عرف الإنسان الصداقة منذ بزوغ التاريخ والحياة الأولى على كوكب الأرض, كما أن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي تعتمد حياته على الاحتكاك والحراك الاجتماعي مع مواكبة التطورات والتغيرات التي طرأت على المجتمعات عبر العصور على مر التاريخ, جاء القرن الواحد والعشرين وفي جعبته ثورة اتصالات وتكنولوجيا هائلة أربكت العالم بأسره ,وغيرت من مفاهيم الحياة وفتحت عقول البشر على أقصى العالم عدا عن ذلك جعلت من العالم قرية صغيرة تستطيع أن تعرف أخبارها من خلال نافذة صغيرة في بيتك.
"الحقيقة الدولية" وكما عودتكم أن تنقل لكم القضايا النوعية هذه المرة تنبهت لإشكالية التواصل عبر مواقع "الشات" المنتشرة بكثرة على الشبكة العنكبوتية ونتيجة لعدد المشاكل التي كلفت المجتمع مزيدا من الضحايا نتيجة للاستخدام السيئ, سلطنا الضوء على إشكالية العلاقة بين الرجل المتزوج بالفتاة مقارنة بعلاقة المرأة المتزوجة بالشاب العازب من خلال مواقع "الشات" عبر الانترنت.
ذئاب الانترنت تنهش البراءة
فداء عاشت حياتها المدرسية منذ طفولتها في السعودية وبعد أن أكملت الثانوية العامة أتت إلى فلسطين لتلتحق بإحدى جامعات الوطن , كانت لا تعرف في غزة مكانا سوى الطريق التي تربط بيتها بالجامعة ,اضطرت لاستخدام الانترنت من اجل عمل بحث جامعي ,وبعد تردد عدة مرات أقنعتها صديقتها زينات بالدخول إلى موقع "شات" بغرض التعارف فكان من نصيبها شاب بدأ معها الحديث بكل أدب ووقار وعلى موعد ارتبط بآخر وتبادل الأحاديث في ازدياد للثقة بين الاثنين ,وتبادلوا الصور عبر "الايميلات" بعدما أقنعها بأنها فتاة أحلامه وينتظر قدوم أهلها في الصيف من السعودية ليتقدم لخطبتها ,فتحت له فداء قلبها وأطلعته على أسرار حياتها الخاصة وعاشت معه دور الزوجة المخلصة التي تنتظر إتمام الحجة الشرعية للارتباط به بفارغ الصبر.
مرت الأيام وبقى الأمل معلق بين الأرض والسماء على أمل أن يفتح المعبر لقدوم أهلها ,وأصبحت الثقة المتبادلة تزداد يوما بعد يوم , وتطور الحديث من كتابة الكلمات إلى جلوس خلف الكاميرا بحلتها وزينتها فاستغل ذاك الذئب الموقف وظهر على حقيقته بعد أن طلب منها اللقاء في مقهى قريب من الجامعة فترددت ورفضت الذهاب ,فكشر عن أنيابه الحقيقية وهددها بتزييف صورها ونشرها على أنها فتاة ترتدي "البكيني" لم تستسلم فداء للأمر وأصرت على رفضها فبعث الصور إلى أهلها ,والتي سرعان ما نقلوها للسكن عند أعمامها بعد أن حرموها الذهاب إلى الجامعة ودمروا أحلامها وطموحاتها ,وقام عمها ايمن بالذهاب إلى الشرطة وحكى لهم القصة بالتفاصيل وتحركت الشرطة على الموضوع بعدما أمروا فداء باستدراجه والقوا القبض عليه واكتشفوا انه متزوج وله أبناء ويستخدم الانترنت وسيلة لإشباع رغباته الحيوانية واعترف أثناء التحقيق على عدد من الضحايا التي كان آخرها بنت تنطق البراءة من جبينها .
الاخصائي الاجتماعي : لابد أن يأخذ الإعلام دوره
لم تترد فداء لحظة واحدة في مراسلتي بعدما حصلت على "ايميلي" من على جدران المواقع الإخبارية التي انشر على صفحاتها تحقيقاتي الصحفية لكي تطرح مشكلتها كمساهمة بناءة في معالجة ولو جزء من القضايا والمشاكل الاجتماعية التي تواجه البنات في ظل مواكبة التطور الاجتماعي بكافة متغيراته.بعدما اكرمها الله بزوج وحياة كريمة أصبحت تكرس جهدها من اجل العمل على توعية الفتيات نحو الاستخدام الجيد الانترنت .
الغريب في الأمر أنها لم تترك الكمبيوتر ولم تبتعد عن مواقع "الشات" بل تعمل من خلاله لإرشاد البنات نحو الاستخدام الحقيقي والمفيد كي لا تكرر إحداهن خطأها .
لم يصمت الأخصائي الاجتماعي نادر العبادلة "ابوقاسم" على هذه القصة الذي بدوره اعتبرها من أهم القضايا الاجتماعية في العصر الحديث وان هناك العديد من المشاكل تحصل وغالبا ما تكون ضحيتها الفتاة البريئة لان مستخدمو الانترنت لهذه الاغراض ينتحلون أسماء مستعارة وبلدان ليس بلدانهم كما لا يوجد حتى الآن قانون للانترنت يحمي الضعفاء ويناصر المستضعفين.وبالتالي لابد للإعلام أن يأخذ دوره الريادي لطرح هذه القضايا لبلورة القضية من اجل أن تثير الرأي العام عندها يتحرك المسئولين لوضع قانون لهذه التجاوزات .
ويضيف العبادلة ل"الحقيقة الدولية" الصداقة عبر الانترنت من خلال مواقع "الشات" شئ محفوف بالمخاطر ما لم تجد له ضوابط شرعية بمعنى أن تكون الصداقة في إطار عائلي أن أصادق وأصاحب فقط ابن عمى وابن خالي وبنت عمى وبنت خالي وهكذا .. وليس كما هو معروف بصورة عامة والمأخوذ عن الغرب وهو الشيء المرفوض بالطبع ، فالصداقة الحقيقية لابد وان تكون في ضوء ضوابط شرعية وفي أوضاع سليمة ومهما كانت الثقة عبر صديق على الانترنت لابد أن تكون في حدود التبادل الثقافي والتطور الاجتماعي والمناظرات الأدبية والحوارات البناءة. <!--EndFragment-->
نشرت فى 28 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,831
ساحة النقاش