"الحد الأدنى للأجر الحالي الرسمي لا يطابق ضرورات المعيشة، والمتضرر الأساسي هو القطاع العام الصناعي ثم القطاع الخاص"
قال نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية, وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قدري جميل إن السياسات الاقتصادية الماضية كانت محابية للأغنياء، مشيرا إلى أن الشعار القادم هو "دع الفقراء يعيشون بكرامة فهم قاطرة النمو"، موضحا أن الحد الأدنى للأجر الحالي الرسمي لا يطابق ضرورات المعيشة، وأن المتضرر الأساسي بالدرجة الأولى هو القطاع العام الصناعي ثم القطاع الخاص.
وقال جميل, في حديث لصحيفة (الوطن) المحلية نشرته في عددها الصادر يوم الثلاثاء، إن "السياسات الاقتصادية الماضية كانت محابية للأغنياء وكان الشعار غير معلن بالنسبة للفريق الاقتصادي الراحل في حكومة عطري هو دع الأغنياء يغتنون فهم قاطرة النمو"، مشيرا إلى أن "التجربة العملية في سورية اليوم بغض النظر عن العلم تقول إن العكس هو الصحيح وليكون الشعار القادم هو دع الفقراء يعيشون بكرامة فهم قاطرة النمو".
وقدري جميل من ضمن الحكومة الجديدة، التي أصدر الرئيس بشار الأسد السبت الماضي، مرسوما بتشكيلها وهو رئيس حزب "الإرادة الشعبية"، ويعتبر من "معارضة الداخل"، التي لا تسعى، بحسب تقارير، "لإسقاط النظام السوري، بل تطالب بالإصلاح السياسي والقضاء على الفساد".
ونوه جميل إلى أن "هذا الشعار ليس بسيطاً وإنما يعني التركيز على الأكثرية الساحقة من الشعب وتأمين استهلاكه وبالتالي العمل باتجاهين أولهما تأمين الطلب، وثانيهما تأمين مستوى الدخل، وهذا يحرك السوق ويحفز الاستثمارات لتذهب إلى حيث يلبي الطلب الحقيقي ويكون الإنتاج ضرورياً، ما يتضمن جملة من التعديلات الهيكلية مثل السياسة النقدية وتحديد الكتلة النقدية والسلعية والإنتاجية وتحديد أولويات فروع كل منها، ثم مناقشة الحد الأدنى للأجور".
وأضاف نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن "الدستور الجديد يقول إن الحد للأجر يجب أن يكون متناسباً مع مستوى المعيشة والآن يجب أن نبحث ما ضرورات المعيشة، والأكيد أن الحد الأدنى للأجر الحالي الرسمي لا يطابق ضرورات المعيشة".
وأشار نائب رئيس الحكومة إلى أن "الأبحاث السابقة تقول إن الحد الأدنى هو 25 ألف ليرة، والآن هذه الآلية تحتاج لقرار حكومي، بحيث يتم التأكيد على هذا الحد ودراسة كيفية الوصول إليه، مع الحفاظ على مستوى الأسعار دون رفعها أكثر، ما يتطلب اليوم إدخال مفهوم جديد بالتداول، وهو ليس الأجر الاسمي وإنما الحقيقي والفعلي الذي يمكن من خلاله الحصول على كتلة من البضائع والخدمات الحقيقية، ولذا لابد من مساواة المعادلة بين الأجور والأسعار لأن الهوة بينهما اليوم هائلة".
وكان الرئيس بشار الأسد أصدر مرسوماً في آذار من العام الماضي يقضي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة بمبلغ قدره 1500 ليرة سورية للراتب المقطوع، يضاف إليها زيادة قدرها 30% لشريحة الراتب 10000 ليرة, و20 % لشريحة الراتب على المبلغ الذي يزيد عم 10000 ليرة.
وأوضح جميل أن "آلية زيادة الأجور تعني توزيع عادل للثروة وتطوير الاقتصاد الوطني على حساب الفروع الإنتاجية تحديداً مع زيادة الكتل السلعية ورفع النمو لحده الأقصى وبالتالي يمكن ردم الهوة بين الأجور والأسعار، ولكن زيادتها يعني زيادة كتلة الأرباح وتخفيض كتلة الأجور".
