وليد الزبيدي:
سألتني وسائل إعلام وفضائيات مصرية عن طبيعة متابعة العراقيين لانتخاب الرئيس في مصر، التي شغلت الرأي العام المصري وهيمنت على وسائل الإعلام، وفي مقدمتها الفضائيات، التي تصل إلى الكثير من المشاهدين داخل الوطن العربي وخارجه.
قلت في مجمل الإجابات إن العراقيين ينقسمون في متابعة أخبار مصر وانتخاب الرئيس هناك إلى فئتين، فغالبية العراقيين يبحثون منذ ساعات الصباح الباكر عن القادم في هذا اليوم من أخبار كارثية، هذه الأخبار المأساوية تدهم حياتهم في كل ساعة منذ أن أطلت البشاعة والحماقة والإجرام الأمريكي على أرض الرافدين عام 2003، وحتى بعد هزيمتهم أواخر العام الماضي، فإن ما بذروه من حكم وما دربوا من أجهزة أمنية وما حصل من فوضى عارمة، يلقي بآلامه لحظة بلحظة على العراقيين، وغالبية العراقيين ينتظرون الخبر الأسوأ، فالانفجارات تتواصل في المدن العراقية، والذي لا يسقط له قريب أو صديق في هذا الانفجار أو ذاك، فإنه قد يكون ضحية للعصابات الإجرامية التي تمارس يوميا عمليات الخطف والقتل دون أن تجد من يردعها، لأنها محمية أو مدعومة من السلطة "الديمقراطية" أو من مسؤولين في هذا المفصل أو ذاك من الحكومة "الديمقراطية"!!.
وإذ اعتاد العراقيون في زمن "الديمقراطية" على الانفجارات منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات العشاء، فإن الرعب بعد منتصف الليل يجتاح العوائل، فهناك أجهزة أمنية حكومية تتلقى توجيهاتها من أعلى السلطات، لتنفذ حصادها اليومي، المتمثل باعتقال آلاف العراقيين عند ساعات الفجر الأولى، فعمليات الدهم العشوائي تتواصل يوميا، وظهر رئيس الوزراء مع ضباط كبار وأمرهم علنا وفي الفضائيات بممارسة الاعتقالات العشوائية، وهذا أهم علامة من علامات "الديمقراطية" في العراق!.
لا أريد الحديث عن الكثير من الذي تمارسه السلطات الديمقراطية في العراق خلال حملات الاعتقالات العشوائية التي يأمر بها رئيس الوزراء، وهو يستحوذ منذ اذار/ مارس عام 2010 "عندما جرت الانتخابات الديمقراطية في العراق" على جميع المناصب الأمنية- القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ومدير الأمن ورئيس المخابرات ورئيس الوزراء، وفي حصادهم اليومي من العراقيين الأبرياء، تكون بداية القصة بدهم البيوت وإثارة الرعب بين الأطفال والنساء وجرجرة الرجال من أسرة النوم، ويبدأ الركل والضرب والكلام البذيء من اللحظة الأولى، ويشمل ذلك النساء والشيوخ من كبار السن، ويتم وضع الكيس الأسود "الذي جاءت به الديمقراطية" على رؤوسهم والأصفاد بأيديهم، ومع الركل بالأحذية يُحملون من قبل جنود الديمقراطية ويُرمون مثل البهائم في الحافلات المخصصة للحصاد اليومي من الأبرياء العراقيين.
وفي كل ليلة يمارس الجلادون الحكوميون حفلات التعذيب البشع، التي تبدأ بالضرب بالهراوات والعصي الكهربائية، ومن ثم التعليق بطريقة مرعبة بشعة وحشية في سقف غرفة التعذيب.
وينقل الكثير من المعتقلين "البعض منهم تم توثيق شهاداتهم لدى محاكم دولية ومن المعروف أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم الزمني، وتشمل جميع المفاصل الحكومية التي تعطي الأوامر والجهة التي تنقلها والمنفذين، وفي حال العراق يشمل الحكم الجميع" ضحايا "الديمقراطية" أن الوحوش الجلادين الذين يتلقون التعليمات من رئيس الوزراء مباشرة، لا يتركون العراقي الضحية إلا بعد أن يفقد الوعي، ويتم نقله محمولا بقطعة قماش ويرمى أمام الآخرين مع ضحك وتباهٍ من الجلادين.
وهكذا ينشغل العراقيون تحت "الديمقراطية" وسط جبال من الرعب الحكومي اليومي في الليل والنهار، وهم يعيشون تحت خط الفقر بعد أن اتفق "الديمقراطيون" جميعا في العراق على سرقة مئات المليارات من ثروات العراق، ولم يحصل الشعب على ساعة واحدة من الكهرباء في هذا الصيف اللاهب.
أما الفئة الثانية من العراقيين الذين يتابعون الانتخابات في مصر، فيقتصر الأمر على المراقبين والباحثين، وبعض السياسيين الذين قد يفكرون بشيء من المنطق، ويدركون أن ما حصل في مصر وغيرها من الدول العربية قادم إليهم، وعند قدومه فسوف يكون الأقوى بسبب الديمقراطية والديمقراطيين.
في المحصلة، إن الغالبية العظمى من العراقيين يشعرون بالحاجة إلى التقيؤ عندما يسمعون "انتخابات وديمقراطية" بسبب ما عاشوه وما زالوا في ظل "الديمقراطية". <!--EndFragment-->
نشرت فى 23 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,755
ساحة النقاش