه مظهر” و”جواري بلا قيود” و”السقوط في بئر سبع” و”هالة والدراويش” و”صباح الورد” و”دموع صاحبة الجلالة” و”ذئاب الجبل” و”الصبر في الملاحات” الذي قدمته عام 1996.

وشاركت في بطولة عدد من المسرحيات منها “زيارة المرأة العجوز” عام 1962، و”الملكة” عام 1967، و”الدكتور يويو”.

كما قدمت عشرات المسلسلات الاذاعية، حيث ساعدها صوتها الرخيم في أن تبرز مع المخرج محمد محمود شعبان في عدد من الأعمال منها “خبز الآخرين” و”بيت القلوب المحطمة” و”رنين الصمت” ومسلسل “ألف ليلة وليلة” الذي حققت من خلاله نجاحاً هائلاً.

رفضت الاعتزال

وشغلت زوزو نبيل العديد من المناصب، ففي الخمسينيات عملت في مصلحة الفنون كرقيبة في الرقابة على المصنفات الفنية لمدة ثلاث سنوات، كما تولت إدارة المسرح الشعبي في وزارة الثقافة عام 1959، وبعدها عملت في مؤسسة المسرح بين عامي 1962 و 1964، كما كانت تقوم بتدريس مادة الإلقاء في معهد السينما مع الفنان عبدالوارث عسر، وكانت واحدة من ثلاثة امتلكوا ناصية فن الالقاء هم عبد الوارث عسر وعبدالرحيم الزرقاني وهي، كما عملت في الثقافة الجماهيرية حتى وصلت إلى درجه وكيل وزارة.

وتزوجت مرتين، الأولى من سامي عاشور الذي توفي بعد فترة قصيرة من زواجهما، وأنجبت منه ابنها الوحيد نبيل الذي عمل ضابطاً في الجيش المصري، واستشهد في حرب أكتوبر 1973 تاركاً لها ثلاثة أولاد، والثانية من شخص توفي عام 1980 وكان يشغل منصب وكيل وزارة، وربطتها علاقة صداقة قوية مع ضرتها لدرجة أنها زوجت ابنها من إحدى بناتها.

ورفضت زوزو الاعتزال عندما تقدم بها العمر وكانت ترى أن الفنان الحقيقي لا يعتزل إلا عندما يموت، وأن التمثيل يساعدها في أن تكون أصغر من عمرها الحقيقي بنحو عشرة أعوام.

تكريم ورحيل

حصدت زوزو نبيل، العديد من الجوائز وشهادات التقدير، منها جائزة التمثيل عن فيلم “أنا حرة”، وتم تكريمها من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام 1995، ومن مهرجان الأفلام الروائية، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1996، ونظراً لمرضها لم تتمكن من الحضور، وتسلمت الجائزة بدلا عنها زوجة ابنها. وفي الشهور الأخيرة من أيامها أصيبت بالتهاب رئوي حاد وعجز في القلب، وظلت تعمل حتى أيامها الأخيرة، حيث كانت تشارك في الجزء الثالث من “يوميات ونيس” مع محمد صبحي، وتوفيت في 3 مايو 1996 عن عمر يناهز 75 عاماً.

<!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 30 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,272