وأكد أن "هذه العملية الآن يجب إيقافها والذهاب بالتدريج نحو التوزيع العادل بين الأجور والأرباح، وخاصة إن أخذنا بعين الاعتبار أن كتلة مهمة من الأرباح والتي تصل إلى 75% من مجمل الناتج الوطني بسورية حسب الأصول الأولية والمتعارف عليها هي فساد وأرباح غير مشروعة".
كما لفت إلى أن "المتضرر الأساسي بالدرجة الأولى هو القطاع العام الصناعي، ثم القطاع الخاص والذي يعتبر أيضاً مربكاً ومضطهداً وتوضع العصي في عجلاته على حساب القطاعات الخدمية الخاصة، لذا لابد من التركيز على القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة بفرعيها العام والخاص".
وتصل نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 11%, حيث يوجد 126 ألف منشأة صناعية وحرفية تؤمن فرص عمل لأكثر من مليون عامل.
وفيما يتعلق بآلية انتشال القطاع العام الصناعي من فساده، أشار جميل إلى أن "الآلية موجودة ومعروفة لكنها معقدة وتلتزم مشاركة الناس والعاملين أنفسهم بالإشراف على الإنتاج والتوزيع، وإعادة خريطة رسم القطاع العام الصناعي"، مشدداً على ضرورة "إعادة وضع أولويات لهذا القطاع بأخذ عدة متغيرات بعين الاعتبار وخاصة الريعية العالية للإنتاج بحيث تكون القيمة المضافة كبيرة، وهي صراحة موجودة لكن تحتاج لأياد لاستخراجها".
وحول تخوف بعض رجال الأعمال من تسلم شيوعي لمنصب النائب الاقتصادي، قال جميل إن "رجل الأعمال الذي يأتي بقيمة مضافة للبد بناتج حقيقي فأهلاً وسهلاً به وسنشجعه ونحفزه، أما ذاك الذي يعيش طفيلياً على القطاعين العام والخاص المنتج فلن نشجعه، والأدوات السابقة التي كان يربح منها بالسابق بطريقة غير حلال فلن نسمح له بالاستمرار، وسنشجع رجال الأعمال ليذهبوا للقطاعات السلعية والخدمية بقدر ما يتطلب ذلك تطور الإنتاج الحقيقي".
وبالنسبة للعقوبات التي تتعرض لها سورية، بين أن "هذه العقوبات يجب ألا تثني سورية عن زيادة النمو، بل على العكس، فالتاريخ يقول إن البلدان التي خضعت للعقوبات يرتفع فيها مستوى النمو، وأيضاً فإن معدل النمو في سورية ارتفع بحقبة الثمانينات رغم أنها كانت محاصرة، في الوقت الذي شهدت فيه الأزمة الحالية ارتفاع مستوى التضخم بسبب زيادة الكتلة النقدية لكون المسؤولين لم يكونوا يعرفون ما المطلوب منها".
وكانت دول غربية عدة, إضافة إلى الجامعة العربية اتخذت في الآونة الأخيرة حزمة من العقوبات، بحق سورية، فيما أشارت مصادر رسمية سورية أن العقوبات غير إنسانية وموجهة ضد الشعب السوري.
يشار الى ان قدري جميل بالإضافة إلى علي حيدر رئيس الحزب القومي الاجتماعي، عضوان بـ "الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير"، التي قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية بـ46 مرشحا، حيث أصبحا عضوين في مجلس الشعب.
وكان تم إطلاق الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير في سورية بدمشق، في تموز الماضي، وتضم الحزب السوري القومي الاجتماعي واللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين, إضافة إلى شخصيات عامة.
يذكر أن تشكيل الحكومة الجديدة يأتي بعد نحو أكثر من شهر على انتخاب برلمان جديد, بموجب الدستور الجديد الذي أقر في شباط الماضي حيث اعتبر حكومة سفر بحكم المستقيلة، بعد الانتخابات البرلمانية، في وقت ما تزال تتوارد فيه أنباء عن سقوط ضحايا إثر أعمال عنف وعمليات عسكرية في مناطق مختلفة من سورية.
<!--EndFragment-->
ساحة النقاش