محمد شو

العالم بين يديك

باب الحارة من أشهر الأعمال الدرامية السورية

 

يراهن الناقد نزار إبراهيم في كتابه الجديد "الخطاب الفكري في الدراما السورية" على تقديم وثيقة حول ظاهرة المسلسلات التلفزيونية السورية منذ بداياتها وحتى عام 2011 معتبرا التلفزيون أحد أهم وأخطر وسائل وأدوات الاتصال الجماهيري لما يملكه من ميزات وإمكانات هائلة لا يمكن أن تكون محايدة أو بعيدة عن سيطرة وهيمنة النظم والثقافات والأيديولوجيات وصراعاتها وتناقضاتها في منطقتنا العربية لأنها محط لصراعات وتناقضات قوى واتجاهات سياسية وحضارية.

ويقسم الكاتب مراحل صيرورة الدراما السورية وفق رؤية استقرائية تحليلية مستعرضاً الخطاب الفكري فيها والمشروع الثقافي معتمداً في ذلك على تطور المدارس الإخراجية على نحو مدرسة كل من علاء الدين كوكش وهشام شربتجي ونجدت أنزور إضافة إلى اعتماده تقسيم يرتبط بتطور التلفزيون والبث التلفزيوني متنقلاً عبر مراحل الأسود والأبيض مروراً بالتلفزيون الملون وصولاً إلى مرحلة الفضائيات وتأسيسية مديرية الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.

كما يعتمد إبراهيم على تقسيم كتابه وفق مرحلة ما قبل عودة المخرجين السوريين الدارسين في الخارج وبعدها ممن درسوا على نفقة الدولة وعادوا ليرفدوا الحركة والحراك الفني والدرامي في سورية برؤى جديدة وذلك عبر استعراض موضوعات ومحاور عدة أهمها واقع المرأة في الدراما السورية.. النضال ضد الاستعمار الفرنسي.. مشكلات الشباب السوري.. تاريخ الإقطاع في المجتمع السوري.. حرب حزيران وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية.. النتائج والارتكاسات الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية للاحتلال الأمريكي للعراق.. إضافة إلى النتائج الفكرية والثقافية لحرب تشرين التحريرية.

ويسلط الكاتب الضوء في بحثه الأكاديمي على الدراما الاجتماعية كطروحات ومضامين جديدة كان فيها الكثير من الجرأة والعمق في تناول القضايا والمسائل الاجتماعية والفكرية حيث تناولت هذه الدراما قضايا الصراع والتناقضات والظواهر في المجتمع السوري بأبعادها المتعددة كان أبرزها الصراع الطبقي والتناقضات القيمية والأخلاقية والسلوكية إضافة إلى المستجدات الطارئة على الصراع الوطني والقومي إذ قدمت الدراما السورية في هذه المرحلة الكثير من المقولات والأطروحات الإشكالية والمثيرة.

ويعيد الناقد أسباب التطور الفني والتقني للدراما السورية إلى انطلاق المعهد العالي للفنون المسرحية منتصف سبعينيات القرن الماضي وتخريجه لدفعات نوعية من طلاب وأساتذة كاستمرار لمدرسة الرواد التي قدمت أعمالاً لا تنسى من ذاكرة المشاهد العربي على نحو مسلسلات أبو كامل.. النصية.. الخشخاش.. الشريد.. الطويبي.. المحكوم.. أولاد بلدي.. حارة نسيها الزمن.. كنا أصدقاء.. قلوب دافئة.. نهاية رجل شجاع.. أيام شامية.

كما يتطرق إبراهيم إلى الدراما التاريخية وما شهدته من تطور واضح في الأشكال والتكوينات الفنية من حيث المضامين والمقولات التي قدمت صرخات عروبية في وجه حالة الانكسار والتهافت العربي أمنيا وثقافيا وأخلاقيا والذي روجت له الكثير من الإنتاجات التلفزيونية العربية الأخرى بشكل ممنهج ومدروس حيث كانت الأعمال التاريخية السورية من خلال معالجة فنية شيقة ومثيرة فكرياً وفنياً تصر دوماً على الاستنجاد بأبطال ورموز التاريخ العربي القديم واستنهاضهم مجدداً كخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وصقر قريش وسيف الدولة الحمداني.

ويعرض الكاتب أيضاً للدراما الكوميدية التي ابتعدت عن الابتذال والتهريج والإسفاف مقدمة مهنية وحرفية كل من الكاتب والمخرج والممثل في الدراسة والرسم الجيد لكلمات وتعابير وحركات العمل وذلك عبر أعمال مميزة قدمت فكراً كوميدياً راقياً وجاداً مخرجة الكثير من الكوميديين السوريين على نحو مسلسل مرايا للفنان ياسر العظمة الذي كان المثال الأبرز في هذه المجال إضافة إلى أعمال عدة تناولت هموم المواطن والوطن على نحو صوت الفضاء الرنان.. عيلة خمس نجوم.. يوميات مدير عام.. عودة غوار.. وبقعة ضوء.

ويشير الكاتب إلى أهمية دور الرأسمال في منطق اللعبة الدرامية فيقول.. من استطاع أن يتحرر برأسماله استطاع أن يمتلك جزءا مهما من قراره وسيادة توجهه واستقلالية عمله هذا ما دفع الدولة السورية إلى تشجيع الرأسمال الوطني لدخول هذا النوع من الاستثمار ومنحه التسهيلات والتفضيلات الكبيرة والمميزة واهتمام وسخاء الدولة في دعم هذا التوجه الإنتاجي كصناعة سوقها وميدانها هو عقل الإنسان والمجتمع.

يذكر أن كتاب/الخطاب الفكري في الدراما السورية/صادر حديثا عن دار التكوين بدمشق ويقع في 150 صفحة من القطع المتوسط."سانا" <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 30 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

255,628