فنانون سوريون غارقون في الصمت والنفاق
خالد المحاميد
3/6/2012
يتهرب بعض الفنانين السوريين من اتخاذ موقف مع أو ضد الثورة السورية متذرعين بأنهم حياديون أو يرفضون العنف أو يقومون بالتملص من اتخاذ موقف بإدانة الطرفين الشعب الثائر ومعه الجيش السوري الحر، وعصابة آل الأسد معا
الفنانون الذين أقصدهم، يمثلون جميع أنواع الفنون،في التمثيل والغناء والتشكيل والموسيقى، بعضهم لا يزال صامتا، وبعضهم يدين العنف من الطرفين حتى يرفع عن نفسه الحرج، وبعضهم يعلنها بوضوح أنه يقف إلى جانب عصابة آل الأسد.
الذين يقفون إلى الثورة والذين يقفون إلى جانب العصابة، مواقفهم واضحة، يبقى لدينا الصامتون والمتلونون والذرائعيون،هؤلاء يشاركون بصمتهم وتلونهم وذرائعهم في سفك دماء الشعب السوري، وهم بهذه المواقف الرمادية يشكلون طابورا من الإمعات محنيي الرؤوس مستسلمين للعبودية والذل، من الأشرف لهم أن يعلنوا وقوفهم مع عصابة آل الأسد بدلا من الصمت المريب، لأن هذا الصمت هو نفاق واضح وانتهازية مذلة تدين صاحبها أكثر مما تدينه لو كان صاحب موقف واضح، حتى لو كان هذا الموقف مناصرا لعصابات آل الأسد.
الإنتهازية السياسية ممارسة شيطانية يريد صاحبها أن يكون دائما في الجانب الرابح، فهو ينتظر أن يرى ميزان القوة يميل إلى هذا الجانب أو ذاك ليلتحق بالمنتصر.
هذا يقودنا إلى الحديث عن مكانة الفنان ومهمته كإنسان يتميز بأنه قادر على التعبير عن روح شعبه وهويته، إن كل نقص أخلاقي في الفنان هو نقص في فنه، ويمكننا أن نسرد العديد من الحالات لفنانين خذلوا شعوبهم، أو انحازوا إلى جانب الطغاة،فهذا باول تروست الفنان الألماني رغم عبقريته لا يزال منسيا من شعبه في حين نرى بيكاسو ممجدا في جميع أنحاء العالم لأنه وقف ضد الديكتاتور فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، والفرق بين تروست وبيكاسو هو فرق نوعي، ذلك أن الفن موضوعه جمالي بالضرورة، لكن يجب أن لا ننسى أن مصطلح” جمالي” يتعلق بالإحساس، فالتعبير بالفن هو تعبير عن الذات،ويعكس بالضرورة إحساس الفنان بما حوله وما يتأمله أو ما يفكر فيه، فلو لم يكن بيكاسو خاضعا لهذا إحساس بفداحة الجريمة التي ارتكبها الديكتاتور لما رسم الجورنيكا، وبالمقابل فإن باول تروست شيد مجسمات ضخمة تمجيدا للنازية عكست رؤيته لعظمة الشعب الألماني
أمثلة مثل هذه كثيرة، فالفن في أشد حالاته انحيازا تبقى، له علائق أوصلات عميقة بالدين والسياسة، ولا يمكن التأمل في الفن كموضوع خارج الذات كما تروج الفلسفة الهيغلية ، فالفنان هو كائن بشري يعيش في وسط اجتماعي يؤثر ويتأثر فيما يحدث حوله، وبطبيعته البشرية يميل أو ينحاز لهذه القضية أو تلك حين تكون هذه القضية على تماس معه، ويوصف الفن بأنه حلية التاريخ، وهذا يعني انه مكون مهم من المكونات الثقافية والحضارية.
إلى ماذا سأنتهي؟
الجواب هو: ان ذرائع الفنانين الصامتين تعني تخليهم عن انتمائهم، وإن ما ينتجونه من أعمال لن يعكس سوى روح منافقة وطبيعة انتهازية .
<!--EndFragment-->
ساحة النقاش