رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يستقبل رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار اوغلو (ا ف ب)
صعدت تركيا امس لهجتها حيال دمشق محذّرة من تحدي الجيش التركي بعد ان اتهمتها باسقاط طائرة الجمعة في المجال الجوي الدولي، ودعت حلف شمالي الاطلسي الى اجتماع في هذا الشأن
اجرى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان محادثات مع زعماء المعارضة، بداية برئيس حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي كمال كليجدار اوغلو لمناقشة الخطوات التي ستتخذ بعد ان اسقطت سوريا طائرة تركية. واتهمت تركيا سوريا امس باسقاط طائرتها العسكرية في الاجواء الدولية من دون توجيه اي تحذير، وأعلنت أنها ستجري مشاورات رسمية مع حلفائها في حلف شمالي الأطلسي بخصوص الرد.
وقال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، بعد مرور نحو 48 ساعة على اسقاط الطائرة قرب الحدود البحرية للبلدين، لهيئة الاذاعة والتلفزيون التركية إن الطائرة كانت تحمل علامة واضحة تؤكد أنها تركية، مضيفاً أنه يرفض البيان السوري الذي يفيد بأن دمشق لم تكن تعلم بأن الطائرة تركية. واضاف ان الطائرة لم تكن مسلحة وانها كانت في مهمة فردية لاختبار انظمة رادار محلية ولم يكن لها صلة بالازمة في سوريا.
وقال داود اوغلو انه سيبلغ حلف شمالي الاطلسي رسمياً بالواقعة بموجب المادة الرابعة من معاهدة تأسيس الحلف، وسيخطر كذلك مجلس الامن الدولي. وتجيز المادة الرابعة من معاهدة حلف شمالي الاطلسي للدول «التشاور معاً اذا ارتأت أي منها ان سلامة اراضيها او استقلاها السياسي او ان امن أي من الاطراف مهدد». ولا تتضمن هذه المادة اشارة صريحة إلى احتمال القيام برد مسلح كما هي الحال في المادة الخامسة. وقالت متحدثة باسم الحلف ان مبعوثين من الدول الاعضاء سيجتمعون للتشاور غداً بعد تقديم الطلب التركي.
بدورها، أعلنت سوريا ان الطائرة كانت تسير بسرعة وعلى ارتفاع منخفض على بعد كيلومتر واحد من الساحل السوري عندما اسقطت. وتم تعقبها في بادئ الامر بوصفها طائرة مجهولة الهوية لكن تم التحقق من هويتها التركية في وقت لاحق. ورفض داوود اوغلو الرواية السورية قائلا ان هوية الطائرة كانت واضحة ويمكن للكل رؤيتها. وقال ان دمشق تنقل «معلومات مضللة» للشعب التركي. واضاف ان الطائرة دخلت المجال الجوي السوري لفترة وجيزة قبل 15 دقيقة من اسقاطها لكنها لم تتلق أي تحذير من سوريا.
وذكرت قناة «سي ان ان ترك» ان فرق الانقاذ حددت امس مكان حطام المقاتلة التركية. وقال التلفزيون التركي انه تم العثور على حطام الطائرة في المياه على عمق 1300 متر، الا انه لم يكشف عن الموقع بالتحديد. وقالت وزارة الخارجية التركية انه ليس بامكانها تأكيد هذه المعلومات. كذلك لم يشر تقرير التلفزيون الى مصير الطيارين اللذين كانا في الطائرة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي قد وصف في حديث لصحيفة «الوطن» السورية امس ما حصل بأنه «كان حادثاً وليس اعتداء كما يحلو للبعض تسميته»، معتبرا ان الطائرة التركية «اسقطت ضمن الاجواء الاقليمية السورية». وشدد المقدسي على ان «سوريا مارست حقها وواجبها السيادي والدفاع لا اكثر»، لافتا الى ان «لا عداء بين سوريا وتركيا لكن هناك توتراً سياسياً بين البلدين».
وكان وزير الخارجية التركي قد بحث مع عدد من نظرائه الدوليين، بينهم الأميركية هيلاري كلينتون والبريطاني ويليام هيغ والفرنسي لوران فابيوس، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في حادثة إسقاط الدفاعات الجوية السورية مقاتلة تركية. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن مسؤولين دبلوماسيين أن داوود أوغلو أجرى أيضاً مباحثات مع نظرائه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني علي أكبر صالحي، والسعودي سعود الفيصل، بشأن حادثة إسقاط المقاتلة التركية، وأجرى محادثات هاتفية مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وأشارت الى أن داوود أوغلو أوجز لهم تقييم تركيا للحادثة.
وفي ردود الفعل، عبّر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التركي السبت عن «قلقه العميق» بعد اسقاط الجيش السوري للطائرة. من جهته، ادان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان امس قيام سوريا باسقاط الطائرة التركية. وذكرت صحيفة «ديلي ستار صندي» امس أن بريطانيا وضعت مقاتلات على أهبة الاستعداد لشن هجوم على سوريا، بعد تعهد تركيا بالثأر منها لإسقاطها واحدة من طائراتها الحربية. واعلن وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي في بيان «انه عمل خطير جديد وغير مقبول».
من جهة ثانية، قال مصدر في الحكومة الاسبانية إن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي سيبحثون الأزمة السورية حين يجتمع المجلس في لوكسمبورغ اليوم. وأضاف أن «موضوع سوريا كان على جدول اعمال اجتماع الاثنين بالفعل وبالتالي ستكون لديهم فرصة للحديث عنه قبل اجتماع حلف شمالي الاطلسي يوم الثلاثاء».
بدوره، حذر نائب وزير الخارجية الروسي ايغور مارغولوف، امس، من أن محاولات فرض تغيير النظام في سوريا والدعم الأحادي للمعارضة السورية من شأنهما أن يتسببا بحرب أهلية في البلاد. وقال مارغولوف لوكالة «انترفاكس» الروسية إنه «ليس لدينا شكوك أن المحاولات الخارجية لفرض خطط لتغيير النظام في دمشق ومساندة المعارضة بشكل أحادي، هو طريق مباشر لإغراق البلاد في حرب أهلية شاملة ستؤدي إلى نتائج صعبة ليس بالنسبة إلى الشعب السوري فحسب، بل وبالنسبة إلى المنطقة برمتها». وذكّر بأن روسيا والصين تؤيدان تسوية الأزمة السورية عن طريق الحوار بين الجميع.
وجدد رئيس البرلمان العربي، علي سالم الدقباسي، أمس، دعوته الى ان يفرض مجلس الامن الدولي منطقة حظر جوي فوق سوريا ويشدد عقوباته على النظام السوري وكبار مسؤوليه، بحسب ما افاد مصدر رسمي. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان ذلك جاء في بيان صدر في ختام اجتماع مكتب البرلمان العربي في مقر جامعة الدول العربية استمر يومين.
ساحة النقاش